كتب محمد خير الوادي :
راقبت بهدوء ردود الافعال الامريكية على قرار السعودية تخفيض انتاجها من النفط ،وهو القرار الذي قالت الرياض انه ليس سياسيا ، وانه يلبي مصلحة السعودية ،ويوفر لها مزيدا من الاموال لتنفيذ خططها التنموية الطموحة .وكيلا اثقل على القاريء ، ادخل مباشرة في صلب الموضوع . واشنطن غضبت من قرار الرياض هذا ، واتهمتها بالانحياز الى الرئيس بوتين ،والحاق اضرار جسيمة بالعلاقات التاريخية السعودية – الامريكية .
و قفزت الى ذهني واقعة أخرى مماثلة تصلح للمقارنة ، هي ردود الفعل الامريكية ازاء الموقف الاسرائيلي من الازمة الاوكرانية .فالحكومة الاسرائيلية ” شقت ايضا عصا الطاعة” ،ولم تنضمٌ الى التحالف الغربي بقيادة امريكا ضد روسيا ، والاسرائيليون رفضوا الطلبات الغربية المتكررة تزويد كيف باسلحة نوعية ، واسرائيل عاندت الرغبات الامريكية في تجميد علاقاتاها مع موسكو . وقد علل المسؤولون الاسرائيلون مواقفهم ” المتمردة” هذه ازاء الوضع الاوكراني، بقولهم ان ذلك يلبي المصلحة الاسرائيلية العليا .ولم يجرؤ احد في واشنطن على معاتبة اسرائيل . البيت الابيض صمت ، والكونغرس الذي تجند ضد السعودية ، لم يحرك ساكنا ضد تل ابيب ، والاعلام الامريكي الذي يشن حملة مسمومة على الرياض ، اعلن انه ” يتفهم الموقف الاسرائيلي هذا “.
وهنا تطرح اسئلة كثيرة بهذا االخصوص:
لماذا ممنوع على السعودية – او اي بلد عربي آخر- اعتماد سياسات تخالف المواقف الامريكية وتلبي المصالح الوطنية لهذه الدول ، بينما مسموح للكيان الصيهيوني ان يرفض الالتزام باملاءات واشنطن فيما يتعلق بالازمة الاوكرانية ؟ ولماذا تهدد الاوساط الامريكية يوميا السعودية بالويل والثبوروسوءعواقب الامور، ان استمرت الرياض في رفضها للاملاءات الامريكية ، بينما الامريكيون يصمتون تماما على الموقف الاسرائيلي ، لابل ان الاوساط الامريكية تعلن ،انها تتفهم الاسباب التي دعت الحكومة الاسرائيلية للتغريد بعيدا عن السرب الامريكي في المشكلة الاوكرانية؟
اسمحوا لي ان اجيب باختصار : يحدث هذا كله ، لانه لا يوجد منطق في السياسة الامريكية .فامريكا اعتادت على فرض ماتريد على دول العالم باستثاء اسرائيل ، التي تُعامل كطفل مدلل ،مسموح له ان يفعل ما يشاء دونما حساب اومراقبة او ادانة .!
وهذه قمة اللامنطق في المنطق الامريكي الذي لم يعد يقنع احدا .
30 /10/2022