https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :
بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني ،الذي رسخ سلطة الرئيس شي المطلقة ، يبرز خياران امام قائد الصين القوي ، اولهما ، العمل على تحقيق الحلم الصيني الذي يعني اساسا توفير العيش الرغيد والازدهار للشعب الصيني ، والثاني ،يتمثل في تسريع النهوض الوطني وبناء الصين القوية المُهابة ، واستكمال وحدة التراب الصيني عبر عودة تايوان ، والحفاظ على الحقوق التاريخية للصين في جزر بحر الصين الجنوبي ومياهه.
ورغم سلاسة وتكامل الخيارين المذكورين على الصعيد النظري ، لكن في الجانب العملي هناك صعوبات تعترض طريق كل منهما .فبناء العيش الرغيد يتطلب نمواً اقتصاديا متصاعدا قادرا على تجاوز الازمة التي خلفها وباء كورونا ،وحلٌ الصعوبات الناتجة عن تقليص دور القطاع الخاص في الصين لصالح القطاع العام . اضافة الى ان تطور الاقتصادي الصيني مرتبط كذلك بوجود علاقات تجارية ومالية مستقرة مع الغرب ودول جنوب شرقي آسيا ذات التوجه الغربي . وهؤلاء هم الشركاء التجاريون الاساسيون لبكين ،والذين يستوعبون نحو سبعين بالمائة من تجارة الصين مع العالم.واي خلل اوتراجع في تلك النسبة ، سيؤثر سلبا على خيار توفير ” العيش الرغيد ” .
في الوقت نفسه ، ، فان خيار” بناء الصين القوية ” يثير مخاوف جمة لدى دول تلك المنطقة والغرب ، ويدفعها الى اتخاذ مواقف ضد الصين .فاصرار القيادة الصينية على استعادة تايوان ،يصطدم برفض قوي من جانب الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية . ثم ان مشكلة الجزر المتنازع عليها في بحري الصين الجنوبي والشرقي، تسمم علاقات اليابان والفيليبين وفيتنام وسنغافورة وماليزيا مع الصين .كما ان كلا من كوريا الجنوبية واستراليا والهند تنظر بعين الريبة الى تنامي القدرات العسكرية الصينية .وتسارع واشنطن لاستغلال تلك الاوضاع من اجل اقامة احلاف مع تلك الدول ضد الصين ، وتقديم انواع متطورة من الاسلحة الى كل من كوريا الجنوبية واليابان وفيتنام واوستراليا ،بذريعة التصدي ” للخطر الصيني ” . ومع ذلك ،مفيد الاشارة الى الحقيقة التالية : رغم وجود تلك الخلافات ، الا ان بكين تمكنت سابقا من ايجاد الصيغ المناسبة للحفاظ على شراكة تجارية مستقرة مع تلك الدول .
لكن هناك في الغرب اوساطا نافذة تدعي ، ان الرئيس شي في فترة رئاسته الثالثة ،سيسعى الى استعراض عضلات الصين العسكرية في جنوب شرقي آسيا بعد ان تمكن من ترسيخ سلطته الداخلية . وتضيف تلك الاوساط : هذا الامر ان تم ،سيدمر علاقات الصين التجارية مع الغرب ، الامر الذي سيلقي ظلالا قاتمة على خيار ” توفير العيش الرغيد ” التي تشكل اساس الحلم الصيني .
بالتأكيد ، هناك رغبة جامحة في الصين لبناء صين قوية ، تنهي التنمر الغربي ، وتطوي الى الابد صفحات الاذلال التي تعرضت لها الامة الصينية في التاريخ ،وتوفر لبلاد التنين مكانا لائقا على المسرح الدولي .وهي رغبة مشروعة لشعب عانى طويلا من الاستعمار والغزو . واعتقد ، ان القيادة الصينية تعي اهمية ذلك ، وتدرك في الوقت نفسه اهمية الموازنة بين التطلعات الشعبية الضاغطة والمصلحة الوطنية والالتزامات الدولية الكابحة .ولا بد من القول ،انه خلال السنوات التسعة الماضية ، تمكن الرئيس شي من حل هذه المعادلة الحساسة بنجاح ، حيث استطاع مراعاة المزاج الشعبي الوطني ، وعدم تدمير علاقات الصين مع الغرب. وهو امر يحسب للرئيس شي ،الذي تمكن من الصمود امام الاغراءات الشعوبية الداخلية والاستفزازا الغربية المتعمدة ، وابدى كثيرا من المهارة والحكمة ، وهي صفات لا تفتقر اليها القيادة الصينية الحالية .
23/10/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 3 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube