https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png


مرت الذكرى العاشرة لغزو افغانستان، وهي الحرب التي كلفت الشعب الافغاني مئات الالاف من القتلى نتيجة للهجمات العشوائية والقصف الجوي، وقتل من قوات التحالف 2700 فيما وصلت فاتورة الحرب الى 400 مليار دولار مرشحة للارتفاع.
ولم يستطع الغرب حتى الان انشاء حكومة مستقرة ولا جيشا وطنيا قادرا على مواجهة حركة طالبان. ومع الذكرى العاشرة طرحت اسئلة كثيرة حول الثمن الانساني والمالي والمعنوي في حرب قالوا انها بدأت ‘جيدة’ ولكن هل حققت نواياها ‘الطيبة’. وفي مركز دائرة الاهتمام ان الحرب بدأت ولكن متى تنتهي خاصة ان الولايات المتحدة ستبدأ بتخفيض اعداد جنودها، والوضع الامني في البلاد كما اظهرت العمليات الاخيرة لم يتغير بعد، وطالبان ظلت قادرة على توجيه الضربة تلو الضربة للحكومة وحلفائها الغربيين وكانت اخر الضربات هي مقتل الرئيس السابق برهان الدين رباني، رئيس مجلس السلام والمحاولة التي كشف عنها لاغتيال حامد كرزاي مما سيزيد من عزلته ومخاوفه في قصره الذي لا يتحرك فيه الا ويرافقه ستة حراس.
وفي الوقت الذي طمحت الدول الغربية وعلى رأسها امريكا لتحقيق ديمقراطية وبناء دولة مؤسسات وهزيمة طالبان فانه خلال السنوات الماضية والادارة تعيد اهدافها واستراتيجيتها لمنطقة جنوب آسيا ومن هنا فالادارة بدأت تقلل من طموحاتها اكثر فأكثر خاصة ان تمويل الحرب سيتراجع اضافة لتخفيض عدد الجنود الامريكيين.
وتواجه ادارة اوباما ضغوطا لتحديد اهدافها في وقت يتلاشى فيه دعم الحرب في امريكا. ومن هنا تريد الادارة تحقيق بعض الاهداف كما فعلت في العراق قبل سحب الكم الاكبر من قواتها ومنها اتباع استراتيجية تقوم على محاولة الاحتفاظ بالاراضي التي سيطرت عليها القوات الامريكية في الجنوب ومنع وقوعها في يد قوات طالبان، اما في العاصمة فهي تقوم بمحاولة تعزيز فرصة السلام والمصالحة من خلال جمع الاطراف وتهيئة الظروف المناسبة لحوار مع عناصر من حركة طالبان عرضت الحوار مع الحكومة، لكن الحوار يبدو انه لم يذهب بعيدا وتوقف خاصة بعد مقتل رباني.
اما في الشرق فالقوات الامريكية واجهت مقاومة شديدة وتصاعدا في وتيرة العنف مما اثر على خططها لتعزيز وجودها قبل بدء عمليات الانسحاب وتخطط لحملة جديدة في ضوء السياسة القادمة.
وهناك اعتراف من كافة الاطراف المشاركة في الحرب ان الوقت ينفد سريعا ولا بد من تحقيق انجاز والا فلن تتوفر الاعداد من الجنود لمواصلة الحرب مع طالبان. وفي ضوء الاستراتيجية الجديدة فان ادارة اوباما ستخفض عدد القوات من 98 الفا الى 30 الف جندي.
ومن هنا فان منظور تغير مستوى التواجد وعدد الجنود دعا عددا من القادة العسكريين للقيام بحملات عسكرية تهدف الى ضرب معاقل طالبان القوية التي حاولت ان تمد تواجدها من الجنوب حتى العاصمة خاصة بعد العمليات النوعية التي نفذت في كابول.
وبحسب تقارير صحافية امريكية فان القوات الامريكية خططت لنقل تعزيزات من الجنوب الى شرق البلاد حيث تنشط حركة جلال الدين حقاني ولكن الخطط وضعت على الرف بسبب خوف القادة من ان تخفيف عدد الجنود قد يقود طالبان للهجوم بسبب قلة عدد الجنود.
وعليه فان عدم قدرة القادة العسكريين لتعزيز قواتهم في الشرق لدعم 30 الفا موجودين الان وضعهم امام خيارات صعبة منها الاكتفاء بتأمين مناطق قالوا انها رئيسية حيث تمنح الحكومة وقوات الامن الفرصة للسيطرة عليها، ومن بين 45- 160 من المناطق حددوا 21- 45 منطقة قالوا انها اولوية. وتشير الخطط الحالية الى تخلي القادة عن طموحات كبيرة كانوا يعملون على تحقيقها خلال الاعوام الماضية. كما ان القوات الامريكية توقفت عن دفع 120 دولار شهريا لكبار رجال القبائل في اقليم كونار من اجل دفعهم للمشاركة في مجالس الشورى، وكونار هي منطقة متفجرة قرب الحدود مع الباكستان.
ونقل عن قائد امريكي ان القوات الامريكية خفضت من سقف طموحاتها في المنطقة. ويعتقد القادة ان طالبان تعاني من مشاكل في التجنيد، مما يعني ان تخفيض الاعداد قد لا يترك اثارا كبيرة على الاستقرار، ويقولون ان تدفق المقاتلين الاجانب للعمل مع طالبان هو اشارة لهذه المشاكل. ولكن القلق الامريكي متركز حول الاوضاع في جنوب العاصمة حيث يقولون انهم استطاعوا خلال الاعوام الماضية اخذ زمام المبادرة من طالبان وسيطروا على مناطق يقولون انها لن تعود اليها، ومع كل هذه الانجازات الا ان اداء القوات الافغانية لم يتحسن. وكان مايك مولين، رئيس هيئة الاركان الامريكية قد اشار الشهر الماضي الى مشكلة القوات الافغانية وهي انتشار الفساد، وقال انه مع استمرار تخفيض عدد القوات بدون حل المشكلة فالامريكيون سيتركون وراءهم حكومة لا يثق بها الافغان.
وعلى الرغم من هذه المخاوف الا ان المسؤولين الامريكيين قللوا من محاولات مواجهة الفساد خاصة عندما تدخل حامد كرزاي في تحقيق مع مسؤول اتهم بالفساد واتهم الامريكيين بانهم يقومون باعتقالات مثلما كان يفعل الاحتلال السوفييتي.
ومن هنا توقفت جهود الامريكيين في هذا الاتجاه مع جهود المصالحة. ونقلت صحيفة ‘واشنطن بوست’ عن مسؤولين امريكيين قولهم ان كرزاي بدلا من التركيز على بناء المؤسسات والاعتماد على الخبرات وفصل العاجزين قام ببناء قاعدة دعم تابعة له.
ومثلما فشلت في محاربة الفساد، فشلت في تحقيق اي انجاز في مجال الحوار مع طالبان حيث تعثرت الجهود عندما كشف عن لقاء امريكيين مع ممثل لطالبان، طيب اغا في قطر والمانيا.
وما يثير القلق والاهتمام وهو ما برز في معظم التقارير الصحافية الامريكية والبريطانية انه على الرغم من المليارات والجهود التي بذلت لتدريب القوات الافغانية ومحاولة انشاء حكومة مستقرة تواجه طالبان فان كل هذه الجهود معلقة في الهواء. فلم يتحقق الكثير مع كل الصبر الذي وعد به الرئيس السابق جورج بوش وانجاز المهمة في اقل فترة من الزمن، ومثل العراق جرت الحرب الامريكيين لعقد و هي مرشحة حسب القائد السابق للقوات الامريكية هناك ماكريستال الى الاستمرار لسنوات.
وما يهم في النقاش ان هناك حاجة لتحقيق شيء في افغانستان كي يبرر القادة السياسيون النفقات الهائلة واعداد القتلى في حرب تحولت عن هدفها الاساسي وهو محاربة الارهاب الى بناء الدولة.
ولكن الدولة لم تتحقق وهناك شك كبير بين القوى الغربية حول قدرة الحكومة في كابول على تحقيق الاستقرار بعد خروج القوات الاجنبية. ويقترح باحث نقلت عنه صحيفة ‘ديلي تلغراف’ البريطانية ان امريكا تواجه خيار مواصلة كرزاي والتعويل عليه او البحث عن بديل قادر على مواصلة الحرب وتحقيق اهدافها، خاصة ان خروج معظم قوات الناتو سيكون في عام 2015 ،ومن اجل هذا يقول خبراء نقلت عنهم الصحيفة انه لا بد في النهاية من اجراء حوار مع عناصر طالبان.
ويعتقد هؤلاء انه في الوقت الذي حققت فيه القوات الاجنبية انجازات ميدانية الا ان الدول الغربية فشلت في تحقق انجازات على الصعيد السياسي ودعم الاستقرار.
وهناك اعتراف ان هدف اضعاف الناتو وترك حكومة قوية لم يتحقق ولم يقنع معظم الافغان الذين يعيشون اوضاعا ينعدم فيها الامن.
وعلى الرغم من ان مخاوف انهيار النظام ليست قائمة لكن استمرار الحرب الاهلية هو ما يثير القلق مما يعني بقاء الحكومة ضعيفة.
وهناك شعور بين نواب بريطانيين وهو ان فرض حل على الافغان لن ينجح ويجب ترك الافغان لحل مشاكلهم. وذكرت صحيفة ‘الغارديان’ بكيفية تحول الحرب الصغيرة الى كبيرة، ومئات الكتب والافلام عنها بعضها ذاع صيته واطنان من الصحف والتحليلات، لكن حرب العصابات مستمرة بين مقاومة متغيرة وتعيد النظر في اساليبها وحكومة فاسدة.
واضافت ان الدرس المهم من الحرب هذه ان الغرب اساء تقديرها عسكريا، ماليا، دبلوماسيا وامنيا، وقالت ان الغطرسة كانت بادية اكثر في الطريقة التي تصرفت فيها امريكا، ولم تكن ايضا خافية في الموقف البريطاني، وربطت هذا الموقف باللحظة الانتصارية التي تعود الى نهاية الحرب الباردة، حيث اقنع الانتصار مثقفين يمينيين في امريكا ان الارض صارت ملك امريكا القادرة على غمر اي بلد حتى وان كان مجهولا بقواتها في اللحظة التي تختارها.
وتضيف ان مشكلة استهداف مناطق غير معروفة مثل العراق وافغانستان ووجه بمعارضة تتسم بالدهاء وقادرة على مواجهة التفوق العسكري العظيم لامريكا.
وختمت بالقول ان غطرسة امريكا ومن معها من الحلفاء انهم جميعا ادخلوا انفسهم في حرب اهلية لا يعرفون شيئا عن تعقيداتها، وعندما تعرفوا عليها لم يعرفوا كيف يخرجون منها.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 + 7 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube