https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :
انتهى اجتماع قادة منظمة شانغهاي للامن ، وهي اكبر تجمع عالمي يضم نصف البشرية .والشيء اللافت في تلك القمة التي عقدت في مدينة سمرقند الاوزبكية ،هو بروز الدور الصيني في منطقة اسيا الوسطى ، وحضور البصمات الصينية في كل القضايا التي تمت مناقشتها او تجاهلها في تلك القمة .
ففي اول خروج له من بكين منذ اكثر من ثلاثة سنوات ، حرص الرئيس الصيني على اثبات وجود بلاده الراسخ في تلك المنطقة .وقد تجلى ذلك في برامج المساعدات الاقتصادية الصينية الهائلة لدول آسيا الوسطى ، وكذلك في الضمانات التي قدمها الرئيس شي لقادة آسيا الوسطى في حماية استقلال وسيادة تلك الدول وامنها. وهي مسألة تشغل بال قادة تلك المنطقة هذه الايام . وبرزت البصمات الصينية كذلك، في غياب الوضع المتفجر في اوكرانيا عن الجدول الرسمي لاعمال القمة ،وذلك بسبب عدم وجود اجماع بين الدول الاعضاء في المنظمة ازاء الازمة الاوكرانية .فالصين التي تعتبر موسكو احد اكبر شركائها ، احجمت حتى الآن ، عن دعم السياسة الروسية هناك. وهذا الامر لم يكن خافيا على موسكو ، والدليل على ذلك قول الرئيس بوتين اثناء اجتماعه بالرئيس الصيني :”نحن نعلم بوجود اسئلة وقلق لديكم حول الوضع في اوكرانيا ، وسنحاول شرح الامور في لقائنا اليوم ” . وفي حقيقة الامر ، فان الاوساط الاعلامية والسياسة الصينية طرحت كثيرا من الاسئلة والمسائل التي تثير قلق بكين في الوقت الحاضر . فالصين قلقة من ان اطالة امد العمليات العسكرية في اوكرانيا ، سيفضي الى تدمير الاسس المادية لمبادرة طريق الحرير والحزام الصينية في اوربا ، وهي المبادرة التي انفقت بكين عليها مئات المليارات من الدولارات .ثم ان كثيرا من الاوساط السياسية الصينية ابدت مخاوفها من الانعكاسات السلبية للازمة الاوكرانية على الانجازات التي حققتها بكين في اوربا . فخلال العقود الاربعة الماضية ، استغلت الصين نزعة بعض القادة الاوربيين المعادية لأمريكا ، من اجل ترسيخ الوجود الصيني في دول شرقي اوربا وايطاليا وفرنسا .وقد وصلت الشراكة الصينية الاوربية الى حد بناء مؤسسات وهياكل تنفيذية في دول اوربا الشرقية لهذه الشراكة وباتت اوربا احد اكبر الشركاء التجاريين العالميين للصين . وترى بكين ان جهودها هذه معرضة للضياع اليوم ،بسبب استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا ، والتي افضت الى تزايد النفوذ السياسي و الوجود العسكري الامريكيين في القارة الاوربية .
والمسألة الاخرى التي تثير قلق بكين ، هي اقدام عدد من الدول الاوربية ، لا سيما المانيا ، على زيادة نفقاتها العسكرية بشكل غير مسبوق ، وهو امر يمكن ان يعمق التبعية الاوربية للمجمع العسكري الامريكي، ويزيد من الوجود العسكري الامريكي في تلك القارة .اضافة الى ذلك ، فان بكين اصلا ، لم تكن تنظر بعين الرضى الى حلف الناتو. وتعتبر بكين ، ان توسيع الناتو ، وزيادة قواعده العسكريه ، يهدد الوجود الاقتصادي والسياسي الصيني في اوربا .
كما لاحظت بكين مؤخرا ، زيادة كبيرة في عدد الدول الاوربية التي تتعاطف مع تايوان . وتعتقد الصين ، ان مثل هذا التوجه يحصل نتيجة للضغوط الامريكية .
لا ادري ، هل بددت الشروحات التي قدمها الرئيس بوتين لنظيره الصيني هذه المخاوف ، ولكن مجرد تجاهل البيان الصادر عن قمة منظمة شانغهاي للوضع في اوكرانيا ،يعني، انه لم يتم الوصول الى موقف موحد حول هذه المسألة .
لكن ، ومع ذلك ، فان تباين الموقفين الروسي والصيني حول المسألة الاوكرانية ، لم ينعكس سلبا على بقية مجالات التعاون بين البلدين . فقد ذكر الرئيس بوتين رقم المئتي مليار دولار، وهو حجم التبادل التجاري بين البلدين ، كما تم التوقيع على مزيد من اتفاقات الشراكة لا سيما في مجال الغاز . ومواقف البلدين متشابهة فيما يخص الوضع الدولي ، حيث يرفض الطرفان الهيمنة ، وسياسة العقوبات الامريكية .
واختم مقالتي بالقول : صحيح ان قمة سمرقند ، قد عززت الوضع التنظيمي لمنظمة شانغهاي عبر قبول اعضاء جدد فيها ،ولكن الصحيح ايضا ، هو بروز الصين كقوة اساسية مؤثرة داخل المنظمة وفي منطقة وسط آسيا ، التي تعتبرها بكين مجالا حيويا لها .
17/9/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − واحد =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube