قدم رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف خلاصة لفترة رئاسته، معترفا بفشله في اقتلاع الفساد وإنشاء نظام قضائي مستقل في روسيا. وخلال مقابلة مع البرنامج التلفزيوني الروسي “أخبار الاسبوع” شرح رئيس الوزراء سبب عزوف الحكومة عن الاستماع إلى آراء المواطنين. فحسب كلامه: “لن يكون الاستماع الى كل ما يقال في الشوارع عملا يتسم بالمسؤولية، فعند قيادة البلاد يجب الاعتماد على آراء الناس بشكل معقول في سبيل الوصول الى المنفعة العامة”. وحول عدم تمكنه خلال فترته الرئاسية من تقليص وتيرة الفساد وإنشاء قضاء مستقل وتوسيع نطاق الاقتصاد، اعترف ميدفيديف خلال مقابلة مع إحدى الصحف السويسرية المؤثرة بفشله على هذا الصعيد، وأوضح أن الانتصار النهائي على آفة الفساد لن يتحقق خلال السنوات الخمس القادمة أيضا: “إن المشكلة لا يمكن حلها بالمراسيم والقوانين. ولن تُحل إلا بتعاون مثمر ومنتظم بين جميع هيئات السلطة والمجتمع المدني”. وأضاف أنه يعتبر أحد الأركان المهمة في عملية القضاء على الفساد، هو تغيير ذهنية ونفسية المواطنين الروس. فالمسؤولون يجب أن يفهموا أن قبض الرشوة عملية غير أخلاقية.
وتهرب رئيس الوزراء من الإجابة عن سؤال يخص عملية مكافحة الفساد الحالية والتحقيقات مع وزير الدفاع السابق أناتولي سيرديكوف، مبررا ذلك بأن كلامه في هذا الموضوع قد يعتبر تدخلا في عمل الجهاز القضائي. وأضاف أنه يتم في روسيا حاليا التحقيق بحوالي 50 ألف قضية فساد، ولكن الفساد برأيه لا يشكل الاهتمام الأول لدى المواطنين الروس، بل مشكلة السكن والخدمات والعائلة بالدرجة الأولى. اعترف مدفيديف كذلك بقصور النظام القضائي في روسيا، وبأنه كمحام تكلم كثيرا حول هذا الموضوع خلال فترة رئاسته. وحول ما يشاع من معلومات بأن 97 % من قرارات المحاكم الروسية هي قرارات إدانة، أي أكبر من النسبة التي كانت في عهد ستالين، علق رئيس الوزراء قائلا إن “القضاة يشعرون بالحرج إذا قضوا ببراءة شخص، وهو ما سيدفع للشك في مجمل عمل أجهزة التحقيق”. وفي نهاية المقابلة الصحفية التي اعتبرها المراقبون بمثابة جردة حساب لكل فترة مدفيديف الرئاسية، سأل المراسل رئيس الحكومة الروسية، عن موقفه من الناس الذين شعروا بالخيبة من عدم ترشحه لمنصب الرئاسة مرة ثانية؟ كان الرد: “أقول لأولئك المواطنين إنني أعمل الآن رئيسا للوزراء، وهو عمل ليس سهلا. وعلى عمل الحكومة يتوقف حل الكثير من المشاكل البالغة الجدية. أما بخصوص المستقبل، فلا أحد يستطيع أن يحدد كيف سيكون الوضع. وأتمنى أن يكون المواطنون راضين عما سيحمله لهم المستقبل”.
والجدير بالذكر أن مدفيديف كان قد صرح سابقا لتلفزيون “بلومبيرغ تي في” أنه لن ينافس الرئيس فلاديمير بوتين في انتخابات عام 2018، ولكنه رغم ذلك لم يتخلص نهائيا من طموحاته الرئاسية، ويمكنه نظريا أن يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة الروسية. وفي تعليق على تلك التصريحات التي أدلى بها دميتري مدفيديف قال إيغور بونين رئيس مركز التقنيات السياسية أن رئيس الوزراء ذهب بعيدا، وبذل أقصى جهده لإثبات ولائه للرئيس فلاديمير بوتين. ويؤكد ذلك حسب الخبير ما ذكره عن عدم إمكانية تنافسه على المقعد الرئاسي إلى جانب بوتين. يرى إيغور بونين أنه لو قدر لمدفيديف البقاء لفترة رئاسية ثانية وتكملة ما بدأه من أعمال، لجاءت النتائج أفضل. “كانت رئاسته فترة تنفست فيها منظمات المجتمع المدني قليلا، وتم التلميح إلى إصلاح سياسي تم تنفيذه جزئيا في المرحلة الراهنة. كما استطاع مدفيديف إرخاء القبضة الحديدية للسلطة المركزية، وذلك بفضل الأزمة المالية، وهو أمر لن يتاح تفعيله من جديد بعد الآن”.
نيزافيسيمايا غازيتا