https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

■ عين فقأت، وسجين… علامتنان تطلاّن من درسي الأخير في اللغة الصينية.. ولسائل أن يسأل: ما علاقة هذه المعلومات بما نحن بصدده عادة في هذه السطور،من مناقشة ما يستجد به عالمنا من تطورات، لا تترك الغالي والنفيس يسلمانمن تصدّعات هي في الأغلب خارجة عن دائرة التكهن؟ العلاقة، يا عزيزي، قوية،بل قويّة جدّا، ومن حيث لا تحتسب.. أجل، فمن ذا الذي سيحتسب أنّ رمزيالكتابة الصينية المذكورين، إنما يدلاّن على الشعب، نعم، الشعب العينالمفقوءة والسجين، نعيد ونكرر، رمز الشعب في الكتابة الصينية. عين مفقوءة: حرمان من الرؤية، سجين: حرمان من الحركة. الحرمان المزدوج، عنوان لممارسةوكأنها رُصِدت من قدامى الخطاطين الذين استشرفوا منذ زمانهم مآل الشعوب، منمرصاد التأمل والتبصر، الذي خلوا إليه من جراء عملهم، ففتح لهم بابااستشرفوا منه سير العالم من منظار علاقة المحكوم بالحاكم. عين مفقوءةوسجين.. انعدام الرؤية.. انعدام الحركة. فلنجعل مقال اليوم أيضا تحت علامة، علامة الاستعارة المحبوكة، كما يقولالنقد الأدبي، لنتساءل كم عينا فقئت، وكم سجينا حملته إلينا تطورات عالمناالتي مارست هذا التحريم المزدوج؟عين فُقِئت، حركة حُرِّمت، مخطط التصق بقراءة فلسفية صينية أمدتنا بآليةقويمة لرصد مستقبل أكبر شعوب العالم عددا ومعها شعوب أخرى كثيرة. مصير تأخذمنه الشعوب العربية نصيبها أيضا.. طبعا. ليست الرؤية مجرد هذه الآلة التيتسمح لعينيك بأن تطلعا على العالم وعلى ما ومن فيه، وأكاد أجزم بأن الطابعالآلي للرؤية يأتي مكملا للأهم: البصيرة. وفي هذا الصدد، من الصعب ان تقولإن الاعمى لا يرى، بدليل أن للأعمى اسما آخر وهو البصير. أما عن الحركة،فهي أولا، كما علمه لنا قدامى الفلاسفة اليونانيون، وفي مقدمتهم أرسطو، عكسالسكون. لكن من ذا الذي سيتخيل أن الحرمان من الحركة يعني العودة إلىالسكون؟ هذا لم يفت بصيرة حكمائنا الصينيين بالتأكيد، فقد وصف رمزا الكتابةالصينية هذان محنة الشعوب، مثلما وصفا طاقتها الداخلية الكامنة وراء عمليةالسلب الوحشية التي يكون «فقأ العين» عنوانا لها على النطاق الواسع الذينراه الآن. أفهمنا حكماء الكتابة الصينية وشيفرتها الفلسفية وجهي العملة: وجه ترتّباتالممارسة الاستبدادية التقليدية المبنية على السلب والتحريم، غير أنهمعلمونا أيضا الوجه الكامن والأخطر، وهو القدرة على تحويل هذه الطاقةالداخلية المحاصرة إلى وقود لمقارعة الاستسلام والخنوع. في مقابل الإضراربالشخص جسديا أولا بغية التحكم بهم بيسر أفضل، تذكّر علامتانا من الكتابةالصينية أن وراء كل رؤية مسلوبة تبصّر يفرز قدرة على التخطيط وأهليةلاحتساب العواقب، أما وراء كل حركة مسلوبة، فقدرة على الاعتراض والمواجهة. وعندما يستحيل قانون العين بالعين وتستحيل معه الحركة بالحركة يأتي قانونجديد، قانون العين المسلوبة بالبصيرة والحركة المقيدة بالانتفاضة الداخلية. وهذا يسمّى مصير الشعوب الذي يذكّر دائما أنّ على الباغي تدورالدوائر.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 4 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube