تعمل الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون تاسكا التي تأسست في أنقرة عام 2008 على بناء جسور متينة للتواصل الحضاري بين شعوب وبلدان العالمين التركي والعربي في مجالات العلوم والثقافة والفنون والإعلام والمجتمع المدني وتطوير الرؤى الإستراتيجية لهذا التعاون بما يحقق المصالح المشتركة للطرفين ومساندة التقارب والتعاون على المستويين السياسي والاقتصادي بينهما اللذين شهدا في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً. وفي تصريح لوكالة سانا قال الدكتور محمد العادل رئيس مجلس إدارة الجمعية: إن ما يجمع بين العرب والأتراك يتعدى حدود الصداقة ليصل إلى مستوى الشراكة الحقيقية ومن هذا المنطلق تم تأسيس الجمعية كمنظمة مدنية ذات صفة دولية تخاطب نحو 700 مليون نسمة في العالمين التركي والعربي مضيفاً أن الشراكة بين العرب والأتراك على مستوى الثقافة والعلوم والفنون صمام أمان العلاقات العربية التركية التي شهدت على مستوى السياسة والاقتصاد في السنوات العشر الأخيرة تقدماً مهماً ولاسيما بين سورية وتركيا. وأوضح العادل أن نخبة من الأكاديميين والإعلاميين والمثقفين الأتراك والعرب بادروا لتأسيس الجمعية لقناعتهم بأهمية الروابط التاريخية والحضارية بين شعوب العالمين التركي والعربي ولكسر الحواجز النفسية المفتعلة وإزالة الجدران الوهمية بين الأتراك والعرب والعمل على بناء أرضية متينة لإقامة جسور جديدة للتواصل الحضاري والتعاون الإستراتيجي في مختلف المجالات مع تأكيد احترام خصوصيات الشعوب واعتبار التنوع الثقافي وغيره عوامل إثراء وتميز. وأشار العادل إلى أن عدد أعضاء الجمعية حالياً يزيد على 120 عضواً منتشرين في معظم مدن العالمين العربي والتركي وهم مؤمنون بالأهمية الاستراتيجية للشراكة العربية والتركية وملتزمون بالعمل على تحقيق هذه الشراكة ودعمها من خلال مواقعهم وقال: إن هذا العدد يعد رقماً جيداً مقارنة بعمر الجمعية على اعتبار أن الجمعية نخبوية وتحاول توسيع دائرة شركائها وأعضائها. وحققت الجمعية على مدار السنوات الثلاث الماضية من عمرها بعض أهدافها منها التؤمة بين عدة جامعات عربية وتركية بهدف توفير أرضية جيدة للحوار بين العقلين العربي والتركي من خلال التقاء الباحثين والمفكرين من كلا الطرفين وتتطلع الجمعية إلى أن تحقق حتى نهاية السنة المقبلة 12 تؤمة بين جامعات تركية وعربية على الأقل. وفي إطار سعيها لتنشيط حركة الترجمة بين العرب والأتراك على اعتبار أن الطرفين يستعينان بلغة وسيطة لمعرفة الآخر أنجزت الجمعية ترجمة أكثر من 12 كتاباً يتناول جوانب فكرية وأدبية في البلاد العربية وقال العادل.. حتى هذا اليوم لا نجد في المكتبات البحثية كتباً مترجمة من العربية إلى التركية ومن هذا المنطلق تتعاون الجمعية مع أهل الاختصاص لترجمة الحركة الأدبية والفكرية في البلاد العربية إلى اللغة التركية كما أنها أعلنت عن مشروع مهم وهو الإعداد لقاعدة بيانات عن البلاد العربية باللغة التركية لكنه يحتاج لدعم من الوزارات المعنية في الدول العربية ولاسيما أن الإنسان التركي قارئ نهم لافتاً إلى مشروع مهم مع وزارة الثقافة والسياحة وعدد من الجامعات التركية لترجمة عدد من الكتب من التركية إلى العربية. وخلال مشاركتها في مهرجان طريق الحرير عام 2009 أنجزت الجمعية بالتعاون مع فضائية سي سي تي في التركية فيلما وثائقيا مدته 90 دقيقة عن المهرجان وعن الموروث الثقافي في سورية والمشترك الثقافي الحضاري بين تركيا وسورية ووصفه العادل بالإنجاز الناجح ولاسيما بعد عرضه في عدة قنوات تركية ومشاهدته من قبل أكثر من خمسة ملايين مشاهد تركي وأسهم إلى حد بعيد في الشراكة السورية التركية وفي الترويج السياحي لسورية في تركيا. كما استطاعت الجمعية أن تحقق عدداً لا بأس به من الندوات والمؤتمرات التي تهدف لتنمية ثقافة الشراكة بين العرب والأتراك وقال.. إن الجمعية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل بلد عربي ولذلك فإنها اتجهت نحو الشراكة الثنائية حيث نظمت ندوات متخصصة عن العلاقات التركية المغربية والتركية السودانية والتركية العمانية عدا عن الندوة السنوية عن التعاون العربي التركي التي تقام في تركيا. وأشار العادل إلى أن العام المقبل سيحفل بسلسلة من الندوات المتميزة أهمها المنتدى الإعلامي التركي العربي للاتصال وهو مشروع طموح يهدف للتشبيك بين العرب والأتراك وتنمية التعاون بين المؤسسات الاعلامية العربية والتركية وقطع الطريق أمام الإعلام الوسيط إذ إن أخبار تركيا حتى اليوم تصل إلى العالم العربي عبر إعلام وسيط والعكس صحيح إضافة إلى اقامة الملتقى الأول بين الأدباء العرب والأتراك. وفيما يتعلق بالفنون أوضح العادل أن الدراما التركية حققت مؤخراً نجاحاً في الساحة العربية ولهذا فإن الجمعية بادرت لدعوة المنتجين العرب وشركات الإنتاج العربية إلى الاستثمار في الساحة الفنية التركية وقال: إن تركيا تضم أكثر من 50 فضائية تبث برامج ومسلسلات وأفلاماً متعددة الجنسيات لكن لا يوجد فيها أي إنتاج عربي والآن الفرصة متاحة للمنتجين العرب وخصوصاً المنتجين السوريين بعد أن حققت الدراما السورية حضوراً كبيراً على المستويين العربي والعالمي مضيفاً ان الجمعية تستعد خلال السنة المقبلة لإطلاق أول مهرجان للفيلم العربي في تركيا بهدف تسجيل حضور ثقافي حقيقي عربي بشكل دوري وسنوي. وأكد العادل أن الجمعية بدأت بحصد نتائج عملها بعد ثلاث سنوات من التأسيس ولاسيما بعد أن عقدت الجامعة العربية وتركيا المنتدى العربي التركي للتعاون الذي كانت دورته الأولى في اسطنبول والثانية في حلب حيث يشكل هذا المنتدى الفضاء الرسمي للتعاون العربي التركي إضافة إلى الكثير من المؤتمرات والندوات المعنية وذات الصلة بالعلاقات العربية التركية وفي اتجاهات متعددة. ودعا العادل إلى مبادرات عربية في هذا الشأن توازي المبادرات التركية لتكون الشراكة العربية التركية متوازية وقال: إن الساحة التركية حالياً مفتوحة ومتقبلة لأي شيء عربي لكن المبادرات العربية لا تزال حتى الآن خجولة مضيفاً انه لا يمكن نكران الحضور السوري الجيد ولاسيما اتحاد الكتاب العرب الذي يعمل على إدارة الحوار بين العقلين التركي والعربي ويحاول نقل الحراك الثقافي والفكري في سورية إلى تركيا. وأشار العادل إلى أن قرار وزارة الثقافة السورية بافتتاح مركز ثقافي في تركيا يشكل خدمة كبيرة للشراكة العربية التركية ويسهم في الحضور الثقافي العربي في تركيا وتعريف الشعب التركي بما تحفل به سورية من فنون وثقافة وتراث. وقال العادل إن الجمعية تولي أهمية قصوى للشراكة السورية التركية التي تشكل مدخل وصمام أمان للشراكة العربية التركية لعدة اعتبارات أهمها أنها أكثر شراكة ناجحة وصادقة حتى أن الإعلام التركي والمفكرين ومعظم النخب في تركيا ترى ذلك وهذا ما ساهم في تغيير الصورة النمطية عن سورية عند الأتراك حيث تطورت العلاقة بشكل إيجابي.. لذلك الآن لا نرى تلك الحساسية التي كانت قبل سنوات حول أي شيء عربي وسوري تحديداً لأن المقاييس والمعايير تغيرت وأصبحت لها نتيجة إيجابية مضيفا أن هذه النظرة الايجابية لم تأت من فراغ بل من ثقة وصدق القيادة السورية. وعلى المستوى الاقتصادي أشار العادل الى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين سورية وتركيا وهو مؤهل للتطور ولاسيما بعد إلغاء تأشيرة الدخول وتنشيط حركة التجارة المشتركة. وفيما يتعلق باللغة العربية بين العادل أن الجمعية تولي أهمية للغتين العربية والتركية وتدعم ما لا يقل عن 5 دورات للغة التركية في الدول العربية وقال: لدينا طموح كبير جداً بدعم من هيئات مدنية كبيرة معنية باللغة التركية بأن يكون في كل عاصمة عربية دورة للغة التركية إضافة إلى دعم نشر اللغة العربية في تركيا ولاسيما في ظل الاهتمام الحكومي التركي مضيفا أن أكثر من 25 قسماً للغة العربية موجود في الجامعات التركية لكن هذه الأقسام تحتاج للدعم والاهتمام من قبل المؤسسات والوزارات المعنية في الدول العربية لندب الأساتذة وإقامة المختبرات. وتطمح الجمعية بحسب رئيسها لإقامة الأكاديمية العربية في أنقرة وهو مشروع طموح يهدف لدعم اللغة العربية وآدابها وتخريج متخصصين باللغة العربية من الأتراك والدول المجاورة وجعلها صرحاً ثقافياً عربياً تحتضن ندوات ومعارض وفعاليات. وأكد العادل أن الجمعية حريصة على بناء شراكات مع المؤسسات والهيئات العربية ذات الطبيعة الثقافية والعلمية والفنية وأن تشكل صلة وصل بينها وبين هيئات ومؤسسات تركية مشابهة. ولفت العادل إلى أهمية تحصين الشراكة العربية التركية المستهدفة من قبل أطراف دولية وعلى رأسها إسرائيل التي تحاول تعطيل هذه الشراكة عبر بعض أدوات الإعلام والسياسة في الساحة التركية مشيراً إلى أن هذا التحصين يأتي عبر تكريس هذه الشراكة شعبياً ومدنيا وثقافيا وفنيا وعلميا على أن تكون هذه الشراكة واعية ومسؤولة وبعيدة عن العاطفة. من جهة أخرى أكد العادل أن لا أحد في تركيا اليوم يرى إسرائيل صديقة بل عدوا يهدد الأمن القومي التركي وقال: يجب على الدول العربية أن تبني على هذه الرؤية فإسرائيل تجهد لإيجاد صيغة توفيقية لمحاولة تخفيف الأزمة فيما يتعلق بأسطول الحرية بعد أن انعكس هذا على اقتصادها وزادت عزلتها ومهما كانت صيغة الاعتذار فلن تكون مرضية للشعب التركي ولن تعيد العلاقات إلى سابق عهدها مضيفاً أن إسرائيل قلقة من تنامي العلاقات العربية التركية وتستميت في محاولة قطع الطريق أمام الشراكة العربية التركية ولاسيما التركية السورية…سانا |