https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي:

كشفت  جلسات  محكمة العدل الدولية  التي تحاكم اسرائيل في لاهاي ، مدى الانحدار السياسي والاخلاقي  الذي وصل اليه النظام العربي في تعامله مع العدوان الصهيوني على فلسطين  .  ففي الوقت الذي تدين فيه شعوب العالم  الجرائم  الهمجية التي يقترفها الجيش الاسرائيل ، وتمتلأ شوارع كثير من مدن العالم  بالمظاهرات الحاشدة التي تتهم  اسرائيل  بالابارتئيد، يكتفي اركان النظام العربي باصدار بيانات خجولة ،تطالب بعدم تصعيد التوتر ورفض سياسة التهجير الاسرائيلية . حتى الاجراءات  التي اقرتها قمة هذا النظام المنعقدة في القاهرة في11 ينابر  2023 ، بقيت حبرا على ورق . فلم يُكسر الحصارالمفروض على غزة ، ولم تدخل كل المساعدات  اليها ، ولم تُتخذ اية خطوات عملية  لردع العدوان ،ولم تَقطع دول التطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني .واقتصرت مهمة اللجنة الوزارية العربية على القيام بجولات سياحية على عواصم بعض دول العالم .

وقد وصل الانحدار الاخلاقي المُعيب الى حد، ان اعلام بعض اركان النظام  العربي ، يساوي بين المجرم والضحية  لدى الحديث عن مجريات المعارك .فهو بذريعة  ” الموضوعية ” ، ينشر البيانات الصادرة عن “الجانبين “،ويفردُ أثيره وصفحاته للناطقين العسكريين الصهاينة  ،  ويعتبرُ ضحايا  القصف الاسرائيلي  “قتلى”  وليسوا شهداء .وتُشتمٌ من صيغة النشرات الاخبارية  لابواق هذا النظام  ، رائحة الشماتة  والعداء وتصفية الحسابات مع الفلسطينيين – كل الفلسطينيين، وليس مع حماس او الجهاد فقط .

والادهى من ذلك كله ، ان الرئيس الفلسطيني ،والمُفترض ان يكون رئيسا لكل الفلسطينيين ،لم يكلف خاطره الاتصال بالهاتف مع غزة  او السعي للدخول  متضامنا اليها – كما فعل الامين العام للامم المتحدة مثلا. ويندى الجبين خجلا فعلا  من تصريحات مستشار  الرئيس الفلسطيني الذي اعترف ، ان الرئيس محمود عباس كان في كل احاديثه مع القادة الاجانب يدين حماس .

انا ادرك ان هناك خلافات عميقة  بين عباس وحماس ، ولكن ،ألم يكن من الافضل لو  اقتدى السيد عباس بالسياسيين الاسرائيليين الذين تجاوزا خلافاتهم كلها ،وشكلوا حكومة موحدة للحرب ؟

وبهذا السياق  ايضا ، يدخل   بيان رفع العتب الذي صدر عن وزارة  الخارجية المصرية  ،والذي  اكتفى بنفي الادعاءات الاسرائيلية حول محاصرة الحكومة المصرية لقطاع غزة . كنا نتوقع ، ان تتخذ القاهرة خطوة عملية للرد على الاتهامات الاسرائيلي ، مثلا : القيام بكسر الحصار فعلا تنفيذا لقرارات قمة القاهرة ، وعدم  الاكتفاء بالقاء اللوم على اسرائيل .لكن هذا -للاسف –لم يحدث .

والشيء المعيب حقا ، ان يتبنى  النظام العربي ، الرواية الاسرائيلية بتحميل حركة حماس المسؤولية عن الكوارث التي تحل بغزة ، وتجاهل  جرائم الاحتلال الاسرائيلي ورفضه لكل مبادرات السلام العربية  .وقد وصل الامر ، الى حد ان احدى العواصم  العربية قد برعت في تسمية طوفان الاقصى بطوفان المآسي .

قد نختلف مع حماس وانتماءاتها  الدينية وتحالفاتها الخارجية ، ومع  طبيعة ادارتها في غزة ،  ولكن الذي يُذبح الان هو الشعب الفلسطيني كله : في الضفة وغزة وفي مناطق الثماني والاربعين . فاسرائيل  بقياداتها العنصرية المتطرفة ، قررت تصفية حقوق الشعب الفلسطيني كلها ، والغاء كل الانجازات التي حققها النضال الوطني الفلسطيني خلال نصف القرن الاخير ، وتهجير الشعب الفلسطيني. المتطرفون الصهاينة يسعون – بقوة الحديد والنار – الى ” تنظيف ” فلسطين من كل اثر  للوجود الفلسطيني  ،  والنظام العربي يقف متفرجا على ذلك . ويا ريت يكتفي هذا النظام  بالوقوف مكتوف الايدي  ، بل ينضٌم الى الجوقة الاسرائيلية  الساعية الى  تجريم كل من يقف بوجه المخططات الصهيونية التوسعية والعدوانية . ويسوق دهاقنة هذا النظام ذرائع كثيرة  لتسويغ تخاذلهم هذا، مثل الضغوط الامريكية ، وسياسة ايران ،وارتباط الجهاد وحماس بالمخططات الايرانية ، والطبيعة الاخونجية لحماس . قد يكون هذا صحيحا ، ولكن هذه الذرائع كلها لا تخفي الحقيقة الساطعة ، وهي ان اسرائيل تسعى الى ابتلاع  المنطقة العربية كلها ،وتصفية كل من يعارض ذلك ، تمهيدا لصهينة المنطقة العربية كلها .

بكلمات اوضح ، فان  الوحش الصهيوني الذي أفلتَ من عقاله ، لن يفرق بين فقير عربي وثري ، وبين مقاوم او متخاذل ، فهو – اي هذا الوحش سيلتهم الجميع ، ان لم يستفيقوا ،ويعود الوعي اليهم ،ويعملوا سوية على درء هذا الخطر المحيق بهم ، حماية لوجودهم ومستقبلهم من الزوال .

15/1/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − تسعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube