المؤلف:بول مورلاند ما هي آثار تراجع معدلات المواليد على الأحداث في العالم على مدار التاريخ؟ وكيف يؤثر التطور السكاني على الأحداث المعاصرة؟ حاول الباحث البريطاني بول مورلاند تتبع مثل هذه التساؤلات في كتابه المميز «سلطة التطور السكاني» بشكل أخاذ و متعمق. وسعى في فصول الكتاب إلى إثبات «كيف تسببت عواصف القوة السكانية» في اضطراب إحدى مناطق العالم وكيف تفعل ذلك في الوقت الحالي. وأكد ا قناعته بأن العنصر السكاني ربما كان العنصر الأهم في تاريخ العالم خلال القرون الماضية. ومورلاند باحث في قضايا التطور السكاني في جامعة لندن، ويتناول أسباب التحول السكاني وتبعاته. تاريخ التطور السكاني وتتبع المؤلف في كتابه التطور السكاني على مدى عدة عصور، من بينها حقبة الثورة الصناعية، والحرب الباردة، والعولمة، مستشرفا سيناريوهات مستقبلية، سواء بالنسبة لبعض الدول أو المناطق. أوضح ان التطور السكاني مر، حاله كحال السياسة والاقتصاد والمجتمع، بتحول بالغ بدءا من عام 1800 تقريبا وحتى اليوم. وتعرض أولا إلى التطور السكاني في الجزر البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية والإمبراطورية البريطانية، ثم تناول التطور السكاني على مستوى العالم كله. وقال ان أفريقيا هي المنطقة الوحيدة التي لم تخض هذا التحول بشكل كامل حتى الآن. وأوضح أنه «باستثناء أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، لا تكاد توجد نحو ست دول تنجب فيها النساء أكثر من أربعة أطفال في المتوسط ، بعد أن كان ذلك هو الأصل في سبعينات القرن الماضي». وأضاف أنه ليست هناك في الوقت الحالي أراض، باستثناء أفريقيا، يبلغ متوسط العمر فيها أقل من 60 عاما، كما كان الحال في سبعينيات القرن الماضي. وتابع القول «تخيل سيارة تسير ببطء وتراخ، قاطعة كيلو مترا تلو كيلو متر بالسرعة نفسها دائما.. تخيل أن السيارة تزيد سرعتها الآن، بهدوء في البداية، ثم بشكل أقوى، إلى أن تصبح ذات سرعة هائلة ومخيفة على الطريق … ثم يدوس السائق بعد السير مسافة قصيرة نسبيا بسرعة هائلة على المكابح، فجأة ودون سابق إنذار، مهدئا سرعة المركبة بغتة…هذا هو بالضبط الشكل الذي يظهر به تطور سكان العالم منذ عام 1800». كان عدد سكان كوكبنا يتضاعف كل 30 عاما تقريبا حتى أواخر ستينيات القرن الماضي، وأصبح اليوم يتضاعف كل 60 عاما، «ومن المحتمل كثيرا أن يتوقف نمو سكان العالم تماما بحلول أواخر القرن الحالي». وتطرق مورلاند إلى حقيقة ان التوسع الاستعماري لبريطانيا في القرن التاسع عشر كان على علاقة وثيقة جدا بدورها كورشة ضناعية للعالم «حيث كانت بريطانيا أول قوة صناعية بارزة ورائدة في صناعة الملابس وإنتاج الحديد والفولاذ ومد خطوط السكك الحديدية». ويقول المؤلف ان القفزة التقنية الكبيرة يمكن أن تكون حاسمة بلا شك في الصراع بين القوى، ولكن هذه القفزة لا تستمر للأبد لأن دولا أخرى تبدأ في تحقيق مثل هذه الطفرة، ثم يصبح هناك واقع سكاني بسيط، «أي أنه عندما يتحول أغلب العالم إلى أنظمة اقتصادية حديثة، فإن عدد السكان يصبح معبرا أكثر عن قوة الاقتصاد، كما كان الحال في عصر ما قبل الصناعة». تعليم النساء عنصر حاسم وفقا للمؤلف فإن مستوى تعليم النساء يعد عنصرا حاسما في التطور السكاني للعالم، حيث ان خفض الإنجاب سيحدث بشكل حتمي عندما تدعم الدولة تعليم النساء. وهو يرى ان سياسة الطفل الواحد الصينية التي كانت مثار الجدل كانت على الأرجح غير ضرورية تماما. ويتوقع ان تفقد الصين على المدى المنظور مركزها كأكثر دول العالم سكانا «حيث أصبحت الصين بالفعل دولة تشيخ بسرعة، ذات مستوى دخل متوسط في أفضل الحالات». كما يرى ان ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، ذات الصبغة الإسلامية، يكتسب أهمية متزايدة، ويقول ان المسلمين كانوا يمثلون 15% من سكان العالم عام 1970، ثم ارتفعت هذه النسبة إلى 23% عام 2010، متوقعا أن تقفز هذه النسبة إلى 30% بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، وفقا لتقديرات المعنيين. كما تنبأ الخبير السكاني البريطاني ان يكتسب التطور السكاني في الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى نفوذا كبيرا، وهي المنطقة التي يعتبرها آخر مناطق العالم التي تمر حاليا بعملية تحول سكاني. وقال: «ستكون للسرعة التي يحدث بها هذا التحول تأثيرات هائلة على مستقبل هذا الكوكب برمته». وخلص المؤلف إلى أن النظرة المتفائلة لارتفاع معدل أعمار سكان العالم تجعلنا نعتقد أن هذا الارتفاع سيحدث بشكل أكثر هدوء وسلاما، ولكن المجتمعات صاحبة معدلات الأعمار الأعلى هي مجتمعات أقل حيوية، وأقل إبداعا، وأكثر عرضة للمخاطر. كما سيصبح توفير احتياجات كبار السن قضية تشغل العالم بشكل متزايد، مشيرا إلى ان هذه المشكلة ربما لا تعدو كونها واحدة من عدة مشاكل أخرى في الدول الصناعية، وذلك بسبب الرعاية التي توفرها هذه الدول، في حين تصبح هذه المشكلة أكثر إلحاحا في الدول النامية، التي يتوجب عليها أن تتعايش مع مشكلة تزايد أعداد المسنين قبل تحقيق الغنى