في خطابه الأخير حول سياسة واشنطن تجاه الصين، بدا نائب الرئيس الأمريكيمايك بنس مرتعدا عندما أدعى أن سفينة بحرية صنيية اقتربت لمسافة تقل عن 45ياردة من المدمرة الأمريكية يو أس أس ديكاتور في بحر الصين الجنوبي مماأضطر الأخيرة إلى المناورة سريعا لتجنب الارتطام. كان هذا مجرد خلط للحقائق. فقد فات نائب الرئيس الأمريكي أن يذكر أنالمنطقة التي وقع فيها الحادث كانت على مسافة 12 ميلا بحريا من الأراضيالصينية وتبعد 7500 ميل بحري عن أقرب ساحل أمريكي. أي طرف يتجه صوب الآخر بعدوانية؟ الإجابة بديهية. في السنوات الأخيرة، لجأت الولايات المتحدة إلى مجموعة متنوعة من الحيل فيقضية بحر الصين الجنوبي أخذت 3 أشكال. أولا، استعراض العضلات وإذكاء التوترات بذريعة ما يسمي ” عمليات حريةالملاحة”. فمنذ مايو عام2017، اقتربت 11 سفينة حربية أمريكية على الأقل بينها “يو أسأس ديوي” و”يو أس أس ستيثم” لمسافة 12 ميلا بحريا من الجزر والشعاب الصينيةبزعم ضمان حرية المرور في بحر الصين الجنوبي. لكن في الحقيقة، ومنذ فترة طويلة، تعبر 100 ألف سفينة بحر الصين الجنوبي كلعام، ولم تواجه أي منها أي مشاكل في المرور، إذ يُطبق تقليد حرية الملاحةفي هذا الجسم من المياه، الذي يدعم أكثر من نصف حركة التجارة العالميةالبحرية. وللمفارقة، الولايات المتحدة التي تلقي بثقلها هناك باسم اتفاقية الأممالمتحدة بشان قانون البحار ليست موقعهة عليها ولا يعتقد أبدا أنها ملزمةباتباع الاتفاقية. ويهدف النهج الأمريكي في جوهره إلى فرض فهم واشنطن الأحادي والخاطئ للقانونالدولي على الدول الأخرى بالإكراه. ثانيا، فبركة الشائعات وتضليل العالم بقوتها المهيمنة في التأثير على الرأيالعام الدولي. فمن منظور فكر واشنطن التسلطي، فإن نشر الولايات المتحدة للسفن الحربيةوالقاذفات المتطورة في بحر الصين الجنوبي لا يدخل ضمن أعمال العسكرة، ولاأعمال الاستطلاع الوثيقة المتكررة بالقرب من الجزر الصينية، وإنما يستهدفبالأساس أعمال الإنشاء المشروعة التي تقوم بها الصين من منشآت دفاعيةضرورية على أراضيها. وفي هذا الصدد، اختارت واشنطن أن تغض الطرف عن حقيقة أن الصين تقوم ببناءسلمي على أراضيها في بحر الصين الجنوبي وأنه من حقها غير قابل للتصرف كدولةذات سيادة أن تبني منشأت دفاعية على أراضيها. ثالثا، دق أسافين بين مختلف الأطراف المعنية بقضية بحر الصين الجنوبيوالضغط عليها للانحياز إلي أي من الجانبين. وتستغل واشنطن قضية بحر الصيني الجنوبي في إثارة دول المنطقة ضد بعضهاالبعض. ووجد العديد من المراقبين بينهم مراقب جنوب شرق آسيا المخضرم جوزيفتوماس أن الولايات المتحدة تتدخل منذ فترة طويلة في الانتخابات والشؤونالداخلية لبعض دول جنوب شرق آسيا، وقرارها في ذلك يتوقف على سلوك الدولةالمستهدفة تجاه الصين وموقفها إزاء قضية بحر الصين الجنوبي. وفي مقالة تعود إلى يوم 6 أكتوبر، قالت صحيفة ((ساوث تشاينا مورنينغ بوست))إن تصريحات بنس بشأن بحر الصين الجنوبي تهدف إلى إرسال رسالة إلى دولالمنطقة مضمونها: حان الوقت للاختيار ما بين واشنطن وبكين. مع ذلك، تدرك الدول حول بحر الصين الجنوبي حسابات واشنطن جيدا. وتحاولالولايات المتحدة خلق انطباع خاطئ بأن جنوب شرق آسيا ترحب بوجودها العسكريفي بحر الصين الجنوبي، لكن في الحقيقة الدول هنا في المنطقة يقظة حيالالتدخل العسكري الأمريكي. وكما أشار وزير الدفاع الإندونيسي رياميزارد رياكودو وغيره إلى أن الدول فيالمنطقة تستطيع أن تحل قضية بحر الصين الجنوبي بنفسها ولا تحتاج إلى تدخلخارجي. ليس من الصعب رؤية تحت الأشكال الثلاثة لواشنطن مشكلة في العقلية. وفي أغلبالأحيان، أولئك الذين يفتقرون إلى الثقة هم الذين ينخرطون في الترهيب. وفي الواقع، قامت الصين والدول الأخرى المعنية في المنطقة بمساعي فعالةلتعزيز الاستقرار في بحر الصين الجنوبي وقد أظهرت موقفا إيجابيا تجاه حلالقضية التاريخية بطريقة سلمية. وتصميمها الحقيقي على جعل بحر الصين الجنوبي بحرا للسلام والصداقة والتعاونهو أفضل دفاع ضد محاولات إثارة المشكلات.
شينخهوا