https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
ليس ضرورياً أن نتتظر خبر إلغاء مصر ارتباطها بمعاهدة كامب دايفيد، حتى نشعر بأن تحولاً جذرياً قد بدأ يطرأ على حجم مصر الإقليمي والدولي، حتى في الفترة الانتقالية القصيرة التي تفصل بين انهيار نظام حسني مبارك، وقيام النظام الذي سيولد من رحم ثورة 25 يناير.
فمؤشرات استعادة مصر لحجمها الاقليمي والدولي الذي اهدرته اتفاقية كامب دايفيد، قابل للاسترداد حتى في إطار تحولات بدأت تتم في مسيرة متطورة باتجاه يسير إلى إلغاء كامل للمفاعيل السلبية لاتفاقيات كامب دايفد، دون حاجة الى سحب التوقيع الرسمي عليها.
لم يكن صحيحاً القول بأن أقصى الأضرار التي الحقتها بمصر وبالعرب جراء توقيع القاهرة على هذه الاتفاقيات، هو سحب مصر من الصراع العربيالإسرائيلي، فذلك كان التعبير الاقليمي عن الاضرار، التي كان لها ايضا تعبير وطني مصري داخلي، انهى فوراً الوزن الدولي لمصر كما كان في عصر دول عدم الانحياز، بإشعاع فاض عن المنطقة العربية، وانتشرت آثاره في شتى اقاليم الكرة الارضية، حتى اميركا الجنوبية.
لقد ضمر هذا الوزن بفعل الاتفاقيات، حتى لم يعد للدولة المصرية سيطرة عسكرية على قسم كبير من حدودها الشمالية، التي طالما كانت تتحكم بأمنها الوطني عبر التاريخ، وما زالت تمارس هذا التحكم منذ العام 1948 بعد قيام الكيان الصهيوني الاستيطاني الاستعماري.
لا مجال في مقالة صحافية قصيرة لاستعراض تاريخي لمعالم تضاؤل دور مصر ووزنها الوطني والاقليمي والدولي، من جراء التوقيع على اتفاقيات كامب دايفيد، يكفي اختزالاً لهذه المسألة، الاستشهاد بتصريح لمسؤول سياسي مقرب من نظام حسني مبارك، في السنة الاخيرة لهذا النظام، عندما اختصر السيد مصطفى الفقي مسألة رئاسة الدولة المصرية بقوله: علينا ان نعترف انه ما عاد لأي مرشح الوصول الى منصب رئاسة الجمهورية في مصر، اذا لم يكن حائزاً على موافقة اسرائيل واميركا. ان حلول الموافقة الاسرائيلية والاميركية المسبقة محل ارادة شعب مصر في تحديد من يشغل منصب رئاسة الجمهورية، يكفي وحده للدلالة على مستوى الهوان الذي انحدر اليه الوزن الوطني والاقليمي والدولي لمصر.
لم تخرج مصر فقط من الصراع العربي مع اسرائيل، بل تحولت في العقد الاخير بالذات، الى مساعد صغير لإسرائيل في هذا الصراع، كما تبدّى بشكل خاص في سطوة الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة ولمنطقة الحدود المصرية – الفلسطينية.
وعندما قررت اسرائيل استخدام الحصار الكامل لضرب اي احتمال لمقاومة فلسطينية لاحتلالها، لم تستطع مصر حسني مبارك الارتفاع الى مستوى ان يكون لها حصة في قرار خطير كهذا يمس سيادتها على حدودها الشمالية، بل انخفضت الى مستوى المساعد الصغير لإسرائيل في هذا الحصار.
قد تكون شعارات ميدان التحرير طوال الايام الساخنة لثورة يناير لم تحمل في طياتها شعاراً مباشراً عن الصراع العربي – الاسرائيلي، لكن مسؤولي الكيان الصهيوني نابوا عن الثورة والثوار في تحديد حجم الخسارة الاسرائيلية بانهيار نظام حسني مبارك: «لقد خسرنا كنزنا الاستراتيجي».
قد لا يقترب مسؤولو النظام الجديد في مصر، بعد الانتخابات الديموقراطية لمجلس النواب الجديد ورئيس الجمهورية الجديد، من أي حديث عن اتفاقية كامب دايفيد، بل قد يذهب الأمر الى التأكيد على التمسك بكل الاتفاقيات الدولية، لكن أداء دور مصر الديموقراطية عندما تقترب حتماً من معالجة امور امنها الوطني على حدودها الشمالية، كفيل وحده بأن يؤدي الى استعادة مصر المتدرجة لوزنها الوطني والإقليمي والدولي.
لقد بدأ التعبير عن المسيرة الجديدة على لسان وزير الخارجية المصري الجديد، نبيل العربي، عندما حذر اسرائيل من مغبة اتخاذ تفجير القدس ذريعة لشن عدوان واسع على غزة.
اننا في صدد الخطوة الاولى على طريق واضح المعالم.  الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد + 1 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube