كتب محمد خير الوادي
مشهد غير مألوف ظهر في الايام الاخيرة في علاقات روسيا مع الغرب عنوانه العام : حرب الدبلوماسيين والعقوبات المتبادلة . فالولايات المتحدة تطرد عشرة دبلوماسيين روس ، وموسكو ترد بالمثل ، وتشيكيا تقرر ابعاد 18 دبلوماسيا روسيا ، وبولندا اقدمت على خطوة مماثلة بانهاء مهمة ثلاثة موظفين روس ، وهناك تبادل في ابعاد الدبلوماسيين بين موسكو وكيف . والحبل – كما يقولون – على الجرار.
لماذا يحدث هذا كله ؟
برأي، ان سبب تصاعد التوتر بين روسيا والدول الغربية يعود الى تزايد الحضور العالمي لروسيا الاتحادية . فبصمات موسكو باتت موجودة على احداث كثيرة حول العالم ، من اوكرانيا وبيلاروسيا وفنزيلا ،الى افغانستان وسورية وليبيا وايران و القفقاس وآسيا الوسطى . ومن المحيط المتجمد الشمالي ، الى افريقيا الاستوائية.وروسيا كذلك ،متهمة في التأثير على الاحداث في امريكا واوربا .
بكلمات اخرى ، مع توسع الحيز الجغرافي للنفوذ الروسي، يتصاعد العداء الغربي تجاه موسكو . والسبب واضح ، وهو ان الغرب الذي اعتاد منفردا على ادارة العالم لعشرات السنين ، لا يريد رؤية منافس قوي له سواء كانت موسكو اوبكين . ثم ان واشنطن التي اثخنها ترامب بالجراح ، لن تكون – بالتأكيد – سعيدة بتراجع نفوذها العالمي لصالح روسيا والصين .
ولذلك تبذل الادارة الامريكية وحلفاؤها جهودا كبيرة لشيطنة روسيا ،ومحاصرتها عبر تصويرها على انها باتت مصدر تهديد للغرب ولقيمه، وتوجيه مختلف التهم ضدها . وتتظافر الجهود الغربية لتشكيل تحالفات دولية لتطويق موسكو وضرب مواطن قوتها،واستغلال ثغرات الضعف الاقتصادية فيها من اجل كبح الاندفاع الروسي واحتوائه في مناطق العالم كلها .
وواضح ، ان المجابهة بين روسيا والغرب ستكون طويلة ،ومعقدة ، وستُسخدم فيها كل وسائل الحرب الباردة ، من الضغوط الاقتصادية الى الحروب الاعلامية والمخابراتية وسباق التسلح واشعال مزيد من بؤر التوتر في حدائق روسيا الخلفية ، واعني آسيا الوسطى والقفقاس وشرقي اوربا ، اضافة الى محاولات التدخل في شؤون روسيا الداخلية بذريعة الدفاع عن حقوق الانسان .
انها معركة مفتوحة ، وعلى موسكو ان تعد العدة لذلك ، وتتخذ الخطوات السريعة والفعالة لتمتين جبهتها الداخلية التي تعاني الان من شروخ كثيرة ، وتغير طبيعة اقتصادها القائم الان على تصدير المواد الخام .والاهم من ذلك كله ،هوالعمل على تحسين ظروف المعيشة لمواطنيها وتوزيع عادل للثروات الوطنية ،ومحاربة الفقر الذي يطال الان – حسب المصادر الرسمية -عشرات الملايين من الروس .
انها ليست مواجهة عسكرية وسياسية فحسب ، بل هي شاملة ، والفوز فيها سيحدد مصير روسيا نفسها ومسار الاحداث في كثير من مناطق العالم .
18/4/2021