https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

بعد  هدوء نسبي استمر نحو نصف قرن ، نشهد اليوم تنافسا دوليا مستعرا  للوصول الى القمر واقامة مستوطنات  تقنية هناك.

فاضافة الى الدول التي  تملك برامج مستمرة  لاستكشاف القمر ، مثل امريكا والصين ، سارعت  دول  اخرى مثل روسيا والهند واليابان وغيرها للانخراط في هذا السباق المكلف حقا . فامريكا مثلا، رصدت عام 2018  نحو مائة مليار دولار لتمويل  برامج  جديدة   لاستكشاف القمر . والصين خصصت نحو ثلاثين مليار للغرض نفسه  .وسارت روسيا في الاتجاه ذاته برصد اكثر من ستتة مليارات دولار .  بل ان دولة مثل الهند ، تعاني من نقص الموارد وزيادة  مفرطة في السكان ، وجدت من المناسب  اقتطاع مليارات الدولارات  من خططها التنموية للانفاق على برنامجها القمري  المسمى تشاندران .

والسؤال الذي يطرح نفسه : ما السر في عودة هذا الاهتما م الدولي الكبير بالقمر ؟

اعتقد ان هناك اسبابا ثلاثة  وراء ” هذه الصحوة القمرية “.

السبب الاول ، سياسي  ، و يتجلى في  ظهور  منافسة شديدة   بين الصين وامريكا على شغل المركز  الاول  في العالم ، الذي  كان  حكرا على امريكا . وهناك قناعة ، ان غزو الفضاء –بما في ذلك القمر – بات  عنصرا اساسيا  لتدعيم طموح  اية دولة تسعى الى  دور  كبير على مستوى العالم .وقد انضمت دول كبرى الى هذه ” المنازلة ” الكبرى ، املا في الفوز بمقاعد متقدمة في مجلس ادارة العالم .

السبب الثاني – والاهم –  وهو اقتصادي . فقد اكدت  الابحاث العلمية والاستكشافات القمرية التي تمت حتى الآن  ،وجود ثروات اسطورية  من المعادن والغازات النادرة في تربة القمر . فهناك معادن نادرة منها كما -تقول الابحاث- الاسكانديوم والاتريوم وغيرها ، وهي  تستخدم  في تصنيع الهواتف والحواسيب الذكية والتقنيات المستقبلية . وهناك غازات يندر وجودها على الارض  كالهيليوم -3 ، والتي تكفي عدة غرامات منها لانتاج طاقة تعادل الاف الاطنان من الفحم والنفط . والدراسات تقول بان القمر يملك مبدئيا اكثر من مليون طن من هذا الغاز النادر . فضلا عن ذلك ،تملك تربة القمر كميات هائلة من معادن الذهب والبلاتينيوم وغيرهما من المعدن الثمينة . وقد اسهم التقدم العلمي والتقني ، في توفير المستلزمات والادوات العلمية لهذة القفزة  الفضائية ، من اجهزة التحكم عن بعد،  الى وجود السفن التي تمخر عباب الفضاء بسرعات فلكية ، الى تصنيع الروبوتات الآلية التي تحل مكان الانسان  في القيام بكل  مهمات استثمار موارد القمر في اقسى الظروف الجوية ،ودون الحاجة الى توفر الاوكسجين والماء  والطعام . ومؤخرا ، دخل على الخط الذكاء الاصطناعي الذي سييسر مهمات استكشاف القمر وبقية الكواكب ، بطرق آمنة وباقل التكاليف.

السبب الثالث  وهو  عسكري .وهو مرتبط بعسكرة الفضاء . فهناك خطط وبرامج موجودة ، لبناء  قواعد عسكرية  على سطح القمر .وهذه القواعد ستكون – حسب مخططيها  – قادرة على توجيه ضربات الى اي منطقة في العالم ،دون المخاطرة  بالتعرض لضربات  انتقامية جوابية .

لقد ادرك العالم خطورة عسكرة الفضاء واهمية استثمار موارد كواكبه منذ زمن طويل  ، ولذلك  بادرعدد كبير من الدول الى صياغة اتفاق عالمي عام 1966 ، اعيدت صياغته عام 1979 ، وهو يشير صراحة  ،الى ان القمر يجب ان لا يصبح ملكا لاية دولة اوجهة خاصة . لكن القوى الكبرى لم تصادق على هذا الاتفاق  لاعتبارات كثيرة منها ، انها تدرك ان   مستقبل العالم كله موجود على القمر ، وان من يملك  ثروات القمر  ويقيم قواعد هناك ، سيتحكم فعليا في مصير هذا العالم ومسار الاحداث فيه .

لهذه الاسباب تتنافس الدول الكبرى في الحصول على موطيء قدم على القمر .

ان القمر ، والفضاء الشاسع، هو ملك للبشرية كلها ، وان سعي بعض الدول – مستغلة قدراتها العلمية والعسكرية  – للاستئثار بالفضاء، هو سلوك اناني مدان  ،ويخالف تطلعات شعوب الارض باكملها .  وان العودة الى الاتفاقات الدولية حول الفضاء ، والتي تشير  صراحة الى  ملكية البشرية  كلها للفضاء ، هو السبيل الافضل لابقاء الفضاء عامة – والقمر خاصة – بعيدا عن الصراعات الارضية ، ويجنبه التدمير المنهجي الذي يتعرض له  كوكبنا لازرق الجميل، واعنى الكرة الارضية .

26/8/20123

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 5 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube