https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
الكاتب :عبدالعظيم محمود حنفي
تركيا وإيران والولايات المتحدة.. ثلاث من القوى الرئيسية الفاعلة في ملف المصالح والمطامع في منطقة الشرق الأوسط.
ووفق الباحث الدكتور عبدالعظيم محمود حنفي، في كتابه “صراعات الشرق الأوسط ومصالحه.. المتغيّر الأميريكي والعلاقات التركية الإيرانية”، فإن تحديد العلاقات بين هذه القوى الثلاثة أمر ضروري لفهم وتحليل صراع النفوذ والتمدد الإقليمي في المنطقة.



ويعدّ الكتاب مرجعا لا غنى عنه لمعرفة تداخلات الصراعات والمصالح في منطقة الشرق الأوسط لاسيما من الزاوية المتعلقة بثلاثة من القوى الرئيسية الفاعلة فيها: تركيا وإيران والولايات المتحدة.
وفي إطار تفسيره لأسس مثلث القوى وأبعاد العلاقة بين أظلاعه الثلاثة: تقاربها وتباعدها، مصالح كلّ قوة ومطامعها، لم يقتصر الدكتور حنفي على تقديم خارطة فسيحة لتاريخ العلاقات الاقليمية، ولكنه يعيد الى الأذهان ما جرفته التطورات من تحولات ومواقف مفصلية أسهمت في رسم المعالم الرئيسية لتك الخارطة وحددت الكثير من مساراتها.



• تقارب تركي- إيراني مضطرد

ترتكز دراسة الدكتور حنفي بالأساس على فهم وتحليل مسار العلاقة التركية – الإيرانية، وبحث سيناريوهات مستقبل العلاقات بين البلدين، مبينا التطورات الاساسية التي تحيط بهذه العلاقة واضعا في الاعتبار أن لكلا البلدين سياسة خارجية متباينة تجاه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وكذلك النظام الاقليمي العربي وفقا لدرجة المصلحة.
ويفترض الباحث أن هناك عوامل عديدة تسهم في عملية التقارب والتباعد بين تركيا وإيران. فإذا كان العامل الجغرافي يلعب دورا كبيرا في التقارب بينهما لمواجهة التحدي الكردي نتيجة تشتت الاكراد بين أربع دول، منها اثنتان عربييتان هما: العراق وسوريا واثنتان غير عربيتين هما: تركيا وايران؛ فإن للعامل الايديولوجي “والديني تحديدا” دورا في التباعد بين البلدين نظرا للاختلاف بين نظام الحكم الاسلامي في ايران والحكم العلماني في تركيا.
وبين هذا وذاك تأتي المصالح الاقتصادية والتي تسوتجب التغاضي عن أية اختلافات بين البلدين، وهو الأمر الذي أسهم في حدوث تقارب تركي – ايراني مضطرد. إلا أن هذا التقارب، لن يكون في مصلحة قوة أخرى، هي الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، وهنا يظهر الدور الأميركي ليكبح هذه العلاقة.
وتحاول دراسة الدكتور عبدالعظيم محمود حنفي إثبات هذه الفرضية عن طريق الاجابة عن تساؤل أساسي يتعلق بطبيعة العلاقات التركية – الإيرانية ومحدداتها ومجالاتها وتأثير العامل الاميركي الذي ينزع نحو تعزيز العلاقات التحالفية مع تركيا ومحاولة احتواء النظام الايراني أو إسقاطه وتأثير ذلك على مسار ومستقبل تلك العلاقات.



ويوضّح الدكتور عبدالعظيم محمود حنفي، أستاذ العلوم السياسية والاقتصادية في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالزقازيق “مصر”، ومدير مركز الكنانة للبحوث والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، وخبير في منبر الحرية الاميركي التابع لمعهد كاتو الاميركي في واشنطن، في مقدمة الكتاب التي تكشف عن الكثير من مكنوناته قائلا: “إن الموقع الجيوستراتيجي لتركيا وايران في منطقة الشرق الاوسط، ومن خلفه قدرة التأثير لأي منهما في تحولات المنطقة من حولهما، كان يعطي دوما وزنا وحساسية خاصين في العلاقة بين البلدين. علاوة على أن التجربة التاريخية لكل من تركيا وإيران، بها بعض التشابه حيث نشأت الجمهورية التركية على أقل من نصف مساحة السلطنة العثمانية التي فقدت أطرافها الأوروبية غرباً، والأفريقية والآسيوية شرقاً وجنوباً.
وعلى ذات المنوال تبلغ مساحة إيران الحالية بالكاد ثلثي مساحة إيران القرن التاسع عشر، بعد أن خسرت أفغانستان جنوباً وأجزاء شاسعة من القوقاز شمالاً، والبلدان يقعان على رقعة جغرافية لها أبعاد جيوسياسية أكثر من أي رقعة غيرها على سطح الكرة الأرضية.
نحن نتحدث عن منطقة ليست كمثل غيرها، ليس فقط بسبب احتياطات الطاقة الموجودة في أراضيها، بل لأن هذه المنطقة، وبسبب موقعها الجغرافي المتحكم في الطرق البحرية الدولية، حددت وما تزال تحدد مسارات الصعود والهبوط للقوى العظمى. ويعود السبب في أهمية الطرق البحرية الدولية إلى أن الشطر الأعظم من التبادل السلعي بين دول العالم المختلفة يتم عبر السفن لرخص تكاليف النقل مقارنة بالطائرات، وهو ما يعزز أهمية البحار والسيطرة عليها في حسم الصراعات الكونية. ووفق هذا التصور تحتل إيران مكانتها. على ذات النسق، تركيا لها موقع مركزي في الاستراتيجية العالمية ليس للاعتبارات الأيديولوجية، بل للاعتبارات الجيوبوليتيكية أيضاً، ومرد ذلك أن الرقعة الجغرافية التي تنهض عليها تركيا كانت ومازالت لبّ منطقة الأوراسيا ومركز دائرتها، وتعتبر القوة البحرية الحالية “الولايات المتحدة الأميركية” المنطقة الأخيرة أساسا لسيطرتها الكونية، بسبب أنها تحاول حبس ومحاصرة القوة البرية “روسيا” وتمنعها من الوصول إلى البحار المفتوحة. وتطل تركيا على الممرات البحرية في البوسفور والدردنيل، كما تفصل روسيا عند البحر الأسود الذي لا بد لها من المرور عبره للوصول إلى مياه البحر المتوسط الدافئة. تلك القوتان الإقليميتان سادت بينهما العداوات والخصومة والتنافس أكثر مما سادت بينهما الصداقة سيما منذ قيام الثورة الايرانية عام 1979.
إن الحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية قد تبنت سياسة خارجية أكثر فاغلية من سابقاتها الا أن سياسات هذه الحكومة ازاء ايران تعكس الى حد كبير استمرارا لسياسات الحكومات التركية السابقة في الثمانينيات والتسعينيات، وكما يلاحظ بعض الباحثين، “فإن تركيا كانت تنظر الى ايران على انها بخلاف بلدان الشرق الاوسط الاخرى، دولة قومية كبيرة ومهمة يجب ادارة “العلاقات” معها وليس مواجهتها.
إن رغبة تركيا في اتباع سياسة ادارة او تدبير العلاقة مع ايران بدلا من مواجهتها، تعود الى زمن العثمانيين، وهي لا تزال حتى اليوم امرا لا بد منه في رؤية تركيا للسياسة الخارجية الا ان هذا الميل العام والتفضيل التركيين للديبلوماسية والادارة عندما يتعلق الامر بالشئون الايرانية لا يكفي لفهم التغييرات العميقة التي تشهدها سياسة تركيا الخارجية ازاء الشرق الاوسط بعامة وايران بخاصة، مما ادى الى حدوث تقارب لافت بين تركيا وايران عبر عن نفسه في صفقة نقل اليورانيوم الإيراني المخصب مع كل من تركيا والبرازيل. وتنص الصفقة التي أعلن عنها في السابع عشر من مايو/آيار عام 2010 أن تنقل 1200 كيلو جرام من اليوانيوم الإيراني منخفض التخصيب إلى تركيا لتحصل في المقابل على يورانيوم بتخصيب أعلى من روسيا وفرنسا للاستعمال في مفاعل طهران للبحوث، علاوة على تصويت تركيا ومعها البرازيل ضد فرض حزمة رابعة من العقوبات ضد ايران في مجلس الامن وفق القرار 1929 مع الزيادة المضطردة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفق مؤشرات محددة. وتتناول هذه الدراسة مستقبل العلاقات التركية – الايرانية مع تناول تأثير العامل الامريكي بهذا الصدد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + 2 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube