https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

المؤلف :هانا كيل

يدرس هذا الكتاب قضية تآكل القواعد في القانون الدولي، من خلال دراسة عمليات نقل الأسلحة إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية،من وقد إعتمدت الباحثة على التركيزعلى دراسات الحالة الحديثة، وتتبع التغييرات الفردية في المعايير على خلفية التحول المنهجي الحاصل في الوضع القانوني لنقل الاسلحة.

تحلل الباحثة القضايا المرتبطة بعمليات نقل الأسلحة، إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية في أعقاب التغييرات في حظر عمليات نقل الأسلحة إلى الجهات غير الحكومية ،

وتناقش الباحثة التطورات القانونية لهذا الموضوع،منذ الحكم المحوري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في نيكاراغوا في عام 1986، من خلال دراسات الحالة ذات الصلة، بما في ذلك أبخازيا والبوسنة والكونغو وشرق أوكرانيا وكوسوفو وليبيا وشمال العراق وأوسيتيا الجنوبية وسوريا واليمن.

ومن خلال اعتماد منظور القانون العرفي ،مع الاخذ بعين الاعتبار سياق التغيرات التي طرأت على هياكل و مؤسسات النظام الدولي ، وعلى دور التفاعل بين ممارسات الدولة، وتعزيز النموذج القائم على حقوق الإنسان. وكيف ساهمت التغيرات في المعايير في إحداث تحولات في النظام الدولي.

وتؤكد الباحثة بالأدلة كيف أن تسليح الجهات الفاعلة من غير الدول، لا يزال غير قانوني من الناحية الرسمية،لكن حظر هذه الممارسة يتآكل بشكل غير رسمي في الخطابات السياسية، حيث اتسمت تصريحات الدول بالارتباك،وبتداخل وتشابك المرجعيات السياسية والقانونية.

وتفرد الباحثة لدراسة الحالة السورية جانبا مهما في التحليل،وربطها بسلسلة من حالات التسليح المتعددة ،للجهات الفاعلة غير الحكومية؛ومخاطرها على إستقرار النظام القانوني الدولي.

وتطرح الباحثة السؤال حول دوافع وخلفيات الحالة السورية، هل كانت عمليات نقل الاسلحة الى جهات غير حكومية، تحركاً سياسياً بحتاً مدفوعاً باعتبارات سياسية واستراتيجية، أو أن الامر أبعد من ذلك، وإعتبار أن إمداد المعارضة بالسلاح هو “حاجة” متزايدة في مسار التحولات الحاصلة في النظام الدولي؟

وبالعودة الى مرجعيات القانون الدولي ،تبين الباحثة أن محكمة العدل الدولية قضت بالاجماع في قضية نيكاراغوا عام 1986، أن تسليح المعارضة النيكاراغوية ينتهك القانون الدولي العرفي. وفي المقابل فإن تحليل 35 عامًا من المواقف القانونية ،بشأن عمليات نقل الأسلحة إلى جهات فاعلة غير حكومية،يؤكد أن توجهات الوضع الراهن لا تعكس المعايير و الضوابط القانونية لهذا المجال .

وأنه من الضروري تفكيك هذه الديناميكية والقوى الدافعة لها، لأن إضعاف حظر نقل الأسلحة إلى جهات فاعلة من غير الدول، ليس ظاهرة معزولة، والأهم من ذلك أنه مجرد عرض لنمط أكبر من التآكل في القانون الدولي.

إن تحليل عملية الانتقال من نيكاراغوا إلى سوريا ،قد لا يروي فقط قصة كيفية التقييم القانوني لعمليات نقل الأسلحة،بقدر ما يعكس تغير طبيعة العلاقات مع الجهات الفاعلة غير الحكومية، و تعكس أيضًا الديناميكيات الحالية في النظام الدولي.

أن عمليات نقل الأسلحة إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية ليست ظاهرة حديثة، لقد كانت أداة شعبية في السياسة الخارجية لدول كثيرة، خاصة خلال فترة الحرب الباردة. ومع ذلك، لم تحاول الدول وقتها تبرير عمليات نقل الأسلحة بحجج قانونية، وكانت الإجراءات تُنفذ سرًا،و في المقابل فإن الصدق الصريح الذي تم به تقديم الدعم في الصراعات الأخيرة، يشير إلى حصول تطور في اتجاه مختلف، وعلى الرغم من أن حجم ممارسات الدولة، لم يتزايد بشكل شامل، فإن هذا الاتجاه الجديد يشير إلى حدوث تغير في التصورات حول تسليح الجهات الفاعلة غير الحكومية.

قد يمكن تفسير ذلك على أنه محاولة سياسية بحتة، لتوسيع خيارات السياسة الخارجية المسموح بها للدول،تؤكد الباحثة ان تركيز الموضوع ،على انه مساس بالقانون العرفي الدولي ،ليس سوى استنتاج سطحي لعملية معقدة،تتجاوز الآثار القانونية المحددة لحالات التسلح في العقود القليلة الماضية، ومن الضروري النظر في سياق أوسع، ومستوى أعمق من الأهمية القانونية لفهم التحليل التجريبي. يتواصل التغيير المعياري دائمًا مع الديناميكيات المتعددة التي تحدث في بيئته. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحولات هيكلية أوسع نطاقا، والتي بدورها تعزز المعايير القانونية أو تؤدي إلى زوالها.

كما يبحث هذا الكتاب في كيفية تعامل الدول مع هذا التحول الجذري، وأي فهم للقانون يعلنونه، وكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى تآكل المعايير الراسخة؟

على هذه الخلفية، يحلل هذا الكتاب ما إذا كانت التحولات الأوسع في القانون الدولي، تتعارض مع الخطابات المتعلقة بنقل الأسلحة إلى جهات فاعلة من غير الدول وإلى أي مدى؛ أو على العكس من ذلك، ما إذا كانت المقارنة بين التحولات الأوسع، وتغيرات المعايير الفردية ،تكشف عن نمط مماثل يتبلور في القانون الدولي. وينصب التركيز على العلاقات المتبادلة، بين حظر نقل الأسلحة إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية، والخطابات المتعلقة بالسيادة وحقوق الإنسان.

لقد كان لثورة معايير حقوق الإنسان الصاعدة ،تأثير جذري على “مصفوفة” القانون الدولي العالم،لاسيما في موضوع نقل الاسلحة الى جهات غير الدولة،وهذا على الأقل أحد الأسباب التي دفعت الدول إلى الإشارة إلى الجوانب الأخلاقية ،بطريقة مختلفة عند تبرير استخدام القوة منذ نهاية الحرب الباردة.

تم تبرير توريد الأسلحة على أساس حقوق الإنسان: وفي بعض الحالات، كانت الإشارة إليها تمت الإشارة إلى ضرورة الدفاع عن حق المتلقي في الدفاع عن نفسه؛ وفي حالات أخرى كان تبرير نقل هذه الاسلحة،هو وجود خطر لارتكاب أعمال وحشية.

وينظر تحليل تغيير معايير الحظر، بالتزامن مع علاقته المتبادلة ببيئته، المتمثلة في المعايير الأخرى والحقائق المرتبطة بطبيعة الكيانات المرسل اليها الاسلحة، على سبيل المثال، تعتمد إمكانية تطبيق حظر نقل الأسلحة على الجهات الفاعلة من غير الدول، على الكيان الذي يتم تعريفه ،على أنه جهة فاعلة من غير الدول وأي كيان يتم تعريفه على أنه جهة فاعلة من غير الدول، وأي كيان يتم تعريفه على أنه دولة.

وهذا التمييز مائع لأن الجهات الفاعلة غير الحكومية، قد تتولى في نهاية المطاف دور الحكومة داخل الدول، إن فئة “الجهات الفاعلة غير الحكومية” هي حقيقة قائمة في بعدها السياسي و الاجتماعي و العسكري،وترتبط ارتباطًا وثيقًا بمسائل السلطة الواقعية والواقع الاجتماعي،كما أن النظر في الاعترافات الرائعة الأخيرة من قبل الغرب، دول الحكومات لكيانات على انها “الممثل الشرعي للشعب” في بلدان مختلفة مثل ليبيا وفنزويلا وسوريا،تشير الى دور مصالح الدول في تحريك الغطاء القانوني على هذه الظاهرة.

تؤكد الباحثة على ارتباط هذه الظاهرة بالتناقضات التي لا يمكن حلها بين تعارض قواعد القانون الدولي والواقع،وكيف أن ذلك يوسع هامش المناورة للدول في تفسير المعايير، مثل تعريف الجهة الفاعلة غير الحكومية. لذلك من الضروري مقارنة كيفية قيام الدول ببناء الروابط بين القانون والحقائق، ،إن إقامة علاقة جديدة بين القانون والحقيقة ،يصاحبها أيضًا إعادة بناء العلاقات بين المعايير المختلفة، وبين معايير وقيم القانون الدولي و الشرعية ، ومع الأخذ في الاعتبار دوافع التحول على العديد من المستويات، يرى هذا الكتاب أن التحول من نيكاراغوا إلى سوريا يعكس تغييرات هيكلية في القانون الدولي ،الذي يسهل على نحو متزايد تآكل القواعد وانهيارهاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر − إحدى عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube