كتب محمد خير الوادي :
ستكون العلاقات الصينية الامريكية واحدة من اكثر المسائل الدولية تأثرا بعودة ترامب الى البيت الابيض . وسبب ذلك يكمن في الخشية من استئناف الحرب التجارية القاسية التي اشعلها ترامب ضد بكين اثناء فترة رئاسته الاولى . والشيء المثير ، ان اسباب اندلاع تلك الحرب مرة اخرى – وهو الفائض التجاري لصالح الصين –لا تزال موجودة حتى اليوم . لا بل ان المعلومات المتوفرة تشير الى ان هذا الفائض ينمو ، وقد يصل الى 300 مليار دولار في العام 2024.وقد هدد ترامب اثناء حملته الانتخابية بفرض رسوما جمركية اضافية بنسبة 60% على الواردات الصينية ، وباتخاذ عقوبات اضافية ضد الصين ، . ومفيد التذكير ، ان التوتر الذي حدث اثناء فترة رئاسة ترامب الاولى مع الصين ، قد الحق اضرارا جسيمة بالعلاقات بين الجانبين .
ومما يزيد الطين بلة ، هو امكانية عودة الشخصيات الامريكية التي نظٌرت لتلك الحرب وادارتها ، الى سدة القرار في ادارة ترامب . وهو امر يزيد – بالتأكيد – من خطورة استئناف الصدامات التجارية مرة اخرى بين واشنطن وبكين . .
اضافة الى ذلك ، فان عودة ترامب ،قد تحمل تأثيرات سلبية غير مباشرة على العلاقات النامية بين دول الخليج العربي والصين .وسأشرح ذلك . لقد تسببت الكراهية المتبادلة بين ولي العهد السعودي والرئيس بايدن بحدوث شروخ عميقة في العلاقات الامريكية السعودية . وقد دفع ذلك التوتر الرياض ، ومن بعدها ابو ظبي ، الى التقارب أكثر نحو الصين نكاية بواشنطن . والدليل على ذلك ، انه خلال السنوات الاربع الماضية ، شهدت العلاقات الخليجية الصينية نموا اقتصاديا وسياسيا غير مسبوق . فقد وصل التبادل التجاري بين السعودية والامارات عام 2023 الى حائط الثلاثمائة مليار دولار ، وتضاعف الاستثمار الخليجي في السعودية الصين، وامتد التعاون الى مجالات حساسة امنية وتقنية وعسكرية . وفي الجانب السياسي ، تبادل الجانبان مئات الوفود ، واختارت بكين ان تكزن الرياض مكانا لانعقاد اول قمة عربية صينية عام 2022. كما افضى التقارب الخليجي- الصيني الى توفير الظروف المناسبة للتوقيع – برعاية صينية – على اتفاق تطبيع العلاقات بين طهران والرياض عام 2023. وهي حطوة اعتبرت اكبر نجاح سياسي حققته الصين في الشرق الاوسط .
بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الاخيرة ، ستكون الصورة مختلفة : فترامب واسرته – بعكس بايدن – يملكون علاقات ودية وحميمة مع ولي العهد السعودي ومع رئيس دولة الامارات . وكلنا يذكر الحجم الهائل من الصفقات المالية والسياسية الت تمت بين ترامب واسرته مع السعودية والامارات .
بكلمات اوضح ،ستزول أسباب الجفاء بين واشنطن ومعظم دول الخليج .وهذا التطور سيبعث الدفء من جديد في تعاون دول الخليج مع امريكا .
قناعتي ، ان عودة العلاقات السعودية الامريكية الى وضعها الطبيعي يمكن ان يحمل في طياته تأثيرا على وتائر النمو المتصاعد للتعاون الخليجي –الصيني.
لذلك ، من حق بكين ان تقلق من عودة ترامب الى البيت الابيض ، لان تجارب الصينين مع ترامب الاول كانت مرة فعلا ، ونأمل ان لا تكون كذلك مع ترامب الثاني .
8/11/2024