https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

عبد الرؤوف مصطفى الغنيمي

أحمد شمس الدين ليلة

(المعهد الدولي للدراسات الإيرانية)

وصل مستوى العلاقات الصينية-الإيرانية إلى حدود الشراكة والتفاهم، وهو مستوى متقدمٌ وقوي من مستويات التنسيق والتشاور في العلاقات الدولية، وقد اتضح مدى تطور مستوى العلاقات الصينية-الإيرانية مع الرفض الصيني الرسمي لإستراتيجية الضغوط القصوى الأمريكية لتعديل سلوك النظام الإيراني؛ وذلك بدأ من رفض بكين للانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، ثم رفض عودة العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران، وأخيرًا عدم تصفيرها واردات النفط الإيراني رغم العقوبات الأمريكية المشددة ضدّ إيران.

لا شك تمهد هذه التطورات لمستويات تعاونٍ أكبر قد تصل إلى الاندماج والتكامل الدولي، وهي الحالة التي تحدُث عندما تتطابق وجهات نظر الدولتين تجاه الشؤون والتفاعلات الإقليمية والدولية، ومع تطورات الملف الإيراني وتجاذباته بين القوى الدولية، والجدل الدائر حول الموقف الصيني من التصويت المحتمل تجاه المعركة القادمة بين واشنطن وطهران في مجلس الأمن الدولي أكتوبر 2020م على تجديد قرار الحظر المفروض على إيران في بيع أو شراء الأسلحة، فإن العلاقات الصينية – الإيرانية ستكون أمام مُعطى مهم ومؤثر في مسيرة العلاقات ومستقبلها.

 وبناءً على ذلك فإن الدراسة ستركّز على تحليل محددات العلاقات، واستعراض قضايا التعاون والافتراق، لتقديم تفسيراتٍ لطبيعة العلاقات القوية، ولموقف الصين التاريخي من سياسات التطويق الأمريكية تجاه إيران، وللتنبؤ بموقف الصين إبان التصويت على تجديد قرار الحظر وتوريد السلاح لإيران، ما من شأنه أن يحمل في طياته تحولاتٍ في معدلات القوة الإيرانية، الأمر الذي قد يفاقم معه معدلات الصراع في منطقة الشرق الأوسط.

أولاً. المحددات المُفسرة للشراكة الإستراتيجية الصينية-الإيرانية:

تُعد الصين حليفًا موثوقًا لإيران، كما تُعد إيران حليفًا موثوقًا للصين ضدّ سياسات التطويق الأمريكية؛ ويعود ذلك إلى عدة محددات هي كالآتي:

1.خلو مسيرة العلاقات من الرواسب السلبية

بالعودة إلى العلاقات الصينية – الإيرانية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، نجد أن البُعد التجاري طغى على العلاقات منذ نشأتها أثناء فترة الحُكم الإمبراطوري لبلاد فارس، بدخولها في شراكةٍ تجارية مع الصين عبرَ المسار البرّي لطريق الحرير، الذي كانت تسلُكُه القوافل التجارية الصينية انطلاقًا من الشمال الصيني مرورًا ببلاد فارس ووصولًا إلى الغرب الأوروبي.

أما في العصر الحديث، اتسمت العلاقات الصينية-الإيرانية خلال فترة حُكم الشاه بالضعف من الناحية الاقتصادية نتيجةَ إيلائه الدائرتين الأمريكية والأوروبية الأولويةَ في أجندة التوجهات الخارجية، بينما اقتصرت العلاقات على الناحية السياسية، ففيما اعترفت الصين بحركة تأميم صناعة النفط الإيراني في الخمسينات، ردّت إيران بالاعتراف بجمهورية الصين الشعبية 1967م، ودعمها لاستعادة عضويتها في مجلس الأمن عام 1971م بدلًا من الصين الوطنية بزعامة شيانغ كاي شيك المدعوم أمريكيًا، ومن ثم أجرى الرئيس الصيني الأسبق هوا جيو فينج عام 1978م آخر زيارةٍ أجنبية للشاه قَبل سقوط نظامه([1]).

أما خلال مرحلة ما بعد الثورة 1979م، تقاربت العلاقات نتيجةَ تغيير النظام الإيراني، بإحكام رجال الدين قبضَتهم على الحُكم، وهو الأمر الذي صاحبه انحراف سياسة إيران بعيدًا عن الدائرتين الأمريكية والأوروبية، فدَخَلت إيران منذ حينها في حالةٍ عدائية مع الولايات المتحدة وحلفائها الإستراتيجيين والتقليديين في المنطقة، ومن ثم هرولت بكين للاعتراف بإيران الثورة، وانضمت إلى قائمة مزودي إيران بالسلاح أثناء الحرب العراقية – الإيرانية في توقيتٍ بالغِ التعقيد لدى إيران بعد قرار حظر تصدير الأسلحة لإيران على خلفية أزمة الرهائن 1979م([2])، وهو الأمر الذي لم تنسَه إيران للصين، ولعب الدور الأكبر في نيل الصين ثقة رجال الدين الإيرانيين رغم تحفظهم على العلاقات الجيدة بينها وبين إيران الشاهنشاهية.

ارتسمت معالم مرحلةٍ جديدة بين الصين وإيران، ودخلت مرحلة «التعاون الإستراتيجي» بحلول تسعينات القرن العشرين نتيجةَ التشابُه الكبير في التحولات التي لحِقت بكلا الدولتين، فكما تولّى علي خامنئي مقاليدَ النظام بوفاة الخميني 1989م، تولّى جيانغ زيمين القيادةَ عام 1992م، فضلًا عن تحول الصين من مُصدِّرٍ إلى مستوردٍ للنفط عام 1993م على خلفية تطور الاقتصاد بفضل رؤية مهندس الإصلاح دينج شياو بينج، ومن هنا جاءت أهمية النفط الإيراني للصين.

كما لعبت التحولات الدولية مطلع تسعينات القرن العشرين دورًا في تعزيز العلاقات وامتدادها لتشمل الجوانب الاقتصادية والتجارية والعسكرية، بجانب العلاقات السياسية، لإدراكِهما تبنّي واشنطن سياسة التطويق والحصار تجاه الدولتين، في وقتٍ تنامت فيه حاجة الصين للنفط لزيادة إنتاجها. غير أن تنامي التعاون العسكري أجَّج الصراع الأمريكي – الصيني في مضيق تايوان 1996م، الأمر الذي جعل المواجهات في المضيق بين الجانبين عرضةً للانفجار، ولذلك قلّصت الصين تعاونها العسكري مع إيران لانشغالها بعودة التهدئة إلى مضيق تايوان.

بنهاية عقد التسعينات عادت العلاقات بشكلٍ أقوى على خلفية إعطاء بكين سياسة الانفتاح عالميًا الأولويةَ، لتسويق منتجاتها من ناحية، والحصول على النفط من ناحيةٍ أخرى، وإيران كانت من بين البدائل النفطية المهمة للصين، فمَع امتعاض بكين من الاستقبال الأمريكي للرئيس التايواني لي تنج هوى عام 1997م، ورفضها انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية عام 1995م -انضمت عام 2001م([3])– أدارت الصين ظهرها للمطالب الأمريكية بتقليص مستويات التعاون مع إيران.

وقد تعمَّقت العلاقات بانتهاج واشنطن أولًا: سياسة العقوبات تجاه الدولتين، حيث رفضت الصين إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، ووقَّعت مع إيران اتفاق الشراكة الإستراتيجية الشاملة عام 2015م، ورفعت مستوى التبادل التجاري والاستثماري مع إيران، ورفضت الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وعودة العمل بالعقوبات ضد إيران 2018م([4])، وثانيها: اتباع الولايات المتحدة سياسة التطويق المزدوج تجاه العملاق الصيني الصاعد في شرق آسيا للحفاظ على موقعها في قيادة النظام الدولي، وإيران القوة الإقليمية في الشرق الأوسط للحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل، وضمان تقارب القوة بين الفواعل الإقليمية.

تكمُن أهمية استعراض المسيرة التاريخية للدولتين في كونها تكشف عن تفسيرٍ غايةٍ في الأهمية على قوة العلاقات، ألا وهو خلوّها من أي رواسب سلبية مِثل الصراعات أو الحروب أو الاستعمار أو الاحتلال أو الضّم أو غيرها، وهو ما لعب دورًا في بناء الثقة بين الدولتين وتقوية العلاقات البينية.

2. طبيعة النظام السياسي للدولتين

تلعب طبيعة النظامين الحاكمين في الصين وإيران دورًا رئيسيًا في تقوية العلاقات الصينية-الإيرانية، إذ تنتمي أنظمتهما إلى السُلطة فيها تكون بيد فئةٍ قليلة من أرستقراطيين، ثيوقراطيين، عسكريين، حزب سياسي، بحكم قيادة نظام الحُكم في الصين من قِبل حزبٍ وحيدٍ ومسيطر يحتكر كلّ مصادر السُلطة السياسية، ألا وهو الحزب الشيوعي الصيني، ونفس الأمر في إيران يقود النظام السياسي رجالُ الدين الذين يحتكرون كافةَ مصادر السُلطة.

وكذلك يتشارك النظامان الصيني والإيراني في مقاومتهما للقيم الغربية المنادية بالتعددية السياسية وتطبيق الديمقراطية بالمفهوم الأوروبي والأمريكي، ويؤمن النظامان بأن القيم الغربية تشكِّل خطرًا على بقائهما، ولذلك لا تخشى بكين من طهران على الداخل الصيني، كما لا تخشى طهران من بكين على الداخل الإيراني، حيث تدعم الصين حُكم الأقلية، ولا يوجد في قاموسها السياسي دعم المعارضة للأنظمة القائمة.

3. الاحتياج الاقتصادي الإستراتيجي المتبادل

تنبع أهمية الصين الاقتصادية بالنسبة لإيران من ثلاثة عوامل جوهرية: أولها: أن الصين لم يكن لديها في الماضي أو الحاضر مشكلةً في نقل التكنولوجيا الحديثة وخطوط الإنتاج الكاملة لإيران، علاوةً على تقديم الدعم المالي لتمويل المشروعات الاقتصادية والتنموية لإيران منذ أوائل التسعينات. وثانيها: أن سياسة الصين الصناعية لا تهتم كثيرًا بالاستخدامات النهائية لصادراتها للخارج، على عكس الكثير من دول العالم، خاصةً الدول الأوروبية، بما يعني استخدام المنتجات والسِلع المصدّرة لأغراضٍ صناعية أو طبية، على سبيل المثال في استخداماتٍ أخرى كالاستخدامات العسكرية والحربية، مثلما فعلت إيران مع أجهزة رنين مغناطيس استوردتها من الصين مخصصةً لأغراضٍ طبية، لكن تم استخدامها لأغراضٍ عسكرية كفحص أعطال الصواريخ والمعدات الحربية، وتغافلت الصين عن الأمر برمَّته. وثالثها: الرغبة الإيرانية في الحفاظ على علاقاتٍ وثيقةٍ وودية مع أكبر مشترٍ لصادراتها النفطية والبتروكيماوية في العالم، وإيجاد موردٍ صناعيٍ موثوقٍ في وقت الأزمات وبديلٍ عن المصنعين الأوروبيين الذين تتداخل مصالحهم بقوة مع الولايات المتحدة على حِساب إيران.

أما أهمية إيران الاقتصادية بالنسبة للصين فتنبُع من ثلاثة عوامل: العامل الأول: أن إيران تُعدُ من أهم موردي النفط الموثوقين للصين إذ تمتلك احتياطيًا نفطيًا ضخمًا يصل إلى 158.4 مليار برميل، تحتل به المرتبة الرابعة عالميًا بعد فنزويلا والسعودية وكندا([5])، ما نسبته 9.3% من الاحتياطي العالمي، وإذا ما أضيف احتياطي الحقل الإيراني الجديد الذي أعلنت عنه طهران في نوفمبر 2019م، وتصل احتياطاته لأكثر من 50 مليار برميل ستتبوأ إيران المرتبة الثالثة عالميًا([6])، وبالتحديد تتبوأ إيران مرتبة ثاني أكبر مصدرٍ لإمداد الاقتصاد الصيني بالنفط الخام –بعد المملكة العربية السعودية- وجزءٌ من إستراتيجية الصين طويلة الأجل هو تنويع مصادر الحصول على الطاقة خاصةً من منطقة الشرق الأوسط كثيرة التقلُبات الجيوسياسية المؤثرة على ثبات الإمدادات النفطية، وكثيرًا ما تستفيد الصين من تسهيلاتٍ إيرانية في نقل النفط أو طُرق الدفع في أوقات الحصار الاقتصادي، ولذا لم تنخفض الواردات الصينية كثيرًا من النفط الإيراني في أوقات اشتداد العقوبات والحصار الدولي عليها، كما كان خلال عامي 2012م، و2013م.  كما يوضح الرسم البياني رقم (1)، انخفاض الواردات بحوالي 20% خلال هذين العامين ثم عادت إلى مستوياتها السابقة في عامي 2014م، و2015م أي قَبل تفعيل الاتفاق النووي بعامين؛ وعلى الرغم من انخفاض واردات الصين من نفط إيران بأكثر من 50% بعد وقف تمديد الاستثناءات الأمريكية من العقوبات على إيران في مايو 2019م، إلّا أنها على المدى البعيد سوف تعوّض هذا التراجع مرةً أخرى.

أما العامل الثاني: يتمثل في محورية الموقع الإيراني بالنسبة لطريق الحرير الصيني كممرٍ أساسي لنقل السلع الصينية إلى دول وسط آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، ونقل المواد الخام في المقابل إلى الصين.

والعامل الثالث: استغلال الصين لتعاونها مع إيران كورقة ضغطٍ على الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على مكاسب في التنافس أو النزاعات التي تظهر من حينٍ لآخر، كالنزاع الدائر بينهما حول ملف التعريفات الجمركية أو الانسحاب الأميركي من اتفاقية باريس للمناخ، أو غيرها من الملفات المؤثرة على مكانة الصين في الاقتصاد العالمي.

4. الاعتبارات الجيو-سياسية

يشكِّل الموقع الإيراني أهميةً جيو-سياسية للصين بحكم وقوعها في الجنوب الغربي من قارة آسيا، وبإطلالها على أهم مسطحاتٍ مائيةٍ إستراتيجية، هي الخليج العربي والبحر العربي والمحيط الهندي وبحر قزوين، ما جعلها تمثّل حلقة الوصل بين الشرق والغرب، وبمثابة ممرٍ طبيعي للتجارة العالمية، والتي تُعدُ الصين أحد روادها،وتشكِّل جسرًا يربط وسط آسيا ومشرقها أولًا، وغرب آسيا وشرق البحر المتوسط ثانيًا، إذ يحدها من الشرق باكستان وأفغانستان، ومن الشمال تركمانستان، ومن الجنوب الغربي الخليج العربي وخليج عمان، ومن الغرب العراق وأذربيجان وأرمينيا وتركيا وبحر قزوين،كما تشكِّل الطريقَ الحيوي في الاستيراد والتصدير بين الشرق والغرب.

ولذلك، يُتيح هذا الموقع الإستراتيجي للصين موطئ قدمٍ في منطقة الشرق الأوسط الحيوية، بكل ما تحتويه من سِلعٍ إستراتيجية وثرواتٍ طبيعية ومعدنية، وأسواقٍ واسعة وممرات ملاحةٍ دولية تعبُر من خلالها ناقلات النفط للصين، كما يُتيح الموقع الإيراني للصين التواجد في المنطقة لمزاحمةِ الدور الأمريكي، فضلًا عن أنه يُتيح لها توسيع نِطاق نفوذها الجغرافي الإستراتيجي إلى أبعَد من جوارها المباشر في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وهو ما جعَل أهميتها للصين تتخطّى الجانب الاقتصادي كمزودٍ للطاقة.

وكذلك تقع إيران ضِمن الدول الواقعة في نطاق مشروع إعادة إحياء طريق الحرير الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013م لتدشين المشروع الاقتصادي العملاق العابر للقارات «الحزام والطريق»، الذي يربط الصين بأفريقيا وأوروبا عبر طريقٍ يمر بآسيا الوسطى والهند وشرق آسيا وصولًا إلى الدول الخليجية نحو أفريقيا، مع تدشين مسارٍ يمر عبرَ إيران نحوَ العراق فسوريا فلبنان، وربما إلى إسرائيل، مع مسارٍ آخر يخرجُ من العراق باتجاه الأراضي التركية فقبرص ثم أوروبا([7]).

ويحتل هذا المشروع أهميةً كبرى لدى إيران لما له من مردودٍ إيجابي على اقتصادها من زاوية تعزيز الطلب على النفط في الدول الواقعة على نِطاقه، وكذلك شكَّل فرصةً للإيرانيين لتنفيذ حلمٍ إيراني منذُ عهد الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني آواخر ثمانينات القرن المنصرم، بأن تكون إيران (قلب) طريق الحرير، الأمر الذي يجعل من الموقع الإيراني موقعًا جيوسياسيًا عالميًا، ولذلك وقَّعت الصين وإيران على اتفاقيةٍ لتحويل إيران إلى مركزِ «ترانزيت» للبضائع الصينية باستكمال طريق الحرير أثناء زيارة الرئيس الصيني لإيران عام 2016م([8]).

ويشكِّل موقع الصين أهميةً إستراتيجية لإيران بوقوعها في الجزء الشرقي من قارة آسيا، وبمساحتها المترامية الأطراف، والتي جعلتها تحظى بتأثير الكتلة الحيوية على مستوى القارة الآسيوية، وبحدودها مع 21 دولةً برًا وبحرًا، كما تتحكم الصين في مضيق تايوان الذي يربط بحري الصين الشرقي بالجنوبي، والذي تمر به السِلع الإستراتيجية وسُفن التجارة من وإلى كوريا الجنوبية واليابان، الحليفتان للولايات المتحدة، ومن ثم تمتلك الصين أوراق ضغطٍ دولية بموقعها الجغرافي، يمكن أن تستفيد منها إيران.

5. سياسات التطويق الأمريكية

رافقَ التحول في النظام الدولي إلى الأُحادية القطبية مطلع تسعينات القرن العشرين أولاً: تراجع أهمية الصين في الإستراتيجية الأمريكية، وهو ما ترتّب عليه إنهاء التحالف الأمريكي-الصيني الذي برز أثناء الحرب الباردة لحصار الاتحاد السوفيتي السابق، وبدأت تنظر الولايات المتحدة للصين كمنافسٍ على قِمة النظام الدولي، ثانيًا: إيلاء تحجيم إيران أولويةً لتبنّيها سياسةً خارجية ذات طبيعةٍ ثورية، وتهديدها لمكانة حلفائها الإستراتيجيين كإسرائيل، والتقليديين كدول الخليج العربي؛ ولذلك، اتّبعت الولايات المتحدة سياسَة «التطويق المزدوج» تجاه العملاق الصيني الصاعد في شرق آسيا، وإيران الثورية في الشرق الأوسط، وذلك على النحو الآتي:

أ. سياسة التطويق الأمريكية تجاه الصين: بانفرادِها بالنظام الدولي مطلع التسعينات أعادت واشنطن ترتيب أوراقها وحددت حلفاءها وخصومها، وانتهى الحال بتحديد الصين كخطرٍ محتملٍ صاعد على موقعها على قِمة النظام الدولي، وهو ما يفسّر الرفض الأمريكي لانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، حتى عام 2001م بعدما أدركت واشنطن أهميةَ الصين في مكافحة الإرهاب على خلفية أحداث 11 سبتمبر([9])، وكذلك يفسّر توقيع الولايات المتحدة مع الهند المعادية للصعود الصيني اتفاقيةَ تعاونٍ نووي تمكِّن الهند من استيراد التكنولوجيا النووية كشوكةٍ في خاصرة الصين الصاعدة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

وقد تبنّى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مبدأ «الاتجاه شرقًا» وسياسَة التطويق والاحتواء للتنين الصيني وعزلِه دوليًا، وهو ما يفسّر سَعي إدارته لتقوية العلاقات مع الحلفاء التاريخيين كاليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند، وإقامة شراكاتٍ جديدة مع دولٍ مجاورة -بشكلٍ مباشر أو غير مباشر- للعملاق الأصفر مِثل بروناي وبنغلاديش وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة.

وتصاعدت سياسات التطويق الأمريكية تجاه الصين بمجيئ ترامب وشنِّه حربًا تجارية ضدّ بكين بفرض إدارته في يوليو 2018م رسومًا متوالية وصلت في أغسطس 2019م لنحوِ 30% على الواردات الصينية بقيمة 450 مليار دولار، ورَدَّت سُلطات بكين بتنفيذ إجراءاتٍ انتقاميةٍ مماثلة بفرضها رسومًا على الواردات الأمريكية بقيمةِ 170 مليار دولار([10])، كما وجّهَت واشنطن الاتهامات الرسمية للصين بإخفائها معلوماتٍ مهمة، ونشر معلوماتٍ كاذبة عن فيروس كورونا المستجد مستخدمةً عبارة «الفيروس الصيني» التي تُزعِج السُلطات الصينية.

ويعود تخوف الولايات المتحدة من الصين إلى تحولها إلى قطبٍ دولي يمتلك من المقدرات ما يمكِّنه من مناوأتها على قيادة النظام الدولي، بالنظر إلى:

(1) تمتعُ الصين بحق النقض (الفيتو)، وبالتالي تمتلك أوراق ضغطٍ دولية ضدّ مشاريع القرارات المطروحة في مجلس الأمن، وفي القلب منها مشاريع القرارات ضد إيران ووكلائها في المنطقة.

(2) القدرات الاقتصادية والعسكرية للصين، فهي تشكِّل الاقتصاد الثاني في العالم بعد الاقتصاد الأمريكي، وتتبوأ المرتبة الثالثة عسكريًا بعد الولايات المتحدة وروسيا، من حيث مؤشر القوة، حجم الإنفاق العسكري، عددُ أفراد الجيش، حجم الطائرات والصواريخ الجوية والبرية والبحرية([11]).

(3) الصين أحد أهم الأعضاء المؤسسين لـ «منظمة شنغهاي» (SCO)، التي اعتبرها المتخصصون أنها ليست مجرد منظمةٍ للتنسيق بين أعضائها بقدر ما هي تحالفٌ عسكري، ووصل الأمر ببعض المراقبين إلى اعتبارها وريثًا لحلف وارسو، ولذلك باتت المنظمة بقيادةٍ روسية-صينية قوةً إقليمية تهدد المصالح الأمريكية في آسيا الوسطى.

(4) تأسيس الصين للبنك الآسيوي للاستثمار في البُنية التحتية (AIIB)، كمنافسٍ تمويليٍ دولي لكسر الهيمنة المالية الدولية للمؤسسات الغربية كصندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك برأس مال 100 مليار دولار([12]).

ب. سياسة التطويق الأمريكية تجاه إيران: تسعى واشنطن لتطويق إيران وعدم انفرادها بموقع القيادة الإقليمية، ولذلك وصفتها إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن بالدولة الراعية للإرهاب، وحاولت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما احتواءها ودمجها في المجتمع الدولي بتوقيعها الاتفاق النووي 2015م، وأعلنت إدارة الرئيس ترامب انسحابها من الاتفاق النووي في مايو 2018م وعودة العمل بالعقوبات الاقتصادية على إيران، ثم توقيعها حزمتين من العقوبات على إيران، الأولى في أغسطس 2018م، والثانية في 05 نوفمبر 2018م على قِطاع النفط، ثم إلغاءها الإعفاءات للدول الثماني المستثناة للحصول على النفط الإيراني مطلع مايو 2019م، ثم تابعت الولايات المتحدة عقوباتها على عدة قطاعاتٍ إيرانيةٍ حيوية، وصنّفت الحرس الثوري منظمةً إرهابية، واستهدفت وكلاءها الإقليميين مثل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سُليماني في يناير 2020م.

ثانيًا: مستوى العلاقات وأبعاد الشراكة الإستراتيجية الصينية-الإيرانية

شهدت العلاقات الصينية-الإيرانية نموًا مطردًا بعد الثورة، ويمكن متابعة تطور العلاقات من خلال ما يأتي:

1. التعاون الاقتصادي والتجاري

بينما اتّسمت العلاقات الاقتصادية بين الصين وإيران خلال فترة حُكم الشاه بالفتور والضعف، إذ كانت بوصلة التجارة متجهةً إلى عدة دولٍ أوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، إضافةً إلى الولايات المتحدة واليابان. فحوالي 21% من واردات إيران خلال عام 1978م جاءت من ألمانيا، و15% من الولايات المتحدة، في مقابل أقل من نصفٍ في المئة جاءت من الصين 0.5%. في حين أنّ قرابة 45% من صادرات إيران في نفس العام ذهبت للولايات المتحدة، بينما لم تربو صادرات إيران للصين إلى مستوى يذكر 0.3% من إجمالي صادرات إيران للعالم الخارجي في ذاك العام([13])

.تطور العلاقات الاقتصادية منذ الثورة: مرّت العلاقات الصينية-الإيرانية خلال الأربعين عامًا الماضية منذ الثورة 1979م بأربع مراحل؛ الأولى: المساندة الصينية الطفيفة خلال الحرب مع العراق خلال الثمانينات، والثانية: كسب الثقة وإعادة إعمار إيران بعد الحرب منذ أواخر الثمانينات وحتى منتصف التسعينات، والثالثة: توطيد العلاقات والمساعدة في المشروعات التنموية الكبرى (في المقابل أصبحت إيران من كبار مصدِّري الطاقة للصين) منذ عام 1992م حتى عام 2005م، والرابعة: مرحلة الشراكة التجارية الأساسية والمتنامية منذ عام 2006م وحتى الآن، والتي لم تخلو من بعض التحديات والعقبات المؤثرة على حجم التعاون فيما بينهما.

(1) المرحلة الأولى (1979م-1989م): حَشدت خلالها إيران كلّ مواردها لخدمة المجهود الحربي وانحصرت الواردات من الصين في خدمة الأعمال العسكرية. خلال هذه الفترة كانت العلاقات الاقتصادية في بداياتها وساندت الصينُ إيران عبرَ توريد معدات عسكرية ونقل تكنولوجيا حربية ومصانع إنتاج الذخيرة؛ وحتى نهاية الحرب 1988م لم تكن إيران قد بدأت بعد في الوثوق بالمنتجات الصينية، ولذا كانت تجارتها مع الصين في أضيق الحدود، ومثّلت أقل من 1.5% من إجمالي تجارتها مع العالم الخارجي.

(2) المرحلة الثانية (1989م-1991م): حاولت الصين خلال هذه المرحلة جاهدةً كسبَ ثقة صُناع القرار الإيراني، واجتذاب بوصلة تجارتهم الخارجية تجاه الصناعة الصينية ولو بعد حين. قامت الصين بتقديم العون لإيران في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب طيلة ثماني سنواتٍ كاملة، خاصةً ما يتعلق بالبُنية التحتية من طرقٍ ومساكن ومصانع موادِ بناء، كالإسمنت والحديد والنحاس والزنك وما شابه، ومعدات صناعة النفط والبتروكيماويات وإنشاء السدود ومحطات توليد الكهرباء، والمحطات الكهرومائية، وبالتالي بدأ حجم التبادل التجاري يتضاعف بين البلدين، وبلغ قرابة 341 مليون دولار عام 1991م، وإن كان لا يزال صغيرًا مقارنةً بتجارة إيران مع بقية العالم. علاوةً على أن الميزان التجاري بين البلدين كان في صالح الصين بالكامل.

(3) المرحلة الثالثة (1992م-2005م): توطّدت خلال هذه المرحلة الثقة الإيرانية في التكنولوجيا والسلع الصينية، وقدّمت الصين بالفعل مساعداتٍ لإيران في إنشاء مشروعاتٍ تنمويةٍ كبرى ونقل تكنولوجيا متقدمة؛ وفي المقابل كانت لا تزال الصادرات الإيرانية للصين محدودةً مِن صادرات النفط أو بعض المعادن الخام، لكنّها في ازديادٍ مقارنةً بالمرحلة السابقة. كما وقّعت الصين عقد تنفيذ مترو طهران في 1992م ليُغطّي كامل العاصمة طهران على أن توفر الصين 75% من معدات المشروع، وتوفر الدعم المالي اللازم والتكنولوجيا المتطورة للتنفيذ، وتم تدشين المرحلة الأولى من المشروع في 2000م بحضور الرئيس الإيراني وقتها محمد خاتمي، ووزير الخارجية الصيني تانج جياشوان([14]).

وعُد المشروع أضخمَ مشروع سكة حديدٍ تنفّذه شركاتٌ صينية خارج الصين، وكانت الثقة الإيرانية في الشركات الصينية العاملة بمثابة دعايةٍ وترويجٍ دولي للتكنولوجيا والصناعة الصينية الحديثة، وقامت الصين بتنفيذ خط سكة حديدٍ بطول 295 كيلومترًا يربط بين مدينة مشهد شمال شرق إيران، وحتى حدود دولة تركمانستان، ويبدو أن الصين كان لديها أهدافٌ بعيدةُ المدى منذُ ذلك الوقت لفتح أسواقٍ لها في وسط آسيا عبرَ إيران.

ومن ثم تجاوزت الشراكة الصينية-الإيرانية مشروعات البُنية التحتية لتشمل مشروعاتٍ صناعيةٍ كبرى، فقامت الصين بإنشاء مصانع للسيارات بإيران وبناء ناقلات نفطٍ ضخمة لصالحها بقروضٍ ائتمانية من البنوك الصينية، وأسهَمت في تحديث أسطول الصيد والنقل البحري، والصناعات المعدنية، واستورَدت إيران من الصين معداتٍ رأسمالية كمعدات صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات، ومحركات الديزل الثقيلة والمحركات الكهربائية، وما يقاربُ من نصف قيَم السلع الرأسمالية التي استوردتها إيران من الصين تم سدادها عبرَ مبيعات النفط الإيراني للصين.

(4) المرحلة الرابعة (2006م – حتى الآن ): دخلت العلاقات الاقتصادية بين البلدين مرحلةً جديدة، مرحلةً أكثرَ عمقًا وتعاونًا قرر فيها البلدان أن يرتكز تعاونهما الاقتصادي على المصلحة المتوازنة لا لحساب طرفٍ على آخر، فالصين تهدف إلى الفوز بشريحةٍ كبيرة من السوق الإيرانية في مجالاتٍ متنوعة، خاصةً صادرات المنتجات الاستهلاكية، وإيران تريد مساعدةَ الصين في المشروعات التنموية الكبرى خاصةً الصناعات النفطية، إضافةً إلى زيادة واردات الصين من إيران لتحقيق توازنٍ في الميزان التجاري بينهما، لا انحيازه لصالح الجانب الصيني فقط كما كان سابقًا، كما هو موضحٌ بالجدول رقم (2).

ب. مؤشرات التعاون ونمو العلاقات الاقتصادية: تضاعف حجم التجارة بين البلدين منذ 2005م عدة مرات، وزادت الصادرات النفطية الإيرانية للصين بقوة حتى أصبحت إيران من أكبر موردي النفط للصين بعد السعودية، وفاق حجم التبادل التجاري بينهما 10 مليارات دولار عام 2010م([15])، 44% منه صادراتٌ إيرانية للصين، وأصبحت الأخيرة أكبر مشترٍ للنفط الإيراني وأخذت مكان اليابان، بمعنى أن إيران نجحت في أن تقلّل عجز الميزان التجاري بينهما بزيادة صادراتها للصين، وفي المقابل زادت الصين من صادراتها في مختلف المجالات إلى إيران من البضائع والسلع الاستهلاكية والمنتجات الصناعية والكهربائية وقِطع الغيار الصناعية التي غَزَت الأسواق الإيرانية، كما فعلت مع الأسواق العالمية.

 لم تتراجع العلاقات الاقتصادية أو التجارية الإيرانية-الصينية تراجعًا كبيرًا في أوقات فرضِ عقوبات اقتصادية مشددة على إيران، بل على العكس كانت تزداد في كثيرٍ من الأحيان. خلال الفترة من عام 2010م وحتى 2018م، وهي الفترة التي شهدت عقوباتٍ اقتصادية مختلفة على إيران من أطرافٍ دوليةٍ وأوروبية على قطاعات التجارة والنفط والصيرفة الدولية، وفي عام 2011م ولأول مرة تصبح الصين الشريكَ التجاري الأول لإيران وتسبق الاتحاد الأوروبي الذي كان لعقودٍ من الزمن الشريك التجاري الأهم لإيران، ومثّلت تجارة إيران مع الصين وحدها أكثر من ربع تجارتها مع كافة دول العالم ذلك العام، ومن وقتها وإلى الآن والصين هي الشريكُ التجاري الأكبر لإيران، ومن ثم يأتي تكتل دول الاتحاد الأوروبي. إذ بلغ حجم التجارة الصينية-الإيرانية 40 مليار دولار عام 2011م (مجموع الصادرات والواردات) كما يتضح من الرسمين البيانيين 2 و 3، وهي الفترة التي بدأت فيها عقوبات مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي على إيران تدخلُ حيز التنفيذ.

 واستمرت كلٌ من الصين وإيران في تطوير حجم التجارة المشتركة خلال ثلاثة أعوام 2012م و2013م و2014م قبل أن تتراجَع خلال عامَي 2015م و2016م -وسنوضِّح سبب ذلك لاحقًا- ثم عاودت الارتفاع مجددًا مع تطبيق الاتفاق النووي عمليًا في عام 2016م، ورفع العقوبات الدولية عن إيران.

ج. أثر العقوبات الأمريكية على الشراكة الاقتصادية وصادرات النفط: كثيرًا ما تستفيد الصين من تسهيلاتٍ إيرانية في نقل النفط أو طُرق الدفع في أوقات الحصار الاقتصادي، ولذا لم تنخفض الواردات الصينية كثيرًا من النفط الإيراني في أوقاتٍ من اشتداد العقوبات والحصار الدولي عليها، كما كان خلال عامَي 2012م، و2013م. كما يوضِّح الرسم البياني رقم 2 إذ انخفضت الواردات بحوالي 20% خلال هذين العامين، ثم عادت إلى مستوياتها السابقة في عامي 2014م، و2015م، أي قَبل تفعيل الاتفاق النووي بعامين؛ وعلى الرغم من انخفاض واردات الصين من نفط إيران بأكثر من 50% بعد وقفِ تمديد الاستثناءات الأمريكية من العقوبات على إيران في مايو 2019م، إلّا أنها على المدى البعيد من المُرجح أن تعوضَ هذا التراجع مرةً أخرى.

في مايو 2018م وبعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، أعلنت الصين معارضتها العقوبات الأمريكية منذُ اليوم الأول، واعتبرتها عقوباتٍ أُحاديةَ الجانب لا تعترف بها، وكانت الصين أول وجهةٍ لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، وبناءً على هذا الموقف الواضح استمرت العلاقات التجارية والنفطية بين البلدين، لكنها تركزت مع الشركات المرتبطة بالحكومة الصينية بدرجةٍ أكبر من القطاع الخاص الصيني، وعندما خَرَجت كبرياتُ الشركات الأوروبية من إيران بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي استحوذت شركاتٌ صينيةٌ كبرى كشركة النفط الصينية الوطنية (CNPCI) على حصة الشركات المنسحبة، كشركة توتال الفرنسية بعد خروجها من عقد تطوير حقل الغاز الإيراني بارس الجنوبي بقيمة 5 مليارات دولار في عام 2017م، وبذلك استحوذت الشركة الصينية على 80% من المشروع(*).

 وعندما فرضت الولايات المتحدة عقوباتٍ على مشتري النفط الإيراني في نوفمبر 2018م(**). رفضت الصين الاعترافَ بالعقوبات واستمرت كأكبر شريكٍ تجاريٍ لإيران، تمدُّها بالبضائع وتستورد النفط الخام الإيراني، وإن انخفضت كميات استيرادها مِنه عمّا قَبل العقوبات (بنسبة 60%) لكنّها لم تهبِط إلى الصفر، على العكس من استجابة دولٍ أُخرى كاليابان للرَّغبات الأمريكية بخفض استيراد نفط إيران للصفر لتجنّب العقوبات.

 يتضح مما سبق أن الصين نجَحت في اكتساب ثقة القادة الإيرانيين على مدار أكثر من عقدين من الزمان، رغم وجود تحدياتٍ وعقباتٍ عكَّرت صفو العلاقات الاقتصادية بينهما في بعض الأحيان، إلّا أن المُتابع لحجم الشراكة والتعاون الاقتصادي بينهما من منظورٍ أوسع يستطيع إدراك مدى عُمق التعاون التجاري بينهما، النابِع مِن المصالح المشتركة، وأهمية كلٍ من الطرفين للطَّرف الآخر، وهذا العامل -المصالح المشتركة- كفيلٌ بديمومة العلاقات الاقتصادية بينهما في المستقبل، طالما استمرت هذه المعادلة قائمةً، ولِما لكل طرفٍ من أهميةٍ إستراتيجيةٍ واقتصادية لدى الطرف الآخر كما سيأتي.

2. التعاون على المستويات السياسية والإستراتيجية

تمتد المصالح المشتركة بين الصين وإيران إلى المستوى السياسي، ويتَّضح ذلك من خلال ما يأتي:

أ. انسجام الرؤى تجاه طبيعة النظام الدولي: تنسجم رؤية الدولتين تجاه تنامي مخاطر النظام الدولي الأُحادي القطبية على مصالحهما الإقليمية والدولية، ومن ثم أهمية إرساء عالمٍ «مُتعدد الأقطاب» يُفسح المجال أمام بروز أقطابٍ دوليةٍ منافسة ومؤثرة في الشؤون الدولية.

ورغم المصالح الاقتصادية الكبيرة المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة غير أنَّ بكين ترفض الهيمنةَ الأمريكية العالمية، وإيران ترسَّخت الرؤية لديها قبل أربعين عامًا بأنَّ الولايات المتحدة «الشيطان الأكبر» وإسرائيل «الشيطان الأصغر»، ومن ثم تتفقُ الدولتان في رؤيتهما للنظام الدولي أُحادي القطبية واستهدافه المتماثل لهما لتطويقِهما وتقليم أظافرهِما على المستويين الإقليمي والدولي، والالتقاء وِفق قاعدة «عدو عدوي صديقي».

ب. التعاون لمواجهة سياسة التطويق الأمريكية: يكمُن في اللاوعي الجمعِي الصيني-الإيراني القلقُ المشترك بوقوعِهِما ضحيتين لسياسةِ التطويق الغربية المُتبعة تجاه الصين في شرق آسيا وإيران في الشرق الأوسط، فبينما انقسمت إيران إلى عدة مناطِق نفوذ، روسية وبريطانية في القرن التاسع عشر، وتعرّضت لضغوطٍ أمريكية وبريطانية لثَنيها عن التعاون مع الأنظمة الشيوعية ومباشرة المصالح الغربية مطلع أربعينات القرن العشرين، وتعرّضت –ولا زالت- لسلسلةِ عقوباتٍ اقتصاديةٍ خانقة، عاشت الصين سلسلةً من الهزائم العسكرية المتتالية من القوى الغربية، وتعرّضت لعقوباتٍ دولية بقيادةٍ أمريكية بعد تأسيسها النظامَ الاشتراكي نهايةَ أربعينات القرن العشرين، ونتيجةً لذلك تطابقت وجهات نظر الدولتين تجاه مسؤولية القوى الغربية الأوروبية والأمريكية في الإخفاقات التي مُنيتا بها.

وبالتبعية يتطابق الإدراك الصيني-الإيراني بضرورة التنسيق المشترك تجاه القضايا الشرق آسيوية، والشرق أوسطية، وخلق توازنٍ جيو-إستراتيجي وجيو-اقتصادي قوي من أجل مجابهة مصدر التهديد المشترك، المتمثِّل في السياسة الأمريكية تجاه منطقتي شرق آسيا في إطار التحالف الإستراتيجي مع كوريا الجنوبية واليابان، وبعض الفواعِل في الشرق الأوسط في إطار التحالف الإستراتيجي مع إسرائيل وحلفائها التقليديين([16]).

ج.الاحتياج الإستراتيجي المتبادل: علاوةً على أهمية الدولتين لبعضِهما البعض اقتصاديًا وتجاريًا باعتبار الصين مشترٍ أساسي للنِّفط الإيراني للتخفيف من وطأة العقوبات، وإيران حليفًا موثوقًا لتوريد النفط، فبكين وطهران تمرّان بحالة احتياجٍ إستراتيجيٍ متبادل:

(1) بالنسبة لإيران: فهي في حاجةٍ للفيتو الصيني كموازنٍ إستراتيجيٍ دوليٍ ثانٍ بعد الموازِن الإستراتيجي الدولي الأول، ممثلًا في الفيتو الروسي لحماية المصالح الإيرانية من التهديدات والعقوبات الأمريكية، إذ يكمُن في العقل الإستراتيجي الإيراني هاجسٌ من استمرارية دعم الروس الدائم، خلّفته حالةُ عدم الثقة التاريخية بين الإيرانيين والروس، نتيجةَ اقتضام الروس لأجزاءٍ من الأراضي الإيرانية أثناء فترة الدولة القاجارية بين 1813م-1828م، واحتلال أراضٍ إيرانية أثناء الحرب العالمية الثانية، ودعمِهم للحركات الانفصالية في أقاليم كردستان وأذربيجان الإيرانية، وهو ما أدركَه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسِه ليُعلن أثناء لقائه المرشد الإيراني علي خامنئي في نوفمبر 2017م «لن نخونكم»([17])، فضلًا عن توالي مؤشرات التوتر في العلاقات الروسية-الإيرانية في الملف السوري فوصلت لحدّ الاشتباكات المسلحة بين الفيالق المؤيدة للروس والإيرانيين في سوريا على مناطق النفوذ.

(2) بالنسبة للصين: تُعد إيران البديل الشرق أوسطي القوي، والحليف الموثوق ضدّ السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، فالمعارضة الإيرانية للهيمنة الأمريكية من الأسُس الأيديولوجية للجمهورية الإيرانية، وبالتالي فإن ثمة قيمةً إستراتيجية في مساعدة إيران على تطوير قدراتها بما يمكّنها من التصدي للهيمنة الأمريكية على موارد المنطقة، كما أنها تمثِّل فرصةً حقيقيةً وبوابةً لتأمين موطئ قدمٍ إستراتيجي للصين في الشرق الأوسط([18])، وفي آسيا الوسطى، وكذلك توفر ورقةَ ضغطٍ للصين ضدّ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مقابلَ امتلاك الولايات المتحدة أوراقَ ضغطٍ ضدّ الصين في شرق آسيا.

د. التوافق تجاه بعض الملفات الشرق أوسطية والشرق آسيوية: تلتقي الدولتان تجاه الملف السوري وبقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم، حيث قدمت إيران الدعم العسكري والمالي والسياسي لبقاء الأسد، كما حال الفيتو الصيني عدة مراتٍ دونَ تعرُّض نظام الأسد إلى عقوباتٍ دولية، ويلتقيان أيضًا في الملف الكوري الشمالي ضدّ السياسات الأمريكية، كما دعا الرئيس الصيني تشين جينبينغ إيرانَ خلال العام 2019م إلى الاشتراك في تشديد الخِناق على «القوى الثلاث» المُتمثلة بالإرهاب والحركات الانفصالية والتَّطرف، بما في ذلك حركة تركستان الإسلامية الشرقية([19]).

3. التعاون العسكري

يرجع التعاون العسكري بين البلدين إلى ثمانينات القرن الماضي بانضمام الصين إلى قائمة مزوّدي إيران بالسلاح أثناء الحرب العراقية-الإيرانية 1980م-1988م، فقد صدّرت بكين لطهران صواريخ بالستية من بينها صواريخ سيلك وورم المضادة للسُفن، وبذلك كانت الصين أكبر موردٍ عسكري لإيران خلال حقبة الثمانينات من القرن العشرين، وهو ما لاتنساه إيران للصين، لكونه تم في توقيتٍ بالغ الشدة لدى طهران بعد قرار حظر تصدير الأسلحة لإيران على خلفية أزمة الرهائن الأمريكيين 1979م.

لم يقف الدور الصيني عند هذا الحد بل لعِبت بكين دورًا مركزيًا في تطوير تدشين البرنامج النووي منذ ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، حيث قدّمت بكين لطهران مساعداتٍ لبناء مركز أصفهان للبحوث النووية، والذي افتُتح عام 1984م، عبرَ تدريبها المهندسين النوويين الإيرانيين على الصناعة النووية وكيفية استخراج وتخصيب اليورانيوم، كما شَحَنت الصين لإيران في عام 1990م طنًا من غاز سداسي فلوريد اليورانيوم المهم لضخّ الغاز في أجهزة الطرد المركزي([20]).

ورغم إنهاء الصين دعمَها للبرنامج النووي الإيراني عام 1997م في محاولةٍ منها لتحسين علاقاتها مع واشنطن، غيرَ أنها مَدّت إيران خلال الفترة من 2002م -2009م بالأسلحة مِثل القذائف والصواريخ الانسيابية المضادة للسُفن من طراز (C-801)، و(C-802)، وقذائف أرض-جو محمولة من نوع (QW-11)([21])، وخلال 2010م ساعدت الصينُ إيران في تشييد مصنعٍ لصناعة قذائف Nasr-1 المضادة للسُفن، كما ساعدتها أيضًا في صناعة صواريخ نور الانسيابية المضادة للسُفن، وهي نسخةٌ مطورة من قذائف (C-802) الصينية، ويتراوح مداها بين 120-220 كيلو مترًا([22]).

وتلقّت طهران مساعداتٍ صينية لتطوير صواريخ بالستية قادرة على إطلاق الأقمار الصناعية من خلال عضويتها في منظمة التعاون الفضائي لآسيا والمحيط الهادي، وأجرَت الصين مناوراتٍ وتدريباتٍ عسكرية مشتركة مع إيران خلال الأعوام 2014م و2017م و2019م في مياه الخليج العربي، وعام 2015م وقّعت شركة الدفاع الإلكتروني الإيرانية «صا إيران» عقودًا مع الشركات الصينية تقضي باستخدام نظام «بايدو-2» للملاحة بالأقمار الصناعية الخاص بها لأغراضٍ عسكرية، وهو نظامٌ يُتيح خدماتٍ أكثرَ دقةً من خدمات النظام العالمي GPS، مما يُعزز ويُحسن إقبال إيران على استخدامها للملاحة بالأقمار الصناعية في صواريخها وطائراتها بدون طيار.

ومع قُرب انتهاء صلاحية قرار الحظر الأممي المفروض على إيران في أكتوبر 2020م لبيع وشراء الأسلحة بموجب القرار رقم 1747، فإن الصين تُعدُ من أهم الدول المرشحة للدخول في شراكةٍ عسكريةٍ ضخمة مع إيران، بتوريد السلاح لتطوير ترسانتها التقليدية؛ وقد كشف تقريرٌ لصحيفة «تشاينا ديلي» الصينية أن إيران يمكن أن تستفيد من الصناعات العسكرية الصينية في المجال الجوي والبري والبحري، إذ يمكن للطائرة (J-10C ) الصينية الحديثة أن تلعب دورًا في تطوير وتحديث سلاح الجو الإيراني المتقادم، كما يمكن أن تستفيد إيران من بعض الصناعات الصينية مثل طرادات الهجوم السريع (Type-02)، صواريخ كروز المضادة للطائرات (YJ-22)، والغواصات من طِراز (Yuan)، والغواصات الجوية والصاروخية (L-3000N )، وأنظمة الدفاع ( HHQ-10) كما يمكن أن توفر بكين أيضًا الدعم الفني لإيران في تشغيل وصيانة هذه الأنظمة([23]).

على أي حال صُنّفت الصين على أنها أكبر ثاني مُصدّرٍ للأسلحة لإيران بعد روسيا حتى قرار حظر توريد الأسلحة لإيران 2007م، ومرشحةٌ بقوة لبيع السلاح لإيران بعد انتهاء قرار الحظر، خاصةً في ظلّ حالة الثقة التاريخية المتبادلة بين الصين وإيران، والاحتياج الجيوسياسي والاقتصادي المتبادل بين الدولتين.

ثالثًا: معوقات تطور العلاقات وقضايا الافتراق الصيني-الإيراني:

رغم توصيف مستوى التعاون بين الصين وإيران على أنه مستوى التفاهم والشراكة، غيرَ أن معوقاتٍ أمام العلاقات، وقضايا افتراقٍ وتباعُد تحدُّ من العلاقات التعاونية بين الدولتين المهمّتين على المستويين الإقليمي والدولي، كالتالي:

1. العقوبات الاقتصادية على إيران وسلوك الصين البراغماتي

لا يعني التعاون الاقتصادي بين الدولتين أن العلاقات الاقتصادية والتجارية البينية كانت على وفاقٍ تام خلال مرحلة الشراكة منذ 2006م، والتي لا زالت مستمرةً -حتى تاريخ نشر الدراسة- إذ عَلَّقَت شركاتٌ صينية تنفيذ اتفاقياتٍ ضخمة بحوالي 20 مليار دولار لتطوير حقل بارس الجنوبي عام 2011م خوفًا من العقوبات الدولية. كما تصرّفت بعض الشركات الصينية تصرفاتٍ أغضَبت المسؤولين الإيرانيين في ظلّ غياب المنافسة خاصةً من الأوروبيين؛ ويقول نائب وزير الاقتصاد السابق محسن فرحاني في 2015م: إن الشركات الصينية فرَضت شروطًا جديدة نتيجةً لوضع الحصار وغياب المنافسة، كرفع أسعار صادراتها مع تأخير المدة الزمنية للتسليم، وشعر المصنعون الإيرانيون بأنَّهم مجبرون على استخدام المنتجات الصينية([24]).

وربما يفسّر هذا السلوك الصيني سبَبَ تراجع حجم التجارة المشتركة بين البلدين خلال الفترة بين عامي 2015م و2016م (بنسبة 7% تقريبًا) في مقابل زيادة التوجه نحوَ الدول الأوروبية (بنسبة 400% أي أربع مرّات) لكسر الهيمنة الصينية على السوق الإيراني وخلق منافسين جُدد بعد رفع العقوبات في يناير 2016م (انظر الرسمين البيانيين 2 و 3)، وبالطبع للحاجة الماسة لتكنولوجيا أعلى توفرها الصناعة الأوروبية. لكن مع هذا ظلّت الصين هي المشتري الأكبر للنفط الإيراني على مستوى العالم، وإن انخفضت كميات الاستيراد بالتأكيد.

كان بنك كونلون (Kunlun) الصيني يمثِّل القناة المصرفية الأساسية لسداد أموال النفط الإيراني والتجارة بين البلدين من عام 2010م، وهو بنكٌ مملوكٌ للحكومة الصينية بنسبةٍ كبيرة عبرَ شركة النفط الوطنية (CNPC)([25])، وصدَّرت الحكومة الصينية البنك لأداء دورِ القناة المالية وحمايةِ بنوكٍ صينيةٍ أخرى من العقوبات المفروضة على إيران مُنذ ذلك الوقت، وعلى الرغم من فرض عقوباتٍ أمريكيةٍ عليه في 2012م، لكنه استمرّ في القيام بدوره وتسهيل تجارة السِلع والنفط بين البلدين؛ ولكن يبدو أن البنك لم يعد قادرًا على القيام بنفس الأدوار حاليًا بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية، نظرًا لتوسُّع استثمارات مالكي البنك في الولايات المتحدة([26]) ما يجعلُها عرضةً للعقوبات، ولذا سارع البنك بإعلانه اقتصار التعامل مع إيران على التجارة الإنسانية المتعلقة بالغذاء والدواء فقط حتى يرفع العقوبات.

عقبةٌ إضافية أمام تطوير العلاقات بين البلدين تلوحُ في الأُفق، وهي اتجاه القطاع المالي الصيني حاليًا إلى تحديث أنظمته المالية والالتزام بمعايير الشفافية الدولية واشتراطات اتفاقية مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي وضعتها مجموعة العمل المالية الدولية (FATF) وهي الاتفاقية التي تُثير جدلًا واسعًا في إيران، وحتى الآن ترفضُ الانضمام إليها.

وبالفعل انعكست هذه العقبات على مستويات التجارة الحالية بين البلدين، وتراجَعَ حجم التبادل التجاري عقِب إعادة فرض العقوبات الأمريكية، وفي يناير من عام 2019م انخفضت صادرات إيران إلى الصين بحوالي 50% مقارنةً بنفس الشهر من عام 2018م، بينما انخفضت صادرات الصين إلى إيران بحوالي 60% خلال نفس الفترة، وبالتالي إذا لم تجِد الصين طُرقًا بديلة للتجارة الآمنة مع إيران كالتعامُل مع بنوكٍ صغيرة -وفقًا لتصريحات مسؤولين صينين-([27]) سيتراجَعُ حجم التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما بدرجاتٍ أكبر بكلّ تأكيد.

2. تباين المصالح الاقتصادية مع الولايات المتحدة

هناك تباينٌ صيني-إيراني فيما يخصُ المصالح الاقتصادية لكل دولةٍ مع الولايات المتحدة، فبينما تحظى الصين بعلاقاتٍ اقتصادية وتجارية واسعة مع الولايات المتحدة، فإن علاقة إيران الاقتصادية مع الولايات المتحدة منقطعة، ومن ثمّ فإن التعاطي الصيني مع الموقف الأمريكي من إيران يتحددُ بشكلٍ ما على أساس رغبة واشنطن في الإبقاء على علاقاتٍ تجاريةٍ قوية مع الصين، وهو ما لم يتوفر لإيران نتيجةَ انقطاع العلاقات من الأساس.

3. تباين محركات السياسة تجاه القضايا الخارجية

فيما اندلعت بالدولتين ثوراتٌ تراجَعَ على خلفيتها انتشارُ القيم الغربية بهما، لم تتبنَّ الصين النهجَ الثوري كمحركٍ لسياساتها الخارجية تجاه الشؤون الدولية، وإنما تحولت في سياستها الخارجية من الاعتماد على النهج الأيديولوجي إلى الاعتماد على النهج البراغماتي منذ التحول في النظام الدولي إلى الأُحادية القطبية بسيادة لغة المصالح في التعامل مع الدول، بغضّ النظر عن الاختلاف الأيديولوجي، إذ أصبح همُّها الأول التنميةَ الاقتصادية، من أي مصدرٍ وبأي وسيلة، سواءٌ جاءت المساعدات من روسيا الشيوعية سابقًا أو من اليابان الإمبريالية التي اعتدت عليها في الماضي، أو من الولايات المتحدة غريمة الصين حاليًا، ومن هنا شاع قول دنج شيا وبنج «ليس بالضرورة أن يكون لون القطّ أسود أو أبيض وإنما بالضرورة أن يصطاد الفئران»([28])، وهو ما جعَلَها تنخَرطُ في علاقاتٍ تعاونية مع مختلف الوحدات الدولية بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، العدوين اللدودين لإيران، وتحولت بفضل سياساتها التعاونية إلى مرتبة الاقتصاد الثاني في العالم، وتعتمد إيران على نهجٍ ثوريٍ أيديولوجي.

بينما يُعتبر النهج الثوري والأيديولوجي -نظرية ولاية الفقيه التوسعية- أحد أهم المحركات للسياسة الخارجية الإيرانية منذ العام 1979م، والتي على أساسها حدَّدت إيران حلفاءها وخصومَها، وهو ما أفرَز عن حالةٍ عدائية مع العديد من الدول على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما جعلها تدخل في علاقاتٍ صراعية وصِدامية مع العديد من دول المنطقة والعالم، وتقطع علاقاتها نهائيًا مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وتتحول إلى دولةٍ تعاني أزماتٍ اقتصادية، وعزلةً دولية، نتيجةَ تدخلها في الشؤون الداخلية للدول، وعدم احترامها حُسن الجوار والسيادة الوطنية للدول بحُكم توجهاتها الثورية وِفق بنودها الدستورية خاصةً المادة 154([29]).

4. تباين وجهات النظر حول القضايا الشرق أوسطية

مِثل قضية الانتشار النووي والتهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، حيث ترفض بكين انتشار الأسلحة النووية بشكلٍ عام، لما له من آثار ٍكارثية محتملة على شبكة المصالح التجارية الصينية الدولية، وعلى ناقلات النفط القادمة للصين، كما ترفض التهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق أمام ناقلات النفط القادمة للصين من خلاله، أو لعبور السُفن التجارية الصينية المُحملة بالبضائع، ففي حال إغلاقه حتمًا سيلحقُ الضرر بالصين.

رابعًا: إيران كورقة مساومةٍ بين الصين والولايات المتحدة:

بانتهاء العقد الثاني من الألفية الثالثة المُفعم بالتحولات الكونية غير المسبوقة في التاريخ المعاصر ارتسمت معالم مرحلةٍ مغايرة أكثر استقطابًا بين الوحدات الدولية، لم تمر خلالها المطالب الأمريكية بتجديد قرار الحظر المفروض على إيران لبيع أو شراء الأسلحة بموجب قرار مجلس الأمن 1747 دونَ الاصطدام بفيتو صيني أو روسي؛ وذلك لتنامي الاستقطاب الشديد والتباين الحاد في مصالح الدول الدائمة العضوية في المجلس مُنذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي 2018م.

تفترض العديد من الأدبيات أن الفيتو الصيني على قرار تجديد الحظر المفروض على إيران يبدو متوقعًا لعدة عوامل يتقدمها:

1. الرفض الصيني لإستراتيجية الضغوط القصوى الأمريكية ضد إيران والتزامها بالاتفاق، والذي ينصُّ على رفع الحظر المفروض على إيران لشراء أو بيع الأسلحة في أكتوبر 2020م.

2. إشعال الولايات المتحدة حربًا تجارية ضد الصين مُنذ مطلع العام 2018م سواءٌ من خلال فرض رسومٍ بشكلٍ مباشر على الواردات الصينية، أو من خلال فرض العقوبات على الموردين الكبار للطاقة للعملاق الصيني.

3. ما أشارت إليه بعض التقارير الاستخباراتية من إبرام بكين وموسكو صفقاتِ تسلُّحٍ مع إيران يتم تنفيذها بموجب انتهاء صلاحية قرار الحظر([30])، وهو ما يوفر ملياراتِ الدولارات للصين وروسيا، ومن ثم كيف يمكن ثنيُ الدولتين عن استخدام الفيتو لتجديد قرار الحظر وإقناعِهما، خاصةً بعد إعلان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف بأنَّ موسكو لن تقبلَ بتجديد الحظر؟

4. التحول في معدلات القوة الدولية على خِلاف ما كان سائدًا مطلع الألفية الثالثة، حيث فارقُ القوة الكبير لصالح الولايات المتحدة على بقية الأقطاب الدولية، أما بحلول 2020م، بات الأمر مغايرًا تمامًا، حيث تقلَّص معدل القوة بشكلٍ كبير بين الأقطاب الدولية ببلوغ الصين وروسيا مراتبَ متقدمة في معايير القوة الشاملة الدولية، وهو ما تجلّى في اختبار مواجهة فيروس كورونا المستجد 2020م.

قد تبدو العوامل المعززة لاصطدام قرار تجديد الحظر بالفيتو الصيني أو الروسي منطقية، وتزيد من تعقيد وصعوبة القضية أمام الولايات المتحدة للضغط باتجاه تجديد قرار الحظر؛ ليتوقف قرار التجديد على الأثمان التي يمكن أنْ تقدمها واشنطن، ولن تكون منخفضةً للروس والصينيين لثنيهما عن استخدام الفيتو ضدَّ القرار، فالصين وروسيا عام 2000م ليستا هما الصين وروسيا 2020م من حيث درجة التأثير في الشؤون الدولية.

فقد أعلن الروس رفضهم تجديد الحظر على إيران، وصدَرَ بيانٌ عن الخارجية الروسية في مارس 2020م: «قيل في الكونغرس إن الولايات المتحدة ستحاول إقناع روسيا والصين بعدم استخدام حق النقض ضدّ مشروع قرار مجلس الأمن بشأن تمديد حظر الأسلحة على إيران. لكن لا فائدة من إثارة هذه المسألة»، وأضاف «تقدم الولايات المتحدة شحنات الأسلحة بمليارات الدولارات إلى الشرق الأوسط»([31])، في إشارةٍ بالغةِ الأهمية على التعامُل بالمِثل في مسألة بيع السلاح لدول المنطقة، ولكن شتّان ما بين بيع السلاح لدولٍ مسؤولة تستخدمُه في الردع، وبيعِه لدولٍ غير مسؤولة مِثل إيران تستخدمُه في التهديد المباشر.

ولذلك باتت الحسابات الأمريكية للرِّهان على تحقيق إجماعٍ دولي بالغةَ التعقيد، ويزيد من تعقيدها تذبذُب موقف الدول الأوروبية في الاتفاق تجاه تمديد قرار الحظر، وهو ما أشار إليه نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف: «الدول الأوروبية الموقّعة على الصفقة -بما في ذلك بريطانيا وألمانيا وفرنسا- ليس لديها نيةٌ لإحضار ملف إيران إلى مجلس الأمن»([32]). فكيف يمكن أن توافق على تجديد قرارٍ يحظر بيع الأسلحة لإيران بما يخالف بنود الاتفاق في وقتٍ تُعارض فيه الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، وتسعى فيه لخلق آليةٍ للتعاون مع إيران لثنيها عن الانسحاب من الاتفاق النووي؛ وبالتالي فكيف يمكن أن توافق الدول الأوروبية على مِثل هذا القرار، وهو ما أدركهُ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بقوله «في حال لم نتمكن من حثّ الآخرين على التحرك، سندرُس كل الخيارات للتوصل إلى ذلك»([33]).

ومن ثم فالمسألة ترتبط بشكلٍ أساسي بما ستُقدمه واشنطن لأعضاء الاتفاق النووي لتحقيق إجماعٍ دولي لتجديد قرار الحظر، وهو ما يصعُب تحقيقُه في ظلّ إدراةٍ أمريكية تتبنّى سياساتٍ تفتقدُ للمرونة تجاه الملفات العالقة، ومِن ثم قد تلجأ إلى التلويح بمزيدٍ من العقوبات ضدّ الصين وتحميلها مسؤولية المخاطر المحتملة من تعاظُم القوة الإيرانية، بما يهدد أمن المنطقة التي تُعوِّل عليها الصينُ لاستيراد النفط في ظلّ العقوبات المفروضة على النفط الإيراني، فضلًا عن التوجّس الصيني من تنامي القوة الإيرانية، بما يوسّع دائرة التهديدات الإيرانية ويضرُّ بالمصالح الصينية ذاتها، وستكشف الشهور القليلة القادمة عمّا سيتم اتخاذه بشأن تجديد القرار أو رفضه، إذ أضحت المسألة برمّتها شديدةَ التعقيد والضبابية.

خامسًا: الاستنتاجات

على ضوء محددات قوة العلاقات الصينية-الإيرانية، وقضايا التعاون والافتراق الصيني-الإيراني وتوقعاتُ الموقف الصيني من قرار حظر بيع الأسلحة لإيران يُمكن استعراضُها بالنتائج التالية:

1. النجاح في بناء علاقاتٍ إستراتيجية متعددة الجوانب

فالذي يجمعُ بين الصين وإيران أكبرُ بكثيرٍ من حدود التعاون في مجال الطاقة والتجارة، فالأمرُ مرتبطٌ بالهدف المركزي للسياسة الخارجية الصينية المتمثِّل في الانتشار الدولي الهادئ، والتحول إلى نظامٍ دولٍي مُتعدد الأقطاب، بما يُفقِد الولايات المتحدة هيمنَتها على النظام الدولي، والحصول على موطئ قدمٍ في الشرق الأوسط، بما يحدُّ من النفوذ الأمريكي، ويخدُم المصالح الصينية؛ ومن هنا تأتي أهمية إيران للصين في المنطقة، وحتى طريق الحرير؛ وإن كان طريقًا تجاريًا عابرًا للحدود، غير أنه أحدُ أهم الآليات الصينية لسحب البِساط من تحت الهيمنة الأمريكية الدولية، وأيضًا مرتبطٌ بالهدف الإيراني المتمثِّل في إفقاد الولايات المتحدة هيمنَتها والحصول على حليفٍ وموازنٍ دوليٍ موثوق يحدُّ من الضغوط الأمريكية ويشكِّل مصدَرَ حمايةٍ دولية.

ولعل ما أُثيرَ مؤخرًا في يوليو 2020م عن احتمالية توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية وأمنية بين الصين وإيران لمدة 25 عامًا، يكشف مدى استراتيجية ومتانة العلاقة بين البلدين، وتشمل تلك الشراكة استثمارات صينية ضخمة في البنية التحتية الإيرانية تصل إلى 400 مليار دولار، مقابل امتيازات تجارية وأمنية وعسكرية على الأراضي الإيرانية خلال تلك المدة، ورغم أنها شراكة غير مؤكدة حتى الآن من الجانب الصيني وتَعرَّضت لانتقادات حادة في الداخل الإيراني، فإنها تكشف مدى قوة العلاقة بين البلدين وما يمكن أن يصل إليه مستوى التعاون بينهما لتحقيق المصالح الاقتصادية والسياسية المشترَكة ومواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة.

2. تأسيس علاقةٍ خارج حدود التأثير الأمريكي نسبيًا

خيارات وأوراق الضغط الأمريكية تجاه الصين لتقلِيص مستوى علاقاتها مع إيران محدودةُ التأثير، إذ إن استخدامها حوافزَ سلبية ضدَّ الشركات والتجارة الصينية بات غير مجدٍ، وآثارُهُ محدودة، نظرًا لقوة الصين الاقتصادية بتبوئها مرتبةَ ثاني اقتصادٍ في العالم، وبثِقلها السياسي (حق الفيتو)، والعسكري (تقليص الفوارق في الإنفاق العسكري) في ميزان القوى الدولي، ومن ثم فشِلت الإدارات الأمريكية المُتعاقبة في تشكيل نهجِ الصين تجاه التعاطي مع الملف الإيراني، بما يخدُم السياسات والعقوبات الأمريكية على إيران.

3. علاقة اقتصادية دائمة ومكاسب أكبر للصين

إن التعاون التجاري الصيني-الإيراني سيظلُّ قائمًا مستقبلًا، وربما قابلًا للتطوير شريطةَ إيجاد آلياتٍ آمنة للتبادُلات المالية بين البلدين، إذ توجدُ عقباتٌ مصرفية تعوقُ زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين بلا شك، إلّا إذا نجحت الصين في إيجاد طُرقٍ بديلة لاستمرار العمل مع إيران عبرَ مجموعةٍ من البنوك الصينية الصغيرة، ومِن المحتمل ميل اتجاه العلاقات الاقتصادية لخدمة المصالح الصينية أكثرَ من المصالح الإيرانية، طالما بقيت العقوبات الاقتصادية الأمريكية قائمة، إذ إن تزايد الدور الصيني داخل الاقتصاد الإيراني سيخلُق نوعًا من الهيمنة والتأثير على صُنع القرار الإيراني في ضوء محدودية البدائل والخيارات المُتاحة أمامه، مما قَد يضعُ الموقف الإيراني في الجانب الأضعف في عمليات التفاوض التجارية بين الطرفين. كما سيكون على إيران القبول بتكنولوجيا أقل جودة فيما يتعلق باستثمارات القطاع النفطي والمعدات الصناعية مقارنةً بالاستثمارات الأوروبية الهاربة، ما سينعكسُ على الوضع التنافسي للمنتجات الإيرانية في النهاية، وفي المقابل وبالنسبة للصين ستكون فترة العقوبات الأمريكية على إيران فرصةً جيدة للحصول على تنازلاتٍ أكثر فيما يتعلق بشراء النفط وتطوير إنتاج وصادرات الغاز لصالحها، إضافةً إلى التجارة أو اقتناص الفُرص الاستثمارية في السوق الإيرانية.

4. فشلٌ إيراني في الاستفادة من النموذج الصيني

فرغم العلاقات الإستراتيجية القوية بين الصين وإيران، وأن الصين أقرب حلفاء إيران الدوليين، غير أنَّ الأخيرة فشلت في الاستفادة من الأولى باللجوء إلى السيناريو الأمثَل لبناء القوة وتحقيق الأهداف بدون الدخول في صراعات، فعمرُ التجربة الصينية يكاد يكون مقاربًا مع عُمر حُكم الولي الفقيه، فالتجربة الصينية بدأها دينج شياو بينج عام 1978م، بينما أحكَمَ رجالُ الدين الإيرانيين قبضَتَهم على الحُكم بعد الثورة عام 1979م، الصين تخلَّت قَبل أكثر مِن أربعين عامًا عن البُعد الأيديولوجي في سياساتها الخارجية، لأنَّ البُعد الأيديولوجي جعلها صداميةً مع العديد مِن دول العالم، وحوَّلها إلى قائمة أفقرِ دول العالم، واعتمدَت على البُعد البراغماتي، ما حوَّلها إلى الاقتصاد الثاني في العالم، ورغم ذلك لم تستفِد إيران، وتمسَّكت بالجانب الأيديولوجي بعدما تخلَّت عنهُ الصين لكارِثيته على أوضاعها الداخلية والخارجية، وهو ما جعلها في علاقاتٍ صراعية مع العديد من القوى الإقليمية والدولية، ومن ثم باتت إيران تعيشُ في فتراتِ الصين ما قبلَ نحوِ أربعة عقودٍ من الزمان، رغم التغييرات التي لحِقت بالنظامين الإقليمي والدولي.

خلاصة

على ضوء ما سَبق يُمكن القول بصعوبةِ التأثير على العلاقات الصينية-الإيرانية، حيث يبدو أن أيَّ تغييرٍ يرتبط بطبيعة النظامين الصيني والإيراني، ودرجة الاحتياج الإستراتيجي والجيو-سياسي والاقتصادي والعسكري المُتبادل، أو بتصعيدٍ في المواجهات الأمريكية-الإيرانية باتجاه الحرب، وهو ما يَصعُب حدوثه بالنظر إلى كارثيةِ الحرب على كلِّ أطرافها، بما يجعل من تكلُفة استمرارية العلاقات الصينية مع إيران مرتفعةً للغاية، مقارنةً بتخفيض مستوى العلاقات معها؛ وبغياب هذا التحولات غير المُرجحة ستستمرُّ الصين في موقِفها من إيران ورفضِها الانسحاب من الاتفاق النووي، ورفض العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.

وبقدر إدراك الصين لأهمية إيران كحليفٍ تجاريٍ وسياسيٍ موثوقٍ في المنطقة الشرق أوسطية، بنفس القدر تُدرك بكين أن انعدام الأمن في الخليج العربي حتمًا سيُعرِّض مصالحها للخطر من قِبل الولايات المتحدة في أكثر مِن منطقة، خاصةً في منطقة الخليج العربي الإستراتيجية والحيوية للصين، إذ إنَّ عدَمَ الاستقرار في الشرق الأوسط يُهدد سُفن التجارة الصينية، وخطوطَ إمداد الطاقة، وهو ما يجعلُ الصين تُفضِّل خيارَ الأمن الجماعي في الخليج العربي، على ضوء أهمية دولِ الخليج وإيران الإستراتيجية للصين؛ حتى أنَّ الصين وهي تبذلُ جهودًا لتأمين موارد طاقةٍ مِن منطقة بحر قزوين كبدائل للنّفط الشرق أوسطي فإن إيران تُشكِّل حلقةً رئيسيةً لعبور أنابيب النّفط لنقل الطاقة مِن منطقة بحر قزوين إلى الصين، وهو ما يكشفُ عن مصلحةٍ كبيرة للصين في حِفاظها على شراكةٍ إستراتيجةٍ قوية مع إيران.

[1]– Bonnie Girard, The History of China and Iran’s Unlikely Partnership, The Diplomat, Accessed: Apr,24, 2020, https://bit.ly/36eICiZ

[2]– Peter Mackenzie, A Closer Look at China-Iran Relations , Roundtable Report, CNA China Studies, Accessed: Apr,24, 2020, https://bit.ly/2Re0Coj

[3]– سكوت هارولد، عليرظا نادر، الصين وإيران: العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، مركز راند للسياسات العامة في الشرق الأوسط، 2012م، ص 4، تاريخ الاطلاع: 30 أبريل 2020م، https://bit.ly/3dVrDot

[4]– The New York Times, Trump Abandons Iran Nuclear Deal He Long Scorned, Accessed: Apr, 24, 2020, http://cutt.us/ZCmVd

[5]– Iran, Proven Oil Reserves by Country (2020), Global fire power, Accessed: Apr, 30, 2020, https://bit.ly/2KVaZJ4

[6]– بي بي سي فارسي، روحانی از کشف یک میدان نفتی در استان خوزستان خبر داد، تاريخ الاطلاع: 30 أبريل 2020م، https://bbc.in/2Wqj91l

[7]– ارم نيوز، حرب البادية السورية تخفي صراعًا على معابر طريق الحرير وحقول النفط والغاز، تاريخ الاطلاع: 20 أبريل 2020م، https://bit.ly/36uaNu9

[8]– خبر اون لاين الإيرانية، ایران و چین 17 سند همکاری امضا کردند/ صدور بیانیه 5 ماده ای مشارکت راهبردی تهران و پکن، تاريخ الاطلاع: 20 أبريل 2020م، https://bit.ly/3c3tB4F

[9]– سكوت هارولد، علي رضا نادر، الصين وإيران: العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، مركز راند للسياسات العامة في الشرق الأوسط، ص 4.

[10]– عبد الرؤوف مصطفى جلال، الصعود الصيني وسياسات التطويق الأمريكية، (القاهرة: مجلة رؤى مصرية، مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية)، العدد 58، نوفمبر 2019م، ص ص 16-22.

[11]– 2018 Military Strength Ranking, Accessed: Apr.30,2020, https://bit.ly/3d33GeP

[12]– Asian Infrastructure Investment Bank AIIB, Accessed: May.20,2020, https://bit.ly/3eexdlV

-[13] جون جارفر، الصين وإيران شريكان قديمان في عالم ما بعد الإمبريالية، (أبوظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2009م)، ص 357 وما بعدها.

 -[14] المرجع نفسه، ص 368 وما بعدها.

[15]– IMF, direction of trade statistics, Exports, FOB to Partner Countries, accessed on: 26 mai 2020.https://bit.ly/2yxv85g

*  في أكتوبر 2019م انسحبت الصين من المشروع، لكن من المستبعد أن تترك الصين سوق النفط الإيراني خاصةً مجال إنتاج الغاز الطبيعي الذي توليه اهتمامًا خاصًا للتقليل من معدلات تلوث الهواء المرتفعة لديها.

**  وقعت المرحلة الأولى من العقوبات في 06 أغسطس 2018م، وشملت عقوبات على تعاملات إيران بالدولار الأمريكي، وتجارة المعادن وقطع الغيار وطُبقت الثانية في الرابع من نوفمبر من العام نفسه على مشتري النِّفط الخام الإيراني ومشتقاته وعقوبات تؤثر على النقل والتأمين والموانئ.

**  وقعت المرحلة الأولى من العقوبات في 06 أغسطس 2018م، وشملت عقوبات على تعاملات إيران بالدولار الأمريكي، وتجارة المعادن وقطع الغيار وطُبقت الثانية في الرابع من نوفمبر من العام نفسه على مشتري النِّفط الخام الإيراني ومشتقاته وعقوبات تؤثر على النقل والتأمين والموانئ.

[16]– South China Morning Post, China backs Iran nuclear deal as United States walks away, but could it be a costly decision?, accessed on: 23 April 2020,  http://cutt.us/FfGke

[17]– وكالة الأنباء الروسية بالعربي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي المرشد الإيراني، تاريخ الاطلاع: 20 مايو 2020م، http://cutt.us/szW2z

[18]– John W. Garver, Is China Playing a Dual Game in Iran?, Accessed: May,20.2020, http://cutt.us/Wneyt

[19]– وكالة آكي الايطالية، الرئيس الصيني: نرغب في التعاون مع إيران رغم تغيرات الأوضاع الإقليمية والدولية، تاريخ الاطلاع: 20 أبريل 2020م، https://bit.ly/35Y8U93

[20]– David Albright and Andrea Stricker, Iran’s Nuclear Program, United States Institute of Peace, The Iran Primer,2010, Accessed: May,20.2020, https://bit.ly/2zaIVer

[21]– Robert F. Worth and C. J. Chivers, OP,cit.

[22]– UPI, China opens missile plant in Iran, Accessed: May,20.2020, https://bit.ly/2EciHMb

[23]– ميرفت زكريا، هل ستعزز الصين القدرات العسكرية الإيرانية في 2020م؟، المركز العربي للبحوث والدراسات، تاريخ الاطلاع: 20 مايو 2020م، https://bit.ly/3chsCi1

[24]– Najmeh Bozorgmehr, Financial Times, China ties lose luster as Iran refocuses on trade with west, Accessed: May,20.2020, https://on.ft.com/2ViDKGl

[25]– Financial Tribune, Banking Restrictions Take Toll on China-Iran Trade, Accessed: May, 20.2020, https://bit.ly/2P9Vdgu

[26]– Esfandyar Batmanghelidj, Bloomberg, Why China Isn’t Standing By Iran, Accessed: May,20.2020, https://goo.gl/8haF3h

 –2مشرق، قطع ارتباط شرکت ملی نفت چین با بانک کونلون، 1 دى 1397، تاريخ الاطلاع: 26 مايو 2020م. https://bit.ly/33PWi1s

1– إبراهيم الأخرس، الصين الخلفية الأيديولوجية والنفعية البراجماتية، (القاهرة: دار الأحمدي للنشر، 2006م)، ط1، ص ص 67- 106.

–[29] دستور الجمهورية الإيرانية، المادة 154.

[30]– Anton Mardasov, Iran’s military after UN arms ban ends?, al-monitor, Acssessed:20 Apr,2020, https://bit.ly/3dHEjPF

[31]– الرياض بوست، تسليح إيران.. صراع جديد بين الولايات المتحدة وروسيا، تاريخ الاطلاع: 20 أبريل 2020م، https://bit.ly/2yTNLk7

[32]– المرجع نفسه.

[33]– مونت كارلو الدولية، وزير الخارجية الأمريكي: ندرس كل الخيارات لتمديد حظر الأسلحة على إيران، تاريخ الاطلاع: 20 أبريل 2020م، https://bit.ly/35RVnzA

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × واحد =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube