يمثل الجولان السوري المحتل واحدة من اهم بؤر التوتر في الشرق الاوسط. وقد بات واضحا ن انه مادامت اسرائيل تحتل الجولان ، فلن يشهد الشرق الاوسط السلام والامن والاستقرار.
فقد احتلت قوات الجيش الاسرائيلى ابان عدوان الخامس من حزيران عام/1967/ الذى طاول ثلاث دول عربية هى سورية ومصر والاردن الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء سيناء . وبعد اقل من شهر من احتلال الجولان السورى اقامت حكومة اسرائيل عشر نقاط للناحال- الشبيبة العسكرية- فى المنطقة كمؤشر اولى على حقيقة الاطماع الاسرائيلية وفاتحة لعملية الاستيطان الواسعة وتمهيدا لقرار ضم الجولان واعتباره جزءا من ارض اسرائيل وتطبيق القوانين الاسرائيلية عليه بما يخالف كل الشرائع والقوانين الدولية الخاصة بوضع السكان والارض تحت الاحتلال ولاسيما اتفاقيات / جنيف/ /1949.
ومنذ البداية كان الموقف الاسرائيلى الحقيقى الرافض للانسحاب من الجولان واضحا وكان القرار مبيتا ففى كتابه من مفكرة اسحق رابين سجل الذى كان رئيسا للاركان ابان عدوان /1967/ وكان قبل الحرب على رأس الفريق الاسرائيلى الداعى الى احتلال الجولان جاء مايلي:/ انه فى السابع عشر من كانون الاول عام/1969/ عقد لقاء بين وزير الخارجية الاسرائيلى/ ابا ايبان/ والدكتور/ هنرى كيسنجر/ مستشار الرئيس الاميركى لشؤون الامن القومى والسياسة الخارجية انذاك وخلال الحديث قال/ ايبان/ لقد شرحنا للادارة الاميركية موقفنا يجب ان تظل هضبة الجولان فى ايدينا . ويعود / رابين/ لتأكيد هذا الموقف الاسرائيلى فيقول فى مقال له فى صحيفة/ عل همشمار/ يوم/13/2/1980/ حتى اذا عرضت علينا سورية التوقيع على معاهدة سلام لايجوز لاسرائيل ان تنسحب من الجولان. الحقيقة ان الحركة الصهيونية بدأت محاولة غرس اقدامها فى/ الجولان/ منذ عام/1887/ حين انجزت اعداد خرائط للجولان وحوران حددت عليها اكثر من مئة موقع من بينها اثنا عشر موقعا اثريا ادعت انها تضم رموزا يهودية وجاءت المحاولة الاولى عن طريق اعضاء جمعية/ بنى يهوذا/ الذين حاولوا فى تلك الاونة امتلاك خمسة عشر الف دونم من اراضى قرية الرمثانية التى تبعد خمسة عشر كيلومترا عن مدينة القنيطرة(مجلة الارض العدد/5/ ايار/1988.)
وقبل ذلك كان/ لورانس اوليفانت/ قد اعد كتابا /1771/ دعا اليهود فيه الى استعمار سورية الجنوبية وارفق به خريطة تشمل المنطقة من غزة الى جبيل ومن بعلبك مرورا بدمشق والجولان وحوران حتى طريق الحج
وفى يومياته ليوم/25/4/1896/ يتحدث/ تيودور هيرتسل/ عن حوار اجراه مع القس/ ويليام هشلر/ اشار الاخير خلاله الى حدود اسرائيل الكبرى فى الشمال جبال ميبادوكيا فى تركيا وفى الجنوب قناة السويس .
هذه مجرد اشارات الى الاطماع التى كانت تدور فى اذهان قادة اليهود فى العالم حتى قبل انعقاد الموءتمر الصهيونى الاول فى بال عام/1898/ وانشاء المنظمة اليهودية العالمية .واواخر القرن الماضى وضعت الحركة الصهيونية الجولان السورى ضمن حدود ماتسميه اسرائيل الكبرى وسعت الى اعتراف دولى بهذه الحدود. وحاول الثرى البريطانى المعروف/ روتشيلد/ اخذ موافقة السلطة العثمانية من اجل اقامة مستوطنات لليهود المهاجرين فى منطقة الجولان غير انه فشل فى ذلك. كما حاول الصهاينة اقناع فرنسا وبريطانيا بضم الجولان الى الاراضى التى نص عليها وعد بلفور/ 1917/ لكنهم ايضا فشلوا بذلك بسبب المطامع التى كانت لهذه الدول فى الجولان. فلم ييأس الصهاينة وكرروا المحاولة زمن الاحتلال الفرنسى عبر السعي الىشراء اراض فى الجولان. وكان اخطر هذه المحاولات شراء اراضى البطيحة ومثلث اليرموك والرقاد. ففى/16/3/1934/ نجحت شركة تطويراراضى فلسطين المحدودة وهى شركة صهيونية فى ابرام عقد مبدئى لشراء مساحة كبيرة من الجولان تعتبر الافضل من حيث الناتج الزراعى والمياه والعمود الفقرى للزراعة فى الجولان. لكن اهل المنطقة سرعان ماكشفوا المخطط وافشلوه نظرا ليقظة الفلاحين تجاه نوايا الصهيونية وبروز التنظيمات السياسية المعادية للصهيونية فى سورية ولبنان وفلسطين التى لعبت دورا فى كشف مخططات الصهاينة للاستيلاء على الارض العربية
الحركة الصهيونية يومذاك حاولت بكل امكانياتها بذل الجهود والاموال للسيطرة على افضل الاراضى واوفرها مياها واكثرها استراتيجية من الناحية العسكرية. وردا على ذلك ارسل الفلاحون وفدا منهم الى دمشق لمقابلة رئيس الوزراء وقدم احتجاجا شديدا على محاولة بيع الاراضى لليهود وحذر من مغبة نجاح ذلك كما اصدر حزب الاستقلال فى /22/6/1933/ بيانا حذر فيه من امتداد الصهيونية وثار الرأى العام فى دمشق مما اضطر المندوب السامى الفرنسى الى اصدار مرسومين يمنع بموجبهما بيع اراض فى سورية ولبنان متاخمة للحدود مع فلسطين والاردن للاجانب
وكتب/ ديفيد بن غوريون/ اول رئيس وزراء لاسرائيل فى الكتاب السنوى للحكومة الاسرائيلية عام/1952/ يقول: ان دولة اسرائيل اقيمت فى جزء من ارض اسرائيل وخلق الدولة الجديدة لاينقص من الحدود التاريخية لارض اسرائيل، مضيفا ليفهم الجميع ان اسرائيل قامت بالحرب ولن تقنع بما بلغته حتى الان. ان الامبراطورية الاسرائيلية يجب ان تمتد من النيل الىالفرات. وقبل ذلك بأكثر من/30/ سنة كان/ بن غوريون/ قد وجه مذكرة الى حزب العمال البريطانى عام /1918/ للمطالبة بالسيطرة على هضبة الجولان لبسط السيطرة على مياه اليرموك ومنابع نهر الاردن، كما طالبت مذكرة المنظمة الصهيونية العالمية الى موءتمر السلام فى فرساى عام/1919/ بضم الجولان وجبل الشيخ الى حدود الوطن القومى لليهود. وجاء فى رسالة بعث بها/ حاييم وايزمن/ الى رئيس الوزراء البريطانى/ لويد جورج/ فى/29/12/1919/ ان الصهيونيين لن يقبلوا تحت اى ظروف خط سايكس بيكو حتى كأساس للتفاوض لان هذا الخط لايقسم فلسطين التاريخية ويقطع منها منابع المياه نهر الاردن والليطانى وحسب بل يفعل اكثر من ذلك انه يحرم الوطن القومى اجود حقول الاستيطان فى الجولان وحوران التى يعتمد عليها الى حد كبير نجاح هذا المشروع . هذا بعض ماكان عليه الحلم الاستعمارى الصهيونى الناهض فى احضان المؤسسة الاستعمارية ومشاريعها منذ ماقبل اغتصاب فلسطين واقامة اسرائيل فوق ارضها وتشريد شعبها وقبل نصف قرن تقريبا من احتلال الجولان السورى .
الجولان والتاريخ :
سكن العرب الاراميون الجولان منذ نهاية الالف الثانى قبل الميلاد واقاموا فيها ممالك عديدة وبعد عام/722/ قبل الميلاد حيث قضى سرجون الثانى على مملكة اسرائيل فى شمال فلسطين اصبح الجولان جزءا من الامبراطورية الاشورية ثم الكلدانية وبعد ذاك دخلت اراضى الجولان وحوران ضمن الولاية الفارسية الخامسة زمن/ كورش/وفى عام/106/ ميلادى اصبحت ارض الجولان ضمن الولاية العربية التى تشكلت فى العهد الرومانى واصبحت بصرى الشام عاصمة لهذه الولاية التى تضم المدن العشر فى جنوبى سورية
وابان الحكم الرومانى ساهمت المنطقة فى التطور الثقافى للبلاد واشتهر من اهل الجولان الشاعر/ ميلغر/ من جادرا/ اى الحمة وكان ينظم الشعر باليونانية والشاعر/ فيلوديموس ويمليخوس/ الذى عاش فى/ الحمة/ ايضا والعالم والفيلسوف واللغوى/ بورفيردس/ وقد ورد ذكر الجولان لدى الكثير من شعراء العرب الجاهليين لعل ابرزهم النابغة/ الذبيانى/ و/ حسان بن ثابت/ اللذين مدحا ملكها العربى / حارث الجولانى/ وفى / ايار/ عام/636/م اجتمعت قوات العرب على ارض الجولان لتحقق انتصارها الحاسم على جيوش بيزنطة فى معركة اليرموك/ وبعد الفتح الاسلامى الذى حرر الارض العربية من سيطرة امبراطوريتى الفرس والروم ازدهر الجولان واصبح مركز تموين دمشق عاصمة الدولة العربية الاموية كما تزايدت اهميته الاستراتيجية باستمرار كطريق رئيسى الى بلاد فلسطين ومصر واقطار المغرب كافة والجولانيون الذين قاتلوا القبائل اليهودية ابان حكم الملك الارامى/ حزائيل/ وابنه/ هدد/ جاعلين من مناطقهم خط المواجهة الاول ضد الاعداء عادوا فى القرن الثانى عشر الميلادى لمقارعة الاستعمار الغربى ابان الحملات الصليبية واستطاع الصليبيون الاستيلاء على الجولان عام/118/ م باستثناء قلاعه الحصينة مثل قلعة الحصن قرب مدينة فيق وقلعة الصبية قرب بانياس ولقد لعبت قلاع الجولان وتلاله وممراته دور خط الدفاع عن دمشق وسائر بلاد الشام خلال الحروب الصليبية الى ان تم طرد الصليبيين من هذه المنطقة على يد / صلاح الدين الايوبى/ قبيل معركة حطين قرب طبريا وقدر للجولان ان يستمر فى تصديه للغزوات الخارجية فبعدما تعرض لهجمات المغول وعانى من قسوة الحكام الاتراك صارع الاحتلال الفرنسى منذ عام/1920/ ولم يستطع الفرنسيون دخول قرية/ مجدل شمس/ الا بعد خسائر فادحة تكبدوها فقاموا بتدمير القرية واحراقها
ويقع اقليم الجولان فى منطقة الاستقرار الاولى فى سورية حيث تصل كميات الهطل المطرى السنوى الى/1000/ مم ويتوضع على ارض غنية بمياهها سواء الجوفية او التخزينية او الينابيع واحتياط هذه المياه الاستراتيجى كبير يضفى اهمية واضحة على المنطقة نظرا لما لذلك من تأثير على الزراعة وعلى الرعى وتربية الماشية ومايتصل بها من منتجات حيوانية واعلى نقطة فى الجولان عن سطح البحر تبلغ/2814/م فى جبل الشيخ واخفض نقطة تصل الى/212/م عند بحيرة/ طبريا/ وهذا مايخلق تنوعا فن المناخ يتراوح بين البارد والمعتدل والحار مما يشكل ظرفا طبيعيا للزراعة على مدار العام وللسياحة ايضا ولاقامة مشاريع صناعية ترتبط بالمنتوجات الزراعية والحيوانية ويمهد لاقامة صناعة سياحية متميزة نظرا لطبيعة المناخ الخاص والذى يسميه المختصون المناخ الجولانى ويتميز الجولان بانتشار التلال والمرتفعات البركانية فوق اراضيه ما جعله موقع تحكم وخطوط دفاع طبيعية توءمن مساحة من رؤية رصد كبيرة اضافة الى ان هذه التلال تشكل حاجزا طبيعيا بين الجولان فى الغرب وحوران فى الشرق ويرتفع وسطها تل ابو الندى/1204/ امتار عن سطح البحر وهناك سلسلتان جبليتان في الجولان الاولى تمتد من الشمال الغربى لمدينة القنيطرة الى الجنوب الشرقى وتشتمل عددا من التلال المتقاربة اهمها :
1/ تل الاحمر/ قرب مسعدة/1187/ مترا عن سطح البحر
2/ تل عريم/1035/م عن سطح البحر
3/ تل الشيخة/1211/م عن سطح البحر
4/ تل العرام/ غرب القنيطرة
وتبدأ السلسلة الثانية من جنوب/ القنيطرة/ وتمتد حتى قرية/ الرفيد باتجاه الشمال الغربى الى الجنوب فالجنوب الشرقى واهم تلالها
1/ تل بير عجم/1158/م عن سطح البحر
2/ تل ابو خنزير/1977/م عن سطح البحر
3/ تل الفرس
14/ تل يوسف
واهم مرتفعات الجولان جبل الشيخ ويسمى ايضا جبل حرمون يشرف فى شماله على وادى القرن الذى تمر عبره طريق بيروت دمشق وفى جنوبه على وادى التيم ويبلغ طول الجبل/45/ كيلومترا وفيه ثلاث قمم الاولى فى الشرق /2145/ مترا والثانية غرب الاولى/2294/مترا والثالثة هى الاعلى/2814/ مترا وتسمى/ شارة الحرمون.
الثروة النباتية:
وقد نتج عن تنوع التضاريس والمناخ وغزارة المياه في الجولان تنوع فى الانتاج الزراعى يتراوح بين النباتات الاستوائية فى منطقة الحمة التى تنخفض /126/ مترا تحت سطح البحر ونباتات المناطق المعتدلة وحوض البحر الابيض المتوسط ونباتات المناطق الباردة
اكبر المحاصيل فى الجولان هو القمح وتزيد المساحة التى يزرع فيها ربع الاراضى المستثمرة ثم الشعير والحمص والعدس والبازلاء والزراعات الصيفية كالذرة والرز والتبغ وكان/ الجولان/ قبل احتلاله ينتج/1600/طنا من القمح و/3000/ طنا من الشعير و/9000/ طنا من العدس اضافة الى الكرمة والزيتون والتفاح والليمون واللوز والكرز وعام الاحتلال كان هناك/40000/ شجرة برتقال تعطى/1800/ طنا و/100000/ شجرة ليمون تعطى/4500/ طنا و/29000/ شجرة اجاص تعطى/4000/ طنا
الثروة الحيوانية :
اشتهر الجولان بتربية الماشية كونه يملك اضخم غطاء عشبى فى سورية وبخاصة الابقار والجواميس والماعز والابل والدواجن وقبل الاحتلال كان الجولانيون يمتلكون/147000/ رأس غنم و/8000/ رأس ماعز/ و/17000/ بقرة و/7000/ ثور/ و/1000/ حصان/ و/122000/ من الدواجن ووصلت المنتجات الحيوانية قبل الاحتلال الى كميات مرتفعة فقدرت منتجات الحليب ب /16000/ طن والسمن /286/ طنا والجبن/275/ طنا والزبدة/89/ طنا والعسل/17/ طنا بالاضافة الى/1045000/ بيضة سنويا
المعادن:
مع ان التنقيب عن المعادن فى الجولان حديث العهد كان قبيل الاحتلال بسبب وضع المنطقة العسكرى فقد اكتشف الرصاص فى كتلة جبل الشيخ قرية جباتا الزيت والنحاس فى حوض عرنة والرمل الكوارتزى جبل الشيخ والمارن وهو موجود بكميات كبيرة جدا فى جبل الشيخ وهو يشكل اساس صناعة الاسمنت واخيرا تعد المياه الكبريتية فى منطقة الحمة من الثروات المعدنية المهمة فى المنطقة
الاهمية المائية
تنتسب جولان وجبل العرب وحوران الى حوض هيدرولوجى واحد وتعتبر امطار الجولان غزيرة حيث تبلغ معدلاتها اكثر من/1000/ ملم سنويا وعدد الايام الممطرة تقريبا /70/ يوما فى المتوسط ويتمتع الجولان بهطولات مطرية تقدر بأكثر من مليار متر مكعب سنويا
والجولان الذى تعادل مساحته/ 1/ بالمئة من مساحة سورية الاجمالية يتمتع بمردود مائى يعادل/3/ بالمئة من المياه التى تسقط فوق سورية و/14/ بالمئة من المخزون المائى السورى
وفى الجولان الانهار والينابيع التالية
أ/ نهر اليرموك ينبع من الجولان ويصب فى/ نهر الاردن على بعد/9/ كلم جنوب بحيرة/ طبريا/ مساحة حوضه/7584/ كم مربع منها
/5500/ كم مربع فى سورية وطول النهر الاجمالى/57/ كلم منها/47/ كم في سورية وغزارته /7/ متر مكعب فى الثانية ويغذى/172/ نبعا ويبلغ تصريف الحوض السنوى/500/ مليون متر مكعب
بنهر بانياس ينبع من المنحدرات الشمالية الغربية للجولان وينحدر فى منطقة صخرية منعطفا حول مدينة بانياس مشكلا سور حماية
كان سببا فى بناء قلعتها التاريخية يسير مسافة كيلومترا بغزارة تبلغ/7ر1/ متر مكعب فى الثانية قبل ان يصب فى نهر الاردن
ج/ وتشكل ينابيع منطقة الجولان الشمالية انهار البحيرانى والجنانى والاعوج دالينابيع واهمها نبع بيت جن اللويزانى الفوارالصعار
الصيادة البرجيات جليبينية الكبيرة بلسم الحمة الريح الحمة الباردة الدب النخيلة الدردارة الفاجرة والبالوع وتتراوح غزارتها بين/1900/ ليتر فى الثانية / بيت جن/ و/100/ لتر فى الثانية البالوع
السكان
كما اشرنا تم فصل مدينة القنيطرة اداريا عن دمشق عام/1966/لتصبح محافظة وعاصمة للجولان الذى بلغ عدد سكانه ذلك العام اكثرمن/147/ الف نسمة بكثافة تتراوح بين/45/ 75/ نسمة فى الكيلومترالمربع الواحد وبهذا تكون القنيطرة فى المرتبة الثالثة من حيث كثافة السكان بين محافظات القطر بعد اللاذقية وطرطوس ومع بدء العدوان الاسرائيلى فى حزيران/1967/ وصل عدد سكان الجولان الى/153/الف نسمة يعيشون فى اكثر من/270/ قرية ومدينتين هما القنيطرة وفيق
التدمير
كان واضحا من سير العمليات العسكرية فى الجولان ومارافقها من تدمير متعمد لمدنه وقراه وقتل/340/ مدنيا فيه واعتقال/287/ اخرين نقلوا الى سجون شطا وياغور وغيرهما ان اسرائيل تريد الجولان منطقة محروقة خالية من السكان الذين اضطرت غالبيتهم العظمى الى النزح فلم يبق منهم تحت الاحتلال سوى/14/ الف مواطن موزعين على خمس قرى هى مجدل شمس بقعاتا مسعدة عين قنيه والفجر
وابيدت خلال الحرب وبعدها مباشرة الكثير من القرى السورية منها ام جوزة خربة فؤاد تلة سلطان عين الحمرة سموعة وتلة ريحانة وغيرهما وخلال الشهور الاولى للاحتلال تم هدم/60/ بالمئة من منازل القنيطرة ثم وصلت نسبة الهدم الى/85/ بالمئة وكان عدد سكانها يتجاوز العشرين الفا طردوا جميعا ولم يسمح لهم بالبقاء فى الارض المحتلة
وفور الاحتلال باشر الصهاينة عمليات الاستيطان فى الجولان فاقامت وكالة الاستيطان اليهودية بادىء الامر/4/ مستعمرات هى مشيئوون كيلع رفيد ولفيدوت وقامت الوكالة بالتعاون مع وزارة الاسكان الاسرائيلية بحملة من اجل جذب اليهود المهاجرين الجدد للاستيطان فى هذه المستعمرات ومما يذكر ن /90/ بالمئة من المهاجرين الذين تم اسكانهم فى مستعمرات الجولان اعوام/1967/1968/1969/ قد غادروها بعد وقت قصير وانتقلوا للسكن فى فلسطين المحتلة دون ان يطالبوا بأى تعويضات وذلك بسبب عدم استقرار الوضع الامنى هناك وبقيت هذه المستعمرات خالية من السكان شهورا طويلة لايوافق احد على الاستيطان فيها الى ان قام الحاخام الاكبر/ شلومون غورن/ بحملة استهدفت تجنيد يهود للاستيطان داخل هذه المستعمرات وكان له تأثير كبير فى اقناع المهاجرين بالسكن فى مستعمرات الهضبة وهى المستعمرات الوحيدة التى كانت تمنح مساعدة مالية قدرها/25/ الف شيكل لكل اسرة توافق على السكن فيها كما انها لاتكلف المستوطن الراغب فى الانتقال اليها شيئا من المال او الرسوم وسكانها معفون تماما من دفع الضرائب للسلطات
المستوطنات
مند عام/1967/ حتى عام/1981/ صادرت اسرائيل مساحة/352/ الف دونم اى مايشكل ثلاثة ارباع مساحة الجولان ودمرت تماما عددا من القرى الكبيرة لاقامة مستوطنات جديدة مكانها منها خسفين العال البطيحة الحميدية الجوخدار والحمة وحولت مياه اليعفورى المشيرفة رأس بوسعيد الجوفية الى المستوطنات يقول عضو الكنيست / يهودا هاريل/ فى حديث مع الباحثة البريطانية المتخصصة بشؤون الشرق الاوسط / هيلينا كوبان/ انه جاء وسبعة من رفاقه فى تموز/1967/ الى منطقة غرب القنيطرة مباشرة قرب قريتى المنصورة وباب الهوى اللتين افرغتا من السكان وانشأوا اول مستوطنة فى الجولان هى ميروم غولان ليبلغ عدد المستوطنات حاليا /32/ مستوطنة يعيش فيها/16/ الف مستوطن الباحثة/ كوبان/ تقول فى بحثها ايام فى الجولان تأملوا الامر/133/ قرية مهجورة كانت تأوى اكثر من مئة الف شخص حل مكانها /32/ مستوطنة
واهم المستوطنات الاسرائيلية فى الجولان المحتل كتسرين نيف اتيف افنى افيك الروم الونى هيشان اليعاد انيعام اودم اورتال جيشو عشمون كتسير الخ
وبعد ان كان عدد المستوطنين عام/1981/ يبلغ/645/ مستوطنا يتجاوزعددهم الان السبعة عشر الفا وخططت اسرائيل ليبلغ العدد عشرين الفا قبل حلول العام/2000/
وكشفت مصادر اوروبية رسمية لاسبوعية المحرر نيوز التى صدرت فى لندن يوم السبت /2/5/1998/ ان حكومة تل ابيب وطنت مؤخرا/1200/ يهودى فى مستوطنة كاتسرين يحملون الى جانب جنسيتهم الاسرائيلية الجديدة جنسيات اميركية وفرنسية والمانية واسبانية وايطالية لمواجهة رفض هذه الدول لسياسة الاستيطان التوسعية عن طريق التصوير لها بان الحكومة الليكودية تعمل على تحسين الظروف الحياتية للمهاجرين الغربيين وهذا مالاتستطيع تلك الدول رفضه او الاحتجاج عليه
وفى محاولة لمنع دول الغرب تلك من العودة الى المطالبة مستقبلا باخلاء المستوطنات فى الجولان عمد وزير البنى التحتية الاسرائيلى / ارائيل شارون/ الى الاعلان عن طرح اراضى تلك المستوطنات للبيع وذلك من اجل تمليكها لقاطنيها الجدد قانونيا بحيث تصبح اى مطالبة باخلائها على المدى الطويل مستحيلة
ويقول الباحث الفلسطينى/ هشام الدجانى/ يلاحظ من طريقة توزيع مستوطنات الجولان اهمية العامل العسكرى فى استراتيجية الاستيطان فهذه المستوطنات تتمركز فى نطاقين الاول يمتد على شكل قوس يبدأ من سفوح جبل الشيخ قرب بانياس على امتداد المحور الرئيسى طريق مسعدة القنيطرة الرفيد الحمة فيما يتمركز النطاق الثانى فى جنوب غرب الجولان عند حدود /4/6/1967/ بمحاذاة الشواطىء الشرقية لبحيرة طبريا
الضم
فى نهاية عام/1981/ قدمت مجموعتان من اعضاء الكنيست مشروعى قانونين يدعوان الى ضم الجولان الى اسرائيل المجموعة الاولى تتألف من ثمانية عشر نائبا فى تكتل الليكود اليمينى والثانية من نائبى حزب هاتحيا النهضة المتطرف الذى تتزعمه/ غيئولا كوهين/ كما وقع سبعون نائبا عريضة رفعوها للحكومة تدعوها فيها الى اتخاذ قرار الضم
وفى الرابع عشر من كانون الاول عام/1981/ اتخذ الكنيست قرارا عاجلا يقضى بتطبيق القوانين الاسرائيلية على الجولان اى ضم هذا الجزء المحتل من الارض السورية الى اسرائيل وعشية التصويت على القرار قال/ مناحيم بيغن/ رئيس وزراء اسرائيل انذاك نحن نؤكد ان هضبة الجولان كانت فى الماضى جزءا لايتجزأ من فلسطين والذين رسموا حدود بلدان هذه المنطقة اثناء الحرب العالمية الاولى وبعدها رسموا حدودا اعتباطية مع سورية
وقبل هذا القرار كانت قد طرحت عدة مشاريع اسرائيلية لضم الجولان نهائيا الى اسرائيل وعدم اعتبارها خاضعة للقوانين المرعية كأراض محتلة ومن اهم تلك المشاريع
1/ مشروع ايغال الون/ الذى طرحه عام/1976/ عندما كان وزيرا واقترح فيه ان تحتفظ اسرائيل بمنطقة استراتيجية فى الجولان لمنع
سورية من امكان التعرض لمصادر المياه ومنع حدوث هجوم سورى مفاجىء على الخليل
2/ مشروع حزب المبام/ طرح فى منتصف /1976/ خلال المؤتمر العام للحزب واقترح ان تمر الحدود مع سورية فوق هضبة الجولان على نحو يوفر الامن لمستعمرات الجليل وغور الاردن والمنطقة المتبقية تكون منطقة معزولة من السلاح
3/ حملة اعلامية مكثفة قامت بها لجنة مستوطنات الجولان خلال عام/1979/ للضغط على الحكومة من اجل الاسراع باصدار قرار الضم
وتوسيع الاستيطان في الجولان وبدأت الحملة بالتوقيع على مذكرة بعنوان الجولان جزء لايتجزأ من دولة اسرائيل والسيادة فى الجولان ضمان للامن والسلام وبلغ الموقعين على تلك المذكرة/74500/ شخص بينهم سبعون عضو كنيست منهم اسحق رابين/ شمعون بيريز/ ارائيل شارون/ شلمو هليل/ وايغال الون
اما قانون الضم الذى صوت عليه الكنيست فى/14/12/1981/ بعد نقاشات سريعة فحاز على موافقة/62/ صوتا من احزاب الليكود والمفدال والعمل ضد/21/ صوتا من الحزب الشيوعى وحركة تيلم/ وشينوى اليساريتين
وقال/ بيغن/ خلال المناقشات اننى اجزم بالنيابة عن الاكثرية الحاسمة فى الكنيست ان هضبة الجولان من الناحية التاريخية كانت وستبقى جزءا من ارض اسرائيل وليس هناك شخص في بلادنا او خارجها يفكر ان هضبة الجولان ليست جزءا من ارضنا وحدد مبررات واهية لقرار الضم لاسند تاريخيا ولاسياسيا لها او واقعيا لها منها
1/ ان الجولان جزء لايتجزأ من اسرائيل واننا بذلنا جهودا كثيرة بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى لضم خريطة الجولان الى الاراضى التى وعد بلفور الحركة الصهيونية وبهذا القول يعترف/ بيغن/ بحقيقة الاطماع التاريخية للصهاينة فى الجولان نظرا لثرواته المائية وموقعه الاستراتيجى
2/ الخشية من عودة السوريين الى الهضبة وتعرض مستوطنات الجليل لنيران المدافع السورية وهذه الخشية التى يعبر عنها بيغن هى كذبة اخرى فقبل عدوان حزيران كان الطيران الاسرائيلى والمدفعية الاسرائيلية هى التى تعتدى على سورية وليس العكس
وبعد مناقشات ومبررات طرحت امام الكنيست اقر قانون الضم وجاء فيه يسرى قانون الدولة وقضاوءها واداراتها على منطقة مرتفعات الجولان يسرى هذا القانون من تاريخ اقراره فى الكنيست وزير الداخلية مسؤول عن تنفيذ هذا القانون وهو مخول بوضع انظمة لتنفيذه .
المجتمع الدولى :
اثار قرار الضم استياء المجتمع الدولى كله ووقف ضده مؤكدا انه عدوان جديد ع لى الحقوق العربية ويخالف كل مواثيق وشرائع القانون وبناء على طلب من سورية عقد مجلس الامن الدولى اجتماعا فى السابع عشر من كانون الاول اصدر بعده القرار رقم/497/ اكد فيه ان قرار اسرائيل بفرض قوانينها وولايتها وادارتها فى مرتفعات الجولان السورية المحتلة لاغ وباطل وليس له اى اثر قانونى دوليا وطالب اسرائيل بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال بالغاء قرارها فورا وقرر ان جميع نصوص اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة فى/12/ اب/1949/ تستمر فى انطباقها على الاراضى السورية المحتلة
وطالب القرار الامين العام للامم المتحدة بتقديم تقرير الى مجلس الامن حول تنفيذ هذا القرار خلال اسبوعين وقرر فى حال عدم امتثال اسرائيل لهذا القرار بان يجتمع المجلس بصورة عاجلة فى موعد لايتجاوز الخامس من كانون الثانى/1982/ للنظر فى اتخاذ التدابير الملائمة وفقا لاحكام ميثاق الامم المتحدة
وقد صوت على هذا القرار خمسة عشر عضوا اى انه صدر بالاجماع وكما هو منتظر رفضت اسرائيل اجماع العالم وضربت عرض الحائط بالشرعية الدولية فعاود مجلس الامن اجتماعه واصدر فى الثامن والعشرين من كانون الثانى/1982/ قراره رقم/500/ الذى اكد فيه ماجاء فى القرار السابق كما اجتمعت الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها التاسعة الطارئة وتبنت قرارا يحمل الرقم/272/ اعلنت فيه ان قرار اسرائيل فى/14/12/1981/ بتطبيق سلطاتها القضائية والقانونية والادارية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة يشكل عملا عدوانيا بموجب المادة/39/ من ميثاق الامم المتحدة وبمقتضى قرار الجمعية العمومية الرقم/3314/ الصادر فى/14/12/1974/ واكد ان القرار الاسرائيلى باطل وليس له شرعية قانونية ويجب عدم الاعتراف بكل الاجراءات التى اتخذتها اسرائيل فى الجولان
كما اكدت الجمعية العامة للامم المتحدة فى قرارها ذاك تصميمهاعلى ان اتفاقيات / لاهاى العام/1907/ واتفاقية جنيف فى/12/8/1949/المتعلقة بحماية الافراد المدنيين ابان الحروب يستمر تطبيقها على الاراضى السورية المحتلة منذ العام/1967
كذلك اكد القرار الدولى ان احتلال الجولان وقرار ضمها الى اسرائيل يشكل تهديدا مستمرا للسلام والامن
ولان الولايات المتحدة الاميركية كانت قد استخدمت حق النقض لاحباط قرار بمعاقبة اسرائيل على خلفية ضم الجولان فقد استنكرت الجمعية العامة للامم المتحدة فى قرارها/272/ ذلك الموقف الاميركى كما استنكرت ايضا اى دعم سياسى واقتصادى ومالى وفنى يقدم لاسرائيل مما يشجعها على ارتكاب المزيد من الافعال العدوانية ويدعم ويطيل امد احتلالها وضمها للاراضى العربية المحتلة ودعت جميع الدول الاعضاء الى تطبيق الاجراءات التالية :
أ/ الامتناع عن امداد اسرائيل بأية اسلحة او معدات متعلقة بها وتجميد اى مساعدات عسكرية تتسلمها اسرائيل من هذه الدول
ب/ الامتناع عن استلام اية اسلحة او معدات حربية من اسرائيل
ج/ تجميد اية مساعدة اقتصادية او مالية او فنية لاسرائيل وتجميد التعاون معها
د/ قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والثقافية مع اسرائيل.
الانتفاضة:
المواطنون السوريون فى الجولان المحتل رفضوا بشدة القرار الاسرائيلى بضم ارضهم الى اسرائيل وتطبيق القوانين الاسرائيلية عليهم كما رفضوا ان يحملوا الهوية الاسرائيلية فتظاهروا ضد هذا الاجراء مؤكدين انتماءهم لسورية واعلنوا الاضراب العام الذى استمر ستة اشهر من اذار وحتى ايلول مطالبين بعدم مصادرة الاراضى وعدم فرض الجنسية الاسرائيلية عليهم فقام ستة عشر الف جندى اسرائيلى بمحاصرة القرى الخمس المحتلة واعتقال العشرات من المواطنين السوريين من مختلف العائلات وايداعهم سجون الاحتلال وقد صدرت بحق الكثير منهم احكام بالسجن لمدد طويلة وقد ارغم اهلنا فى الجولان المحتلين على التراجع عن قضية فرض الهوية الاسرائيلية عليهم رغم كل ماتعرضوا له من ضغوطات وممارسات قمعية وحشية وكان لانتفاضتهم ضد قوانين المحتل اكبر الاثر فى اجبار اسرائيل على التراجع رغم اصرارها اليوم الابقاء على احتلالها للجولان ورفضها الانسحاب منه حتى مقابل السلام الكامل بل تقوم بالمزيد من اعمال الاستيطان فى المنطقة واقامة المنشأت العسكرية والصناعية والسياحية فى الجولان متحدية بذلك كل القوانين والشرائع الدولية واهمها مبدأ الارض مقابل السلام وتنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الشأهن وابرزها القراران/242/ و/338/ اللذان يطالبان اسرائيل بالانسحاب من الاراضى العربية التى احتلت عام/1967/.ولن يغير قرار ترامب من هذه الحقائق التي تؤكد ان الجولان هو سوري وسيعود الى كنف الوطن.
