جان ايف باجونهذا الكتاب يبحث في احد المظاهر الأساسية من تاريخ الصين في ظل نظام ماو تسي تونج، وهو يتعلق بـ «آليات الدعاية» التي تركزت طيلة الفترة المدروسة بأبرز ما تمت تسميته بـ «الانسان الجديد».
واذا كانت التلفزة شبه غائبة في الصين بسبب الواقع الاقتصادي لهذه البلاد، فإن القادة السياسيين لم يستطيعوا ان يستغلوا هذه الأداة الاعلامية ذات القدرات الاستثنائية في نشر الدعايات والترويج للافكار المطلوب ترويجها، فإنهم قد لجأوا الى وسيلة اخرى لها تأثيرها العام ايضا وهي «الصورة» حيث ان أجهزة الدعاية الصينية أثبتت انها قادرة على منافسة «الرفاق السوفييت» في استخدام الدعاية والبروز في مجال «الاعلان البروليتاري». السمة الأولى لاعلانات 19491979 هي استخدام اللون الأحمر أسوة بـ «الكتاب الأحمر» الذي كان قد تضمن «تعاليم ماو» الموجهة للشعب الصيني «العظيم». ولم تكن «الماوية» في هذا المجال أقل حماسا من «الستالينية». ويرى المؤلف بأن الصين قد عاشت طيلة العقود الثلاثة لحكم ماو وهي «ترفل باللون الاحمر». لقد جمع مؤلف هذا الكتاب «جان ايف باجون» كماً كبيراً من الاعلانات ودرس مدلولاتها والقاسم المشترك فيما بينها. ورأى بأن أهم ما يميزها هو غياب كل ما ينم عن أية نفحة انسانية فيها أو في اهتمامات الانسان الجديد الذي أراد ماو تسي تونج ان يجعله شعارا لمرحلته. وكذلك غياب أية دعوة للسعادة سوى تلك التي تنم عن تعاليم «المعلم» والتي عبر عنها أحد الاعلانات التي تبدو فيه امرأة بجانبها رجل وهما يتطلعان بكثير من الخشوع والأمل الى صورة كتاب عليه صورة «ماو» مع جملة تقول: «فلنقرأ أعمال الرئيس ماو، ولنكن تلامذته النجباء». و«اعلان» آخر للرئيس ماو وهو محاط بأربعة أطفال يحملون الزهور والابتسامة تعلو وجوههم وكأنهم يعيشون في أحضان السعادة بجانب «الرئيس ماو الزعيم العظيم للشعب الصيني».. هذا وجميع الاعلانات الأخرى تذهب في الاتجاه نفسه. ويقوم المؤلف ايضا بنوع من المقارنات بين «الاعلان» الدعائي ـ البروباجاند في الصين وفي روسيا الستالينية، وحيث أظهرت الاعلانات أثناء الحرب الكورية الجنود الروس الذين ضحى ستالين بعشرات الآلاف منهم وهم يضعون أيديهم على الزناد ويسحقون جنديا أمريكيا «يرتعد من الخوف». ومن خلال مجموعة من الاعلانات الدعائية يقدم مؤلف هذا الكتاب جوانب من تاريخ الصين في ظل ماو تسي تونج منذ وصوله الى السلطة عام 1949 وحتى وفاته عام 1976، بل واستمرار منهجه لثلاث سنوات تالية بعد رحيله. ولكن تبقى هناك أسرار كثيرة يزخر بها تاريخ الصين في ظل «ماو» وثورته الثقافية و«القفزة الكبرى إلى الأمام» للشعب الصيني