كتب محمد خير الوادي :
تتوالى بشكل لافت ،العقوبات الامريكية ضد المصالح الصينية. فخلال الايام الماضية فقط ، اتخذت واشنطن مجموعة من القرارات التي تهز العلاقات مع الصين .
فقد صادق مجلس النواب الأميركي( الديمقراطي ) قبل يومين على قانون أقره مجلس الشيوخ( الجمهوري )، من شأنه أن يغلق البورصات وأسواق المال الأميركية نهائيا أمام عمالقة الشركات صينية. ومن المتوقع ان يوافق الرئيس ترامب هذا القانون .
ومن المعلوم ان الاجراء سيلحق اضرارا كبيرة ب 217 شركة صينية ، تفوق استثماراتها في امريكا 2.2 ترليون دولار . وتدٌعي السلطات الامريكية ، ان هذه الشركات لها علاقات سريه مع الحزب الشيوعي الصين . ووفق هذا القانون ، ستكون الشركات الصينية مجبرة على الاعلان عن اسماء الاعضاء الشيوعيين في صفوفها .
وبان واحد ، حظرت واشنطن استيراد القطن المنتج في منطق الويغورالصينية ، بذريعة استخدام العمل القسري هناك ، وفرضت عقوبات على المسؤولين المحليين هناك . كما أغلقت مراكز البحوث والمختبرات والجامعات الامريكية ابوابها ،امام مئات الالاف من المختصين والمتدربين الصينيين ، بحجة ان هؤلاء يقومون باعمال تجسسية لصالح الجيش الصيني . و منعت سلطات الهجرة الامريكية مئات من قادة الحزب والجيش الصينيين من دخول امريكا .وهناك اجراءات عقابية اتخذت ضد مسؤولي ادارة هونغ كونغ المالية للصين .
والسؤال الذي يُطرح الآن : لماذا تستعجل ادارة ترامب في تكثيف العقوبات ضد الصين ؟
واضح ، ان ترامب يسعى قبل مغادرته البيت الابيض ،الى زرع اكبر عدد ممكن من الالغام في العلاقات مع الصين ، بحيث يكون من الصعب على ادارة بايدن القادمة الشروع في تطبيع هذه العلاقات مستقبلا .
وهناك مشكلتان ستعترض الرئيس المنتخب في حال ابداء رغبته في تحسين العلاقات مع بكين : الاولى ، ان بايدن لن يواجه معارضة الجمهوريين فقط ، بل سيصطدم مع الديمقراطيين في الكونغرس ومجلس الشيوخ. فاغلبية النواب الديمقراطيين تعتبر الصين التهديد الاول الذي ينبغي على الادارة الامريكية مواجهته .
والمشكلة الثانية تتجلى في ان العلاقات مع الصين، بات قضية داخلية امريكية .وسيسعى الجمهوريون الى استخدام هذه العلاقات لاغراض انتحابية ، وسيصورون اية بادرة ايجابية من بايدن تجاه الصين ،على انها استلام امام بكين . وعلى بايدن اخذ هذا الامر بعين الاعتبار ، في ظل الشعبية الواسعة التي لا يزال يتمتع بها ترامب والجمهوريون ، لا سيما ، ان هناك انتخابات نصفية بعد سنتين لتجديد الكونغرس ومجلس الشيوخ وحكام الولايات .وهذا يعني ان بايدن لا يملك- حتى لو اراد – ترف اعادة العلاقات مع الصين الى سابق عهدها ، لان خصوم هذه العلاقات لا زالوا اقوياء في الحزبين . اضافة الى وجود اجماع بين الطبقة السياسية والعسكرية والامنية الامريكية ، على ان الصين باتت تشكل تهديدا مباشرا لأمن امريكا ودورها القيادي في العالم .
لهذا كله ، من الصعب الافتراض ، ان بايدن سيبادر فورا الى الغاء العقوبات التي اتخذها ترامب ضد الصين . فمثل هذا الامر سيكون في حقيقة الامر، بمثابة انتحار سياسي له ولحزبه الديمقراطي .
هذه العوامل كلها تؤكد ، ان مرحلة الشراكة والتعاون الذهبية التي استمرت طيلة اربعة عقود بين بكين وواشنطن ، قد ولت الى غير رجعة ، وحلت مكانها مرحلة التنافس المشوبة بالخصومة والشك المتبادلين . 5/12/