كتب محمد خير الوادي :
غريبة حقا مواقف بعض الانظمة العربية واجهزة اعلامها ازاء ما يجري اليوم في سورية . فعوضا عن تهنئة الشعب السوري بالخلاص من طاغية قاتل دمر البلاد وحرق العباد ، والمبادرة الى الدعوة لتقديم يد العون للسوريين ومشاركة الشعب السوري افراحه، سخٌرت هذه الانظمة جهدها للتخويف من الانتصار التاريخي الذي انجزه السوريون والتشكيك به ، ،ونفث سموم الطائفية المقيتة ،وزرع بذور القلق من المستقبل في وعي الناس .
ومن المؤسف حقا ، ان هذه العدوى قد اصابت جامعة الدول العربية . فعوضا عن مسارعة اللجنة الوزارية العربية للقدوم الى دمشق ، ومشاركة السوريين احتفالاتهم بالنصر المبين وشد ازرهم ، آثرت هذه اللجنة عقد اجتماعا لها في مدينة العقبة ، واصدرت بيانا خشبيا مليئا بالشروط والاملاءات .
ولم تكتف هذه الجهات بهذا الموقف المريب ، بل تحاول ان تنصٌب نفسها وصيٌا على الشعب السوري وتتخذ موقف ” الاستاذ ” العارف والمتعجرف ازاءه ، وتسعي لصياغة مستقبله عوضا عنه .
وبهذه المناسبة ، يحق لنا ان نطرح اسئلة كثيرة :
لماذا لم تتخذ هذه الجهات موقفا متحفظا مماثلا ازاء اعادة النظام المقبور الى الصف العربي ؟ ولماذا سارعت هذه الجهات الى فتح الابواب العربية امام بشار الاسد الملطخة يداه بدم الشعب السوري وقبلته كما هو ؟.ولماذا صمتت على الجرائم البشعة التي ارتكبها هذا النظام بحق سورية والسوريين ؟ ولماذا لاذت بالصمت حيال قتل مئات الالاف من الابرياء ، وتهجير الملايين منهم وتدمير املاكهم و زج اكثر من نصف مليون سوري في مسالخه البشرية ؟ ولماذا تجاهلت سموم الكبتاغون التي بثها النظام القاتل في المنطقة والعالم ، واصابت مقتلا من عدد كبير من الدول العربية ؟
لقد اغمضت هذه الجهات اعينها عن كل الممارسات الاجرامية التي ارتكبها النظام البائد ، وأعادته ، رغم ذلك كله الى ” الحضن العربي ” ،وطبٌعت العلاقات معه دونما تحفظات ، بينما تلتزم هذه الجهات موقفا متريثا ومتحفظا ازاء الانفتاح الآن على دمشق ، وتضع الشروط المسبقة ، وتمارس التشكيك والتخويف من السلطات الجديدة في دمشق ، وتنعتها سلفا بالتطرف الديني ، وتشبه سورية بافغانستان!
الا ينطوي ذلك كله على سوء نية ؟ وألا يعني هذا انهم مرعوبون من انتصار الشعب السوري على نظام القتل والجريمة ؟
لا نريد ان نطلق العنان اكثر لمشاعرالخيبة والمرارة .
ان الشعب السوري الذي انتزع بنفسه حريته ، وازال نظام العبودية والاجرام الذي تلقى كل انواع الدعم الاقليمي والدولي ، لن يلتفت الى الشروط والاملاءات الخارجية ، العربية منها والدولية ، فهذا الشعب العظيم الذي انتزع النصر المستحيل ، قادر ومؤهل على اختيار طريقه بنفسه ، وبناء حاضره ومستقبله..
لقد كنا –فعلا – نتوقع من بعض الانظمة العربية ،التي تجمعنا بها اواصر القربى و التاريخ واللغة والانتماء الواحد ، موقفا مغايرا تماما، موقف تضامن ودعم واسناد .
ومع ذلك ،ورغم مشاعر المرارة من مواقف تلك الانظمة ومما تبثه اجهزة اعلامها الرسمية ، الا ان سورية ستبقى قلب العروبة النابض وضميرها الحي .
19/12/2024