شهدت الدبلوماسية الأمريكية في عام 2013 السنة الأولى من ولاية الرئيسالأمريكي باراك اوباما الثانية صعوبات في التعامل مع العديد من التحديات،منها فضيحة ” التصنت” التي شوهت صورة الولايات المتحدة دوليا، الفضيحة التينشرتها قناة cw الأمريكية بشأن المعضلة السياسية التي تواجهها إدارةاوباما في سوريا، الفشل في تحقيق أي تقدم في محادثات السلام بين فلسطينوإسرائيل، وانحياز السياسة الأمريكية المستمر إلى جانب واحد في قضايا الشرقالأوسط. فضيحة “التصنت ” تفتح أبواب الجحيم على الولايات المتحدةيعتقد الكثير من الناس أن إقرار الولايات المتحدة قانون “باتريوت اكت” عقبهجمات 11 سبتمبر 2001 ومنح وكالات الاستخبارات صلاحيات مراقبة الاتصالاتوالتنصت على المكالمات بغرض الكشف عن المؤامرات الإرهابية لمكافحة الإرهابوحماية الأمن القومي سيضر حتما بمصالح الدول الأخرى. وأن فضيحة التجسسالأميركية التي كشفها المتعاقد السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي،إدوارد سنودن في يونيو هذا العام أحرقت الحكومة الأمريكية. لقد كانت قائمة ضحايا التجسس الأمريكية طويلة تضم رؤساء دول ورؤساء حكوماتورجال أعمال وغيرهم، مما أحدثت صدمة كبيرة في العالم، وأدانتها حكوماتأوروبية، واسيا وأمريكا اللاتينية وقدمت احتجاجات قوية. وكانت حجة البيتالأبيض في مواجهة هذا الوضع ضعيفة جدا. فكيف تشعر الولايات المتحدة بعد أنأسقطها شخص عادي من ” الصروح الأخلاقية الشامخة” إلى متهم بسوء الأخلاق؟امتداد تأثير فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية لا يزال مستمرا، و لمتهدأ على الرغم من أن سنودن ضيف في روسيا. حيث لا احد يعرف كم من فضيحة سوفيعلن عنها سنودن، ولا احد يعرف فضيحة التصنت على المكالمة الهاتفية إلىمدى سوف تخرب صورة الولايات المتحدة، ولكن مما لا شك فيه، فإن فضيحة التصنتسوف تضر بـ ” القوة الناعمة ” التي تفخر بها الولايات المتحدة. كما سوفيخفض إلى حد كبير “القوة الذكية” للسياسة الخارجية. الأزمة السورية ومعضلة الخط الأحمرإذا كان فضيحة التصنت تنتمي إلى “تأثير الشؤون الداخلية على الشؤونالخارجية”، يمكن وصف تعامل إدارة اوباما مع الأزمة السورية بأنها معضلة ” الخط الأحمر”. وكان أوباما قد وضع خطا أحمر في أغسطس عام 2012 لنظام بشارالأسد ، قال فيه إن” الخط الأحمر بالنسبة لنا هو نقل أو استخدام الأسلحةالكيماوية”. وفي شهر أغسطس هذا العام، قالت الحكومة الأمريكية أن الحكومةالسورية قد نفذت الهجوم بالأسلحة الكيميائية ضد عناصر المعارضة في ضواحيدمشق. ويبدو أن رئيس الولايات المتحدة في لحظة السحب الداكنة وجنون العظمة أعلنعن ضرب سوريا. ومع ذلك، أعلن أوباما عن سعيه للحصول على إذن من الكونغرسلاستخدام القوة ضد سوريا، ولكن الكونغرس لا يزال مترددا بشأن الرد. ولو لميقدم الرئيس الروسي فلاديمين بوتين مقترح” تدمير الأسلحة الكيماوية مقابلالسلام”، لا كان من الصعب على الولايات المتحدة النزول من أعلى النمر. لقد اضطرت إدارة باراك اوباما إلى التغيير ربما لأنها عاجزة عن الحل، أو أنبريطانيا وغيرها من الأصدقاء قلة لا يريدون استخدام القوة، أو أن الناس منداخل الولايات المتحدة لا يريدون الحرب. مما توقف الوضع في سوريا عند حافةالحرب، تخفيف الأزمة. ولكن لا يزال الكشف عن محنة التناقضات المتشابكةومعضلة الضغط التي تواجهها إدارة اوباما مستمرصعوبة تعزيز محادثات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيليةبعد تولي جون كيري صاحب الخبرة الكبيرة في التعامل مع القضايا المعقدة