https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
عندما طرح الملك السعودي عبد الله فكرة «الاتحاد الخليجي» في العام الماضي، خرجت أصوات خليجية عدة مرحبة بصيغة تحاكي الصيغة الأوروبية في ظلّ التكتلات الدفاعية والاقتصادية التي تحكم العالم اليوم. الآمال تبخرت سريعاً، فخلال ثلاثين عاما لم تنجح دول «مجلس التعاون» في إرساء تعاون حقيقي، فكيف بالاتحاد في ظلّ ظروف مماثلة؟! الاختلاف على تفاصيل التفاصيل كان سيد الموقف خلال العقود الثلاثة الماضية، ناهيك عن تنامي مطامع دول، وإضعاف مواقف أخرى.
وهكذا، فإن المنحى الذي سلكته الأمور بين دول «مجلس التعاون» خلال الفترة الماضية، وفقاً لمراقبين، لا يشير إلى إمكانية سهلة لتحقق «الاتحاد» أو اكتسابه تأييداً شعبياً، حيث كان لكل دولة من دول المجلس رأيها وموقفها الخاص منه، القائم على تقديرها لمصالحها الاستراتيجية، وعلى مفهومها الخاص لصيغة «الاتحاد».
بالأمس، اتفق قادة الخليج على استكمال توصيات اللجنة التي تدرس آلية الانتقال، إلا أن المراقبين والمسؤولين من داخل البلدان الخليجية يتحدثون عن «لا اتفاق» خليجي على «الاتحاد». باستثناء البحرين والسعودية ليس هناك من اتفاق خليجي على مفهوم الانتقال، حيث تبدو عمان محايدة إلى حدّ بعيد من التكتم، فيما اقتصر مفهوم قطر له بالاتحاد الاقتصادي، بدورها الإمارات لم تحدّد موقفاً صريحاً، فيما التردد والحذر الكويتي قد يصل إلى حدّ الرفض.
وفي هذا الإطار، لا بدّ من الإشارة إلى أن خصوصية كل دولة من دول «التعاون» الست ترخي بظلها على موقف نظامها من «الاتحاد». فالكويت على سبيل المثال هي الوحيدة التي تحظى ببرلمان منتخب بشكل كامل ويتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية، وهي بالتالي تخاف على «ديموقراطيتها» في حال الاتحاد مع السعودية، وهذا ما صرحه رئيس مجلس أمتها أحمد السعدون مؤخراً.
من ناحية ثانية، تحظى البحرين بمجلس نواب منتخب ذي صلاحيات تشريعية يقابله مجلس شورى معين، وفي سلطنة عمان، يحظى مجلس الشورى المنتخب ببعض الصلاحيات التشريعية والرقابية التي يتقاسمها مع مجلس الدولة المعين. أما الإمارات فلديها مجلس تمثيلي منتخب جزئيا هو المجلس الوطني الاتحادي، إلا أنه لا يتمتع بصلاحيات تشريعية. وليس هناك أي هيئات برلمانية منتخبة في السعودية وقطر.
من هنا، كان الرفض أو التخوف سمة الردّ الخليجي على اقتراح الملك السعودي، فلم يكن أمام الأخير سوى البحث عن كبش فداء لإتمام المشروع، ووضع الدول «المتخوفة» أمام الأمر الواقع.. ومن يكون أفضل من البحرين؟
يضاف إلى ما سبق من أسباب الرفض للمشروع واقع أن الهيمنة عليه ستكون للسعودية حكماً، وهي الدولة الأكبر بخمسة أضعاف من مساحة جميع دول مجلس التعاون الأخرى.
ويفسّر تباين مواقف الدول الخليجية السبب الذي جعل «مجلس التعاون» يفشل حتى الآن في اعتماد عملة موحدة، وفي إتمام الاتحاد الجمركي الكامل في ما بينها، أو الاتفاق على السياسة الخارجية. ولذلك، يرى مراقبون أن المشروع لن يبصر النور على المدى القصير أو حتى البعيد، لا سيما أن مفهومه ليس واضحاً بعد، وكذلك أهدافه وصلاحيته. أما «المتطرفون» في التحليل فيذهبون إلى اعتبار أن «الوهن السعودي» يدفع المملكة للتطبيل بالمشروع من دون قدرة حقيقية على تحقيقه. ويعتبرون أن هذه الفكرة، إن تحققت، ستكون بمثابة الذهاب إلى المجهول.
ما يدعم هذه الفرضية، هو ما رافق دراسة المشروع من حرص تام من قبل دول الخليج على سرية مداولاتها، فحتى قبل انعقاد القمة الخليجية بيوم واحد بقيت وجهات النظر الرسمية غائبة (ما عدا البحرين الشبه موافقة)، ولم تسرب أي من تقارير اللجنة المكلفة دراسة المشروع.
إلى ذلك، يبقى هناك ثلاثة سيناريوهات مطروحة مستقبلاً في حال استكمال المشروع، إما الإعلان عن اتحاد شامل تدريجي يقوم على النظام الأساسي للمجلس منذ ثلاثين عاما، وإما الإعلان عن صيغ اتحادية ثنائية، وإما التأسيس لاتحادات متخصصة (الطرح القطري)، حيث يحصل اتحاد في مجال الاقتصاد من دون الدفاع، أو السياسة من دون الأمن وهكذا دواليك.
السفير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة − اثنان =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube