https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
فى يوم 30 يناير، ابلغت الحكومة الأميركية الكونجرس انها قررت ان تبيع لتايوان مروحيات ” بلاك هوك” ، ونظام باتريوت -3 المضاد للصواريخ، وكاسحات اوسبرى للالغام، وصواريخ هاربون، ونظام توزيع المعلومات المتعدد الوظائف، ويصل اجمالى قيمتها الى 6 مليارات و400 مليون دولار أميركى. هل وضعت حكومة اوباما قائمة صفقة الاسلحة للرئيس الأميركى السابق بوش مع تايوان “موضع التنفيذ ” فقط اذن؟ او لها حساب اخر؟ واى تأثير يحدثه احدث صفقة الاسلحة فى العلاقات الصينية الأميركية؟

ارتفاع نوعية الاسلحة المباعة لتايوان
ظلت صفقة الاسلحة الأميركية مع تايوان مسألة حساسية بين الصين والولايات المتحدة. لاجل ازالة عواقب تطوير العلاقات بين البلدين، اصدر الجانبان الصينى والأميركى بيان ” 17 اغسطس” المشترك فى عام 1982، وتعهد فيه الجانب الأميركى بتقليل صفقة الاسلحة مع تايوان من حيث الكمية والنوعية تدريجيا، حتى ينتهى من هذه الصفقة فى نهاية المطاف. ولكن، هناك حقيقة لا جدل لها فى مراجعة قائمة صفقة الاسلحة مع تايوان، وهى صعود صفقة الاسلحة مع تايوان من حيث النوعية والمواصفات.

انطلاقا من قائمة صفقة الاسلحة المعلنة، تخطط حكومة اوباما لتبيع لتايوان مروحيات “بلاك هوك”، ونظام باتريوت -3 المضاد للصواريخ/ وكاسحات الالغام والخ، وذلك لم يشتمل على مقاتلات اف-16 والطبعة الزرقاء للغواصات وغيرها من الاسلحة الهجومية المنصوصة على قائمة بوش الاصلية لصفقة الاسلحة. ولكن المحللين اشاروا الى ان الولايات المتحدة ” تتقدم الى الامام خطوة وتتراجع الى الوراء خطوتين” فى صفقة الاسلحة مع تايوان حقيقة.

لم تبع / بلاك هوك/، و/باتريوت-3/ فى الماضى، ولكن،تباع الان. اما صواريخ باتريوت -3 فمن الظاهر ان نقول انها تنتمى الى الاسلحة الدفاعية، ولكنها تتمكن من تحولها الى اسلحة تهاجم على مركبات فضائية، ” حسبما قال السيد هوانغ رن وى نائب رئيس اكاديمية شانغهاى للعلوم الاجتماعة.

عدم بيع مقاتلات اف -16 فى هذه المرة لا يعنى عدم بيعها فى المستقبل، قد يفكر الجانب الأميركى فى بيع الاسلحة دفعة دفعة، اما الاحتفاظ لنفسه ببعض اسرار المهنة فى هذه المرة، فقد يكون جس نبض للصين. حسبما قال السيد يانغ يى الرئيس السابق لمعهد الاستراتيجية التابع لجامعة الدفاع الوطنى.
لم يعمل اوباما الان الا على اتمام قائمة بوش لصفقة الاسلحة، ثم علينا ان نولى اكبر الاهتمام لاحتمال ترويج اوباما هو نفسه لخطة صفقة الاسلحة الخاصة له. قال ذلك السيد نى شى شيونغ الخبير فى مسألة أميركا بجامعة فودان الشانغهائية.

حساب فى المصالح الاستراتيجية المتعددة
ان الاهم من ذلك هو ان صفقة الاسلحة الأميركية مع تايوان اضرت بالمصالح الصينية الرئيسية سياسيا، والتحدى ل” الخط الاحمر” الصينى. فلماذا تصر حكومة اوباما على ذلك اذن؟ نرصد بعمق ان ذلك يجسد حساب واشنطن فى المصالح الاستراتيجية المتعددة.

اولا، تقييد العلاقات المقربة بين جانبى مضيق تايوان. منذ تولى حزب قومينتانغ حكمه فى تايوان مرة اخرى، تحولت العلاقات بين جانبى المضيق من البرد الى الدفء، ودخلت الى مدار التحرك المتبادل الطيب. بالرغم من ان الجانب الأميركى ابدى موقفه مرات من ان “السلام فى جانبى المضيق يتفق مع المصالح لأميركية”، ويرحب بالتطور السلمى للعلاقات بين جنبى المضيق، الا ان الولايات المتحدة لا ترضى بابعادها “خارج الموضوع”، ولكن مشاركتها فى العلاقات بين جانبى المضيق واشرافها عليها يظلان اهتماما استراتيجيا شديدا لها دائما، اما صفقة الاسلحة يمكن ان يسمى قناة فعالة لاثارة هذه العلاقات.

ثانيا، الاتفاق مع التخطيط الاستراتيجى ل” العودة الى اسيا”. بعد تولى اوباما رئاسته، ابدت الولايات المتحدة موقفها بنبرة عالية من اعتزام عودتها الى اسيا، والان، تبقى علاقات التحالف الأميركية اليابانية الكورية الجنوبية محض التغير، واذا تراجعت الولايات المتحدة عن مسألة صفقة الاسلحة مع تايوان فى هذا الوقت، فمن المحتمل ان تنخفض ثقة دولها المتحالفة بها، ويضر ذلك بحفاظها على قوتها التأثيرية فى هذه المنطقة ايضا. “باعتبارها جزءا من تخطيطها فى اسيا، لا بد من ان تتفق قدرة تايوان الدفاعية مع تخطيط الاسلحة الأميركية فى المحيط الهادئ الغربى، وبهذا يمكن التوصل الى خوض المعركة بصورة منسقة. ” حسبما قال هوانغ رن وى.

ثالثا، التفكير فى السياسة المحلية. واجهت الرأسمال السياسى المحلى لاوباما اتجاه تقلص، ورغب ايضا فى ان يبيع الاسلحة لتايوان مقابل تأييد المحافظين المحليين لسياسته حول اصلاح نظام تأمين الرعاية الصحية, وفى ظل الظروف الاقتصادية الجارية، فان صفقة الاسلحة مع تايوان تعد تحفيزا وردا على المؤسسات الحربية الأميركية ايضا.

اضافة الى ذلك، فان ” صفقة الاسلحة” تعتبر ايضا موقعا تصب فيه واشنطن استياءها ازاء الصين. فيرى السيد جين تسان رونغ نائب رئيس معهد العلاقات الدولية التابعة لجامعة الشعب الصينى انه مع ان البلدين خلقا وضعا طيبا فى العلاقات بينهما فى العام الماضى ، ولكن المسائل الملموسة التى لا تتطرق الى المصالح الاستراتيجية لم يتم حلها بالنسبة الى الجانب الأميركى، مثل المسألتين النوويتين الايرانية والكورية، وصرف اسعار العملة الصينية رنمينبى، وانفتاح السوق، وحقوق الانسان، وتخفيض الانبعاثات والخ، وعزت الولايات المتحدة شعورها بالهزيمة الى عدم تعاون الصين معها.

الاضرار الشديدة بالعلاقات الصينية الأميركية
بالرغم من ان الجانب الأميركى لا يزال يلجأ الى ” الطرح” على القائمة المفصلة لصفقة الاسلحة مع تايوان بذريعة بوش الا انه لا شك فى ان تتطرق مسألة تايوان الى سيادة الدولة للصين، وسلامة اراضيها، وان تحرك الجانب الأميركى له صلة بالمصالح الرئيسية للجانب الصينى، والشعور القومى لمليار وثلاثمائة مليون نسمة من ابناء الشعب الصينى، سيلحق اضرارا جسيمة بالعلاقات الصينية الأميركية.

باعتبار الصين والولايات المتحدة من الدول الكبيرة فى العالم، فلهما مصالح مشتركة واسعة النطاق، وتتحملان على عاتقيهما واجبات هامة ايضا فيما يتطرق الى سلسلة من المسائل الهامة بما فى ذلك المصالح الذاتية، والسلام البشرى، والتنمية؛ وان التعاون بين الصين والولايات المتحدة قد يكون لا غنى عنه فى مواجهة الازمة المالية، ومكافحة الارهاب، وحظر انتشار الاسلحة النووية، ومواجهة تغير المناخ والمسائل الامنية الدولية والاقليمية الهامة. ولكن تحرك ” صفقة الاسلحة” سيجعل مستوى تنسيق الاستراتيجية العامة بين الصين والولايات المتحدة ينخفض الى حد معين. يرى المحللون انه اذا ظهرت العواقب التى تشهدها الصين والولايات المتحدة فى التنسيق بينهما بهذا الخصوص فى المستقبل، فيجب على الجنب الأميركى ان يتحمل المسؤولية عن ذلك.

ان تحرك “صفقة الاسلحة” سيبرد العلاقات العسكرية الصينية الأميركية التى اعادت ” دفءها” لتوها. فزار نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية شيوى تساى هو الولايات المتحدة فى اكتوبر عام 2009، فاستؤنفت العلاقات العسكرية الصينية الأميركية التى تعرضت لتشويش شديد جراء صفقة الاسلحة مع تايوان والتى اعلنها حكومة بوش اكتوبر عام 2008. وقد تم ترتيب سلسلة من النشاطات التبادلية الجديدة بين الطرفين فى هذا العام، وذلك يتضمن زيارة وزير الدفاع الأميركى غيتس للصين، وتحقيق الزيارة المتبادلة بين رئيس هيئة الاركان لجيش التحرير الشعبى الصينى تشن بين ده ورئيس هيئة الاركان المشتركة الأميركية مولن، والزيارات المتبادلة للسفن الحربية الأميركية والصينية والخ. واعلن الجانب الصينى الان عن وقف الزيارات المتبادلة بين الجيشين مؤقتا.

ولكن المحللين اشاروا ايضا الى ان الصين والولايات المتحدة لا تقعان فى المجابهة الكاملة نظرا للمصالح المشتركة. فاوضح الجانب الأميركى ان صفقة الاسلحة لتايوان انطلقت بموجب التزام تنفيذ الاتفاق الذى توصلت اليه حكومة بوش، واكد ان الاسلحة المباعة هى غير هجومية. ويمكن ان نرى من ذريعة الولايات المتحدة ان الجانب الأميركى لا يزال يرغب فى ان يسيطر على ردود فعل سلبية بهذا الخصوص، ليترك مجالا عند انقاذ الموقف. حسبما قال جين تسان رونغ. كما يرى نى شى شيونغ ايضا ان ” مسألة مبيعات الاسلحة لتايوان مسألة قديمة، ويجب القيام بالنضال، ولكن ذلك لا يعنى عدم التعاون بين الصين والولايات المتحدة.
*
صحيفة التحرير- شانغهاي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × أربعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube