كانت «طريق هوشي منه» الاسم الحربي للخط الذي استخدمه ثوار الفيتكونغالشيوعيون لمحاربة الأميركيين في فيتنام. وهوشي منه نفسه، كان رمز الحربورمز الانتصار. وهذا الرجل كانت عاصمته هانوي. وهانوي هذا النهار هي مكاناللقاء بين دونالد ترمب وكيم جونغ أون. أقصى اليمين وما بعد أقصى اليسار. وقد استغرقت رحلة كيم إلى هانوي في القطار يومين ونصف اليوم. مثل والدهالراحل يفضّل القطار المصفّح. وماذا يقول زعيم اليمين الغربي ورئيس أميركا عن هانوي؟ يقول: إنه يأمل أنيصبح كيم ذات يوم زعيماً على بلد مثل فيتنام. ويقول ذلك وهو يتناول الغداءعلى مائدة الرئيس الفيتنامي، المحار والمانغو والحلويات الرأسمالية،ومرحباً هوشي منه ورفيق لينين. إن هانوي اليوم مدينة لفنادق الخمسة نجوم. وقد حل الرفيق كيم في أحدها،فندق ميليا الرأسمالي، الأرستوقراطي، البورجوازي، الرجعي الذيلي الانحرافيالمرتد! أين ذهبت تلك التعابير أيها الرفاق؟ وراحة هادئة للملايين الذينقضوا بالنابالم أو بغيره. هذا هو العالم، إذا كان في إمكانك أن تتخيله. أما أنا، محرر القسم الخارجيالذي كان يترجم كل يوم أخبار القتل الفالت بين شمال وجنوب فيتنام، وإحصاءاتالموت والغارات الأميركية بالآلاف، فلا بد لي من الانبهار: الأميركيوالكوري الشمالي يصران على الالتقاء في ضيافة هوشي منه، وبالتحديد فيهانوي. وهانوي التي لم تعد هانوي. يا له من مشهد عبثي لا يُصدَّق. لقد تركالأميركيون هنا 50 ألف قتيل، وفقدوا الآلاف، وخسروا المليارات، ومضوامنهزمين أمام مقاتلين يعيشون على الرز المسلوق. الآن ماذا؟ الآن ابتسم، أنت في هانوي. انسَ تلك الوجوه الكئيبة، فالناستبتسم. والعشاء سَلطة محار مع المانغو. وضيفنا رئيس «أميركا أولاً». وصاحبالأبراج الرأسمالية كلها. ثم تقولون إن الأرض لا تدور. فمَن يدور إذن؟ يدورالإنسان. يموت بالملايين من أجل شيء كان في إمكانه الوصول إليه في جلسةحوار على فنجان قهوة. وفي أي حال، ماذا حمل الأميركيون كل هذه المسافة؟الخوف من الشيوعية؟ أين هي اليوم. إن أغلى وأرقى التبضع اليوم هو في بكينوموسكو. وجناح الرفيق كيم في فندق ميليا لا مثيل له في باريس، حيث تعلّمهوشي منه فن الطبخ والثورة .
الشرق الاوسط