https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

( صحف المانية )

من كان يعتقد أن الحرب الباردة قد ولّت وانتهت بسقوط جدار برلين، فعليه متابعة تطورات العلاقات الأمريكية الصينية، إذ يبدو أن صراع النفوذ بين العملاقين وحلفائهما قد دخل مرحلة اصطفاف جديدة تعترضها مطبات كبرى أولها اقتصادية.

يبدو أن صراع النفوذ بين القوى الغربية والصين قد دخل مرحلة اصطفاف جديدة تعترضها مطبات اقتصادية. كبرى.

يبدو أن صراع النفوذ بين القوى الغربية والصين قد دخل مرحلة اصطفاف جديدة تعترضها مطبات اقتصادية. كبرى.

يعمل الرئيس جو بايدن إلى تغيير الأولويات الاستراتيجية للسياسة الخارجية الأمريكية، كما ظهر ذلك بمناسبة أولى جولاته الأوروبية، بتأكيده أن روسيا لم تعد منافسا مباشرا لواشنطن، مصنفا إياها كلاعب ثانوي بالمقارنة مع ما يعتبره صعودا مقلقا للقوة الصينية على الصعيد العالمي.

بايدن يسعى مع ذلك إلى وقف تدهور العلاقات الأمريكية الروسية ودرءخطر نشوب صراع نووي. وقال بايدن بعد اجتماعه مع بوتين إن روسيا “تستميت كي تظل قوة كبرى”. وأضاف قبل أن يستقل طائرته الرئاسية عائدا من جنيف “روسيا في وضع صعب للغاية الآن. الصين تُضيق عليها بشدة”.

وقال ساخرا إن الروس “لا يريدون أن يوصفوا بأنهم، كما قال بعض المنتقدين كما تعرفون، فولتا العليا بسلاح نووي”. وكان يشير إلى المستعمرة الفرنسية السابقة في غرب أفريقيا التي غيرت اسمها إلى بوركينا فاسو. “نويه تسوريخه تسايتونغ” (15 يونيو/ حزيران 2021) كتبت بهذا الشأن أن “روسيا لم تعد منافسًا استراتيجيًا مثل الصين. تحاول موسكو الإضرار بالمصالح الأمريكية في جميع المجالات الممكنة، لكن الولايات المتحدة لا ترى فيها تهديدًا لدورها كقوة عالمية”.

وذهبت صحيفة “تاغس آنتسايغر” (16 يونيو/ حزيران 2021) في نفس الاتجاه معلقة بشأن اجتماع جو بايدن وفلادمير بوتين في جنيف “على عكس الصين، لم تعد الولايات المتحدة تنظر إلى روسيا على أنها خصم استراتيجي جاد، وبالتأكيد ليس كمنافس اقتصادي، ولكنها تنظر إلى روسيا كعامل تخريبي. وهي تسعى إلى بناء “علاقة مستقرة معها يمكن التنبؤ بمسارها”، كما يقال في واشنطن.

وهذا معناه أن على روسيا التوقف عن إثارة المشاكل (…) حتى لو لم تعد تشكل تهديدًا وجوديًا من وجهة نظر واشنطن، فإن هذا لا يغير حقيقة أن موسكو لا تزال تُعتبر خصمًا سياسيًا وربما أيضًا عسكريًا. وهذه الإشارات الخاطئة في جنيف يمكن أن تؤدي إلى سوء فهم خطير. هناك ما يكفي من بؤر الصراع في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وآسيا الوسطى حيث يتواجه الروس والأمريكيون بشكل خطير وحيث التصعيد وارد دائما”.

الناتو يرص الصفوف في مواجهة الصين

قال أعضاء حلف شمال الأطلسي في بيان (14 يونيو/حزيران) إن “طموحات الصينالمعلنة وسلوكها المتواصل تشكّل تحدّيات لأسس النظام الدولي المستند إلى قواعد، وفي مجالات لها أهميتها بالنسبة إلى أمن الحلف”. غير أن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ أكد في الوق ذاته أنّ “الصين ليست خصمنا أو عدوّنا. لكن علينا أن نواجه التحديات التي تطرحها الصين على أمننا (..) نلاحظ أن روسيا والصين تتعاونان بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد العسكري. وهذا يمثل بعدا جديدا وتحديا جديا للحلف الأطلسي”.

صحيفة “يونغه فيلت” اليسارية (16 يونيو/حزيران) انتقدت التوجه الجديد للسياسية الأمريكية وكتبت “لا يمكن للأمر أن يكون غير ذلك “أمريكا أولاً” ليس شعار تحتكره الأوليغارشية الرجعية فقط، وإنما هو شعار قوة عظمى تحاول وقف اندحارها، إذ قال بايدن قبل بضعة أيام “نحن في منافسة من أجل النصر في القرن الحادي والعشرين”، وقد تم بالفعل إطلاق الشرارة الأولى (لهذه المنافسة) (..) إن التنافس المتصاعد على النفوذ العالمي لا يترك مجالًا لتقديم تنازلات لحلفاء الولايات المتحدة. تأثر المصالح الأمريكية ولو بشكل طفيف (..) الوحدة موجودة فقط على شكل تحالف مفتوح ضد الصين، وبشروط القوة العظمى التي بدأت في التراجع. هذا هو أساس التحالف عبر الأطلسي اليوم”.

رد فعل الصين على تصنيفها كتحدي استراتيجي للناتو

رد فعل بكين لم يتأخر، إذ سارعت إلى اتهام دول حلف شمال الأطلسي بنهج عقلية “الحرب الباردة وسياسة التكتل” على حد تعبير البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وأضافت أن “الصين ملتزمة بسياسة عسكرية، ذات طبيعة دفاعية. وسعينا للتحديث الدفاعي والعسكري مبرر ومعقول ومنفتح وشفاف”. ودعت دول الحلف إلى التوقف عن المبالغة “في نظريةالتهديد الصيني”.

من جهتها، أعربت وزارة الخارجية في بكين عن عدم فهمها، واتهمت حلف الناتو بتطبيق “معايير مزدوجة” من حيث مطالبة الدول الأعضاء في الحلف زيادة إنفاقها العسكري. ومع ذلك، أشارت الخارجية إلى أن الصين تتعرض لانتقادات بسبب إنفاقها العسكري الذي لا تتجاوز قيمته 1.3 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي. وأضافت أن الصين لا تمثل تحديا ممنهجا لأحد، إلا أنها مصممة على حماية سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية.

“فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ” (16 يونيو/حزيران) لخصت مقال رأي نشر في صحيفة “بكين نيوز” التابعة للحزب الشيوعي الصيني. وكتبت الصحيفة الألمانية أن “أجهزة الدعاية الصينية رافقت رحلة جو بايدن إلى أوروبا برسالة باتت معروفة الآن، تتعلق باندحار مزعوم للغرب وصعود الشرق. وفي مقال رأي في الصحيفة الصينية، وصف عالم اجتماع صيني بارز مجموعة دول السبع على أنها “غسق سقوط القوة الغربية”.

حرب باردة ـ دور أوروبا في مواجهة الصعود الصيني

مع استمرار توسع مبادرة طريق الحرير والتنامي المطرد للقدرات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية للصين، فإن التصادم مع القوة الأمريكية، مبرمج بالضرورة في عدد من الجبهات في العالم. ومن كان يعتقد أن الحرب التجارية التي أعلنها دونالد ترامب مجرد نزوة رئيس متقلب المزاج، فهو واهم. فقد بات صناع القرار في الولايات لمتحدة على وعي تام بالتحدي الإستراتيجي الذي تشكله القوة الصينية بالنسبة للهيمنة الغربية على العالم.

وفي هذا الصراع ستحتاج الولايات المتحدة إلى شبكة قوية من الحلفاء والشركاء للمساعدة في توفير التوازن مع صعود بكين، كما كان عليه الأمر إبان الحرب الباردة مع المعسكر السوفييتي. وبات الغرب يرى أن الصين تعمل  على إعادة تشكيل النظام العالمي بأسلوب من شأنه إلحاق الضرر بالمصالح الحيوية للقوى الغربية، قد يعزز نموذج الدولة المستبدة ويضر بالديموقراطيات ودورها في العالم.

وكما في الحرب الباردة ضد المعسكر الشيوعي، تبدو الكتلة الأوروبية سواء من حيث ثقلها البشري والعسكري والسياسي الحليف الأقرب الذي يتقاسم مع الولايات المتحدة نفس القيم، في وقت تسعى فيه الصين بدورها لبناء تكتل اجتذبت إليه روسيا وإيران. على المستوى العسكري تحول بحر الصين الجنوبي إلى ساحة مواجهة بين واشنطن وبكين، حيث تدعي الأخيرة سيادتها البحرية عليه.

وقد تعهدت ألمانيا وفرنسا بدعم الأمريكيين لضمان حرية الملاحة البحرية هناك. كما تعمل واشنطن على دعم حلفائها في المنطقة (أستراليا والهند واليابان). أما على الصعيد الاقتصادي، فالعنصر الأساسي للتحالف الأمريكي الأوروبي في مواجهة الصين، يرتبط بمدى قدرة كل من الولايات المتحدة وأوروبا على تنسيق مواقفهما بشأن التجارة والتكنولوجيا.

التحالف ضد الصين ـ أوروبا وألمانيا في فخ بايدن!

اتفق الرؤساء الأمريكيون على تقسيم العالم إلى خير وشر حسب المصالح العليا لبلدهم، فجورج بوش الإبن كان يتحدث عن “محور الشر” كانت إيران وكوريا الشمالية ركناه الأساسيان، فيما فضل دونالد ترامب مقولة “أمريكا أولا” وها هو جو بايدن يؤسس لحرب باردة جديدة تلعب فيها الصين دور العدو الإستراتيجي، حيث رسم ملامح عالم يقوم على منافسة منهجية بين القوى الغربية الحليفة وجمهورية الصين الأوتوقراطية تحت شعار “أمريكا عادت”.

ورغم أن بايدن، وخلافا لسلفه ترامب، يرى في الأوروبيين حلفاء وليس منافسين، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل من مصلحة ألمانياوأوروبا الدخول في حرب اقتصادية ضد الصين؟ فإذا كانت أوروبا تتقاسم قيما مشتركة مع الحليف الأمريكي، فإن مصالحهما الاقتصادية مختلفة أحيانا حينما يتعلق الأمر بالصين.

وبهذا الصدد كتب موقع “شبيغل أونلاين” (12 يونيو/حزيران) “يظهر الحساب الجاري للولايات المتحدة الأمريكية مع الجمهورية الشعبية عجزًا كبيرًا، في حين أن الحسابات الجارية لأوروبا وألمانيا متوازنة أو إيجابية. ينظر الأمريكيون إلى الصين باعتبارها منافسًا عسكريًا وتكنولوجيًا، وبالنسبة للأوروبيين، فإن الصين تمثل سوق نمو ضخم بالنسبة لشركات الهندسة الميكانيكية والكيميائية والسيارات، حقيقة تبدو أكثر جلاء في زمن ما بعد كورونا.

أولئك الذين يسعون لعزل بكين اقتصاديًا رغم هذه الحقائق، كما يخطط البعض في الولايات المتحدة، يتحدثون عن صراع تجاري يجب على برلين وبروكسل على وجه الخصوص خوضه”. وفي هذا السياق دعت المستشارة أنغيلا ميركل حلفاءها في “ناتو” إلى الحفاظ على التوازن فيما يتعلق بتعامله مع الصين في سعيه لمواجهة تنامي القوة العسكرية لبكين، رغم أنها أكدت بدورها أن التعامل مع روسيا والصعود الصيني ومنطقة المحيطين الهندي والهادي تمثل التحديات المركزية التي تواجه الناتو.

جذور الانفتاح الشيوعي الصيني على اقتصاد السوق

الرواية الأكثر تداولا بشأن نهوض العملاق الصيني تعود إلى عام 1978، حينما أطلق الزعيم الصيني الراحل دينغ شياو بينغ حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة فتحت العلاقات التجارية والاستثمارية مع الدول الرأسمالية. وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أوردت مقابلة مع المؤرخ جيسون إم كيلي (14 يونيو/ حزيران) استندت فيه لحوار أجرته مع وكالة بلومبرغ الأمريكية بشأن كتابه الجديد الذي يحمل عنوان “ماويو السوق”، أكد فيه أن جذور انفتاح الشيوعيين الصينيين على اقتصاد السوق أقدم بكثير من عام 1978.

وأوضح كيلي أن الحزب الشيوعي الصيني ظل يتاجر مع القوى الرأسمالية لعقود أطول مما يتخيله كثيرون، مضيفا “غالبا ما ننسى أن الكثير من المفاهيم والأفكار التي تشكل السياسة التجارية الصينية اليوم لها جذور تعود إلى حقبة ماو”. فعلى سبيل المثال، مفهوم “المساواة والمنفعة المتبادلة” ظهر كجزء من موقف الحزب الشيوعي الصيني المناهض للإمبريالية فيما يتعلق بالتجارة الخارجية في مطلع فترة الحرب الباردة. وهو مرتبط بمفهوم “نهوض” الصين في ظل حكم الحزب الشيوعي.

وقد استخدم كبير المفاوضين التجاريين في الصينونائب رئيس الوزراء، ليو هي، ذلك التعبير مؤخرا، أثناء محادثاته مع وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين. ويوضح كيلي أن معرفة الأصول التاريخية للعبارات والمفاهيم من هذا القبيل، يمكن أن تساعد المرء على تقدير الموروثات التي كان من الممكن أن يغفل عنها لولا ذلك.

وعن صراع بكين ضد الحظر التجاري الذي فرضته الولايات المتحدة عليها بعد الحرب الكورية، وهو الامر الذي يبدو أنه له بعض أوجه التشابه الواضحة مع العقوبات الأمريكية والتوترات التجارية بين الصين والقوى الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. وأوضح كيلي كيفية تأثير المشاعر الوطنية والأفكار القومية على سياسة الصين التجارية، قائلا “في ربيع عام 1958، أوقف القادة في بكين جميع أنواع التجارة مع اليابان، وذلك بعد سلسلة من الخلافات بشأن قضايا سياسية، تتضمن واقعة شهيرة تم خلالها تمزيق العلم الصيني أثناء إقامة معرض في أحد المتاجر

    النشاط الصيني في إفريقيا: نعمة أم نقمة؟

قامت وزارة التجارة الأمريكية بتحديث لقائمة الشركات الصينية التي تعمل في مجال الصناعات الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر فائقة القوة وضمتها إلى قائمة الكيانات الصينية المحظور تصدير المنتجات الأمريكية إليها، بدعوى أن أنشطة هذه الشركات تمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي أو مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ويحظر أي تعامل مع هذه الشركات دون الحصول على ترخيص من الحكومة الأمريكية.

وتعتبر الإدارة الأمريكية أن تلك الشركات الصينية تساهم في تطوير قدرات الجيش الصيني أو في تطوير أسلحة الدمار الشامل. وأكدت وزارة التجارة الأمريكية أنها “ستستخدم كل ما لديها من صلاحيات لمنع الصين من استغلال التكنولوجيا الأمريكية لدعم جهودها للتحديث العسكري التي تثير الاضطرابات”.

ويذكر أن البيت الأبيض أقر في (أبريل / نيسان 2021) حزمة استثمارات في البنية التحتية التي اقترحها الرئيس جو بايدن والبالغة تريليوني دولار تتضمن 50 مليار دولار لإنتاج وبحوث الرقائق الإلكترونية الذي تعتبره واشنطن قطاعا إستراتيجيا للحفاظ على سبقها التكنولوجي.

“شبيغل أونلاين” (10 يونيو/ حزيران) ربطت بين البعدين التكنولوجي والعسكري في الإستراتيجية الأمريكية ضد الصين على ضوء الأمر التوجيهي الذي أصدره وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى البنتاغون طالبهم فيه بتكثيف تركيزهم على الصين. وقال أوستن إن “المبادرات التي أطرحها اليوم متداخلة ضمن المقاربة الأكبر للحكومة الأميركية تجاه الصين، وسوف تساعد في تطوير إستراتيجية الدفاع الوطني التي نعمل عليها. اعداد حسن زنيند

.بناكازاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة − 5 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube