المؤلف: نورمان فنكلشتاين ليس “صناعة الهولوكست”** الكتاب الاول للمؤلف نورمان فنكلشتاين أستاذ في جامعة مدينة نيويورك اذ نشر اكثر من كتاب قبل. واكثر كتبه تثير حفيظة اليهود وغضبهم بسبب موقفه النقدي مناسرائيل. والكتاب الذي نحن بصدده هو نقد للطريقة التي تتعامل بها المنظمات وبعض الشخصيات اليهودية مع قضية الهولوكوست، اذ يرى المؤلف بأن الحديث عن الهولوكوست المحرقة والكتابة عنها والدعاية لها تعدى الحدود المعقولة كونها قضية انسانية لتتحول الى قضية تجارية من اجل الحصول على الاموال والمكاسب وبسبب ذلك اطلق على كتابه عنوان “صناعة الهولوكوست: تأملات في استغلال المعاناة اليهودية”. والمؤلف ليس اول كاتب انتقد المبالغة في الحديث عن موضوع الهولوكوست ولكنه يعتبر من اشد هؤلاء المؤلفين نقداً وأكثرهم جرأة واعنفهم هجوماً. وربما كان احد اسباب ذلك هو ان المؤلف ليس يهودياً فحسب بل ان والديه كانا من الناجين من الهولوكوست، ولا بد من الاشارة هنا ان المؤلف يقتصر في حديثه عن هذا الموضوع على الولايات المتحدة – بلد المؤلف – من دون غيرها. وأثار الكتاب ردود فعل سلبية بين اليهود ونقداً قاسياً للكتاب وللمؤلف. وفي نهاية العرض سنذكر شيئاً من هذا النقد. ويرى المؤلف بأن الاهتمام بقضية الهولوكوست من قبل اليهود بدأ بعد حرب عام 1967 وقبلها فلم يكن هناك الا بضعة كتب وبضعة افلام كما كان هناك مقرراً دراسياً واحداً في احدى الجامعات الاميركية، اما بعد الحرب تغير الامر في شكل واضح واصبح موضوع الهولوكست من الموضوعات الرئيسية في الحياة الاميركية. ويعزو المؤلف ذلك الى الظروف السياسية الدولية والحرب الباردة وعلاقة اسرائيل بالولايات المتحدة كما ان المنظمات اليهودية ارادت اجهاض اي نقد لاسرائيل بعد الحرب. وفي هذه الفترة اخذت هذه المنظمات اليهودية تؤكد على شيئين: فرادة الهولوكوست وانها تمثل منتهى اللاعقلانية التي تنبع من حقد الاجانب الابدي لليهود. ويذكر المؤلف ان كل الذين كتبوا عن الموضوع من اليهود بعد حرب 1967 اكدوا على ذلك ومن هؤلاء مثلاً جيكوب نوســر الــذي قال: “إن الهولوكوست حادثة فريدة ليس لها مثيل في تاريـــخ الانسانيــة”. امـا ايلــي ويزل فيقول: “لأن هذه الحادثة فريدة فإنه لا يمكن فهمها تاريخياً ويرى بأنها خــارج التاريخ بل تمثل تدمير التاريخ، ولأنها بهذا المستوى من الفرادة فإنه لا تمكن مقارنتها بحوادث اخرى كما انه يقول بأن مقارنتها بحوادث اخرى هي خيانة للتاريخ اليهودي”. وكان ايلي ويزل انسحب من احد المؤتمرات احتجاجاً على ذكر مذابح الارمن والحديث عنها كما انتقد شمعون بيريز لأنه جعل مذبحة هيروشيما من مذابح القرن العشرين. كما ان ويزل – الذي ينتقده مؤلف الكتاب ويتهمه بالمبالغة والكذب احياناً – يربط بين فرادة الهولوكست وفرادة اليهود ويقول ان كل شيء عندنا مختلف عن الآخرين وان اليهود وجودياً يختلفون عن الآخرين. اما عن موضوع حقد الاجانب الابدي على اليهود فيقول بعض هؤلاء ان سبب ذلك تميز اليهود ولأنهم افضل من الآخرين. ويقول ويزل: “وبسبب ما نحن ومن نحن وما تمثله اسرائىل التي هي قلب حياتنا فإن اعداءنا يريدون تدميرنا وتدمير اسرائيل”. ولكن المؤلف يرفض فرادة الهولوكوست ويقول: اذا كانت لا يمكن فهمها ولا تمكن مقارنتها فكيف تكون حادثة كونية. وهو يرى ان القول بفرادتها له اسباب احدها اعطاء ركيزة اخلاقية لاسرائىل لتبرير الاعمال التي تقوم بها وتبرير ضرورة تجاوب الدول مع مطالبها، وثانيها هو اعطاء الانطباع عن الهيود بأنهم مهددون وانهم لهم الحق في ان يقوموا بكل ما يقومون به مثل اقتناء اسرائىل للاسلحة النووية وثالثها ان اعتبار الهولوكوست فريدة يعطي انطباعاً ضمنياً بفرادة اليهود، ولأنهم يقولون بفرادة الهولوكوست فإنهم لم يذكروا مذبحة الغجر في متحف الهولوكوست في واشنطن مع ان عدد الذين قتلهم النازيون يصل الى نصف مليون وهذا الرقم بالنسبة الى عددهم يماثل نسبة المقتولين من اليهود الى عددهم. وهو يعطي سبباً آخر لعدم ذكر المذابح الاخرى من قبل اليهود هو ان هذه المنظمات اليهودية تريد احتكار السيطرة على تجارة الهولوكوست كما ان الاعتراف ان النازية قتلت الغجر يعني عدم صحة ان الهولوكوست تمثل قمة كره الاجانب لليهود. ويتهم المؤلف صناعة الهولوكوـست بتزويـر الارقام وتضخيمها اذ ازداد عدد الناجين عما كان عليه في السابق. وعرّف الناجون انهم الذين عاشوا حيــاة مأسويـة فــي الغيتو وفي معكسرات الاعتقال وكذلك الذين عملوا كعمال سخرة. وقدر عدد هؤلاء عند نهاية الحرب الثانية بمئة الف شخص ويقــدر الباقـون مـنـهــم اليـوم بربـع هـذا الـعدد. ويقـول المــؤلــف ان عــدد هـؤلاء ازداد فــي السنين الاخيـرة وادخل ضمنهـــم اكــثر مـن مئة الف يهودي بولندي كانوا وجدوا ملجأ في روسيا بعد احتلال النازية لبولندا، كما ان مكتب رئىس الوزراء الاسرائىلي قال فــي تصريح حديث له ان عدد الناجين حالياً يقدر بمليون شخص. كما ان “صناعة الهولوكست” طالبت المانيا بتعويض عمال السخرة – مع ان المانيا كانت اعطت اسرائىل والمنظمات اليهوديــة بلايـين الظدولارت – وقالـت ان عدد هؤلاء 135 ألفاً على رغم ان تقدير عمال السخرة اثناء الحرب كان بين 70 و90 الف يهود وغير يهود وقدر الاحياء منهـم اليوم ما بين 14 و19 ألفاً. ويعني هذا – كما يقول المؤلف – ان “صناعة الهـولـوكـوسـت” ضاعفت العدد الى عشـر مـرات ويعني هذا ايضاً ان الاحياء من عمال السخـرة اليوم هم اكثر مما كانوا عليه قبل خمسين سنة. ويربط المؤلف بين هذا الرقم والرقم الذي يعطي لضحايا الهولوكوست من اليهود. فيقول ان راؤول هيلبرغ، الخبير بموضوع الهولوكوست، قدر عدد الضحايا من اليهود على يد النازية بخمسة ملايين ومئة ألف وليس ستة ملايين كما هو معروف بين اليهود فإذا كان عدد عمال السخرة الاحياء الآن هو 135 ألف شخص فهذا يعنــي ان العـدد كان بعد انتهاء الحرب 600 الف وهذا الرقم يزيد بنصف مليون على التقديــر المعـروف 70-90 ألفاً وعليــه فمــن المنطقـي ان نصف المليون هذا يجب ان ينقص من تقديـر الخمسة ملايين ومئة ألف تقدير هيلبرغ. ويقول كذلك إن “مؤتمر المطالبة اليهودي” يعيد النظر بين فترة واخرى بالارقام. وبسبب ذلك فإن المؤلف يبدي شكوكاً بالرقم ستة ملايين. ويأتي ضمن نشاط صناعة الهولوكوست تلك الأعمال المزورة التي ظهرت عن هذا الموضوع ويقول: ان أول عمل مهم مزور ظهر في هذا الموضوع هو كتاب The painted Bird الذي كتبه البولندي جرسي كوزنسكي ونشر بالانكليزية عام 1965 ومضمونه يشبه سيرة ذاتية يتحدث فيها المؤلف عن تجواله في الريف البولندي وهو طفل خلال الحرب العالمية الثانية ويتحدث عن سادية الفلاحين البولنديين وارتكاباتهم أعمالاً جنسية فاضحة ضد اليهود، ويتحدث عن صور من عدائهم لهم. وتبين لاحقاً أن المؤلف لم يكن وحيداً بل عاش في كنف أبويه وأنهما مع ابنهم عاشوا عند هؤلاء الفلاحين البولنديون مع علمهم بأنهم كانوا يهوداً وعِلمهم أيضاً بخطورة العمل الذي قاموا به. وتبين تزوير الكتاب للوقائع. أغدق الكثير من المديح والثناء على الكتاب عندما ظهر وكان في حينه من أكثر الكتب مبيعاً وترجم الى عدة لغات وأصبح يدرس في المدارس والكليات واعتبره ايلي ويزل “من أفضل الإدانات لأعمال النازية وانه كتب بإخلاص وشفافية” وحتى عندما تبين تزويره ظل ويزل يمدحه ويثني عليه وقال عنه لاحقاً “انه عمل رائع”. ثم ظهر كتاب مزور آخر في السنين القليلة الماضية بعنوان Fragments بقلم بنيامين ويلكو ميرسكي وهو مثل مؤلف الكتاب السابق يصور نفسه على أنه طفل وحيد انتهى به المطاف في ميتم للأطفال ثم اكتشف نفسه يهودي وهو أيضاً مثل الكتاب السابق يعج بذكر الأحداث العنيفة إذ يصف حرّاس المعسكرات بالسادية والجنون وانهم كانوا يحطمون جماجم الأطفال اليهود. ويتحدث عما حدث له بعد الحرب العالمية الثانية وكيف كان يعامل معاملة سيئة من قبل زملائه في المدرسة. وعندما ظهر الكتاب اعتبر كلاسيكياً في موضوع الهولوكست وأغدقت عليه الجوائز من قبل بعض المؤسسات اليهودية وأخد مؤلفه يدعى لمؤتمـــرات تتعلــق بالهولوكوســت ويعطى الخطاب الأول فيه. كما مدحه يهود ألفوا عن الهولوكوست. وفجأة تبين ان الكتاب مزور وأن المؤلف كذب وقضى حياته أثناء الحرب العالمية الثانية في سويسرا متمتعاً بجمالها بل تبين أنه لم يكن يهودياً. وسحبه الناشر الألماني من الأسواق وقال ان المؤلف ولد في سويسرا وأن اسمه هوبرونو دسكر كما سحبه من الأسواق الناشر الأميركي. ومع ذلك بقي بعض الشخصيات يكيل له المديح والثناء. ويقول فلنكشتاين ان الحقيقة هي ان “صناعة الهولوكست” بنيت على تزييف للتاريخ من أجل أهداف ايديولوجية. ويذكر المؤلف من الكتب التي تأتي ضمن “صناعة الهولوكوست” كتاب دانيال غولدها عن Hitler’s Willing Excutioners الذي صدر قبل بضع سنوات وراجعته أكثر الدوريات والمجلات المعروفة والمهمة بل ان بعضها كتب عنه أكثر من مرة. وقالت عنه “نيويورك تايمز” بأنه واحد من الكتب الجديدة القليلة التي تستحق أن تعتبر معلماً. ويدور مضمون الكتاب حول فكرة أن الألمان بطبيعتهم يكرهون اليهود ووجدوا الفرصة لقتلهم بظهور النازية. وكان هذا الكتاب في حينه ثاني أكثر الكتب مبيعاً إذ بيع منه نصف مليون نسخة وترجم الى 13 لغة، ومدحه ايلي ويزل ونوّه به وأشاد بالأدلة والوثائق التي تساند أقوال المؤلف وقال عنه “انه مشاركة ممتازة في فهم الهولوكوست وتدريسه”. وأصبح غولدهاغن نجماً معروفاً ضمن حلقة “صناعة الهولوكوست” – كما يقول المؤلف – ورشح لكرسي الأستاذية في جامعة هارفارد. وينتقد فنكلشتاين الكتاب ويقول عنه انه بعيد عن كونه عملاً علمياً وانه ليس أكثر من جمع لحوادث سادية على رغم مظهره الأكاديمي وهو يرى بأنه مليء بتحريف المصادر والنصوص التي ينقلها ومليء أيضاً بالتناقضات ويقول بأن غولدهاغن لم يعط أي دليل له قيمة أو أهمية على فكرة الكتاب “الألمان بطبيعتهم يكرهون اليهود” ويعتقد بأن دافع الكتاب هو دافع سياسي لا أكثر. وإن راوول هيلبرغ الباحث المعروف في الهولوكوست وصف الكتاب بأنه “لا قيمة له”. كما ان فنكلشتاين يشير الى كتابه الذي كتبه مع روث بثينو Nation on trail رداً على كتاب غولدهاغن ومهاجمة بعض الكتّاب اليهود له بسبب هذا الرد. والى ذلك فإن “صناعة الهولوكست” – كما يذكـر المؤلــف – أخــذت تؤكــد علــى تزايـد عــدد المنكرين لها من بين الباحثين. ويذكر بهذا الخصوص كتاب دبوراه لبشتات المعنون Denying the Holocaust وهو ينتقدها لأنها تقول بأن الشك في شهادة اليهودي الناجي من الهولوكوست أو نقد اليهود المتعاونين مع النازية أو التصريـح بـأن الألمــان عانــوا عندمــا قصفت مدينة درسدن كل هذه تعني انكار الهولوكوست وانها اعتبرت أسـوأ أنــواع الإنكار هــو مقارنتهـا بالمذابـح الأخــرى. كما أنــهــا جعلت من مولفين مجهولــين شخصيــات مشهــورة بذكــــرهـا لهــم فــي كتابهــا وأصبحت لبشتات مشهـــورة عندما أقام عليها ديفيد ارفنـغ دعـوى لأنها وصفته فــي كتابـه المذكــور بمنـكـر الهولوكست. ويقول فنكلشتاين ان ظهور مثل هذه الكتب هو من أجل تبرير مئة مؤسسة وسبعة متاحف رئيسية في الولايات المتحدة عن الهولوكوست اضافة الى العدد الهائل من الأفلام والكتب والمقررات المدرسية والجامعية. ويقول المؤلف ويأتي ضمن “صناعة الهولوكوست” ربط العرب بها ومساعدتهم فيها. وأول ما يذكرونه في هذا الصدد هو المفتي الحاج أمين الحسينــي. ويــرى المؤلـف أن الحسيني لم يلعب دوراً يذكر في هذه القضية إلا أن دائرة معارف الهولوكوست وهي دائرة معارف ضخمة من أربعة أجزاء تجعل له دوراً كبيراً كما انه يذكر اسمه من ضمن الأسماء في “يدوشم” في اسرائيل التي ساهمت في حدوث الهولوكوست. وعندما حضرت مجموعة من رجال الدين لتمثيل الأديان الثلاثة وكان بينها مسلم في ذكرى أوشفتز اعترض ويزل على مشاركة رجل الدين المسلم وقال له: “هل نسينا… المفتي الحاج أمين الحسيني القدسي صديق هيزيش هملر”. ويرفض المؤلف ما يقوله هؤلاء. ويقول لو كان دور الحسيني كما ذكره هؤلاء لحاولت اسرائيل اختطافه عندما كان يعيش بعد الحرب في لبنان كما اختطفت ايخمان. ويقول كذلك ان المدافعين عن اسرائيل خصصوا صفحات كثيرة لربط العرب بالنازيين وعلى رأس هؤلاء برنارد لويس الذي خصص فصلاً كاملاً في كتابه Semites and Anti-Semites وصفحات عدة في كتابه The Middle East عن نازية العرب. ويتحدث المؤلف في الفصل الثالث والأخير من كتابه عما يسميه ابتزاز صناعة الهولوكوست لبعض الدول مثل سويسرا. فعندما ظهر الحديث عن الحسابات المتروكة في البنوك السويسرية اعترفت الدولة السويسرية بوجود 775 حساباً قدرت قيمتها باثنين وثلاثين بليوناً وعرضت مناقشة الموضوع انطلاقاً من هذا ولكن المؤتمر اليهودي العالمي رفض ذلك، وقام بحشد تأييد المؤسسات الاميركية وحكام الولايات بل حتى الرئيس بيل كلينتون وكانت لجنة البنوك في الكونغرس من أكثر الناشطين في مطالبة البنوك السويسرية. ويقول المؤلف ان المنظمات اليهودية قامت بعملية تخويف لسويسرا وكانت هناك حملة لتشويه سمعتها حين أخذ بعض الكتّـاب يقـــول عنهم بأنهم أناس منتفعون بأموال الدماء وإن الشعب السويسري ارتكب اكبر سرقة… وإن المنفعة الذاتية هي السمة الرئيسية للبنوك السويسرية… وإن السرية والخداع من الفنـون التي يجيدها السويسريون… وهم كانوا متعاونين غير شرفاء مع النازية… وان السويسريين كانوا يشترون الذهب من النازيين ويتاجرون به… ووجهت لسويسرا تهمة أخرى وهي أنها كانت تتعاون مع بولندا أو هنغاريا للاستيلاء على أموال اليهود. ثم قامت المنظمات اليهوديــة بتقدـيم دعـوى ضد البنوك السويسرية وهددت بالمقاطعة الاقتصادية وأخاف هذا التهديـد سويسرا وأرعبها. وقال رئيس الوكالة اليهودية في حينها: “إننا الآن لم نستعمل الضـغـط الاقتصـادي العالمـي ومـن الآن ستكــون المعركة أكثر شراسة”. وقامت بعض البنوك الاميركية بمقاطعة البنـوك السويسـريـة وقام بعضهـا بسحـب الأمـوال مـن هذه البنوك أيضــاً. وعندـما عرضت سويسرا تعويضاً بـ600 مليون دولار اعتبرته المنظمات اليهودية اهانــة وقـال رئيـس المؤتمـر اليهــودي انـه يريــد 3 بلايين فأكثر من اجل أن تتوقف النشاطات ضد البنوك السويسرية. وأخيراً اتفق على مبلغ بليون و250 مليون دولار. و هذا التعويض يشمل الحسابات المتروكة ويشمل التعويـض عن عــدم استقبال سويسرا لعــدد كـاف مـن اليهــود اثنـاء الحــرب ويشمــل كـذلك تعويــض عمال السخرة التي استفادت منهم سويسرا. ويعلق المؤلف على هذا ويقول ان سويســرا استقبلت أثناء الحرب ألف لاجئ يهودي وهو العدد نفسه الذي دخل الولايات المتحدة في الفترة نفسها. ولكن أحداً لم يطالــب الأخيرة بالتعويض. كذلك يثير المؤلـــف موضوع الحسابات اليهودية المتروكــة في البنوك الأميركية التي لـم يتحــدث عنها أحد. كما أن المطالبة بالكشف عن الحسابات المتروكة في البنوك الاسرائيـليـة لـــم يؤد الى نتيجة الى الآن إذ كان اليهود يرسلـون امـوالاً الـى فلسطـين اثنـاء الانتداب البريطاني لوضعها في بنوك يهوديــة إما من أجل مساعدة الحركة الصهيونية في مشروعهـا أو من أجل التحضير للهجرة الى فلسطين. وكان من النقــد الذي وجه الى البنوك السويسريـــة هــو أنها تطلب وثيقــة وفــاة مـن الورثــة ولكـن البنـوك الاسرائيلية أيضاً تطالب بالشيء نفسه. ويقول المؤلف ان القائمين على “صناعة الهولوكوسـت” يخططــون الآن للحصــول علــى تعــويضــات مــن دول أخــرى. فقــد أعلــن رئيــس المؤتمر اليهودي العالمـي فـي آذار مارس هــذه السنة بأن بعض الوثائق السرية كشف عنها في الولايات المتحـدة تظــهر أن في البنوك النمسوية اموالاً ليهود ليس لهم ورثة وتقدر قيمة هذه الأمـوال بعشـرة بلايين دولار. كما أن بعض المنظمات اليهودية العالمية تطالب بولندا الآن بإعادة ستة آلاف بناية تقول إنها تعود ليهود. وهي أيضاً أقامت دعوى على بولندا تطالبها بالتعويض للناجين من الهولوكوست. وقالوا في الدعوى إن الحكومات البولندية المتعاقبة قامت خلال الخمسين سنة الماضيـة باضـطـهـاد اليهود وابعادهم. وضغطت هذه المنظمات على الكونغرس الاميركي حيث أرسـل 50 من اعضـائـه رسـالـة تطـالـب البرلمـان البولندي بتشريع قانون ينص على إعادة مئة في المئة من ممتلكات اليهود وأموالهم التي أخذت منهم في الحرب العالميـــة الثانية. وجاء في الرسالة “انه لم يبق وقت كثير من أجل اصلاح تلك الأخطاء”. كما ان هذه المنظمات تطالب بولندا بإرجـاع أراض تقول ان اليهود كانوا يملكونهـا وتصل قيمة هذه الأراضي الى عشرات البلايين. ويخشى المسؤولون انهم اذا أقروا بذلك فإن البلد سيدخل في نفق الافلاس لذلك قُدّم الى البرلمان مشروع من أجل وضع سقف لأموال التعويض ولكـن المؤتمـر اليهـودي العالمي انتـــقد هذا المشروع واعتبره عملاً ضد أميركا. كما ان هذه المنظمات اليهودية تخطط للحصول على أموال من دول أوروبا الشرقية بدعوى انها تعود ليهود لا ورثة لهم كما ان المدير العام للمؤتمر العالمي قال بأن 50 في المئة من القطع الفنية في الولايات المتحدة نهبت من يهود. ويقول المؤلف ان الأموال التي حصلت عليها هذه المنظمات باسم الهولوكوست خيالية إذ صرح رئيس المؤتمر اليهودي العالمي أن موازنة المؤتمر تقدر بسبعة بلايين دولار ويعلق المؤلف على ذلك بقوله “إن الهولوكوست أصبح أكبر لص في تاريخ الانسانية”. وكما ذكرت في البداية فإن اليهود استقبلوا النقد والاتهامات التي وجهها المؤلـف اليهم بكثير من السلبية ورد عليه بعض كتابهم بعنف واتهمــوه بأكثـر مـن اتهــام حين قالوا عنه بأنه يهودي كاره لنفـســه وانه رجل يشعر بالمرارة والغضب وجعل كتابه وسيلة يستغلها مفكرو الهولوكوست والمعادون للسامية وبعضهم شكك في اخلاصه للبحث العلمي بل شككوا أيضاً في أهليته العلمية في معالجة موضوع الهولوكوست واتهم أيضاً أنه أخذ بحوث الآخرين وسطا عليها ووضعها في كتابه بصيغة أخرى. وقال عنه ايلي ويزل في مقابلة مع صحيفة “الديلي تلغراف” اللندنية بأن فنكلشتاين يكره اسرائيل وهو بإضعافه لقضية الهولوكوست يريد إضعاف اسرائيل. وبعضهم قال إنه لو كتب بأسلوب أقل حدّة وأخف شدة وأرفق نقداً لكان كتابه أكثر تأثيراً وأوسع انتشاراً وأفضل استقبالاً من قبل اليهود. وقال عنه بعض المفكرين اليهود الذين يوصفون باليسارية ان فنكلشتاين هو رجل شجاع وهو يريد من أبناء جلدته اليهود أن يواجهوا الحقيقية ليس فقط حول التاريخ والهولوكوست بل أيضاً في قضية معاملة الفلسطينيين. ويقول المؤلف ان ما يهمه هو قول الحقيقة وهو لا يمانع في دفع الثمن من أجل ذلك. ويبدو أن كتاب فنكلشتاين سيفتح الطريق أمام اليهود الآخرين ويشجعهم على الكتابة النقدية في موضوع الهولوكوست الذي يعتبر من أشد الموضوعات حساسية لدى اليهود