: قالت نورا عريقات، محامية حقوق الإنسان والبرفسور في جامعة رتغر الأمريكية، ومريم برغوثي الكاتبة الفلسطينية المقيمة في رام الله، بمقال مشترك لهما بصحيفة “واشنطن بوست” إن ما يجري في حي الشيخ جراح من محاولة طرد فلسطينيين من بيوتهم يعلم وقاحة مشروع إسرائيل الاستعماري.
وجاء في المقال أن الفتى الفلسطيني محمد الكرد كان جالسا أمام جهاز كمبيوتره الشخصي وابتسامة تعلو وجهه وهو يحضر لنشر ديوانه الأخير “رقة”. وكان يبدو متشوقا وقلقا وخائفا في الوقت نفسه وهو يراجع القصائد والفقرات عن جدته التي توفيت عن 103 أعوام بسبب وضع المستوطنين اليد على جزء من بيتهم. ويبدو الكرد متمسكا بكلماته لكي يتأكد من بقاء ذاكرة جدته وذاكرته وعائلته معه. ويقول البعض إن الأمور التي توثقها لا تضيع، إلا أن هدوء الكرد يتشوش عندما يتحدث عن حيه في القدس، الشيخ جراح، حيث يحاول هو وأخته منى تسليط الضوء على الانتهاكات الخطيرة التي تحدث هناك، حيث يواجهان الإخلاء القسري من بيتهما.
وأشارت الكاتبتان إلى أن حي الشيخ جراح تحول بشكل عملي إلى “ساحة حرب”، حيث يقوم مستوطنون مسلحون تحت حماية الشرطة الإسرائيلية بترويع وإرهاب السكان الفلسطينيين، وهم نفس المستوطنين الذين يريدون طرد العائلات الفلسطينية بما فيها عائلة الكرد. فقد أصبح الشيخ جراح النقطة الأخيرة المشتعلة في المشروع التوسعي الإسرائيلي. والتهديد بالإخلاء هو جزء مما يسميه الفلسطينيون “نكبتهم المستمرة”، وذلك لأن طرد نسبة 80% من سكان فلسطين التاريخية الأصليين في الفترة ما بين 1947- 1949 لم يكن حدثا واحدا، فهو نفس الواقع الذي شاهدناه في الخان الأحمر والعراقيب قبل ذلك وبهذه الطريقة تم توطيد كل مستوطنة من تل أبيب في 1948 إلى معاليه أدوميم وغفعات حماتوس في الضفة الغربية.
التهديد بالإخلاء هو جزء مما يسميه الفلسطينيون “نكبتهم المستمرة”
فلا يزال المشروع الاستيطاني الصهيوني مستمرا ويعمل على طرد الفلسطينيين واستبدالهم بيهود- صهاينة. وفي القدس، فعملية الإخلاء القسري يتردد صداها في الضفة الغربية وغزة وبين الفلسطينيين الذين أجبروا على المنفى في الشتات. فالمستوطنون الإسرائيليون، الذين يحظون كما هو الحال بدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الصامت، صاروا أكثر وقاحة وبطريقة لا تصدق في عمليات التطهير العرقي. وأخبر أحد المستوطنين وبطريقة واقعية منى الكرد “لو لم أسرق بيتك فسيسرقه شخص آخر”.
وتم تصوير نائب عمدة القدس أريه كينع وهو يقول متحسرا إن فلسطينيا أصيب برصاصة في رجله لم تصبه الرصاصة في رأسه. وفي يوم الإثنين داهمت الشرطة المسجد الأقصى الذي يعتبر واحدا من الأماكن المقدسة لدى المسلمين وجرح المئات من الفلسطينيين الذين حاولوا الاحتماء داخله وأطلق عليهم الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية.
واليوم أخذ جيل جديد من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بنشر ودعم هاشتاغ “أنقذوا الشيخ جراح”. وكشف عنف الصهيونية لبقية العالم مرة أخرى. ولكن عندما بدأ الهاشتاغ ينتشر ويصبح “تريند” على منصات التواصل الاجتماعي، اشتكى عدد من الناشطين من حذف منشوراتهم، وتم تعليق حسابات بأعداد كبيرة. والرقابة التي تمارسها منصات التواصل الاجتماعي على الاحتجاج الفلسطيني هي فصل آخر من حملة تدعو فيسبوك لعدم مساواة انتقاد الصهيونية بخطاب الكراهية ومعاداة السامية. وتحاول عدد من الجماعات المؤيدة لإسرائيل استخدام الاتهامات الفارغة بمعاداة السامية لوقف النقاش حول فلسطين. و”مع اقتراب موعد الـ15 من أيار/ مايو، ذكرى تشريد الفلسطينيين من مدنهم في حيفا وترشيحا وصفد عام 1948، ليشهد العالم ما يجري في القدس، فبهذه الطريقة أصبح الناس لاجئين، وهذه نكبتنا المستمرة، وكفاحنا للحرية ليس من أجل دولة ولكن للبقاء على أرضنا وأن نظل عليها والحفاظ على بيوتنا ومقاومة المحو. ولكن الكشف عن الواقع الحقيقي وتسمية الأسماء باسمها عبر منصات التواصل الاجتماعي والكشف للعالم عما يجري منذ عقود يبدو مؤذيا أكثر من تشريدنا المستمر تحت تهديد السلاح”. و”لا أحد يمكنه إنكار الواقع، فهذا مشروع استيطاني استعماري، فإن لم يأخذ مستوطن بيتنا فسيأخذه آخر. ومتى سيفتح العالم عينيه على هذا الظلم ويرد بطريقة مناسبة؟ ولا نريد الكلام الفارغ عن الجانبين، بل نريد تضامنا للتخلص من الأبارتيد