https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

جسد  اللقاء الذي جرى قبل يومين بين الرئيس الصيني شي جينغ بين والامريكي بايدن  في دولة  البيرو ، حقيقة ما يجري في قارة امريكا اللاتينية كلها  . فقد كانت ملامح الرئيس الصيني تشي بالقوة والاطمئنان والثقة بالنفس  والرضى  عن حجم الانجازات التي حققنها الصين في دول تلك القارة  خلال العقد الاخير  ، بينما ظهرت علامات التعب والانهاك وعدم اليقين  والخيبة على وجه الرئيس الامريكي بسبب تعاظم النفوذ الصيني هناك .

وقد سعت بكين الى استغلال قمة منتدى  آسيا والمحيط الهادي في بيرو، كي  تستعرض عضلاتها القوية في منطقة امريكا اللاتينية . ولذلك نُظمت للرئيس الصيني فعاليات واسعة  افتقدها الرئيس الامريكي .

فقد انشغل الرئيس الصيني بالاحتفالات  التي اقيمت في عاصمة البيرو بمناسبة تدشين ميناء تشانكاي ،وهو من  اكبر موانيء امريكا اللاتينية، والذي  نفذ بخبرات واموال صينية بلغت ثلاثة ونصف مليار دولار . وسيوفر ذلك الميناء امكانية نقل  خامات الحديد الى الصين من مناجم البيرو التي تسيطرعلى  80% منها  شركات صينية . ونضيف كذلك ، ان الشركات الصينية تدير كذلك  ،جميع  محطات الكهرباء التي تغذي العاصمة ليما والمشروعات الحيوية فيها – بما في ذلك المرفأ المذكور .

وبكين  لم تعزز وجودها في البيرو فحسب . فقد اصبحت الصين الشريك التجاري الاول   لدول امريكا اللاتينية كلها بمبلغ وصل العام الماضي الى 480 مليار دولار سنويا .

كما استثمرت  الصين عشرات المليارات من الدولارات في مشروعات البنية التحتية في دول امريكا اللاتينية  ، بما في ذلك بناء السدود والمرافيء والمطارات والسكك الحديدية . وأولت بكين عناية خاصة لقطاع الاتصالات في امريكية اللاتينية . فهي – اي بكين – قد  استثمرت  بكثافة  في مشروعات اقامة محطات فضائية في دول امريكا اللاتينية . حصل ذلك في الارجنتين مثلا  ، حيث بنت الصين محطة فضائية في  منطقة باتاغونيا الأرجنتينية ، تحتوي على هوائي مكون من 16 طابقًا .كما ادخلت بكين تقانة التعرف على الوجه الى عدد من دول تلك القارة ، وفي طليعتها فنزويلا، التي يبلغ حجم الاستثمارات الصينية فيها نحو سبعين مليار دولار . وهناك شواهد اخرى على عمق الوجود الاقتصادي  الصيني في قارة امريكا اللاتينية . ف22 دولة في تلك القارة  انضمت رسميا الى مبادرة الحزام  وطريق الحرير الصينية ، وهناك كذلك خمس دول وقعت على اتفاقية التجارة الحرة مع بكين ، في الوقت الذي لم يتمكن الاتحاد الاوربي – حتى اليوم –من  توقيع تلك الاتفاقات مع دول امريكا اللاتينية .

وتنامي الحضور الاقتصادي الصيني في دول تلك القارة ، ضمن لبكين نفوذا سياسيا واسعا هناك .

والدليل على ذلك، ان معظم دول امريكا اللاتينية تساند الصين في المنظمات الدولية  وفي الامم المتحدة  ،والاغلبية  العظمى من تلك الدول قطعت علاقاتها مع تايوان . كما رفضت دول كثيرة في  تلك القارة الانضمام الى الحرب التجارية الامريكية ضد الصين  والتي شنها عام 2016 الرئيس  الامريكي السابق والقادم ترامب ، ولم تلتزم بالعقوبات الامريكية ضد شركة هواوي  الصينية .

هذه الوقائع تشير الى حجم وعمق التغييرات التي حدثت خلال ربع القرن الاخير لصالح الصين في تلك القارة   ،والتي كانت تسمى ” الحديقة الخلفية ” لواشنطن .

بالتأكيد ، فان واشنطن لن تكون ابدأ راضية  عن التنامي السريع  للنفوذ الصيني في دول امريكا اللاتينة ، وستسعى بكل السبل للوقوف في وجه الزحف الصيني الشامل  هناك ، لا سيما خلال ادارة الرئيس ترامب  المقبلة ، والذي –كما ذكرنا – بدأ في ولايته الاولى حربا تجارية واسعة ضد الصين ونفوذها في كل العالم . وهناك مؤشرات تدل ، على ان مثل تلك الحرب يمكن ان تعود بشراسة  ، ويمكن ان تكون دول امريكا اللاتينة احدى ساحاتها .

18/11/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + 10 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube