https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :
لسنوات خلت ،اعتقد الشعبويون ذوي الفكر الشمولي المتسلط و المتعصب ، انهم باتوا يملكون زمام المبادرة للسيطرة على العالم ، والتحكم بمقدرات الشعوب ،وان المستقبل لهم .
لكن هزيمة ترامب في الانتخابات لامريكية قبل نحو سنتين ، صدعت اساس الشعبوية في العالم، واسقطت العمود المركزي الذي استندت اليه هذه الظاهرة المقيتة، والتي بدأت احجارها اليوم بالتهاوي واحد تلو الآخر .
كما جاءت الازمة الاوكرانية لتعجل من هذا السقوط .
ففي اوربا ،لم يحقق الشعبيون نجاحات مهمة في المانيا وفرنسا خلال الانتخابات الاخيرة . وعرٌت عواصف الازمة الاوكرانية الشديدة كثيرا من الاحزاب الشعبوية الاوربية ، وجرفت الرمال من تحت اقدامها ، كما زجت النظام الشعبوي الهنغاري في زاوية ضيقة من الاحراج والعزلة . وفي الوقت نفسه ، تتفاقم معاناة جونسون رئيس وزراء بريطانيا الذي ركب قبل سنتين الموجة الشعبوية ، وبات الآن قاب قوسين او ادنى من الهزيمة.
وفي امريكا اللاتينية ( البرازيل ) ،يعاني ركن شعبوي آخر هو الرئيس بولسونارو، من هاجس فقدان السلطة . وللتذكير ، فقد مهدت الشعارات الشعبوية البراقة التي تلطى وراءها هذا الشخص ، الطريق لدخوله الى قصر الرئاسة. لكن السنوات القليلة الماضية ، اظهرت خواء هذه الشعارات وتساقطها . كما افتضح دور بولسونارو في التأمر على الرئيس السابق المحبوب شعبيا داسيلفيا ، عبر تلفيق اتهامات ظالمة ضده بالفساد ، ادت الى ابعاد داسيلفيا عن الحكم ونفيه الى خارج البلاد . وخلال فترة ادارته ، دفع بولسونارو البرازيل الى دوامات لا تنتهي من الفوضى والعنصرية والتخبط الاقتصادي والسياسي ، كما تسببت مواقفه المستهترة من كورونا في وفاة مئات الالاف من الناس .ومؤخرا ، بانت الحقيقة ، واسقط القضاء البرازيلي كل التهم التي وجُهت لداسيلفيا ، وسمح له بالعودة وخوض الانتخابات الرئاسية التي ستجري في اكتوبر القادم ، وهو أمر سينهي – لا محالة – حكم الشعبويين في اكبر دول امريكيا اللاتينية .
وفي المنطقة العربية ، حيث يجري كل شيء عكس العقل و المنطق ، يسعى الرئيس التونسي بن سعيد ، الذي ركب موجة الثورة التونسية وخدع الجميع بشعاراته الشعبوية ، لبناء نظام حكم شمولي شعبوي بامتياز ، يقوم على التسلط الفردي ومصادرة الحريات وتهديم مؤسسات الدولة . لكن مشكلة بن سعيد هذا ،تكمن في انه لا يدرك ان الشعبوية في انحسار على مستوى العالم ، وانه سيخسر لانه يسير عكس التاريخ ، وانه ” ذاهب الى الحج والناس راجعة” كما يقول المثل الشعبي .
خلال السنوات الماضية ، ضخ الشعبويون طبقات كثيفة من ضباب الكراهية والعنصرية والفاشية والتعصب القومي ، في وعي مئات الملايين من البشر . وقد ادى هذا الضباب السام الى تشويه بصيرة هذه الملايين ، وحجب رؤيتها عن جوهر الشعبوية . واليوم بدأ هذا الضباب بالانحسار ، وبدأت تتكشف الوقائع القائلة ، ان الشعبوية لم تكن في الواقع ، سوى سلاح استخدمه طامحون ومغامرون متطرفون للوصول الى السلطة ،لتحقيق اهدافهم السوداء الشريرة .
7/6/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 5 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube