https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

تشهد منطقة كشمير حاليًا صراعًا بين دولتين تتصفان بالقوة تمتلك كلاهما ترسانة نووية في ظل خلاف بينهما من الممكن أن ينهي المنطقة كلها والصراع بينهما لم يبدأ في الوقت القريب لكنه بدأ منذ أمد بعيد وهو خلاف على منطقة كشمير بين الهند وباكستان، كما أن الصراع في إقليمي جامو وكشمير من الناحية السياسية في عرف القانون الدولي منطقة متنازع عليها بين الهند وباكستان، مما زاد حدة الصراع بينهم خاصة وأن الدولتان يمتلكان القدرات النووية. وبدأ عام 2019 بتوتر جديد، عندما نفذت طائرات هندية ضربات جوية استهدفت معسكرًا لمتشددين داخل الأراضي الباكستانية، في 26 فبراير 2019، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الهندي فيجاي جوكلي، وقال مصدر في الحكومة إن 300 متشدد قُتلوا في الهجوم، لكن باكستان نفت سقوط قتلى أو مصابين، وأصابت الضربات الجوية معسكر تدريب لجماعة جيش محمد، التي أعلنت مسؤوليتها عن هجوم انتحاري بسيارة ملغومة أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 40 من أفراد الشرطة العسكرية الهندية في كشمير يوم 14 فبراير من نفس العام، في حين أعلنت الهند أنها أسقطت طائرة باكستانية في إقليم كشمير المتنازع عليه، لكنها أضافت أن باكستان أسقطت إحدى طائراتها في اشتباكات جوية، وسط مخاوف دولية من اندلاع حرب جديدة لا تحتملها المنطقة بين قوتين نوويتين كبيرتين.(1) هذا الصراع شهد عدة مواجهات عسكرية، خاض فيه البلدان 3 حروب أعوام: 1948، و1965، و1971. عوضًا عن اتهام نيودلهي، لإسلام أباد بتسليح وتدريب “انفصاليي” كشمير الذين يقاتلون من أجل الاستقلال أو الاندماج مع باكستان منذ العام 1989، إلا أن باكستان تنفي ذلك وتقول إن دعمها يقتصر على تقديم الدعم المعنوي والسياسي للكشميريين. وخلال سنوات الصراع عقد مؤتمر مصالحة في يناير 1966 بين الهند وباكستان في “طقشند” الواقعة في الاتحاد السوفيتي سابقًا روسيا حاليًا، وبعد مفاوضات مضنية توصل الطرفان إلى تأجيل بحث ومناقشة قضية كشمير إلى وقت آخر. جذور الأزمة تعود جذور الصراع بعد قيام الهند بضم الإقليم لها في 27 أكتوبر 1947 وفرضت عليه حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب الكشميري وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير، كما تضمن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 47 الصادر في عام 1948 النص على إعطاء الشعب الكشميري الحق في تقرير المصير عبر استفتاء عام حر ونزيه يتم إجراؤه تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يتم حتى الآن. وتمثل كشمير أهمية إستراتيجية للهند مما جعلها شديدة التمسك بها على مدى أكثر من خمسين عامًا رغم الأغلبية المسلمة بها ورغم الحروب التي خاضتها واستنزفت من مواردها البشرية والاقتصادية الكثير. على الجانب الآخر؛ استغلت باكستان العديد من الجماعات كجيش محمد في صراعها مع الهند والتنظيمات الدينية الجهادية كورقة ضغط لها في مواجهة الهند، والتي كانت لها علاقات مع المخابرات الباكستانية تحت قيادة الجنرال “حميد غول” رئيس الاستخبارات العسكرية السابق. وبعد تزايد الجهاد الكشميري، كان للجنرال “غول” الفضل الكبير في توحيد الجهاديين، ففي عام 1994، قام بتشكيل مجلس الجهاد المتحد بقيادة سيد صلاح الدين زعيم حزب المجاهدين الكشميري المحظور. المقاومة الكشميرية ظهرت في السنوات الأخيرة وتحديدًا بعد انتخابات عام 1987 التي وصفها الكشميريين بأنها مزورة، النواة الأولى لظهور عدد من التنظمات السياسية والعسكرية، الجدير بالذكر أن هذه التشكيلات ظهرت من قبل عام 1947 بعد انسحاب بريطانيا من شبه القارة الهندية ومنحت الحق في اختيار الانضمام إما إلى الهند وإما إلى باكستان. وعلى هذا النحو يمكن تقسيم المقاومة الكشميرية إلى قسمين رئيسيين: الأول: المقاومة من داخل الأراضي الكشميرية والتي يغلب عليها الطابع السياسي ويمثلها في هذا الأمر “تنظيم الحركة من أجل حرية كشمير” والذي سمي فيما بعد “مؤتمر عموم الأحزاب الكشميرية” ويضم أكثر من 15 فصيلًا كشميريًا من كافة الاتجاهات السياسية والذين يطالبون بالاستقلال. الثاني: وتمثل المقاومة من خارج كشمير والتي تتخذ من باكستان نقطة انطلاقها، وعلى النقيض من الحركة المقاومة من داخل إقليم كشمير، تتخذ المقاومة الخارجية أشكال متعددة موزعة ما بين عسكرية وسياسية ودينية. الجماعات المتطرفة كان للنزاع حول إقليم كشمير في شبه القارة الهندية الأثر الأكبر في ظهور وتمدد الجماعات المتطرفة، والذي وفر لها الصراع بين الهند وباكستان قبلات الحياة لتمددها وانتشار أفكارها، وقامت هذه الجماعات بالعديد من العمليات الإرهابية في منطقة كشمير الهندية أو في داخل الهند، كما نشطت علاقات هذه الجماعات بتنظيم القاعدة في الدول المجاورة وخاصة أفغانستان، التي كانت بمثابة معسكرات التدريب والانطلاق لهذه الجماعات. لعل هذا الصراع السياسي أوجد سلسلة لا متناهية من الجماعات المتطرفة هناك التي اتخذت من هذا الصراع وسيلة لتمددها وإيجاد الحواضن المادية والفكرية، ظهر ذلك بصورة أكثر وضوحًا في البحث عن العمليات الإرهابية التي قامت بها هذه الجماعات في النطاق الجغرافي القريب لها.(2) وفيما يلى أبرز الجماعات الإرهابية هناك: 1) “جماعة جيش محمد”: تأسست في عام 1993 بزعامة “مريد عباس يزداني”، في “ثوكار نياز بيك”، وتتبنى الفكر الجهادي، وتعتبر من أهم الجماعات المتشددة التي تخوض صراعًا مع الدولة الهندية. وترتبط الجماعة بعلاقات وطيدة بحركة طالبان المتشددة وجماعات متطرفة مثل “عسكر طيبة” بالإضافة الي وجود علاقات بين مؤسس التنظيم مسعود ازهر(الناشط السابق في حركة الأنصار) وتنظيم القاعدة. واعتقلت الهند مسعود أزهر في 11 فبراير 1994 وأفرجت عنه عام 1999، بعد قيام مجموعة مسلحة باختطاف طائرة ركاب هندية قادمة من نيبال واقتيادها إلى مطار قندهار بأفغانستان، والذي أفرج عن 4 من المسجونين لدي الهند بينهم “ازهر” مقابل الافراج عن الطائرة. وتورطت الجماعة في 250 عملًا إرهابيًا بين عامي 1993 و2001 ويعتبر الهجوم على البرلمان الهندي في 2001 أبرز العمليات التي قامت بها. 2) “حركة الأنصار”: أسست عام 1986 وانشقت إلى جناحين.. حركة المجاهدين التي يقودها فاروق كشميري وفضل الرحمن خليل، وتضم حوالي ثلاثة آلاف مقاتل وحركة الجهاد الإسلامي التي يقودها السيد سيف الله أختر، وتعتبر أقل عددًا من الأولى. 3) “جماعة عسكر طيبة”: جناح عسكري لمركز الدعوة والارشاد برز ما بين العامين 1993 و 1995، يتزعمها “حافظ سعيد” وتتبنى أجندة إسلامية جهادية تقوم على فكرة إنشاء الخلافة الجامعة من الجزائر إلى الفلبين، ترتكز الجماعة على جناحين أحدهما دعوي والآخر جهادي، حيث ترأس القسم الدعوي حافظ سعيد، في حين ترأس القسم الجهادى ترأسه عبدالواحد الكشميرى. ولعل الملاحظ في هذه الجماعات التي ارتبطت بهذا الإقليم وجود تنسيقات بينها وبين الحكومة الباكستانية. وأقامت الجماعة علاقات قوية مع تنظيم القاعدة وكان لها معسكراتها الخاصة في أفغانستان، كما تتمتع الجماعة بعلاقات جيدة مع الجماعة الإسلامية في باكستان. 4) “حركة المجاهدين في كشمير”: نشطت هذه الجماعة على يد فضل الرحمن خليل، في عام 1997 والتي ارتبطت بحركة الأنصار في البنجاب بباكستان والتي غيرت أسمها فيما بعد إلى حركة المجاهدين و هذه الحركة تتبنى أيديولوجية سنية جهادية دموية، كما أنها تقترب من الوهابية. وللحركة جناحان أحدهما عالمي وكان يتزعمه “فازلير رحمان خليل” والآخر على مستوى الإقليم الكشميري وكان يتزعمه “سعدت الله خان”، ويوجد للحركة معسكرات تدريبية في باكستان وأفغانستان كما إنها تفتح المجال أمام المنضمين والمتطوعين، وتعتبر حركة المجاهدين أكبر الحركات الكشميرية وتعتبر الجناح العسكري لأكبر الأحزاب السياسية الباكستانية(الجماعة الإسلامية التي يترأسها السيد غلام محمد بت ومن أبرز قادتها محمد علي الجيلاني الرئيس السابق لتحالف جميع الأحزاب الكشميرية للتحرير). وترتكز الحركة على هدفين أساسين تدور حولها، الهدف الأول والمتمثل في تحرير الأراضي الكشميرية من الاحتلال الهندي عليها. والهدف الثاني يتعلق بفكرة إقامة دولة إسلامية مستقلة تحتكم إلى الشريعة الإسلامية ثم ضمها إلى دولة باكستان وفق المبدأ الأممي بحق تقرير المصير. إلى جانب ذلك يوجد العديد من الجماعات والتنظيمات المتطرفة مثل (حركة تحرير جامو وكشمير التي أسست عام 1965 على يد “مقبول بهات” الذي شنقته السلطات الهندية في نيودلهي في فبراير من عام 1984 بتهمة قتل ضابط استخبارات هندي ولها جناح عسكري يسمى جبهة التحرير يترأسه السيد “رفيق دار” – إلى جانب مجاهدي بدر التي انشقت عن حزب المجاهدين التابع للجماعة الإسلامية، ويقودها حاليا السيد بخت زمين – ومؤتمر مسلمي كشمير الذي تأسس سنة 1987 يترأسه عبد الغني بت، ويهدف إلى تخليص كشمير من الاحتلال الهندي وضمها إلى باكستان).(3) إجمالًا: تبقى حالة التوتر بين الجارتين النوويتين أحد أبرز الأسباب المؤدية إلى تواجد مثل هذا العدد الكبير من الجماعات الإرهابية المتطرفة، كما أن ذلك لن ينعكس عليهما فقط، بل على مستوى الأمن والاسقرار الإقليمي لهذه المنطقة، ولعل التوترات التي شهدتها البلدان في بداية العام 2019، جعل من المتوقع بأن الاستمرار في مثل هذه السياسات التصعيدية من الجانبين سوف ينعكس بصورة أساسية على مستقبل هذه الجماعات مصطفى صلاح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 − 5 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube