حرب الخنادق والجبال تقترب من نهايتها هل بدد الجيش التركي خطر انفصالالأكراد؟بدأ الجيش التركي بتحقيق نجاحات كبيرة خلال الأيام الأخيرة في الحرب التييخوضها منذ أشهر ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي البلاد التيأعلن المتمردين الأكراد «الاستقلال الذاتي» في بعض مناطقها، بعد معاركطاحنة أدت إلى سقوط مئات القتلى والجرحى من الجانبين، وبددت قدرات الحزببإعلان الإدارة الذاتية في هذه المناطق، بحسب السلطات التركية. ولجأ المسلحين الأكراد إلى استخدام الخنادق بشكل كبير في مواجهة وحداتالنخبة في الجيش التركي التي تنفذ عمليات واسعة تركزت في ولايات «ديار بكر» و»شيرناق» و»ماردين» الواقعات جنوب شرقي البلاد، بالإضافة إلى التحصن فيالجبال التي تحتوي على مغارات ومواقع تدريب ومخازن الأسلحة التابعةللمسلحين الأكراد. وتتركز المعارك بشكل خاص في مدينة سيزر ومدينة سيلوبي وحي سور في مدينةديار بكر، حيث تفرض السلطات التركية حظر التجوال في هذه المناطق منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكانت الحكومة التركية قد أعلنت قبل أسبوعين بالفعل انتهاء العمليةالعسكرية «إلى حد كبير» في سيلوبي وخففت تبعا لذلك حظر التجوال في المدينةبعض الشيء بحيث لا يسري الحظر هناك سوى ليلاً. وتقول الحكومة إن حظر التجول المفروض في مناطق أخرى في جنوب شرق البلاد تمفرضه حتى يتسنى للشرطة إزالة المتاريس والعبوات الناسفة وردم الخنادق التيحفرها مسلحون يتبعون حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا والولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وتقدر الجهات الرسمية التركية عدد القتلى من مسلحي الحزب في الاشتباكاتوالغارات التي تنفذها الطائرات الحربية على مواقعهم في شمال العراق بقرابةثلاثة آلاف مسلح، منهم 508 في شرناق، و148 في ديار بكر، بينما أدت هجماتالحزب إلى مقتل قرابة 200 من أفراد الجيش والشرطة وإصابة المئات. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد حزم الدولة في مواجهة الدعوات الصادرةعن حزب الشعوب الديمقراطي، لإقامة إدارات ذاتية – في المناطق ذات الغالبيةالكردية – جنوب شرقي البلاد، لافتا إلى أهمية الوحدة الوطنية في مواجهةالنزعات الانفصالية، وقال: «سنهدم الدنيا فوق رؤوس الذين يحاولون، تأسيسدويلات داخل البلاد تحت مسمى الإدارة الذاتية». لكن الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين ديمرتاش، قال فيكلمته أمام مؤتمر الحزب الذي عقد الشهر الماضي بالعاصمة أنقرة، إن «الكوردلا يحاولون الانفصال عن تركيا». رئاسة الأركان العسكرية أوضحت، الخميس، أن «تاريخ انتهاء عملية الخندقمرهون بالقضاء الكامل على جميع إرهابيي حزب العمال الكردستاني، ولن نُنهيالعملية إلا بعد إتمام أهدافنا»، حيث أطلقت «عملية الخندق العسكرية» ضدعناصر حزب العمال الكردستاني بتاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015، وشملتولايات «ديار بكر» و»شيرناق» و»ماردين» الواقعات جنوب شرقي البلاد. وفي 2013 جرت مفاوضات بين عبد الله أوجلان زعيم الحزب وبين مسؤولين فيالاستخبارات التركية. وفي مارس/آذار 2013 أعلن حزب العمال الكردستاني رسمياوقفا لإطلاق النار مع تركيا، وذلك في أعقاب الدعوة التي وجهها أوجلانلإنهاء النزاع المسلح الذي استمر عقودا، لكن هذه الهدنة لم تصمد طويلاً،وعقب تفجير نفذه تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في مدينة سوروج فييونيو/تموز من العام الماضي، استأنف حزب العمال الكردستاني هجماته ضد قواتالجيش والشرطة التركية بعد اتهامه الرئيس التركي رجب طيب أردوغانبالمسؤولية عن الهجوم. وتزامن تصاعد الاشتباكات مع دخول حزب الشعوب الديمقراطي الكردي البرلمانلأول مرة كحزب سياسي، حيث اتهمت الحكومة الحزب بتقديم الغطاء للمسلحينالأكراد ودعم مساعيهم في الانفصال، واتهمت البلديات التابعة للحزب بتقديمالمساعدة للمسلحين من خلال منحهم معدات الحفر والماكينات لحفر الأنفاقلمواجهة قوات الجيش والشرطة. وزادت مخاوف الحكومة التركية من إمكانية تقسيم البلاد بالتزامن مع تصاعدالحرب في سوريا وتقديم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا دعماً عسكرياًلمسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي والتي تعتبره أنقرة امتداداًلحزب العمال الكردستاني، وتقول إن هذه الأسلحة المتطورة وصلت إلى الفرعالتركي من الحزب، الأمر الذي بات يشكل تهديداً كبيراً على الأمن القوميالتركي. وزير الداخلية التركي أفكان آلا، قال في تصريحات صحفية، الأربعاء: «إنالعملية العسكرية التركية في مناطق جنوب شرق تركيا ضد حزب العمالالكردستاني المحظور أوشكت على الانتهاء»، متوقعاً أن تنتهي العملية بمدينةسيزر القريبة من الحدود التركية مع العراق في غضون أيام قليلة. وتابع «ألا» أنه لم يتبقّ سوى منطقة صغير مُكونة من 80 إلى 100 مكان سكني،وقال: «سيتم تطهير تلك المنطقة الصغيرة من عناصر حزب العمال الكردستاني فيأسرع وقت ممكن، ومن ثم سنستعد لتأمين المناطق والطرق والوسائل لرجوع سكانمناطق العمليات الذين رحلوا إلى مناطق أخرى». وأوضح كتاب وصحافيين مقربون من الحكومة التركية أن العمل سيتواصل من أحلالقضاء بشكل كامل على جميع عناصر حزب العمال الكردستاني الموجودة في المدنوالنواحي، بالتزامن مع إعادة هيكلة النظام الحكومي في المنطقة، لضبط عمليةإدارة المؤسسات الحكومية وخاصة مؤسسات البلدية التي تعاون بعضها مع عناصرحزب العمال الكردستاني بإمدادهم بآلات العمل الخاصة بالبلدية لاستعمالها فيحفر الخنادق والحفر، ومن ثم الدخول في عملية سلام جديدة بشروط الحكومة. وصرح رئيس الوزراء التركي «أحمد داود أوغلو»، نهاية الشهر الماضي، عقباجتماع هيئة الأمن القومي، بأن إنهاء عملية الخندق باتت قاب قوسين أو أدنى،و»ما نخطط إليه الآن هو القيام ببدء خطوات الالتقاء مع رؤساء المنظماتالاجتماعية ووجهاء النواحي في المناطق ذات الكثافة الكردية، لإرساء الدعائمالأساسية للخطة الرئيسية التي نهدف إلى تطبيقها كبديل لعملية السلامالداخلي».
القدس العربي