https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

في العشرين من مايو/أيار الماضي، وفي خطاب تنصيبه رئيسا لتايوان، طالب “لاي تشينغ تي”، الذي يشتهر أيضا باسم “وليام لاي”، الصين بوقف تهديداتها لجزيرة تايوان والاعتراف بالعملية الديمقراطية التي تنتهجها البلاد.

لم تلق نداءات “لاي” آذانًا صاغية، فبعد مرور 3 أيام من هذا الخطاب، شرع جيش “التحرير الشعبي” الصيني بإجراء مناورات عسكرية موسعة حول جزيرة تايوان، أطلق عليها مناورات “السيف المشترك 2024”. وهي ثالث جولة من المناورات العسكرية الكبرى التي تجريها الصين حول تايوان، بعد مناورات عسكرية واسعة في أغسطس/آب 2022 وجولة أخرى في أبريل/نيسان 2023.

تثير هذه المناورات مخاوف من إمكانية غزو الصين لتايوان، خاصة مع التغطية الإعلامية المكثفة والتعليقات من المحللين العسكريين والمسؤولين السياسيين الأميركيين. ومع ذلك، وفقا لتقرير من شركة السياسات والاستشارات الأميركية “بوز آلان هاميلتون”، فإن احتمال نشوب نزاع عسكري فعلي ليس وشيكا بالضرورة. ويشير التقرير إلى تأكيد المسؤولين الصينيين على أن أي تحرك عسكري ضد تايوان سيحدث فقط تحت ظروف محددة.

 

غير أن التزام بكين بـ “الجهود السلمية” يتطلب منها اتباع أساليب ضغط غير عسكرية بهدف الإبقاء على إمكانية التوصل لاتفاق عبر التفاوض، إذ يشير التقرير إلى كيفية توظيف الصين إستراتيجية سيبرانية متطورة، تدمجها مع جهود سياسية وعسكرية واقتصادية أوسع، لتحويل ميزان القوى لصالحها، وتلك الاستراتيجية وضعتها الصين ضمن محاولات إعادة تايوان إلى حكمها وفق سياسة “الصين الواحدة” دون أن تضطر إلى إطلاق رصاصة واحدة. حيث ترى بكين أنه “ليست هناك في العالم سوى صين واحدة، وتايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وحكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين”.

وهذا ما أشار إليه أيضًا المركز القومي السويدي الصيني، في تقرير استعرض التوقعات والسيناريوهات المتعلقة بنشوب حرب ضد تايوان، وهي توقعات الخبراء خلال الفترة بين عامي 2013 و2023. إذ يرجح نسبة كبيرة من الخبراء احتمال استخدام الصين لنوع ما من القوة ضد تايوان، لكن ليس بالضرورة اللجوء للغزو، على مدى السنوات العشر القادمة.

إستراتيجية سيبرانية

 

تشير عدد من التقارير الصحفية إلى أن عمليات التجسس والهجمات السيبرانية تُعد عناصر أساسية في إستراتيجية الصين للتأثير على السياسة بتايوان، كما أنها عناصر أساسية للصين في امتلاك أدوات القوة، دفاعا وهجوما. أما فيما يتعلق بتايوان، فتشير التقارير إلى أن الصين تسعى في إستراتيجيتها السيبرانية للتأثير على تايوان عبر جمع المعلومات الاستخباراتية حولها، وذلك لإثارة الشكوك حول نزاهة العملية السياسية، وغالبًا ما تركز هذه الإستراتيجية على الأفراد والأحزاب ممن يظهرون توجهات أقل دعمًا لمصالح بكين، خصوصًا خلال الانتخابات، وفقًا لتقرير “بوز آلان هاميلتون”.

 

وعلى سبيل المثال، يواجه الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي ينتمي له الرئيس الحالي لتايوان والمعروف بموقفه من الاستقلال عن الصين، هجمات سيبرانية متكررة، وتشير الأحداث السابقة إلى ارتفاع حدة تلك الأنشطة السيبرانية الصينية في فتىرات الانتخابات الرئاسية في تايوان.

 

مثلا في عام 2016، أفادت التقارير أن مجموعة القرصنة المعروفة بالاسم الكودي “إيه بي تي 16” (APT16) كانت تستهدف موظفي الحزب الديمقراطي التقدمي وبعض الصحفيين بهدف الحصول على معلومات حساسة ومنها الخطابات غير المنشورة والمقترحات السياسية المنتظرة، وفقًا لأبحاث أجرتها شركة الأمن السيبراني الأميركية “فاير آي” حينها. وفي الفترة بين عامي 2019 و2022، أنشأت مجموعة قرصنة أخرى باسم “ريد ألفا” (RedAlpha) مواقع مزيفة تحاكي المنصات الحكومية التايوانية بهدف تضليل الشخصيات السياسية، وكان الحزب الديمقراطي التقدمي هدفا رئيسيا لتلك الهجمات، كما أشار تقرير لشركة الأمن السيبراني الأميركية “ريكورديد فيوتشر” صدر عام 2022.

 

وفي يونيو/حزيران الماضي، كشفت نفس الشركة الأميركية أن مجموعة اختراق -يُشتبه في دعمها من الصين- كثفت هجماتها على المؤسسات في تايوان، ضمن أنشطة بكين لجمع المعلومات الاستخباراتية حول الجزيرة. وأوضحت شركة “ريكورديد فيوتشر” في تقريرها إن مجموعة القرصنة المسماة “ريدجوليت” (RedJuliett) اخترقت عشرين مؤسسة في الفترة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي وأبريل/نيسان من هذا العام، ويرجح أن الهدف هو دعم جمع المعلومات الاستخباراتية حول العلاقات الدبلوماسية والتطور التقني في تايوان.

 

وذكرت الشركة في تقريرها: “لاحظنا أن المجموعة استهدفت قطاع التقنية داخل تايوان بصورة ملحوظة، بما في ذلك المؤسسات المتخصصة في مجالات تقنية حساسة. نفذت مجموعة ريدجوليت استكشافًا للثغرات الأمنية أو حاولت استغلالها ضد شركة أشباه الموصلات وشركتين في مجال الطيران متعاقدتين مع الجيش التايواني”.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 2 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube