https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

تشنّ الولايات المتحدة الأميركية بإيعاز من رئيسها دونالد ترامب حروبااقتصادية وتجارية، ليس على “أعدائها” فحسب بل على شركائها أيضا، في مسعىلإخضاع اقتصادات هذه الدول. آخر هذه “الحروب الاقتصادية” التي أشعلها ترامب استهدفت اقتصاد تركياوعملتها المحلية التي تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة. وقبل ذلك استهدف ترامب اقتصادات وعملات كل من إيران وروسيا وفنزويلا، بلحتى الصين وكندا والاتحاد الأوروبي. ويظل العنوان الأبرز لهذه الحروب: فرض مزيد العقوبات الاقتصادية ورفعالرسوم الجمركية على الواردات. لكن هذه الدول لم تقف مكتوفة الأيدي، بل سارعت إلى البحث عن بدائل لمواجهةسياسة “التركيع” بتعبير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لعل أهمها محاولةتوسيع استخدام العملات المحلية في المبادلات التجارية ومدخرات الأفرادللتخفيف من قبضة الدولار، وخيار استعمال العملات الرقمية، إلى جانب فرضرسوم جمركية مضادة على الصادرات الأميركية. سياسة التركيعفي تركيا تراجعت الليرة أكثر من 16% أمام الدولار عقب القرار الأميركي فرضرسوم إضافية على واردات الصلب والألمونيوم، في محاولة للضغط على أنقرةلإطلاق سراح القس الأميركي أندرو برونسون. لكن الرئيس أردوغان توعد بالرد على التهديدات الأميركية، وقال أمس السبت “إن التجرؤ على السعي لتركيع تركيا بالتهديدات بسبب قس، هو الخطأ بعينه”. وقبلها بيوم قال أردوغان “إذا كان لديهم الدولار فلدينا الله”، داعياالأتراك إلى تحويل مدخراتهم من الذهب والعملات الأجنبية إلى الليرة التركيةلدعم العملة الوطنية. وكان ترامب قال في تغريدة له “إن العملة التركية تتراجع سريعا مقابلدولارنا القوي للغاية”. ويتهم أردوغان الغرب بالتآمر على العملة التركية للإضرار باقتصاده، ويعتقدأنها “ليست مسألة دولار أو يورو أو ذهب، ولكنها حرب اقتصادية ضدنا واتخذناالتدابير اللازمة لمواجهتها”. ولمواجهة هذه الحرب أعلن أردوغان أن بلاده ستستخدم عملتها المحلية فيعلاقاتها التجارية مع روسيا وإيران والصين وأوكرانيا، وهي دول تملك أنقرةتبادلا تجارياكبيرا معها. إقصاء الدولاروعلى غرار تركيا، شهدت إيران خلال الأشهر الماضية تراجعا كبيرا في سعرالريال الإيراني بعد قرار واشنطن إعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية علىطهران وانسحابها من الاتفاق النووي الإيراني. وخسر الريال قرابة نصف قيمته مقابل الدولار منذ أبريل/نيسان الماضي، قبل أنيتحسن قبل يومين من إعادة فرض العقوبات الأميركية الثلاثاء، بعدما أعلنتالحكومة عن سياسات جديدة تتعلق بصرف العملات الأجنبية وتسمح باستيراد غيرمحدود ودون ضرائب للعملات والذهب. وقد اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي هو الآخر أن بلاده تواجه “حربااقتصادية” من أعدائها. وقبل أيام أعلنت إيران نيتها اللجوء إلى التعامل بالعملات الرقمية فيمواجهة العقوبات الأميركية. فقد تحدث وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الإيراني محمد جواد آذري جهرميعن إمكانية تبادل وتداول العملات الرقمية عبر المصارف المحلية. وفي شهر أبريل/نيسان المنصرم، ذكرت وسائل إعلام محلية أن إيران تحولت عنالدولار إلى اليورو في معاملاتها الرسمية الأجنبية، وذلك بعد أشهر من إعلانالحكومة الإيرانية أن طهران اتخذت خطوات عملية لإقصاء الدولار فيمعاملاتها التجارية والتركيز على اليورو. إيران التي تأثرت بالعقوبات الاقتصادية الأميركية، أعلنت على لسان وزيرخارجيتها محمد جواد ظريف وقوفها إلى جانب أنقرة في خلافها مع واشنطن. ظريف الذي اتهم واشنطن بـ”إدمان العقوبات والترهيب” قال أمس السبت إن “ابتهاج (ترامب) بالتسبب بصعوبات اقتصادية لحليفته في حلف شمال الأطلسيتركيا، معيب”. وأضاف “وقفنا في السابق إلى جانب جيراننا، وسنقوم بذلك مجددا الآن”. عملات رقميةوفي فنزويلا التي تعاني من أزمة اقتصادية، أعلنت السلطات بالبلاد فيفبراير/شباط الماضي عن إطلاق عملة رقمية مدعومة بالاحتياطات النفطيةللبلاد، لمساعدة كركاس على مواجهة العقوبات الأميركية والحصار المالي، ودعمالعملة المحلية. وتجاوز التضخم السنوي في فنزويلا 46% في يونيو/حزيران الماضي، وقال صندوقالنقد الدولي إن التضخم قد يصل إلى سبعة أرقام. وفي روسيا تأثرت العملة المحلية الروبل بالعقوبات الاقتصادية الأميركية،لتصل إلى أدنى مستوى في عدة أشهر، وذلك في أعقاب اتهام واشنطن لموسكوباستخدام غاز الأعصاب ضد عميل روسي سابق وابنته في بريطانيا. ونددت روسيا قبل أيام بالعقوبات ووصفتها بأنها غير مشروعة، معلنة أنها تعكفعلى بحث إجراءات انتقامية. وقال المركزي الروسي إن لديه من الأدوات ما يكفي لدرء أي تهديد للاستقرارالمالي، ولعل من أبرزها زيادة حيازة العملات الأجنبية لدعم العملة المحلية. والصين التيتواجه في الوقت الحالي حربا تجارية مع الولايات المتحدةالأميركية بسبب الرسوم الجمركية، بدأت في شهر مارس/آذار الماضي تداول عقودالنقط الخام المقومة بالعملة الصينية اليوان في بورصة شنغهاي الدوليةللطاقة. ويعتقد خبراء ان هذه الخطوة ستزيد من الضغوط على الدولار في أسواق النفط،وتقلص من هيمنته على الاحتياطات العالمية. ولم يسلم حتى شركاء أميركا التجاريين من حروب ترامب، حيث فرضت واشنطن رسوماجمركية على صادرات الصلب والألومينوم على لاتحاد الأوروبي وكندا ودولأخرى، مما حملها على اتخاذ إجراءات انتقامية ضد واشنطن. الانعكاسات الدوليةويبدو أن استمرار تدهور الليرة التركية لن يصيب تركيا فقط بل أسواق أوروبا،وأميركا بدرجة أقل. فقد رأى المحلل لدى “إكس تي بي” ديفيد تشيثام في مذكرة أن المستثمرين -فيظل تراجع الليرة التركية الجمعة- يبدو أنهم “متخوفون بشكل متزايد من أزمةنقدية شاملة وشيكة”. من جهته قال باتريك أوهار من مركز “بريفينغ” إن “قلق الأسواق حيال الليرةمرتبط بمخاوف من احتمال انتشار العدوى، أو بصيغة أخرى أزمة في عملات الدولالناشئة”. لكن الخبير الاقتصادي بالأسواق الناشئة في كابيتال إكونوميكس البريطانيةويليام جاكسون، أفاد بأن تراجع قيمة الليرة التركية سيزيد من قوة المنافسةلدى المصدرين الأتراك. أما صندوق النقد الدولي فحذر الشهر الماضي من أن تؤدي الحمائية التجاريةإلى تأثيرات سلبية على الاقتصادات المتقدمة والناشئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − 16 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube