https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

تعكف الصين منذ سنوات على بناء مرافق عسكرية على جزر اصطناعية في بحر جنوب الصين لدعم مزاعمها حول السيادة على أجزاء في تلك المنطقة. وتُظهِر صور الأقمار الصناعية أن فيتنام تَتَّبِع الآن نهجًا مماثلاً.

ادعاء حق السيادة على الجزر الذي يمكن رؤيته من الفضاء الخارجي

بحر جنوب الصين محاط بالصين وتايوان وعدّة دول جنوب شرق آسيوية. وتدّعي الصين حق السيادة على غالبية أجزاء البحر، لكن دولاً مثل فيتنام والفلبين تدّعي أن لها حقوقًا سيادية على بعض الجزر والمناطق.

وهناك مؤشّرات على أن هذه النزاعات بدأت تزداد حدّة. وفي صورة حديثة التقطها قمر صناعي لجزيرة تريتون، إحدى جزر مجموعة جزر باراسيل الخاضعة فعليًا للسيطرة الصينية، ظهر في الصورة علم صيني مطلي على الأرض. وتظهر في الصورة أيضًا عبارة بالحروف الصينية معناها “يحيا الوطن”.

أظهرت صورة التقطها قمر صناعي لجزيرة تريتون العلم الصيني وعبارة معناها “يحيا الوطن”.

عمليات تطوير متسارعة

 

حصلت NHK على صور التقطتها أقمار صناعية في الفترة من سبتمبر/أيلول 2022 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأظهرت الصور أنه تم بناء مَدْرَج لإقلاع وهبوط الطائرات على شكل شارع في منتصف جزيرة تريتون.

صورة التقطها قمر صناعي من عام 2023 تُظهِر شيئًا يُشبه شارعًا في جزيرة تريتون.

 

وطبقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهو مركز أبحاث أميركي لدراسات النزاعات الحدودية في بحر جنوب الصين فإن طول الإنشاء الذي يشبه الشارع هو حوالي 600 متر وعرضه 15 مترًا. وقد افترضت بعض وسائل الإعلام مبدئيًا أنه مَدْرَج لإقلاع وهبوط الطائرات، لكن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يقول إن هذا احتمال غير ممكن لأن مسافته قصيرة ولعدم وجود مسار فرعي.

 

وبدلاً من ذلك، يعتقد مركز الدراسات أنه قد يكون سَدًا حاجزًا أو طريقًا مرتفعًا. فالجانب الشمالي لجزيرة تريتون معرّض للفيضانات، ويمكن لمثل هذا الإنشاء أن يساعد في وقف تدفق المياه إلى الجانبين الغربي والجنوبي حيث يجري في الوقت الحاضر تنفيذ أعمال بناء. وتُظهِر صور الأقمار الصناعية تطويرًا لإنشاءات تشبه ساحة لهبوط وإقلاع الطائرات المروحية وملعبًا لكرة السلة.

 

ويقول هاريسون بريتات، نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “إنه موقع متقدّم مهم من حيث إثبات الحضور الصيني على مقربة من فيتنام”. ويضيف قائلاً “إنه ليس شيئًا تريد الصين أن يجرفه الماء أو أن يتم جرفه بفعل مياه المحيط. لذا فإن من المؤكّد أنها ستعمل على ضمان أن يبقى هذا الموقع المتقدّم بحالة قابلة للاستخدام وهي تعمل على توسيع نطاقه”.

يقول هاريسون بريتات، نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، إن جزيرة تريتون هي موقع متقدّم مهم للصين.

 

تدّعي الصين حق السيادة ضمن خط حدودي يسمّى “خط القاطعات التسع” الذي يتضمّن بحر جنوب الصين كله تقريبًا. وقد دأبت على القيام باستصلاح الأراضي في كافة أرجاء المنطقة لإنشاء جزر اصطناعية للقواعد العسكرية ومنشآت الرادارات.

 

وطبقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فإن الصين قامت باستصلاح 16 حَيْدًا بحريًا في بحر جنوب الصين خلال السنوات العشر الماضية نتج عنها إنشاء أراضٍ مساحتها حوالي 16 كيلومترًا مربعًا.

فيتنام تسعى للحاق بالركب

 

وتُظهِر صور الأقمار الصناعية أن فيتنام بدأت بتنفيذ مشاريع استصلاح أراضٍ خاصة بها في النصف الثاني من عام 2022.

 

وهناك صورة لحَيْد بيرسون البحري في مجموعة جزر سبراتلي، التُقِطَت في مايو/أيار 2022، وهي تُظهِر كتلة أرضية بيضاوية الشكل في الشمال. وفي ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته كانت تلك الكتلة الأرضية قد اتّسعت لتغطي الحَيْد البحري كله تقريبًا.

تعكف فيتنام على تطوير حَيْد بيرسون البحري في جزر سبراتلي. صور من شهر مايو/أيار 2022 (يسار) وشهر ديسمبر/كانون الأول 2022.

 

يقع حَيْد تينّينْت البحري على بعد حوالى 100 كيلومتر إلى الشرق من حَيْد بيرسون البحري. وما يظهر في صور الأقمار الصناعية الملتقطة في مارس/آذار 2022 هو مجرد رقعة ضيّقة من الأرض. وبعد تسعة شهور، كانت هذه الرقعة قد اتّسعت بشكل ملحوظ. وقد استمرّت أعمال التطوير خلال العام الحالي، إذ تُظهِر الصور ميناءً جديدًا في الجزء الشمالي من الجزيرة.

حَيْد تينّينْت البحري في جزر سبراتلي في شهر مارس/آذار 2022 (يسار) وشهر ديسمبر/كانون الأول 2022 (المنتصف) وشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وهو الشهر الذي بدأ فيه تشغيل ميناء جديد.

 

الجزيرة التي قامت فيها فيتنام بتنفيذ أكبر عمليات التطوير هي حَيْد بارك كَنَدا البحري. وقد كان هذا الحَيْد حتى يونيو/حزيران 2022 مجموعة من الجزر المكوّنة من رقاع صغيرة من الأرض في المنطقتين الشمالية الغربية والجنوبية الشرقية. وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته كانت كلتا المنطقتين قد اتّسعت بشكل ملحوظ، وتشير تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن نمو مجموعة الجزر الصغيرة تلك بلغت 0.8 كيلومتر مربع. وبذلك أصبح أكبر حَيْد بحري خاضع للسيطرة الفيتنامية في بحر جنوب الصين.

 

ويقول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن فيتنام استصلحت ما مجموعه 20 حَيْدًا بحريًا بمساحة إجمالية قدرها حوالي 3.5 كيلومتر مربع.

حَيْد بارك كَنَدا البحري في جزر سبراتلي في شهر يونيو/حزيران 2022 (يسار) وشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

التغيّرات في أساليب ردم الحُفَر تساعد فيتنام على تسريع عمليات استصلاح الأراضي.

 

من ناحية أخرى، يشير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن أساليب استصلاح الأراضي التي تتبعها فيتنام تغيّرت أيضًا. ففي الماضي كانت القوارب التي تحفر وتستخرج التراب والرمل تتّبع طريقة تستخرج الرواسب من المياه الضحلة. وهذه الطريقة تعتبَر أقل ضررًا للبيئة.

 

ولكن في عام 2022، بدأت فيتنام تحفر في قاع البحر وتضخّ الرمل للأعلى. وهذا يتيح لطواقم استصلاح الأراضي بالحفر إلى أعماق أكبر خلال مدة زمنية أقصر. وهي طريقة مفضلة لدى الصين أيضًا.

 

يقول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن الإنشاءات التي طوّرتها فيتنام من المحتمل أن تُستخدَم كمواقع للتزوّد بالوقود أو كملاذات آمنة لسفن خَفَر السواحل وقوارب صيد الأسماك.

 

وفي مؤتمر صحفي الشهر الماضي، أكّدت متحدّثة باسم وزارة الخارجية الفيتنامية على مشروعية أنشطة فيتنام في بحر جنوب الصين. وقالت بهام ثو هانغ إن هناك أدلة تاريخية كافية تدعم حق فيتنام في السيادة على الحيود البحرية، وأضافت قائلة إن الأنشطة قانونية تمامًا وفقًا للقانون الدولي.

قالت متحدّثة باسم وزارة الخارجية الفيتنامية إن أنشطة بلادها في بحر جنوب الصين مشروعة.

تعزيز الحسّ الوطني عن طريق جولات تنظمها الحكومة

 

تعكف الحكومة الفيتنامية على تنظّيم رحلات إلى أجزاء من جزر سبراتلي الخاضعة لسيطرتها فعليًا طوال السنوات العشر الماضية.

 

وقد شارك حوالي 40 من الفيتناميين في جولة في مايو/أيار 2022، وذلك طبقًا لما ذكره أحد المشاركين. وكان من بين المشاركين أشخاص يعيشون في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا.

تقوم الحكومة الفيتنامية بتنظّيم رحلات إلى جزر سبراتلي.

 

أثناء الجولة التي مدتها 13 يومًا، كان المشاركون يسافرون في سفينة تابعة للقوات البحرية الفيتنامية ويزورون ما مجموعه عشرة حيود بحرية وحقول نفطية. وكانوا يهبطون أيضًا في مناطق مأهولة حيث كانوا يقومون بجولات تشمل مدارس ومعابد.

 

قال المشارك في الجولة “لقد كانت تجربة إيجابية”. ويضيف قائلاً “الكثير من الفيتناميين، وأنا منهم، يريدون أن يتعرّفوا على الوضع فيما يخصّ سيادة دولتنا”.

صورة فوتوغرافية من جولة نظّمتها الحكومة في مايو/أيار 2022.

مستقبل النزاعات

 

في أبريل/نيسان 2020، قدّمت الحكومة الفيتنامية إلى الصين احتجاجًا، ادّعّت فيه أن سفينة تابعة للحكومة الصينية اصطدمت بقارب صيد فيتنامي وأغرقته في جزر باراسيل.

 

من ناحية أخرى، حدث في شهر أغسطس/آب 2023 أن كانت هناك سفينة نقل عسكري فلبينية متّجهة إلى قاعدة في جزر سبراتلي عندما قامت سفينة تابعة للحكومة الصينية برَشَّها بالماء. وبعد ذلك بشهرين أعلنت الفلبين أن سفينة نقل عسكري فلبينية اصطدمت بسفينة صينية بعد محاولات اقتراب خطيرة متكرّرة في المنطقة ذاتها.

 

يحاول اتحاد دول جنوب شرق آسيا صياغة “نظام سلوكي” مُلزِم قانونيًا لوضع حدّ للتوسّع البحري الصيني. لكن هذه الجهود لا تُحرِز تقدّمًا. وقد ترى الدول المتورّطة في نزاعات حدودية مع الصين، مثل فيتنام، أن الأسلوب المُجدي الوحيد هو أن تقوم من جانبها بدعم مزاعمها السيادية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × واحد =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube