احتفلت كوريا الشمالية بالذكرى الـ70 للهدنة التي أوقفت الحرب مع الشطر الجنوبي، فيما تسميه «يوم النصر»، واحتفت هذه المرة بحليفيها، الروسي والصيني، اللذين أرسلا وفدين رفيعَي المستوى للمشارَكة في هذه المناسبة التي تتزامن مع توتر متفاوت الدرجة بين هذه الأطراف الثلاثة، والغرب.
ويزور وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو على رأس وفد عسكري، ووفد صيني عالي المستوى يضم عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني لي هونغ تشونغ، بيونغ يانغ بوصفهما أول ضيوف أجانب يستقبلهم كيم علناً منذ بدء وباء «كوفيد»، بينما تحتفل البلاد بذكرى مرور 70 عاماً على الهدنة التي وضعت حداً للحرب الكورية بين 1950 و1953 وتسمى «عيد النصر»، وفق ما ذكرت «رويترز». وفي مؤشر على دعم كوريا الشمالية للحرب الروسية في أوكرانيا، قالت وكالة «أسوشييتد برس» إن الزعيم الكوري الشمالي التقى وزير الدفاع الروسي؛ لمناقشة القضايا العسكرية والبيئة الأمنية الإقليمية. وذكرت وكالة «يونهاب» الرسمية أن شويغو سلم الزعيم الكوري الشمالي رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتقدم كيم بدوره بالشكر لبوتين الذي أرسل وفداً عسكرياً لبلاده برئاسة شويغو، لافتاً إلى أن اللقاء عمّق العلاقات «الاستراتيجية والتقليدية» بين كوريا الشمالية وروسيا.
كيوتعد روسيا، الحليفة التاريخية لكوريا الشمالية من بين مجموعة صغيرة من الدول التي تقيم معها بيونغ يانغ علاقات ودية. ودعّم الزعيم الكوري الشمالي بشكل ثابت الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى إن واشنطن تفيد بأنه زوّد موسكو بصواريخ، وهي تهمة تنفيها بيونغ يانغ.
وأظهرت صور بثتها وسائل الإعلام الرسمية كيم وهو يصطحب شويغو في جولة في معرض دفاعي كبير يعرض صواريخ كوريا الشمالية النووية، وما أفاد موقع «إن كاي نيوز» بأنها مسيّرات جديدة، وذلك بعدما اتهمت واشنطن بيونغ يانغ في وقت سابق من هذا العام بتزويد موسكو بأسلحة من أجل حربها في أوكرانيا، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وزار كيم وشويغو «معرض الأسلحة والمعدات 2023»، وفق ما ذكرت «وكالة الأنباء الكورية المركزية»، التي نشرت صوراً تستعرض أكبر صواريخ باليستية عابرة للقارات من طرازَي «هواسونغ – 17»، و«هواسونغ – 18».
وأثناء الزيارة، تحدث كيم إلى شويغو عن «الأسلحة والمعدات التي تم اختراعها وإنتاجها» في إطار خطة الدفاع الوطنية الكورية الشمالية و«أبدى مراراً اعتقاده بأن الجيش والشعب الروسيَّين سيُحقّقان نجاحات كبيرة»، استناداً إلى الوكالة. تعد زيارة شويغو لافتة نظراً إلى أن وزراء الدفاع الروس لم يزوروا بيونغ يانغ بشكل دوري منذ ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، بحسب ما أفاد خبراء «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال أستاذ الدراسات الكورية لدى جامعة أوسلو، فلاديمير تيخونوف، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «روسيا قد تحتاج إلى إمكانيات الصناعات العسكرية الكورية الشمالية في مجال الأسلحة التقليدية، بينما قد تكون كوريا الشمالية مهتمة بالحصل على التكنولوجيا الصاروخية من روسيا».
وعلى الرغم من التغطية الواسعة لزيارة شويغو، فإنه من المرجّح أن تكون كوريا الشمالية «حذرة للغاية» حيال تزويد موسكو بأسلحة من أجل حربها في أوكرانيا، وفق ما قال الأستاذ في جامعة آيوا، بارك وون-غون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وتابع: «إذا تأكّد الأمر علناً، فستتحول الدول الأوروبية أيضاً إلى خصوم»، مضيفاً أن كوريا الشمالية تفضّل عدم التعرّض لعقوبات إضافية. وأوضح: «لذا ستكون حذرة، لكن من الممكن أن تسعى روسيا للحصول على مزيد من الدعم سرّاً».
تشير صور الأقمار الاصطناعية إلى أن كوريا الشمالية كانت تحضّر لعرض عسكري واسع النطاق لمناسبة الذكرى الـ70 (الخميس). ويعد انضمام ضيوف أجانب إلى احتفالات هذا العام أمراً غير مسبوق منذ الوباء، ويشي بأنه تم تخفيف الضوابط الحدودية. وأكد الجيش الكوري الجنوبي أن «السلطات الاستخباراتية (في واشنطن وسيول) تراقب عن كثب» تحضيرات العرض العسكري الكوري الشمالي، مضيفاً أنها تتابع أيضاً «اتجاهات تطوير الأسلحة» في البلاد. وأفاد ناطق باسم رئاسة الأركان المشتركة: «نحلل في الوقت الحالي أنظمة الأسلحة التي كشفت عنها كوريا الشمالية، ولا تعليق إضافياً لديناً».
كوريا الشمالية فرضت حصاراً مشدداً على نفسها على خلفية «كوفيد» منذ مطلع 2020، فمنعت حتى مواطنيها من دخول البلاد. تعد بكين أهم حليف وداعم اقتصادي لكوريا الشمالية، علماً بأن العلاقة بين البلدين تعززت في ظل الحرب الكورية في خمسينات القرن الماضي. والتقى كيم جونغ أون أيضاً وفداً صينياً بقيادة عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، لي هونغ تشونغ، وأكد للأخير أن «الشعب الكوري لن ينسى أبداً حقيقة أن الجنود الشجعان المنضوين في صفوف متطوعي الشعب الصيني دفعوا دماءهم من أجل تحقيق النصر في الحرب». وقال الأستاذ في جامعة آيوا، ليف-إريك إيزلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الاجتماعات تظهر أن كيم مهتم بالمسرحيات السياسية أكثر من اهتمامه بكوفيد». ولفت بارك بدوره إلى أنه من المستبعد أن تؤدي الزيارات إلى إعادة فتح حدود كوريا الشمالية، مشيراً إلى المنظومة الصحية «المنهارة» في البلاد، وإلى أن شعبها لم يحصل على اللقاحات.
ولم تستأنف كوريا الشمالية جزءاً من التجارة مع الصين إلا العام الماضي، وسمحت لمندوب بكين الجديد وانغ ياجون بتولي منصبه هذا العام. وهو أول دبلوماسي بارز يُعرف بأنه عبر إلى كوريا الشمالية منذ أُغلقت الحدود في يناير (كانون الثاني) 2020.