كتب محمد خير الوادي :
تابعت يوم امس ، الخطاب الذي الحماسي الذي القاه شولتز مستشار المانيا خلال الجلسة الاستثنائية التي عقدها البرلمان الالماني يوم الاحد ،وخصصها للوضع في اوكرانيا . تكمن اهمية الخطاب في انه تحدث – اول مرة منذ الحرب العالمية الثانية – عن عزم المانيا تعزيز ترسانتها العسكرية بشكل غير مسبوق .فقد اعلن المستشار ان حكومته ستخصص 100 مليار يورو هذا العام لتحديث قواتها المسلحة ،وشراء طائرات اف 35 من امريكيا ، والعمل على انتاج طائرات مقاتلة واسلحة متطورة لمواجهة ما اسماه التهديد الروسي . كما قررت الحكومة الالمانية مضاعفة بند النفقات العسكرية في الموازنة الفيدرالية ليصل الى 2% من حجم ميزايتها السنوية .
وبآن واحد ،، الغت برلين تعهدا التزمت به منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ،يقضي بالامتناع عن ارسال اسلحة المانية الى مناطق التوتر . وتبعا لذلك ، اقدمت الحكومة الالمانية على تزويد اوكرانيا بصواريخ مضادة للدبابات والطائرات ، وبعتاد عسكري متقدم . والشيء اللافت ، ان خطاب شولتز هذا قوطع بتصفيق مستمر من جانب اغلب النواب ، وهو امر يعني الموافقة عليه .
وبعيدا عن المانيا ، فقد شرعت الحكومة اليابانية – تحت يافطة التصدي “للخطرين” الروسي والصيني – ،في تحطيم التقييدات التي فُرضت على اليابان اثر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية . فقد اقر البرلمان الياباني زيادة غير مسبوقة في الانفاق العسكري ، والغى حظرا على استخدام القوات المسلحة خارج الحدود . كما ضاعفت طوكيو من انتاجها العسكري وشراء اسلحة فتاكة من امريكا ، وبات الجيش الياباني المسمى ” قوات الدفاع الذاتي ” ،خامس جيش من حيث الكفاء والقوة في العالم .وبغية استعراض عضلاتها ، ارسلت طوكيو مقاتلاتها الحربية اكثر من 700 مرة خلال شهر تشرين اول الماضي للتصدى للطيرانين الصيني والروسي . وقد تجرأت اليابان ، ولأول مرة في تاريخها، على فرض عقوبات اقتصادية مؤلمة على روسيا ،واصبح الاعلام الياباني يتحدث بصوت اعلى حول ” جزر الشمال ” التي تحتلها روسيا وتسميها موسكو جزر ساخالين والكوريل . وللمعلومات ، فان اليابان ترفض حتى اليوم التوقيع على اتفاقية انهاء حالة الحرب بينها وبين روسيا – وريثة الاتحاد السوفياتي .
اريد ان اضيف ، ان هذه العسكرة تجري بوتائر سريعة وعالية وغير مسبوقة .فالبلدان مهيئان لذلك : اليابان تعتبر ثالث اقتصاد في العالم بحجم خمسة ونصف ترليون دولار ، ولذلك فهي تملك المال الوفير والخبرات التقنية ، ولديها اقمار صناعية ، وقاعدة نووية سلمية متطورة جدا ، يمكن ان تتحول الى عسكرية خلال اشهر .
والمانيا تملك اول اقتصاد في اوربا والرابع في العالم ، يتجاوز الاربعة ترليونات دولار ( للمقارنة فقط :حجم الناتج الوطني الروسي يبلغ نحو ترليون ونصف دولار ). اضافة لذلك ، فان لدى المانيا قاعدة علمية وصناعية هي الاكثر تقدما في العالم .
لقد استغل البلدان الحرب الاوكرانية ذريعة لمزيد من التخلص من القيود العسكرية التي فُرضت عليهما نتيجة هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية . والمفارقة ، ان عمليات الانبعاث العسكري في كل من المانيا واليابان ، تتم بموافقة وتشجيع من عدوتهما السابقة وحليفهما الحالية- الولايات المتحدة ، بذريعة تمكين البلدين من مواجهة مايسيمى بالعدوانية الصينية والروسية !
ان الانبعاث العسكري الياباني والالماني ،يمثل انعطافا نوعيا في الوضع الدولي ، وهو سيخلق مزيدا من التوترات والمواجهات في عالم اليوم .
28/2/2022