فيمنطقة الشرق الأوسط حقيبة وزارة الخارجية الأمريكية ،اتجه إلى المنطقةلتشجيع استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحدد بتفاؤل شهرابريل العام المقبل موعد التوصل إلى اتفاق سلام نهائي. وفي ظل النقص الخطيرفي الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فإن الزيارات التسعة لجون كيريإلى المنطقة كانت شاقة. لكن المشكلة أيضا في أن الطرفين لا يقدران، ناهيك عن أن فلسطين كانت دائماغير راضية عن تواطؤ الولايات المتحدة المنحاز بالرغم من الانتقاداتالكبيرة. ويعتقد قادة إسرائيل أن حل القضية النووية الإيرانية هي اكبرمشكلة حاليا. استمرت الجهود الأمريكية من اجل تحقيق السلام بين الفلسطينيينوالإسرائيليين 22 عاما منذ انعقاد اجتماع السلام في شرق الأوسط في مدريدعام 1991. وإن النقص في الثقة المتبادلة وعدم المساواة بين الفلسطينيينوالإسرائيليين جعل اللعبة في عملية السلام في ذهاب وإياب بين الجانبين، كماأن تغاضي وتواطؤ الولايات المتحدة ” المضيفة” مع طرف دون طرف آخر. والولايات المتحدة الأمريكية إذا لم تستطع أن تكون عادلة ومنصفة فإن تتوقفمحادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مرة أخرى وارد. التغيرات المستمرة في القضية النووية الإيرانيةتوصلت إيران ومجموعة الدول الست بعد مفاوضات مطولة إلى أول اتفاق تاريخيلاحتواء البرنامج النووي الإيراني يوم 24 نوفمبر الجاري في جنيف، ما كسرالجمود الطويل في القضية النووية الإيرانية. ويعتقد بعض المحللين أن توصلإدارة اوباما إلى اتفاق في البرنامج النووي الإيراني أظهر بعض الإشاراتالمشجعة للحد من مواجهة طهران الخطيرة وتعزيز العلاقات بين البلدين. ولكن هل يمكن أن يحدد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق على نحو فعال، ولاسيما التدابير المتعلقة في العملية السياسية مستقبل القضية الإيرانية. إلىحد ما، فإن فترة الأشهر الستة لبناء الثقة المتبادلة ليست رغيدة. حيث فرضتوزارة الخزانة الأمريكية يوم 12 ديسمبر الجاري عقوبات على شركات ووضع أفرادعلى القائمة السوداء. وأعلن الجانب الإيراني عن أن العقوبات الأمريكيةالجديدة على الشركات الإيرانية لا تلبي روح المرحلة الأولى من الاتفاقالنووي الذي تم التوصل إليه في جنيف، وسوف تواجه المفاوضات النوويةالإيرانية مشاكل جديدة أيضا. بالإضافة إلى ذلك، ممكن لصناع القرار فيإسرائيل التأثير على تقدم البرنامج النووي الإيراني، كما يمكن أن يتخذواإجراءات تؤثر على العملية أيضا. علق مدير أبحاث السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز، مايكل أوهانلون عن أداءالدبلوماسية الأمريكية في عام 2013، بأنه كان بمثابة تحدي، وذلك بسببالتعديلات التي طالت موظفي مجلس الوزراء، وإضعاف الزخم الذي كسبه إعادةالتوازن الأمريكي في آسيا والمحيط الهادئ إلى حد ما قوة واشنطن في القضاياالساخنة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن على العموم، لم تظهر ما يسمى ” الكارثة” على الدبلوماسية الأمريكية. ووفقا لنتائج استطلاع الرأي الذي نشره تقرير مشترك بين مركز ” بيـو ” للأبحاث ومعهد الشؤون الخارجية يوم 3 ديسمبر الجاري، فإن 53% من الأمريكيينيعتقدون أن تأثير الولايات المتحدة في الشؤون العالمية انخفض مقارنة بماكانت عليه قبل 10سنوات. ويظهر الاستطلاع أن هؤلاء الناس لا تعترف بالطريقةالتي يتعامل معها الرئيس باراك اوباما مع قضايا الشؤون الخارجية، ويعتقدونأن المهمة الأساسية للحكومة الحالية هو التعامل مع الشؤون الداخلية.
الشعب الصينية