انتهت قمة الأمن والدفاع في آسيا أو ما يعرف بـ”منتدى حوار شانغريلا” في سنغافورة والتي استمرت 3 أيام بحضور قادة جيوش ووزراء دفاع ورؤساء دول مطلة على المحيطين الهندي والهادي وغيرهم من أنحاء أوروبا.
وينظم المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية -الذي تأسس عام 1958 ويتخذ من عواصم عدة حول العالم مقرات له، في مقدمتها واشنطن ولندن وسنغافورة- هذه القمة في نسختها الـ21، والتي عقدت للمرة الأولى عام 2002 في فندق شانغريلا الشهير بسنغافورة.
والقى الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس كلمة افتتاحية بعد نحو عامين من تسلمه الرئاسة شهدا تعزيزا للتحالف الفلبيني مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند في مواجهة المد الصيني في بحر غرب الفلبين وبحر جنوب الصين
كما تحدثلرئيس الإندونيسي المنتخب برابوو سوبيانتو كلمة، وذلك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية بشهور وقبل أدائه اليمين الدستورية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وقبل بدء القمة بساعات التقى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره الصيني دونغ جون، وأجريا محادثات هي الأولى من نوعها وفي المجال الدفاعي منذ 18 شهرا بين واشنطن وبكين.
كما يأتي اللقاء بعد سلسلة تدريبات شاركت فيها الولايات المتحدة في مياه الفلبين وتدريبات صينية قرب تايوان، وأخرى صينية كمبودية استمرت لأسبوعين وانتهت قبل يومين، وامتدت إلى خليج تايلند المرتبط ببحر جنوب الصين من الجهة الغربية، ويشارك الوزيران في القمة ويُنتظر أن يلقيا كلمات رئيسية فيها خلال اليومين القادمين.
ويتفاوت تمثيل نحو 50 دولة مشاركة بين قادة دول ووزراء دفاع وقادة جيوش وعسكريين ودبلوماسيين آخرين من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا والسويد وفنلندا والنرويج وهولندا والنمسا وسويسرا وبولندا والسويد وأيرلندا والدانمارك والتشيك وإيطاليا وألمانيا واليونان.
ومن الدول الآسيوية تحضر الصين واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وباكستان والهند وبنغلاديش وسريلانكا وماليزيا وفيتنام وتيمور الشرقية وسنغافورة والفلبين وكمبوديا ولاوس وبروناي دار السلام والمالديف ومنغوليا.
ومن دول الخليج تشارك قطر والسعودية وعُمان والإمارات والبحرين، إضافة إلى أستراليا ونيوزيلندا وفيجي وتونغا وبابوا وغينيا الجديدة وليتوانيا وإستونيا وممثلين عن حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي.
ومع انطلاق القمة نشر المعهد المنظم تقريرا يضم تقييما للمشهد الأمني في منطقة آسيا والمحيط الهادي بعنوان “عقد من الاستنزاف” في ظل المنافسة المتصاعدة والتدافع المتزايد بين الولايات المتحدة والصين في قضايا ومجالات مختلفة تجاوزت الجانبين الأمني والدفاعي إلى شبكات من الاستقطاب.
وتشمل مجالات المنافسة التقنية المتقدمة الصاعدة، بما في ذلك صناعة الرقائق الإلكترونية، إلى جانب المجال الدفاعي.
ويشير التقرير إلى أن إدارة الأزمة مهمة للغاية إقليميا، ولكن ذلك لا يُترك لواشنطن وبكين وحدهما، بل يمتد إلى أدوار مهمة تضطلع بها دول أخرى كاليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والهند وغيرها.
يحدث هذا في ظل اهتمام أميركي كبير في التعامل مع بكين ووسط ضغوط شكلتها صراعات أخرى في منطقتي الشرق الأوسط أثارت اهتمام صانعي القرار في واشنطن كما يقول التقرير، في إشارة إلى حربي روسيا في أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتداعياتهما.
في هذه الأثناء، يتركز اهتمام الصين على تعزيز قدراتها العسكرية والأمنية والتوسع الاقتصادي الإقليمي الذي يجعل جيرانها يشعرون بحالة من عدم الارتياح حسب وصف التقرير، لكنهم لا يزالون يعتمدون على أدائها الاقتصادي في جوانب من اقتصاداتهم وعلى استثماراتها الواسعة في دول المنطقة كما تشير إحصاءات أخرى مختلفة.
بالمقابل، تسعى دول “آسيان” -التي تقع وسط هذا التدافع جغرافيا وسياسيا واقتصاديا- إلى أن يكون لها أثر في حفظ الاستقرار الإقليمي.
ويظل التساؤل بشأن أي من المنتديات سيكون أثره فاعلا وملزما لقادة الدول إقليميا، حسب المصدر نفسه.
وجاء في هذا التقرير أن العقدين الماضيين شهدا تصاعدا في عدد التدريبات العسكرية المشتركة إقليميا، فالولايات المتحدة شاركت في أكثر من 1100 تدريب ومناورة في أكثر من 10 دول بمنطقة آسيا والمحيط الهادي، مقابل نحو 130 تدريبا ومناورة قامت بها الصين في الفترة نفسها.
تنافس وتدافع
وبينما تبدو التدريبات العسكرية التي تشارك فيها واشنطن أكثر تعقيدا واتساعا من حيث مجالات وتقنيات التدريب والدول المشاركة والمستضيفة فإن بكين تحاول إثبات حضورها في مشهد التدريبات المشتركة مع شركاء لها لتطوير مهارات في مجالات عديدة.
وهي تدريبات تخدم أغراضا إستراتيجية واسعة وتدرب جيوش الدول على الاستجابة لتحديات أمنية عديدة وتسهم في تشكيل الأمن الإقليمي.
ويتحدث التقرير أيضا عن الأدوار الدبلوماسية لقوى مؤثرة أخرى كالهند في منطقة آسيا والمحيطين الهندي والهادي، والتي ترى نفسها حليفا مفضلا في شراكات عسكرية مع دول آسيوية عديدة مقابل حضور للصين في بحر جنوب الصين ومنطقة جنوب شرق آسيا.
وبينما يسهم هذا في التنافس والتدافع الصيني الهندي يلاحظ المراقبون للمشهد الأمني تعزيز الهند تحالفها مع أطراف أخرى منافسة لبكين، كاليابان وكوريا الجنوبية والفلبين.
وهذا التدافع الإقليمي والتباين في المواقف ظهر في التعامل مع الوضع في ميانمار إثر آخر انقلاباتها العسكرية قبل 3 أعوام ونيف وتصاعد الصراع الداخلي فيها بين فصائل مسلحة وبين الجيش الميانماري.
وبدت الدول الغربية والصين والهند ودول آسيان متباينة في مواقفها ومقارباتها في التعامل مع عسكر ميانمار والحرب الدائرة فيها، وتكلفتها الإنسانية الباهظة على قوميات مختلفة في البلاد