https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

يبدو الموقف الأميركي من أزمة حصار الدول الخليجية الثلاث (السعوديةوالإمارات والبحرين) ومصر لقطر مرتبكا وسلبيا، في الوقت الذي هيمنت فيهتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي اتهم فيها صراحة قطر بدعمالإرهاب، ومعارضة وزير خارجيته ريكس تيلرسون لذلك ودعوته الأطراف المختلفةلحل الخلاف بينها، وتأكيداته هو ووزير الدفاع جيمس ماتيس أن استمرار الأزمةيربك عمل القاعدة الأميركية بقطر في مواجهة تنظيم الدولة. ورغم المصالح العديدة لواشنطن لدى الدوحة، فإن موقفها لا يزال مترددا في حلالأزمة، فلم تضغط على الدول المحاصِرة لوقف إجراءاتها ضد دولة حليفة لها. ويلاحظ أن الموقف الأميركي لم يكن حازما في الدعوة لوقف الحصار وحل الإشكالبين الدول الخليجية، رغم أن الإدارة الأميركية دعمت جهود أمير الكويت صباحالأحمد الصباح في مساعيه لحل الأزمة. وهناك رأي قوي يقول إن الرئيس ترمب متورط بتحريضه -أو على الأقل سكوته- السعودية والإمارات على اتخاذ إجراءاتها ضد قطر، لا سيما أن الحصار جاء بعدانتهاء القمة الأميركية/السعودية والقمة الخليجية/الأميركية في الرياض،وإنشاء مركز لمحاربة الإرهاب. ولم يشفع وجود القاعدة الأميركية في قطر -التي تضم 11 ألف عسكريا أميركيا- للدوحة عند ترمب، الذي جاءت تصريحاته عدائية بما يشي بأنه متورط بشكل أوبآخر في الحصار. ونسبت صحيفة نيويورك تايمز إلى المستشار القانوني لوزارة الخارجية في إدارةالرئيس الأميركي السابق باراك أوباما براين إيغان قوله ساخرا إن الدولالأخرى في الشرق الأوسط -وهي ترى ما يحدث من ترمب- ربما تفكر في افتتاحملاعب غولف له أو تشتري غرفا في فندق ترمب إنترناشيونال. وتلك إشارة إلى دوافع شخصية لدى ترمب ضد قطر، بسبب عدم موافقتها على عدةمشاريع استثمارية لشركاته كان قد تقدم بها إلى الدوحة قبل أن يعتلي سدةالرئاسة. وربما يسعى ترمب كذلك -عبر سماحه للسعودية والإمارات بفرض الحصار- للضغطعلى الدوحة لتغيير سياساتها . ولكن ترمب يواجه الآن اتهامات وتحقيقا قضائيا في تنحيته رئيس “أف بي آي” جيمس كومي، بسبب سعيه لتقويض تحقيق بشأن التدخل الروسي لصالح ترمب فيالانتخابات الأميركية الأخيرة. وفي تصريحات حول خطورة الأمر على ترمب، قال المدير السابق لوكالة الأمنالقومي الأميركية جيمس كلابر -في كلمة ألقاها بأستراليا- إن فضيحة ووترغيتالتي أدت إلى سقوط الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1974 “لا قيمة لها بالمقارنةمع قضية التدخلات الروسية المفترضة في الولايات المتحدة”. وقد لا تكون سياسة ترمب هذه معتمدة لدى الحكومة الأميركية التي باتت تعانيمن سياساته المتهورة في أكثر من مجال وآخر ذلك تخليه عن اتفاقية المناخ،ولكن الإدارة الأميركية لا يبدو أنها فاعلة في الضغط على حلفائها الخليجيينلإنهاء الحصار اللاإنساني وغير القانوني. وذلك في وقت يستمر فيه وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش فيالتحريض ضد قطر، أضعاف ما يقوم به نظيره السعودي عادل الجبير الذي لم يقصرهو الآخر في مهاجمة قطر، بحجة احتضانها قيادة حماس في أراضيها وبعض قياداتالإخوان الفارين من أحكام الإعدام والسجن الجائرة بالجملة التي أطلقها قضاةالسيسي. وتبدو الإدارة الأميركية مشتتة ومشلولة في ملاحقة الأزمة ما بين معالجةتطوراتها ومنع تعقيدها في منطقة مصالح حيوية لها، وما بين عدم اتزان الرئيسالأميركي في مواقفه منها، والتي تكاد تعصف بالحياد الذي عملت عليه طوالالسنين الماضية. وفي تعبير واضح عن فشلها، دعمت الإدارة الأميركية الجهود المحلية لأميرالكويت الشيخ صباح الأحمد دون أن تفعّل آلياتها الذاتية لوضع حد للأزمة،وإلزام الدول المتسببة فيها بالتراجع عن مواقفها. ومن العوامل المثبطة للدور الأميركي تحقيقات الكونغرس الأميركي في قضيةالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية لصالح ترمب، والتي قد تفضي إلىإقالته وعزله إذا ثبتت القضية عليه. وفي هذا السياق، جاء الدور التركي المساند لقطر وتدخله لدى السعودية لوقفالتصعيد، ودعوة دول الخليج الثلاث إلى إنهاء الأزمة بحلول نهاية رمضان. وفي دلالة واضحة على دعم قطر، عجّلت تركيا بإرسال وحدات من جيشها إلى قطر،بعد أن وافق برلمانها على مشروع الاتفاقية العسكرية المبرمة بين الطرفينوافتتاح قاعدة عسكرية تركية في قطر. كما أرسلت إيران رسائل متعددة بأنها لنتسمح بوجود قوات سعودية في قطر، خصوصا أن قطر تتقاسم مع إيران حقلا للغازالطبيعي. وأمدت تركيا وإيران قطر بمواد غذائية عبر الجو والبحر في رسالة تضامنواضحة، كما فتحت لها سلطنة عمان موانئها، في ظل تعاطف شعبي كبير معها فيالكويت التي رأت أنها قد تكون مستهدفة تاليا بسبب العمل الخيري الذي ترعاه،ولوضع بعض شخصياتها ضمن قوائم الإرهاب التي اعتمدتها الرياض وأبو ظبيوالقاهرة! وإذا أضفنا لذلك الموقف القوي الذي اتخذته ألمانيا زعيمة الاتحاد الأوروبيضد المحاصرين، فيمكن أن نرى حجم التعقيد في المسألة وتداعياتها الإقليميةوالدولية، والتي لا تجعل قطر لقمة سائغة للسعودية أو غيرها. ويرى بعض المحللين الأميركيين أنه إذا أرادت واشنطن توفير الأمن لدولالخليج العربي ومحاربة الإرهاب، فإن عليها عدم الانحياز في مشاجرة أخويةمزعزعة للاستقرار، فمن شأن ذلك أن يقوّض الغرض من تدخل الولايات المتحدة فيالمقام الأول، بل يخاطر بتعرضها للكوارث. ونستطيع القول إن أميركا خلقت الأزمة من حيث تدري أو لا تدري، وأنها الجهةالوحيدة القادرة بنفوذها على أن تحلها بالضغط على حلفائها لفك الحصار. وإذاتقاعست عن هذا الدور فإنها تخاطر بتهديد الوحدة الخليجية بل والوحدةالعربية في محاربة الإرهاب. أما كيف ستتطور الأزمة؛ فهذه قضية يصعب الجزمبها في ظل استمرار تداعيات التصعيد السعودي والإماراتي بحق قطر.

الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − سبعة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube