عقد الرئيس الأميركي جو بايدن مباحثات مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي-إن تبرز تركيزه الاستراتيجي على آسيا، مع التقليل من فرص احراز تقدم سريع بشان التحديات التي تشكلها الصين وكوريا الشمالية.
وعند وصوله للبيت الأبيض، أعلن مون أنّ كوريا الجنوبية والولايات المتحدة تتشاركان “الروح” التي تشكلت خلال الحرب الكورية التي اندلعت في خمسينات القرن الماضي.
وقال مون في اجتماع مع نائبة الرئيس كامالا هاريس قبل لقائه بايدن إنّ كوريا الجنوبية “ستقف دوما الى جوار أميركا في رحلتها للتعافي من كوفيد-19 والدفاع عن النظام الدولي الليبرالي والديموقراطي”.
وتناولت المباحثات ملف الصين كمنافس على القيادة في آسيا وكوريا الشمالية المسلحة نووي. وتقر إدارة بايدن إن ليس لديها حلولا لكليهما.
وينصب جهد واشنطن راهنا على إعادة بناء التحالفات الأميركية بعد ولاية دونالد ترامب المضطربة والتي كان البيت الأبيض خلالها يتعامل مع الحلفاء الدائمين كمنافسين تجاريين.
بدون هاجس التوصل الى “اتفاق كبير” ولا “صبر استراتيجي” رفض الرئيس الأميركي حتى الآن مقاربتي سلفيه دونالد ترامب وباراك أوباما بخصوص كوريا الشمالية.
لكن بعيدا عن الصيغ المعممة حول ضرورة اعتماد مقاربة “مرنة” يبقى الغموض سائدا حيال الاستراتيجية.
وفيما تتركز أنظار العالم على اسرائيل، ألمح البيت الأبيض بوضوح الى انه يجب عدم توقع أي إعلان بارز على المدى القصير بشأن الملف الكوري الشمالي.
وقال مسؤول أميركي “من غير المرجح أن نعلن تفاصيل استراتيجيتنا الدبلوماسية.
والرئيس الكوري الجنوبي كان مهندس الوساطة بين بيونغ يانغ وواشنطن التي أدت الى عقد قمتين تاريخيتين لكن بدون نتائج ملموسة، بين دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون.
وهو يعتزم الاستفادة من آخر سنة من ولايته للتوصل أخيرا الى “سلام لا عودة عنه” في شبه الجزيرة الكورية ويأمل في أن ينخرط جو بايدن بالكامل في هذا الملف الشائك.
لكن كيف يمكن إعادة بيونغ يانغ الى طاولة المفاوضات؟ فقد سبق أن ندد النظام المعزول بالدبلوماسية “المعادية” و”الخادعة” للإدارة الجديدة.
– الصين في صلب المحادثات –
رغم تعرضها للعديد من العقوبات الدولية، طورت بيونغ يانغ بسرعة في السنوات الماضية قدراتها العسكرية تحت قيادة كيم جونغ أون، وأجرت العديد من التجارب النووية واختبرت بنجاح صواريخ بالستية.
هل يفكر الرئيس الديموقراطي في عقد لقاء مع كيم جونغ أون؟ ردت المتحدثة باسمه جين ساكي “لا أتوقع أن يكون هذا الأمر أولوية بالنسبة إليه”.
يؤكد البيت الأبيض أنه يريد الاستناد، من بين أمور أخرى، إلى الإعلان المشترك لقمة سنغافورة عام 2018.
هذه الوثيقة المقتضبة تطرقت الى “نزع الأسلحة النووية بشكل كامل من شبه الجزيرة الكورية” لكن هذه الصيغة المبهمة أدت إلى تفسيرات مختلفة جدا من جانب الطرفين.
في دليل على أهمية المنطقة بالنسبة لواشنطن، فان مون جاي-إن هو ثاني زعيم يتم استقباله شخصيا في البيت الأبيض بعد رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا.
لكن في ما يتعلق بالصين، الخصم الاستراتيجي الأول لواشنطن، قد تكون المحادثات حساسة أكثر. يمكن ألا يلتزم مون بقدر ما التزم رئيس الوزراء الياباني في الجبهة الموحدة التي تدعو إليها واشنطن في مواجهة بكين.
في بيانهما المشترك، تطرق بايدن وسوغا علنا الى التوتر المتزايد بشأن موضوع تايوان التي تندد بأعمال عدائية متزايدة من جانب بكين.
رغم انه تم التعبير عن ذلك بطريقة محسوبة، إلا انها المرة الأولى التي يوقع فيها مسؤول ياباني إعلانا مشتركا مع رئيس أميركي بشأن تايوان منذ أن اعترف الحليفان ببكين بدلاً من تايبيه في السبعينيات
وخلال مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض عقب اجتماعهما، قال بايدن إنه ناقش مع مون النهج المشترك تجاه جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.
وقال “إن بلدينا يشتركان أيضا في الرغبة في التعامل دبلوماسيا مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، لاتخاذ خطوات عملية من شأنها تقليل التوترات بينما نتحرك نحو هدفنا النهائي المتمثل في نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية”.
وقال أيضا للصحفيين “ليس لدينا أي وهم تجاه مدى صعوبة ذلك .. غير واهمين على الإطلاق”، وإن “الإدارات الأربع الماضية لم تحقق الهدف. إنه هدف صعب للغاية”.
وأعلن بايدن أن الدبلوماسي المحترف، سونغ كيم، سيعمل كمبعوث خاص للولايات المتحدة لكوريا الديمقراطية لدفع الجهود الدبلوماسية.
من جانبه، وصف مون، في تصريحاته، تحقيق نزع السلاح النووي الكامل والسلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية بأنه “المهمة المشتركة الأكثر إلحاحا” التي يجب أن يضطلع بها الحليفان.
وأشار إلى أن بايدن أعرب عن دعمه للحوار والتعاون بين الكوريتين، قائلا إنه “في ظل التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، سنعمل على تسهيل التقدم في العلاقات بين الكوريتين، من أجل تحقيق دورة حميدة مع الحوار بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية”.
ولم يستبعد بايدن عقد اجتماع مع زعيم كوريا الديمقراطية، كيم جونغ أون، لكنه شدد على أن الشرط المسبق للاجتماع سيكون التزام بيونغ يانغ بمناقشة أسلحتها النووية.
وناقش الرئيسان أيضا التعاون في قضايا الأمن الإقليمي والتكنولوجيا الناشئة وتغير المناخ ولقاحات كوفيد-19. ويتفق البلدان على إقامة شراكة لقاحات شاملة، وستوفر الولايات المتحدة اللقاحات لـ 550 ألف عسكري كوري جنوبي يعملون على اتصال وثيق مع القوات الأمريكية. كانت إدارة بايدن قد أكملت في نهاية أبريل، مراجعة سياستها تجاه كوريا الديمقراطية. وقال البيت الأبيض إنه تواصل مع بيونغ يانغ عبر عدة قنوات، لكنه لم يتلق أي رد بعد