https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

المؤلف: ستيفن إيه  كوك

نشر الكاتب “ستيفن إيه. كوك” كتاباً بعنوان “نهاية الطموح: ماضي أمريكا وحاضرها ومستقبلها في الشرق الأوسط”. ويتناول الكتاب دور الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط عبر العقود الماضية، مستعرضاً النجاحات والإخفاقات التي واجهتها السياسات الأمريكية في المنطقة، كما يتعمَّق في كيفية تطور المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وكيف أدت إلى سلسلة من السياسات الطموحة التي غالباً ما كانت تفشل بسبب الافتراضات الخاطئة حول المنطقة.

 

ويُعَد “ستيفن إيه. كوك” زميلاً بارزاً في دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية مكرسة لتحليل السياسات الدولية والأمنية. ويشتهر كوك بخبرته العميقة في السياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الدولية، خاصةً فيما يتعلق بالشرق الأوسط.

 

سياسة واشنطن

 

ناقش الكاتب سياسات الولايات المتحدة خلال العقود الماضية؛ وذلك على النحو التالي:

 

1– انعكاس نهاية الحرب الباردة على سياسات واشنطن

 

يوضح كوك أن نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، شكَّلا نقطة تحول كبيرة في السياسة الأمريكية. أدى ذلك إلى شعور بالثقة المفرطة بالقدرة على تشكيل النظام العالمي الجديد، كما يشرح كيف أن الإدارة الأمريكية بدأت تتبنى سياسات طموحة تهدف إلى تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة ديمقراطية ومستقرة.

 

ويستعرض كوك جهود الولايات المتحدة في التسعينيات لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال اتفاقيات أوسلو، ويوضح أن هذه الجهود كانت مبنية على افتراض أن السلام سيفتح الباب أمام التحولات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في المنطقة، لكنها فشلت في تحقيق الاستقرار المطلوب.

 

2– بناء الغزو الأمريكي للعراق على افتراضات خاطئة

 

يناقش كوك قرار الولايات المتحدة غزو العراق في عام 2003، الذي كان يهدف إلى إسقاط نظام صدام حسين وإقامة نظام ديمقراطي في العراق، كما يوضح أن الغزو قد بُني على افتراضات خاطئة حول استقبال العراقيين للقوات الأمريكية، وقدرة الأمريكيين على بناء ديمقراطية مستقرة؛ ما أدى إلى فوضى وعدم استقرار طويل الأمد.

 

3–مفاقمة “الربيع العربي” الأوضاع في المنطقة

 

يتناول كوك الثورات العربية، أو ما سُمِّي “الربيع العربي” في عام 2011، وكيف أثرت على السياسات الأمريكية. كان هناك أمل بأن تؤدي هذه الثورات إلى تحول ديمقراطي في العالم العربي، لكن النتائج كانت مختلطة، وغالباً ما كانت مخيبة للآمال، كما يوضح أن الولايات المتحدة واجهت صعوبة في التعامل مع هذه التغيرات السريعة؛ ما أدى إلى تفاقم الأوضاع في بعض الدول، مثل سوريا وليبيا.

 

ويستعرض كوك كيف بدأت الإدارات الأمريكية تدرك تدريجياً حدود قدرتها على تحقيق التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط. أدى ذلك إلى تحول نحو سياسات أكثر واقعيةً وأقل طموحاً، تركز على الاستقرار والأمن بدلاً من التحول الديمقراطي، ويوضح أن هذا التحول كان نتيجةً لتجارب الفشل المتكررة في العراق وأفغانستان، ومحاولات نشر الديمقراطية في المنطقة.

 

4–خطأ سياسات “أوباما” تجاه الشرق الأوسط

 

يناقش كوك سياسات الرئيس باراك أوباما تجاه الشرق الأوسط، التي كانت تعتمد على دعم الثورات الشعبية ومحاولة تجنب التدخل العسكري المباشر، ويوضح أن أوباما سعى إلى تحقيق توازن بين دعم التحولات الديمقراطية والحفاظ على الاستقرار، لكنه واجه تحديات كبيرة، خاصةً في سوريا وليبيا.

 

5–تبني أوباما سياسات تحوطية بعد فشل الثورات

 

يستعرض كوك كيف بدأت إدارة أوباما تتبنى سياسات تحوطية بعد فشل محاولات نشر الديمقراطية، مع التركيز على تقليل التدخلات العسكرية المباشرة، ويسلط الضوء على استراتيجية “القيادة من الخلف” التي اعتمدتها أوباما، والتي تهدف إلى دعم الحلفاء الإقليميين ليتحملوا مسؤولية أكبر في الحفاظ على الأمن والاستقرار.

 

كما يناقش كوك كيف أن التركيز على مكافحة الإرهاب أصبح محور السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، مع زيادة الاعتماد على الضربات الجوية والطائرات بدون طيار، ويوضح أن هذا النهج ساعد في تقليل الخسائر الأمريكية، لكنه لم يحل المشاكل الأساسية في المنطقة، مثل الفقر والتطرف السياسي.

 

6–فشل واشنطن في تحويل المنطقة إلى ديمقراطيات

 

يستعرض كوك كيف أن الطموحات الأمريكية لتحويل المنطقة إلى ديمقراطيات مستقرة قد فشلت بشكل كبير، ويشير إلى أن هذه الطموحات كانت مبنية على افتراضات غير واقعية حول الثقافة والسياسة في الشرق الأوسط؛ ما أدى إلى نتائج كارثية.

 

ويؤكد كوك أن الدروس المستفادة من هذه الفصول المؤلمة، تشير إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى نهج أكثر واقعيةً في سياساتها الخارجية، كما يقترح أن تكون السياسة الأمريكية مستقبلاً مركزة على تحقيق الأهداف القابلة للتحقيق، وتجنب التدخلات العسكرية غير الضرورية.

 

اتجاهات التغيُّر

 

لفت الكاتب إلى أن سياسات واشنطن قد تباينت بين إدارات أمريكية مختلفة؛ وذلك كالتالي:

 

1– تنامي الدعم الأمريكي الشامل المقدم إلى إسرائيل

 

يبدأ كوك بتسليط الضوء على بداية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية منذ تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، والدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل في مراحلها الأولى، كما يشرح كيف أن الدعم الأمريكي لإسرائيل تعزز بشكل كبير بعد حرب 1967، عندما أصبحت إسرائيل تعتبر حصناً مهماً ضد النفوذ السوفييتي في المنطقة.

 

ويناقش كوك الدعم العسكري والاقتصادي الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل على مر السنين، بما في ذلك تقديم المساعدات العسكرية المتقدمة والتكنولوجيا، ويوضح كيف أن هذا الدعم لم يكن بسبب العلاقات الاستراتيجية فقط، بل أيضاً نتيجةً للضغوط السياسية الداخلية من الجماعات الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة. ويجادل الكاتب بأن هذا التعاون قد أسهم في تطوير تكنولوجيات عسكرية واستخباراتية متقدمة؛ ما جعل إسرائيل واحدة من أقوى القوى العسكرية في المنطقة.

 

ومن جانب آخر، يستعرض كوك الانتقادات التي واجهتها الولايات المتحدة بسبب دعمها القوي لإسرائيل، وخاصةً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ويوضح كيف أن الدعم الأمريكي لإسرائيل قد أثار استياء العديد من الدول العربية والإسلامية؛ ما أثر على العلاقات الأمريكية مع هذه الدول.

 

2–اعتبار الاتفاق النووي مع إيران أمراً مهماً للمنطقة

 

يتناول كوك الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015 كأحد أبرز جهود أوباما لتحقيق استقرار في المنطقة من خلال الدبلوماسية، ويشرح أن الهدف من الاتفاق كان تجميد برنامج إيران النووي لفترة مؤقتة؛ ما يسمح بفتح باب للحوار والتعاون في المستقبل. ورغم ذلك، تعرض الاتفاق لانتقادات حادة، وأدى إلى توترات جديدة في المنطقة.

 

3–تبني ترامب نهجاً متشدداً تجاه إيران

 

يستعرض كوك سياسات الرئيس دونالد ترامب التي كانت تعتمد على نهج أكثر تشدداً تجاه إيران، بما في ذلك الانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة، ويوضح أن ترامب فضَّل العمل مع الأنظمة في المنطقة من أجل تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب، متجاهلاً بشكل كبير الدعوات إلى الإصلاحات الديمقراطية.

 

4– أهمية بناء شراكات قوية مع دول الشرق الأوسط

 

يشدد كوك على أهمية بناء شراكات إقليمية قوية مع الدول الرئيسية في الشرق الأوسط، ويوضح أن التعاون مع هذه الدول يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات المشتركة، مثل الإرهاب والتطرف.

 

كما يناقش كوك التحديات المستمرة التي تُشكِّلها إيران في المنطقة، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية يجب أن تكون حذرةً ومتوازنةً في التعامل مع طهران، ويقترح أن تشمل السياسات المستقبلية محادثات دبلوماسية لضمان عدم تطوير إيران أسلحة نووية، بالإضافة إلى مواجهة نفوذها الإقليمي بطرق غير عسكرية.

 

5–ضرورة تبني سياسة أمريكية حذرة ومرنة في المنطقة

 

يسلط كوك الضوء على الدروس الأساسية المستفادة من تدخلات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الطموحات الكبيرة والتحولات الديمقراطية غالباً ما كانت غير واقعية، وأدت إلى نتائج عكسية، ويشدد على أهمية الواقعية في وضع السياسات، موضحاً أن النجاحات الأمريكية في الماضي كانت نتيجة أهداف واقعية ومحددة.

 

وختاماً، يقوم كوك بتقييم السياسات الحالية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن هناك حاجة ملحة لتبني نهج أكثر حذراً وتوازناً يركز على الاستقرار بدلاً من التحولات السياسية الكبرى، ويوضح أن السياسات الأمريكية يجب أن تكون مرنةً وقادرةً على التكيف مع التغيرات السريعة في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 + 6 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube