https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

المؤلف: محسن محمد صالح

يستخلص محسن محمد صالح في كتابه “المسار التائه للدولة الفلسطينية” ان فكرة اقامة دولتين اسرائيلية وفلسطينية تشهد وضعا حرجا وقد تكون وصلت او انها تسير الى ما اسماه موتا سريريا وان فكرة الدولة الواحدة تتضمن العديد من المطبات.
وقال ان المشهد الدولي لا يزال يشهد تحكما اميركيا بالنسبة الى القضية الفلسطينية وانه لا يبدو ان المشهد العربي سيشهد تغييرا كبيرا.
وبعد عرض مسهب تناول المسألة الفسطينية وما تواجهه خلص الى القول “وبشكل عام فان فكرة الدولتين تشهد وضعا حرجا وربما دخلت او ستدخل في مرحلة الموت السريري وهو ما قد يعطي فرصة كبيرة لطروحات الدولة الواحدة او لبدائل العمل المقاوم المسلح او للمزج بينهما. غير ان فكرة الدولة الواحدة تتضمن هي الاخرى العديد من المطبات التي لا تزال في حاجة الى اجابة ونضوج.”

الدكتور محسن محمد صالح استاذ مشارك في الدراسات الفلسطينية والمدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات والمشرف العام على اصدار التقرير الاستراتيجي الفلسطيني السنوي والمدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الاوسط بعمان سابقا. وله كتب ودراسات متعددة.

صدر كتابه في 127 صفحة متوسطة القطع عن “مركز الجزيرة للدراسات” في الدوحة في قطر وعن “الدار العربية للعلوم ناشرون” في بيروت. ورأى الباحث ان مشروع الدولة الفلسطينية شهد حالة من التاكل والتراجع طوال السنوات الماضية وان من الاسباب الرئيسية لذلك “حالة الضعف والعجز العربي والاسلامي وتحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية قضيته مع تزايد حالة الاقليمية والانكفاء القطري العربي والاسلامي.”
ومن الاسباب “دخول قوى عربية اساسية (وخصوصا مصر) في حالة تسوية سلمية مع اسرائيل وتبني الدول العربية لمشروع التسوية المبني على حل الدولتين مع انتهاء الامكانية الفعلية للدخول في حروب مع اسرائيل بعد حرب اكتوبر تشرين الاول 1973 .”
ومن الاسباب كذلك “بروز قوى فلسطينية فاعلة ومؤثرة في صناعة القرار تتبنى افكارا براغماتية وواقعية وقابلة للتجاوب مع الضغوط في سبيل تحقيق ما يمكن تحقيقه ضمن المعادلة المختلة اساسا للصراع حتى ولو كان ذلك على حساب عدد من الثوابت والخطوط الحمراء.”
وأورد اسبابا اخرى منها سقوط الاتحاد السوفيتي واستمرار الدول الكبرى في التعامل مع اسرائيل باعتبارها دولة فوق القانون وحالة الانقسام الفلسطيني “والنتائج السلبية وربما الكارثية لاتفاقات اوسلو والتي رهنت قضايا الحل النهائي بما في ذلك الدولة الفلسطينية بالارادة الاسرائيلية والاميركية وبمفاوضات سلمية غير محددة بسقف زمني ملزم في الوقت الذي كان يسعى فيه الاحتلال لتهويد القدس وباقي الضفة الغربية وزرعها بالمستوطنين والمستوطنات.”

ورأى ان “الحد الاعلى عند اكثر الاسرائيليين اعتدالا لا يزال بعيدا عن الوصول الى الحد الادنى المقبول عند اكثر الفلسطينيين اعتدالا من التيارات الفلسطينية الرئيسية.”

اضاف ان “الطرف الفلسطيني المفاوض المؤمن بمسيرة السلام يواجه ازمة حقيقية في اجواء انسداد مسار التسوية وخصوصا في ما يتعلق بقضايا الحل النهائي التي تعني الفلسطينيين اساسا وخصوصا ملفات اللاجئين والقدس وسيادة الدولة على ارضها والمستعمرات والحدود. ولعل ملفي اللاجئين والقدس هما الاعقد والاصعب.

“فمثلا هناك نحو 5.5 ملايين فلسطيني بحسب تقديرات بداية سنة 2010 من لاجئي فلسطين المحتلة سنة 1948 لن يستطيعوا العودة الى بيوتهم وهو ما يزيد على نصف الشعب الفلسطيني..اي ان اية تسوية من هذا النوع ستحمل عناصر فشلها في ذاتها وستحمل بذور تفجيرها مستقبلا.”

واعتبر ان الخيارات المتاحة للمفاوض الفلسطيني هي “اعادة ترتيب البيت الفلسطيني واعادة بناء منظمة التحرير بما يضمن استيعاب كافة القوى الفلسطينية بما فيها حماس على اساس برنامج وطني… وانهاء الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية والذي تنشغل فيه بضبط الامن وقمع المقاومة في الوقت الذي يقوم فيه الاحتلال بعمليات الاستيطان والتهويد وبناء الحقائق على الارض…

“تبادل الادوار وتكاملها بين فتح وحماس وما بين برنامج السلطة والمقاومة وتوظيف الاختلاف السياسي بشكل ايجابي يخدم حالة التنوع وليس التضاد…”

وقال انه في المدى المنظور “لا يبدو ان المشهد العربي العاجز المنغلق في قطريته سيشهد تغيرا كبيرا غير انه مطالب بدور اكثر فعالية في انهاء الانقسام الفلسطيني ودعم صمود الشعب الفسطيني واحترام خيارات الديمقراطية.

“اما المشهد الدولي فلا يزال في المدى المنظور يشهد تحكما اميركيا عندما يتعلق الامر بالشأن الفلسطيني وان كانت هناك بوادر لتصاعد مستقبلي لادوار الصين وروسيا والاتحاد الاوروبي.”

وقد جاء الكتاب في فصلين. الفصل الاول حمل عنوان “المسار التائه.. من التحرير الكامل الى الحكم الذاتي المحدود 1917-1993” وجاءت عناوينه الفرعية الدالة كما يلي “نحو دولة مستقلة عن بريطانيا” و”نحو دولة محررة بالكفاح المسلح” و”من الدولة المحررة الى دولة على جزء من الارض” و”من دولة منقوصة الارض الى الحكم الذاتي منقوص السيادة (اتفاق اوسلو”).

عنوان الفصل الثاني كان “الوضع الراهن لمشروع الدولة الفلسطينية.. ضوء في النفق ام اصطياد للسراب 1993-2010″/. اما عناوين هذا الفصل الفرعية فكانت كما يلي.. “سياق الموقف العربي والدولي” و”الموقف الاسرائيلي من الدولة الفلسطينية” و”موقف المفاوض الفلسطيني” و”رؤية حماس للدولة الفلسطينية” وقد ورد في النهاية عنوان هو “الخلاصة”.

والواقع ان المقدمة التي كتبها الدكتور محسن محمد صالح احتوت على خلاصات مؤلمة هي نتائج من الواقع اوردها احيانا في شكل عاطفي مؤثر.

قال “اكثر من تسعين عاما مرت على كفاح الشعب الفلسطيني لنيل استقلاله ولما يحقق حلمه في الدولة الفلسطينية وفي تحرير ارضه. وفي القرن الحادي والعشرين الكل له دولة الا الفلسطيني والكل يستطيع ان يعود الى بيته الا الفلسطيني. وفي داخل فلسطين يدفع الفلسطيني ثمن القهر والاحتلال والدمار وفي خارح فلسطين يدفع الفلسطيني ثمن الغربة والتشريد واللجوء كما يدفع ثمن ” اداب الضيافة” حتى ولو كانت على حساب كرامته وحقوقه الانسانية.

“اما اذا اراد ان ينزل حلمه في التحرير والاستقلال على ارض الواقع فان ثمن الحلم ما زال باهظا جدا في ظل اختلال لموزين القوى وفي ظل انظمة عربية عاجزة وحدود مغلقة وحصار خانق وفي ظل بيئة دولية تستكثر عليه بعضا من ارضه (الضفة الغربية وقطاع غزة) وتنشغل بارضاء المحتل الاسرائيلي وضمان امنه اكثر مما تنشغل بانصاف الضحية الفلسطيني وضمان حقوقه. وبينما يلاقي مسار التسوية افقا مسدودا فان مسار المقاومة يسير عكس التيار الرسمي العربي والاسلامي.”

وقال “ورغم شدة القهر والمعاناة والالم فان صمود الشعب الفلسطيني والتصاقه بارضه وانتفاضاته وثوراته المستمرة كانت تعيد الاوضاع دائما الى المربع الاول وتفسد على الاسرائيليين وحلفائهم خططهم وتثبت لهم ان هناك شعبا حيا وحيويا ذا عزيمة وارادة وانه مستعد لمعركة تتداولها الاجيال

“واذا كان المسار الفلسطيني باتجاه الدولة تائها في السنوات الماضية فان قراءة المستقبل تحمل بوارق الامل في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يسير عكس حركة التاريخ شرط ان يحسن الفلسطينيون والعرب والمسلمون استخدام امكاناتهم وطاقاتهم.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − سبعة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube