https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

 في خضم حربين مستعرتين يحتمل أن تكون لهما تداعيات استراتيجية عميقة في الشرق الأوسط وأوروبا، بدأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي الخميس زيارة هي الأرفع لمسؤول صيني إلى واشنطن منذ خمس سنوات، لعقد سلسلة اجتماعات تأمل الولايات المتحدة في أن تؤسس لحد أدنى من الأرضية المشتركة مع الصين، بدءاً من تهدئة التوتر بين البلدين، ووصولاً إلى الزيارة المرتقبة الشهر المقبل من الرئيس الصيني شي جينبينغ للولايات المتحدة واجتماعه مع الرئيس جو بايدن.

وقد باشر كبير الدبلوماسيين الصينيين اجتماعات نادرة مع أرفع المسؤولين الأميركيين، مع بدء زيارة لواشنطن تحظى باهتمام استثنائي لأنها يمكن أن تساعد في تيسير انعقاد قمة مرتقبة بين الرئيسين جو بايدن وشي جينبينغ، وفي «استقرار» العلاقات المتوترة للغاية بين الولايات المتحدة والصين.

وقبيل اجتماع مغلق مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن العاصمة، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إن «الصين والولايات المتحدة تحتاجان إلى الحوار»، مضيفاً أنه «لا يتعين علينا فقط أن نستأنف الحوار بل يجب أن يكون حواراً متعمقاً وشاملاً». وأشار إلى أن الحوار المنشود سيسهم في تقليل مساحات سوء الفهم ويساعد على دفع العلاقات، و«إعادتها لمسار التنمية السليمة والمستقرة والمستدامة». وردّ بلينكن: «أتفق مع ما قاله وزير الخارجية». وأقرّ بأن البلدين يتشاركان مصالح مهمة وتحديات يحتاجان إلى حلّها معاً. وقبل تحدث وانغ، أفاد بلينكن بأنه يتطلع إلى إجراء محادثات بناءة

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إنه «يجب على الصين استخدام كل ما لديها من قدرة كقوة مؤثرة لتحض على الهدوء» في الشرق الأوسط، مضيفاً: «نحن نعلم أن الصين لديها علاقات مع عدد من الدول في المنطقة»، في إشارة ضمنية إلى نفوذ الصين الكبير على إيران، التي تعد داعماً رئيسياً لـ«حماس». وقال ميلر: «نود أن نحضهم على استخدام العلاقات وخطوط الاتصال لتحض على الهدوء والاستقرار».

 

وفي بيان بعد اجتماع بلينكن ووانغ، أفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن المسؤولَين عرضا «مجالات الاختلاف» و«مجالات التعاون»، علماً بأن بلينكن أكّد أن «الولايات المتحدة ستواصل الدفاع عن مصالحنا وقيمنا ومصالح حلفائنا وشركائنا». وقال بايدن، الأربعاء الماضي، إلى جانب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الذي يزور بكين قريباً: «سنخوض منافسة مع الصين بكل الطرق الممكنة مع احترام القواعد الدولية السياسية والاقتصادية وغيرها، لكنني لا أسعى إلى النزاع».

«جو بنّاء»

 

وأعلنت وزارة الخارجية الصينية في بيان أن الجانبين «تبادلا وجهات النظر بشكل متعمق في شأن العلاقات الصينية – الأميركية والقضايا ذات الاهتمام المشترك في جو بنّاء». ومن المقرر أن يجتمع وانغ أيضاً مع مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، الذي يتوقع أن يحض الصين على لعب دور بنّاء في حربي غزة وأوكرانيا.

 

وقبل الاجتماع مع سوليفان، أُشيع أن الرئيس بايدن سيستقبل وانغ، لا سيما أن الممارسة الدبلوماسية القائمة على المعاملة بالمثل تشير إلى أن هذا الأمر صار محتملاً منذ استقبال الرئيس شي لبلينكن خلال زيارته للصين في يونيو (حزيران) الماضي.

 

ولم يؤكد أيٌّ من الجانبين حتى الآن ما إذا كان بايدن وشي سيجتمعان الشهر المقبل على هامش اجتماع قادة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ «أبيك» في سان فرنسيسكو.

قضايا خلافية

 

وأكد رئيس مجلس أمناء الأعمال والاقتصاد الصيني لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، سكوت كينيدي، أن رحلة وانغ تشير إلى أن الاحتمال كبير للغاية. وقال إن «زيارته تهدف على الأرجح إلى تحديد جدول الأعمال والتفاوض بشأن النتائج المحتملة».

.

وسيضغط كبار مسؤولي إدارة بايدن، والرئيس نفسه، على كبير الدبلوماسيين الصينيين لتعزيز دور بلاده على الساحة الدولية إذا أرادت أن تُعتبر قوة دولية رئيسية ولاعبا مسؤولا مع بقية الدول الأخرى. وتأتي الزيارة في الوقت الذي يمهد فيه المسؤولون الأميركيون والصينيون لعقد اجتماع ثنائي طال انتظاره بين بايدن وشي في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في نوفمبر (تشرين الثاني) في سان فرانسيسكو، علماً بأنهما التقيا آخر مرة في قمة بالي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

 

كان مسؤولون أميركيون قد أكّدوا أنهم سيضغطون على وانغ بشأن أهمية تعزيز الصين دورها على المسرح العالمي إذا أرادت أن تكون لاعباً دولياً رئيسياً ومسؤولاً. ويعزو ذلك إلى شعور المسؤولين الأميركيين بخيبة أمل حيال دعم الصين لروسيا في حرب أوكرانيا وموقفها في شأن الحرب في غزة بين إسرائيل و«حماس».

 

وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن جون ألترمان، إن «الصينيين بالتأكيد لديهم مصلحة في منع مواجهة مباشرة أميركية إيرانية لأنهم مستهلكون كبار للنفط وهذا سيرفع الأسعار»، كما نقلت عنه وكالة «رويترز». وأضاف: «لكن ورغم ذلك من غير المرجح أن يقوم الصينيون بجهد كبير في هذا الصدد»، متوقعاً «أنهم سيريدون لهم مقعداً على الطاولة عندما يتم حل الصراع بين إسرائيل وغزة لكن ليست لديهم الرغبة أو القدرة على التعجيل بالحل».

كان الرئيس الصيني زار الولايات المتحدة آخر مرة عام 2017، عندما استضافه الرئيس السابق دونالد ترمب في منتجع مارالاغو في فلوريدا. ولم يستضف الرئيس بايدن، الذي تولى منصبه عام 2021، الرئيس شي بعد على الأراضي الأميركية، علماً بأنهما التقيا آخر مرة في بالي بإندونيسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، على هامش اجتماع مجموعة العشرين للدول الغنية في بالي بإندونيسيا.

 

بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في التدهور عام 2018 عندما فرضت إدارة ترمب تعريفات جمركية ضخمة على بضائع صينية بقيمة 50 مليار دولار. وتدهورت الأمور أكثر بسبب مجموعة من القضايا، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان، وبحر الصين الجنوبي، وتايوان، والتكنولوجيا، وجائحة «كوفيد 19».

 

وتكمن أولوية إدارة الرئيس بايدن فيما يتعلق بالعلاقات مع بكين، في منع المنافسة المحتدمة بين أكبر اقتصادين في العالم والخلافات على مجموعة من القضايا، تشمل التجارة وتايوان وبحر الصين الجنوبي، من الانزلاق لمستوى الصرا

وكان مقرراً أن يزور وانغ الجمعة البيت الأبيض للقاء مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، وسط تقارير عن اجتماع مع الرئيس بايدن أيضاً، فيما بدا رداً على استقبال الرئيس الصيني لبلينكن في يونيو (حزيران) الماضي.

 

 

وتخوض القوتان الاقتصاديتان الكبريان في العالم منافسة شرسة، وتؤكدان أنهما تريدان إدارة علاقتهما «بمسؤولية».

 

وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته إن الزيارة ستمثل لواشنطن فرصة لحض بكين على اتّباع «نهج بنّاء أكثر»، موضحاً أن الزيارة التي تستمر حتى السبت تشمل محادثات حول ملفات التجارة والحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط وتايوان والتحركات الصينية في البحر قرب الفلبين. وسيناقش الطرفان أيضاً التقارب بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

 

ولدى سؤاله عما إذا كانت زيارة وانغ تعني أن زيارة شي باتت مؤكدة، اكتفى مسؤول أميركي آخر بأن بايدن «أعلن مرّات عدة أنه يأمل في لقاء الرئيس شي في المستقبل القريب»، رافضاً الإدلاء بتصريحات إضافية.

 

ودعا بايدن الذي التقى شي في نوفمبر الماضي على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في بالي، الرئيس الصيني لزيارة سان فرانسيسكو الشهر المقبل حيث يتوقع أن تستضيف الولايات المتحدة قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك).

 

وعبر المسؤولون الصينيون عن أملهم في أن تعيد هذه اللقاءات العلاقات بين البلدين إلى «السكة الصحيحة».

 

وخلال اجتماع في الصين مع وفد من مجلس الشيوخ الأميركي برئاسة زعيم الغالبية الديمقراطية تشاك شومر في مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، اعتبر الرئيس الصيني أن العلاقات الصينية – الأميركية ستكون حاسمة لـ«مستقبل البشرية».

 

وهناك الكثير من المسائل الخلافية بين واشنطن وبكين، لا سيّما مسألة تايوان التي تؤكد بكين أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها.

 

وتدين الولايات المتحدة أيضًا نشاطات بكين في بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك الحادث الأخير الذي وقع الاثنين الماضي حين اصطدمت سفينتان صينيتان بمركبين فلبينيين قرب جزيرة سيكند توماس شول في جزر سبراتلي.

 

وحذّر بايدن الأربعاء من أن «أي هجوم على طائرات أو سفن أو قوات مسلحة فلبينية سيستدعي تفعيل معاهدة الدفاع المشترك مع الفلبين».

 

وتبدي الولايات المتحدة، التي تعتبر الصين التحدي الاستراتيجي الرئيسي لها على المدى الطويل، قلقاً حيال طموحات بكين التوسّعية.

 

ورداً على ذلك، تشدّد واشنطن على تعزيز تحالفاتها مع آسيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وجزر المحيط الهادي، فيما ترى بكين في ذلك رغبة في «تطويقها».

 

وعلق بايدن: «نحن لا نطوّق الصين. نريد فقط ضمان أن تبقى ممرات الملاحة مفتوحة»، مشيراً إلى أنه «لا ينبغي لأي دولة أن تغيّر قواعد اللعبة من جانب واحد عندما يتعلق الأمر بالمجال الجوي الدولي أو البحري».

 

ولا يتوقع خبراء تحقيق تقدم سريع رغم تأكيدات بكين وواشنطن أنهما تبحثان عن مجالات للتعاون المشترك، وقال شي الأربعاء أيضاً إن الصين مستعدة للتعاون فيما يتعلق بالتحديات العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 15 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube