مجموعة كتاب ناقش كاظمبور ظهور مدرسة جديدة من الفقه الإسلامي، مبنية على فرضية أن المقاربات الفقهية السابقة في الإسلام غير قادرة على تقديم إجابات لأسئلة المسلمين الذين يقطنون الغرب، ورأى أن أحد العناصر الرئيسية للفقه الناشئ حديثا هو أن المسلمين لديهم التزام أخلاقي تجاه مواطنيهم غير المسلمين في الديمقراطيات الغربية الليبرالية. وحاول استكشاف الآثار المترتبة على حياة المسلمين في الغرب مع التركيز بشكل خاص على كندا. وفي الفصل الآخر من هذا الجزء قدم ماريو بيكر استعراضا لمنظمات المجتمع الإسلامي كأحد عناصر المجتمع المدني في الغرب، ودورها في الاندماج المجتمعي والتماسك والمواطنة الفعالة للمسلمين. وعرض أدلة من مختلف البلدان الغربية تتحدى التصورات المنتشرة على نطاق واسع والقائلة إن الأقليات الإسلامية معزولة اجتماعيا وذاتيا. وتظهر البيانات -التي يقدمها هذا الفصل- أن منظمات المجتمع المسلم قد أصبحت بصفة عامة أطرافا فاعلة في مجتمعات مدنية ومجتمعات سياسية متنوعة، رغم أن قدراتها المدنية في تعزيز التماسك الاجتماعي لا تزال غير معترف بها في كثير من الأحيان، وتقدر بأقل من قيمتها ولا تستغل بطريقة فعالة. نظرات تاريخية يستكشف الجزء الثاني ظهور وتوطد المجتمعات الإسلامية ومؤسساتها في البلدان الغربية، مع تطبيق منظور تاريخي خاص بكل دولة. وتناقش الفصولُ في هذا الجزء التنوعَ المعقّد والأصوات الكثيرة داخل المشهد التنظيمي المجزّأ في معظم الأحيان للتجمعات المسلمة في البلدان محل الدراسة. الدكتور صادق حامد الأكاديمي بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد، يستعرض -في الفصل الرابع- نشأة المنظمات الإسلامية في بريطانيا، ويقدم لمحة عامة عن المراحل المختلفة للتنمية التنظيمية الإسلامية على مدار السنوات الخمسين الماضية. كما يحدد الاتجاهات الدينية الرئيسة التي صاغت بناء تلك المؤسسات وتكوين هويتها، وعلاقاتها الخارجية مع الدولة والمجتمع البريطاني الأوسع. “المسجد الكبير في باريس لا يزال صوتا مهما في النقاش العام بشأن الإسلام في فرنسا نظرا للقوة الرمزية التي يوليها السياسيون الفرنسيون للمسجد؛ لكن المسلمين لا يرون المسجد عادة منظمة مجتمعية ممثلة لهم، ولا يعتبرونه معقلا للإسلام المعتدل، وهناك من يرى أنه يخلّد دائما الطرح الكولونيالي التاريخي في خطابه حول الإسلام” ويسلط حامد الضوء على بعض المنظمات الأكثر نشاطا، ثم يختتم الفصل برسم تخطيطي للاتجاهات الحالية والمستقبلية بين مختلف أنواع المنظمات الإسلامية في بريطانيا اليوم. وفي الفصل الخامس، يصف رؤوف سيلان أستاذ الدراسات الدينية وعلم الاجتماع الديني، تحول العمالة الوافدة إلى مهاجرين مسلمين، والتطور التاريخي للمنظمات الإسلامية في ألمانيا، ويبين كيف تطورت منظمات المجتمع الإسلامي من التركيز على دول أعضائها الأصلية، إلى لعب دور موثوق به في المجالين السياسي والعام. أما الدكتورة نورا أماث الأكاديمية البارزة والناشطة المجتمعية والمتخصصة في تنمية المجتمع، فتناقش -في الفصل السادس- بناء المجتمع الإسلامي في أستراليا، وتقدم تقريرا تاريخيا شاملا عن الوجود الإسلامي هناك، الذي يسبق وصول الأسطول الأول (وهو الاسم الذي أعطي لأول 11 سفينة غادرت إنجلترا عام 1787 لتؤسس أول مستوطنة إنجليزية في أستراليا). وتتناول أماث تطور المجتمعات الإسلامية على مر القرون وحتى اليوم، وتقدم بيانات جديدة عن جداول الأعمال المعاصرة لما تسميه منظمات المجتمع المدني الإسلامية في أستراليا. في الفصل السابع الذي جاء بعنوان “بين الشرق والغرب؟ التراث الاستعماري في مسجد باريس الكبير”؛ تقدم ريكاردا ستيغمان أستاذة العلوم الدينية بجامعة فريبورغ السويسرية، لمحة شاملة عن التاريخ والدور المعاصر لأحد أشهر المساجد في أوروبا. وتجادل ستيغمان بأنه في حين أن المسجد الكبير لا يزال صوتا مهما في النقاش العام بشأن الإسلام في فرنسا (يرجع ذلك إلى القوة الرمزية التي يوليها السياسيون الفرنسيون للمسجد)؛ فإن المسلمين لا يرون المسجد عادة منظمة مجتمعية ممثلة لهم، ولا يعتبرونه معقلا للإسلام المعتدل. وتخلص الباحثة إلى أن المسجد الكبير يخلّد دائما الطرح الكولونيالي التاريخي في خطابه حول الإسلام، ويتحدث كـ”شرقي” أو “آخر” مختلف، وهذا يمكن قبوله في فرنسا ولكنه لن يكون جزءا متأصلا من المجتمع الفرنسي ككل. نقاشات معاصرة الجزء الثالث من الكتاب يجمع المقالات التي تناقش قضايا معاصرة مختارة، وذات أولوية حاسمة حاليا داخل منظمات المجتمع المسلم في الدول الغربية. ويحاول بعض فصوله النظر في مستقبل المجتمعات المعنية. ففي الفصل الثامن، يحاول كل من جان دوبرناك الأستاذ المحاضر في جامعة لينكولن والخبير في دراسات الإثنية والسياسات، وناصر مير وهو بروفيسور العلوم السياسية بجامعة إدنبرا، وطارق مودود بروفيسور علم الاجتماع والعلوم السياسية بجامعة بريستول البريطانية؛ استكشاف كيف مَوْضَعتْ المنظماتُ المسلمة في بريطانيا نفسها، ويوضح كيفية استجابتها للأحداث السياسية في البلاد، وللضغوط وتقديم المطالبات، وأيضا لسوء الفهم الذي تتعرض له هذه المنظمات. ويعتمد المؤلفون الثلاثة على مجموعة من المقابلات النوعية، لمناقشة هذه الاستجابات والمشاريع التي تضعها تلك المنظمات في مواجهة الرفض الواسع النطاق بين البريطانيين، لقبول رغبة المنظمات في ممارسة العمل المدني بالهوية البريطانية والالتزام بالصالح العام. تتحدث كاثرين بولوك الأستاذة المحاضرة في قسم العلوم السياسية (والمتخصصة في الإسلام السياسي) بجامعة تورونتو في ميسيساغا بكندا، في الفصل التاسع عن “التاريخ الشفهي لنساء مسلمات كنديات وحياتهن التنظيمية”، وتستعرض حياة اثنتين من النساء المسلمات اللاتي شاركن بنشاط كبير كمتطوعات في العديد من منظمات المجتمع الإسلامي بكندا. وتقول بولوك إن روايتهن حول “النسوية التقليدية” وآراءهن حول العنصرية والتمييز الجنسي؛ توفر سبيلا مهما لفهم النساء المحجبات اللاتي غالبا ما يتم عزلهن عن المجتمع الغربي، على اعتبار أنهن تابعات لدين يُزعَم أنه أبوي وقمعي. كما يقدم الفصل صورة للمرأة المسلمة ومشاركتها في المنظمات المدنية الإسلامية بكندا، بعيدا عن الصورة النمطية والوصف المبسط المعتاد. وفي الفصل العاشر الذي تناول منظمات المجتمع المسلم بأستراليا، يستكشف هادي سهرابي أستاذ علم الاجتماع في إدارة التربية والعلوم الاجتماعية بجامعة سوينبرن للتكنولوجيا في أستراليا، إلى أي مدى يَسّر الدين تشكيل منظمات إسلامية غير إثنية لمواجهة المشاعر المتصاعدة ضد المسلمين في أستراليا. ويقدم سهرابي في هذا الفصل نقدا للمذهب الثقافي (culturalism) كقوة منظمة للشأن الإنساني. واستنادا إلى المقابلات التي أجرِيتْ مع قادة المجتمع الإسلامي، يخلص سهرابي إلى أن المجتمعات الإسلامية الأسترالية ومنظماتها ظلت منقسمة ومتفرقة بصورة واضحة، رغم أن القوى الخارجية الداعمة لها كان يُفترض أن تجمعها. ومع ذلك، يحاجج بشأن نجاح بعض القادة المسلمين “المعتدلين”، في بناء قنوات اتصال داخل المجتمع وعبر المجتمعات المحلية، وخلق عدد من الهيئات الإدارية والدينية المتماثلة. الفصل الحادي عشر ناقش مستقبل الإسلام في فرنسا، وفيه تحدد ليلى أرسلان -التي تحمل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة باريس- عدة مراحل لتطور الهوية الإسلامية والنشاط المجتمعي في فرنسا. تبدأ هذه المراحل من الوجود الخفي، ثم من تمر بحركة “بيور” (Beur) العلمانية (تحمل اسما مشتقاً من مصطلح يطلق على الأشخاص المولودين في فرنسا لوالدين مهاجرين من شمال أفريقيا)، وصولا إلى الإحياء والصحوة الإسلامية، ثم النشاط الإسلامي وصعود أجندة العمل الإنساني ومكافحة الإسلاموفوبيا. وترى أرسلان أنه بخلاف العلمانية أو سمة الهويات الدينية، فإن التأويل السلبي للمسلمين في الخطاب العام يسهم في تحويل الإسلام إلى نوع من الإثنية الرمزية. وسيتسم مستقبل المسلمين في فرنسا بالتوترات بين هذه الإثنية الرمزية وكره الإسلام، وبين امتثال المسلمين للمجتمع السائد وطريقة الحياة الحلال. وفي الفصل الثاني عشر الختامي، يناقش رؤوف سيلان البروفيسور في جامعة أوزنابروك بألمانيا آفاقَ المستقبل للإسلام في ألمانيا، والتقدم الذي أحرزته المنظمات الإسلامية في التكامل الهيكلي للإسلام في البلاد. هذا التقدم الذي أثار العنصريين وزاد مناهضة المسلمين، ونشأ بسببه الكثير من التحديات والتوترات بين العلمانية والوعي الديني الجديد، والتطبيع الذي يتوسع فيه المجتمع المسلم داخل ألمانيا باعتبارها وطنا يعيشون فيه كأبناء له. ويحتج رؤوف بأن تأسيس ما يسمى الإسلام المغترب أو إسلام الشتات في ألمانيا مهّد الطريق أمام الاعتراف القانوني بالمسلمين هناك. ومنذ حدوث هذا التطور؛ حاول صناع السياسة الألمان اللحاق بركب هذا التكامل، والعمل مع الشركاء المسلمين للعثور على مسارات وحلول للاعتراف القانوني بالمنظمات والمجتمعات المسلمة في ألمانيا. وفي النهاية يؤكد محررا الكتاب أن الجهود الهائلة والإنجازات التي حققتها المؤسسات المجتمعية المسلمة في الغرب لم تحظ بالاهتمام الكافي، سواء في النقاشات العامة أو حتى على مستوى الوسط الأكاديمي. وأن الوصول بالمجتمعات المسلمة في الغرب إلى حالة من الاندماج الصحي في مجتمعاتهم يبدأ بالاهتمام بتلك المؤسسات، وحمايتها من أعدائها وبعض أبنائها على حد سوا