كتب محمد خير الوادي :
حدث مهم تم خلال الايام القليلة الماضية في امريكا اللاتينية ، قد تكون له تداعيات عالمية كبيرة .
فبعد انكفاء عالمي طويل منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ، استلم الشيوعيون الحكم في دولة البيرو ،حيث فاز الماركسي اللينيني بيدرو كاستيلو برئاسة البلاد .
وتكتسب هذه الواقعة اهميتها من الوقائع التالية :
اولا ، ان هذا الحدث جرى في احدى دول امريكا اللاتينية التي تعتبرها امريكا حديقتها الخلفية . وللتذكير فقط ، فان الولايات المتحدة هي التي اسهمت بقوة في انهيار المعسكر الاشتراكي في تسعينات القرن الماضي ، وحاربت الفكر الشيوعي في بقاع الارض كلها .
وثانيا ، ان بيدرو وهو من اصل فلاحي ، لم يدخل القصر الرئاسي في بلاده عبر ثورة فلاحية عمالية (كما كان ينصح لينين )، ولم يستلم السلطة نتيجة لحرب شعبية مسلحة طاحنة تدمر النظام القديم ( حسب ماو الذي كان يردد ان السلطة تأتي من فوهة البندقية )، بل اصبح رئيسا نتيجة لانتخابات حرة ديمقراطية وسلمية حامية الوطيس ، جرت مؤخرا في البلاد .
وثالثا: لان الرئيس الجديد هناك لم يخف انتماءه الشيوعي خلال حملاته الانتخابية، بل جهر بذلك وجعله عنوانا لبرامجه وخططه السياسية .
صحيح ان هذا التطور جرى في دولة بعيدة وصغيرة الحجم نسبيا، لكنه قد ينبؤ بتطورات كثيرة ، يمكن ان تحدث في امريكا اللاتينية ودول اخرى .
فهذا الحدث يؤكد ان الفكر الاشتراكي لم يندثرنهائيا – كما بشرنا الفيلسوف الامريكي فوكوياما ،الذي اعتبر انتصار الرأسمالية نهاية للتاريخ ،وان الحركات الاشتراكية لم تمت بعد زوال المعسكر الاشتراكي .
لقد تلقت القوى الاشتراكية والشيوعية طعنة في الصمصم اثر انهيار الاتحاد السوفياتي ، لكنها لم تكن ضربة مميتة ، ولا سيما ازاء الفكر الاشتراكي،الذي بقيت جذوته حية تحت الرماد ، تنتظر الفرصة لتتوهج من جديد .
قد لا يعيد التاريخ نفسه ويكرر مساره ، ولكن تفاقم ازمات الغرب وتصاعد مشكلاته السياسية والاخلاقية يؤكد حقيقة راسخة ، هي ان الرأسمالية ليست قدرا محتوما على الشعوب، وانها ليست نهاية التاريخ الانساني ،وانها باتت تخسر، ولم يعد ينظر اليها كزعيمة وانموذج للتطور العالمي .
30/7/2021