أكدت الصين، دعمها «الثابت» لكوريا الشمالية بعد إطلاقها صاروخاً باليستياً جديداً قادراً نظريا على بلوغ الأراضي الأميركية، ما من شأنه تأجيج التوترات في شبه الجزيرة الكورية، مع مسارعة الولايات المتحدة إلى إدانة بيونغ يانغ التي تهدد جيرانها وتخرق كثيراً من قرارات مجلس الأمن.
وقال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، خلال لقاء، الاثنين، في بكين مع نائب وزير الشؤون الخارجية الكوري الشمالي، باك ميونغ هو: «في وجه الاضطرابات المسجلة على الصعيد الدولي لطالما تبادلت الصين (وكوريا الشمالية) الدعم الثابت والثقة»، على ما جاء في ملخص للقاء أصدرته الخارجية الصينية.
وشدد وانغ يي على أن «الصداقة التقليدية بين الصين و(كوريا الشمالية) التي أقامها زعماء البلاد السابقون وعززوها، تشكل ورقة رابحة ثمينة».
وردا على سؤال عن قيام كوريا الشمالية بإطلاق صاروخ باليستي، قال الناطق باسم الخارجية الصينية، وانغ وينبين، إن بكين «أخذت علما بالتطورات الأخيرة». وأشار إلى أن «مسألة شبه الجزيرة معقدة وحساسة»، مؤكدا أن محاولات «الردع والضغوط العسكرية» لن تؤدي سوى إلى مفاقمة التوترات.
أضاف وانغ يي «نأمل أن تتخذ كل الأطراف المعنية خطوات عملية للدفع نحو حلّ سياسي وصون السلم والاستقرار في شبه الجزيرة».
الصاروخ الذي أطلقته كوريا الشمالية، الاثنين، باليستي عابر للقارات وهو الأكثر تقدما لديها، ويمكنه بلوغ الأراضي الأميركية، وهي رفعت بذلك العدد القياسي لتجاربها العسكرية هذا العام، وهو ما قوبل بإدانات دولية.
وقالت كوريا الجنوبية إن الصاروخ الذي أطلقته بيونغ يانغ يستخدم الوقود الصلب، الذي يجعل نقل الصواريخ أسهل وإطلاقها أسرع مقارنة بتلك التي تعمل بالوقود السائل.
وتجربة الاثنين هي الثالثة التي تختبر فيها كوريا الشمالية صاروخا باليستيا عابرا للقارات يعمل بالوقود الصلب، بعد تجربتين في أبريل (نيسان) ويوليو (تموز)، وهو ما قال محللون إنه يشير إلى جهود متواصلة لتحسين التكنولوجيا.
وأمر الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، باتخاذ إجراء مضاد «فوري وساحق»، ودعا إلى رد مشترك مع الولايات المتحدة واليابان.
وقالت وزارة الدفاع اليابانية إن الصاروخ الباليستي العابر للقارات يمكن أن يصل مداه إلى أكثر من 15 ألف كيلومتر، وهو ما يعني أنه يمكن أن يصل إلى مختلف أنحاء الولايات المتحدة. وجاء ذلك بعد إطلاق صاروخ قصير المدى مساء الأحد.
وقال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إن «عمليتي الإطلاق لا تمثلان فحسب انتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن الدولي، بل تمثلان أيضا تهديدا للسلام والاستقرار في المنطقة ونحن ندينهما بشدة».
اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الكثير من القرارات التي تدعو كوريا الشمالية إلى وقف برامجها النووية والصاروخية الباليستية، منذ أجرت أول تجربة نووية في عام 2006.
وقال الجيش الكوري الجنوبي في البداية إنه رصد إطلاق صاروخ باليستي بعيد المدى من منطقة بيونغ يانغ صباح الاثنين، وإنه حلق مسافة ألف كيلومتر قبل أن يسقط في البحر الشرقي، المعروف أيضاً باسم بحر اليابان.
وأفادت كوريا الجنوبية بأن الصاروخ طار للأعلى وليس أفقياً، وهي طريقة قالت بيونغ يانغ من قبل إنها تستخدمها في بعض اختبارات الأسلحة لتجنب التحليق فوق الدول المجاورة.
وقال بارك وون جون، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة أيوا، إن الصاروخ الباليستي العابر للقارات الأخير هو على الأرجح صاروخ هواسونغ – 18، مضيفاً أنه سيمثل ورقة قوية بيد كوريا الشمالية عندما يصبح جاهزاً.
أضاف بارك لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يستخدم نظام هواسونغ – 18 الوقود الصلب، لذلك لا يحتاج إلى وقت لتحضيره، ويمكن إطلاقه على الفور من منصة إطلاق متنقلة، ويمكن اعتباره نظام أسلحة يتمتع بقدرة عالية على ضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة».
جاءت عمليات الإطلاق المتتالية في أعقاب تراشق محموم بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من جهة، وكوريا الشمالية من جهة أخرى.
وعقدت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الجمعة، جلستهما الثانية للمجموعة الاستشارية النووية في واشنطن، وفيها ناقشتا الردع النووي في حال نشوب نزاع مع الشمال. وحذرتا السبت من أن أي هجوم نووي تستهدف به بيونغ يانغ الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية سيؤدي إلى نهاية النظام الكوري الشمالي.
وانتقد متحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الشمالية، الأحد، خطط البلدين لتوسيع التدريبات العسكرية المشتركة السنوية العام المقبل لتشمل تدريبات على العمليات النووية.
وقال بيان نقلته وكالة الأنباء الكورية الشمالية: «هذا إعلان مفتوح بشأن المواجهة النووية لجعل استخدام الأسلحة النووية ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أمرا واقعا… أي محاولة لاستخدام القوات المسلحة ضد كوريا الشعبية الديمقراطية ستواجه ردا مضادا وقائيا ومميتا».
ونددت الولايات المتحدة بخطوة كوريا الشمالية، الاثنين، ووصفتها بأنها تشكل تهديدا لجيرانها.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن «عمليات الإطلاق هذه تنتهك الكثير من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة شأنها شأن عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية الأخرى التي أجرتها بيونغ يانغ هذا العام».
وفي وقت لاحق، قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تؤكد مجدداً التزامها بالدفاع عن اليابان وكوريا الجنوبية بعد التجربة الصاروخية لكوريا الشمالية. وأضاف أن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، تحدث مع مدير مكتب الأمن القومي في كوريا الجنوبية، تشو تاي يونغ، ومستشار الأمن القومي الياباني، أكيبا تاكيو، ونددوا جميعاً بالتجربة الصاروخية «التي تعد انتهاكا صارخا لكثير من قرارات مجلس الأمن الدولي».
وأعلنت كوريا الشمالية العام الماضي نفسها قوة نووية على نحو «لا عودة عنه». وقالت مرارا إنها لن تتخلى أبدا عن برنامجها النووي الذي يعده النظام ضرورياً لبقائه. وفي سبتمبر (أيلول) كرّست في دستورها وضعها بصفتها قوة نووية.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، نجحت بيونغ يانغ في وضع قمر للتجسس العسكري في مدار الأرض، مؤكدة أنه يتيح لها مراقبة مواقع رئيسية في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.