https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

لمؤلف: لي كيوان يو
بالنسبة إلى شعوب آسيا، فإن أحداً لم يتصدّ لرواية القصة السنغافورية الحقيقية كما فعل لي كوان يو رئيس الوزراء السنغافوري الأسبق. حيث يستعرض في كتابه الصادر حديثاً تفاصيل ووقائع انتقال هذه الدولة الصغيرة من هوامش العالم الثالث إلى مصاف دول العالم الأول، اقتصاداً وصناعة وتجربة حضارية تستحق الاهتمام. وتاريخ معاصر وجريء لإحدى أهم التجارب الآسيوية في العصر الحديث.

مذكرات لي كوان يو لمؤلفه لي كوان يو رئيس وزراء سنغافورة الأسبق وترجمه إلى العربية معين محمد الإمام، وتنشره مكتبة العبيكان في الرياض الطبعة العربية الأولى 1426هـ ـ 2005. هذا الكتاب الذي يتضمن 964 صفحة من الحجم المتوسط, قسَّمه المؤلف إلى تمهيد ومقدمة وثلاثة أجزاء على النحو التالي:

الجزء الأول بعنوان: الحصول على الحصة الأساسي, والجزء الثاني بعنوان بحثاً عن مكان إقليمي دولي, والجزء الثالث يحمل عنوان: إعداد الترتيبات للتنحي, تناول من كل جزء منها مواضيع عديدة. سنعرض هذا الكتاب في حلقتين: نتناول فيهما وصفاً موجزاً لمضمونه ثم الدروس المستفادة من هذه التجربة الفريدة والنموذجية لدولة صغيرة نامية استطاعت أن تنتقل إلى مصاف الدول المتقدمة التي حققت خلال 35 عاماً إنجازات غير عادية، وذلك باتباع منهجية اقتصادية محددة من خلال تصميم رجالها على الوصول إلى الأهداف المنشودة بأقصر الطرق الممكنة, حيث سنركز على الجوانب الاقتصادية في هذه التجربة الناجحة.
ومن المفيد أن نشير بادئ ذي بدء إلى أن أهمية هذا الكتاب الذي بين أيدينا ترجع إلى أنه يحكي تجربة دولة وليست تجربة شخصية بحتة, كما أنه لا يُعتبر كتاباً أكاديمياً يميل إلى التنظير بسرد النظريات الشخصية والمبادئ المثالية التي قد لا تجد حظها من التطبيق العملي الواقعي, وحتى إذا تم تطبيقها فيكون مثل هذا التطبيق جزئيا لا كليا ثم تظهر صعوبات في التطبيق وانتقادات مما يجعل هناك فجوة بين النظرية والواقع العملي.
ومما يؤكد أهمية هذا الكتاب أن مؤلفه هو رئيس وزراء سنغافورة الذي قاد عملية الإصلاح الاقتصادي والتنمية، وليس كاتباً يسعى إلى سرد تجارب الآخرين أو التعليق عليها. وهذا الذي تناوله المؤلف يعطي مصداقية للكتاب، فهذا الأخير يكشف عن تجربة فعلية يلمسها الجميع. ولقد أشار العديد من الشخصيات المهمة من رؤساء الدول والحكومات، وممثلي المنظمات الدولية ووزراء الخارجية وغيرهم سواء من الدول المتقدمة أو النامية والخبراء الاقتصاديين على المستوى الدولي إلى أهمية هذا الكتاب، منهم كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة الذي رأى أن هذا الكتاب يعبر عن طموحات الدول النامية كافة.. وأنه سيحظى بأهمية بالغة بالنسبة لشعوب الدول النامية الأخرى، وكل الذين يهتمون بمصيرهم ومستقبلهم. والكتاب أيضاً مقدم بأسلوب مباشر، واضح، ينعش العقل والنفس، أثار الكتاب اهتمامي إلى أقصى حد ممكن.
ويشير مؤلف هذا الكتاب إلى أهمية كتابه بقوله: “هنالك كتب تعلمك كيف تشيد منزلاً، وتصلح محركاً، وتؤلف كتاباً، ولكنني لم أر كتباً حول كيفية بناء دولة انطلاقاً من مجموعة من المهاجرين اليائسين القادمين من الصين والهند البريطانية وجزر الهند الشرقية (الهولندية)، أو كيف يكسب شعبها لقمة العيش حين تتوقف عن لعب دورها الاقتصادي السابق كمركز محوري للتصدير والاستيراد في المنطقة.

أما في مقدمة الكتاب فيذكر مؤلفه أنه كتب هذا المؤلف من أجل الجيل الشاب من السنغافوريين الذين اعتبروا الاستقرار والنمو والرخاء قضايا مسلماً بها، وأنه أراد منهم أن يدركوا حجم المشكلات التي واجهتها دولة صغيرة محرومة من الموارد الطبيعية لا تتجاوز مساحتها 640 كم2، كي تتمكن من البقاء وسط دولة أكبر مساحة وبهذا يلفت المؤلف نظر الشباب إلى مسألة مهمة ما أحوجنا في هذا العالم ـ خاصة دول العالم الثالث ـ إليها، وهي مسألة العزم والتصميم على بلوغ الأهداف مهما كانت الصعوبات ومهما كانت الإمكانات المادية، كما يشير إلى موضوع القدوة والنموذج الصالح الذي يجب أن يقتدي به الشباب في حياتهم العملية من أجل تحقيق التقدم والرخاء والازدهار.
ويُغطي هذا الكتاب فترة طويلة من الجهد المضني للعثور على الطرق الكفيلة باستقلال دولة سنغافورة ووقوفها على أقدامها بعد أن سحب البريطانيون قواتهم منها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 4 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube