الأحكام والتوقعات الإقتصادية بنسبة لدولة كبيرة مثل الصين، ليس قضيةإقتصادية فحسب، بل تحتوي على دلالات سياسية هامة أيضا. “مع بداية عام 2016، إنطلقت منافسة تاريخية جديدة على مستوى نماذج التنميةوإستراتيجيات النمو الإقتصادي. وتمثل الصين وأمريكا مع بقية الدول الغربيةطرفي هذه المنافسة التاريخية التي ستحدد مستقبل أوروبا وآسيا خلال العقودالقادمة.” كانت هذه وجهة النظر الأساسية التي طرحها المفكر الأمريكيفرانسيس فوكوياما في مقال بعنوان “ماهو النموذج الذي سينتصر: الصين أمأمريكا؟”، ورغم أن هذا المقال قد نشر في نهاية العام الماضي، لكنها مثلتمادة دسمة بالنسبة لوسائل الإعلام للحديث عن “إنهيار الصين” مؤخرا. وكانتالصين قد أثارت إهتمام العالم بدخولها مركز المسرح الدولي بقوتها الصلبةوالناعمة خلال السنوات الأخيرة. لا شك، أنه في ظل إستمرار الدولة القومية تمثل الجسد الرئيسي للعلاقاتالدولية، فإن تكوين دولة قوية ليست حلما غير ضروري بالنسبة الى الصينوأمريكا وبقية الدول الغربية، وإنما الطريقة الوحيدة للبقاء. هكذا فقطيمكنها أن تأخذ المكانة الصحيحة التي تستحقها داخل البنية العالمية،ويجعلها أكثر إندفاعا للتحكم في المرحلية التاريخية وتصبح سيدة مصيرها. الإقتصاد هو حجر الأساس لقوة الدولة، والسند لثقة الدولة في نفسها. لذلك،فإن الأحكام والتوقعات الإقتصادية لدولة كبرى مثل الصين، لا تعني الإقتصادفحسب، بل لديها دلالات سياسية بالغة. وصلت قوى الدفع التي وفرتها الثورة التكنولوجية والصناعية السابقة إلىنهايتها، كما بدأت القوى الكامنة للمنظومات الإقتصادية التقليدية ونماذجالتنمية التقليدية في التراجع، وتحول الإصلاح والإبتكار إلى عامل رئيسي فيتقرير تطور مختلف البلدان. ورغم أن مختلف الدول بصدد دفع عملية الإصلاح،إلا أن الفوارق في جهود وفاعلية الإصلاح تبقى واضحة. فمن جهة، قامالفيديرالي الأمريكي بإتخاذ سياسة نقدية جديدة، وصفت بأنها “إستدراج للثعلبإلى قفص الدجاج”، مثل هذه السياسات غير المسؤولة لن تؤثر على التنميةطويلة المدى داخل البلد نفسه، بل سيكون لها تأثيرات على المستوى الدولي. وفي أوروبا، ظل الإتحاد الأوروبي يعمل على إتخاذ مختلف السياسات لمواجهةأزمة الديون وقضية اللاجئين وغيرها من القضايا. في ذات الوقت، تعاني بعضالدول الناشئة تراخيا هيكليا ودوريا، وفي ظل تراجع أسعار السلع الأساسية،تعمل هذه الدول على تسريع تحول نموذج التنمية الإقتصادي ودفع الإصلاحالهيكلي بخطوة بطيئة صعبة. الصين أيضا في الحاجة إلى الإصلاح، ومهمتها ليست سلهة وطريقها ليس ممهدا. لكن هناك مزيدا من المراقبين يرون بإستمرار معالم القوة في عملية الإصلاحفي الصين. وفي هذا الصدد، قالت رئيسة صندوق النقد الدولي أن الإقتصادالصيني بصدد “التقدم”، ويحاول تحقيق منعرج كبير. من جهة أخرى، قالة صحيفة “اليومية المركزية” الكورية الجنوبية، أن عملية الإصلاح في الصين لن تعودبالفائدة على الصين فحسب، بل ستكون لديها آثار كبيرة على مختلف دول شرقآسيا والعالم. “لماذا تجري الصين بخطوات أسرع مما يتصورها الناس”؟ طرحت صحيفة لوس “أنجلوس” هذا السؤال. وفي الإجابة على هذا السؤال، أصبحت حقل تفكير الناسأكثر شساعة، حيث بدأوا يضعون في الإعتبار نظام إدارة الدولة وطريق التنميةوتقدم الحضارة البشرية. وأثناء الحديث عن المشاكل التي تواجهها غالبيةالدول الأوروبية، والتوقعات بتجاوز حجم الإقتصاد الصيني نظيره الأمريكي،أشار الأكاديمي البريطاني مارتين جاك إلى أن الشرط المسبق لنجاح إدارةالدولة الغربي والديمقراطية الغربية هو العمل الطبيعي للمنظومة الحكومية،لكن، في الوقت الحالي يعاني عمل المنظومة الحكومية الغربية مشاكل عدة، مايطرح تساؤلات حول المستقبل.
شينحهوا