المؤلف : بيريجنسكي ينتقد بيريجنسكي في هذا الكتاب بشدة الادارات الامريكية المتتالية بعد عام 1990، باديء ذي بدء ادارة بوش الأب، وبعد ذلك إدارة كلينتون ثم إدارة جورج بوش ، لان جميعها حسب رأيه لم تتمكن من لعب الدورالتاريخي الذي كان يجب علي الولايات المتحدة أن تلعبه عندما أصبحت القوة الكونية رقم واحد في العالم. يقارن بريجنسكي في كتابه بين عامي 1945 و 1990، حيث يعتبر أن عام 1945 هو بداية للنظام الدولي الجديد بسبب هزيمة النازية في اوروبا مما أدي الى تغيير هام علي الصعيد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، أما عام 1990 فيعتبره بريجنسكي تاريخا مناسبا لتحديد نهاية الحرب الباردة حيث يشهد بداية نهاية الاتحاد السوفييتي. ويري بريجنسكي أنه بينما لم تساهم أمريكا بشكل مباشر في هزيمة النازية في عام 1945 إلا أنها تمكنت من الاستفادة من هذا التغيير وتجييره لمصلحتها. وينتقد بريجنسكي في كتابه جميع الرؤساء الثلاثة مع التمييز بين نقاط ضعف كل منهم ولكنه يوجه نقدا حادا بشكل خاص لإدارة بوش في فصل بعنوان القيادة الكوارثية أو القيادة النكبة وذلك بسبب الحرب الذي شنها بوش في العراق، حيث يري انه أصبح واضحا منذ عام 2006 إن تكلفة الحرب قد تخطت بكثير الإنجاز الوحيد الذي حققته هذه الحرب والمتمثل في التمكن من الاطاحة بنظام صدام حسين.وقبل توجيه انتقاده لادارة بوش الابن، يوجه بريجنسكي انتقادا لادارة بوش الأب في فصل بعنوان الخطيئة الاولي يبين فيه نقاط قوة ونقاط ضعف الرئيس بوش الأب، حيث يعترف بريجنسكي ان بوش الأول الذي يسميه القائد الكوني الاول كان عليه ان يواجه من اصعب المراحل التي واجهت السياسة الامريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ويعترف ايضا ان بوش الأول كان متمترسا في قضايا السياسة الخارجية، وانه كان يختار مستشارين ووزراء يحظون بكفاءة في هذا المجال ليتمكنوا من مواجهة التحديات التاريخية أكانت علي صعيد الأزمات المتفاقمة في البلقان او في منطقة الخليج.ويستنتج بريجنسكي بعد عرضه لسلسلة من التفاصيل حول هذه الفترة العصيبة ان ضعف بوش الأب يأتي في نهاية الامر ليس مما فعله ولكن مما لم يفعله حيث انه لم يتمكن من ان يلعب دور القائد الكوني وان يضع استراتيجية ورؤية مستقبلية للسياسة الامريكية. فالمطلوب في هذه المرحلة حسب بريجنسكي كان ضرورة تطوير هندسة جديدة للنظام العالمي، مثل التي طورت بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن بوش استمر في العمل علي اساس النظام الامبريالي القديم بدل من تطوير استراتيجية لائقة بالنظام العالمي الجديد.اما بالنسبة لبيل كلينتون، فقد خصص بريجنسكي فصلا عنوانه عقم النيات الطيبة لانتقاد من يسميه القائد الكوني الثاني .ويري بريجنسكي أن ضعف كلينتون علي عكس بوش الأول، كان ناتجا عن عدم خبرته في السياسة الخارجيه وتركيز اهتمامه في اول الامر علي الشؤون الداخلية وبالتالي فلم يحط كلينتون نفسه بالخبراء في هذا المجال، كما اتسمت سياسته بنظرة مثالية ساذجة ومتفائلة لما يسميه بالعولمة وعلي هذا الأساس لم يتمكن من معالجة القضايا المعقدة والتحديات التي كانت تواجه السياسة الامريكية. ورغم نجاح كلينتون في انتخابات الرئاسة لعام 1992 وعام 1996، الا ان حزبه فقد موقعه في انتخابات اعضاء الكونغرس التي تمت لصالح الحزب الجمهوري في تلك الحقبة. أما في الفصل الخاص بما يسميه بريجنسكي القيادة الكوارثية فقد حدد ثلاث نتائج سلبية للحرب الذي خاضها بوش الابن في العراق: أولا: إن الحرب الأمريكية في العراق قد تسببت بتدمير هائل لمصداقية أمريكا علي الصعيد العالمي، فحتي عام 2003 كان العالم في رأيه يصدق اقوال رؤساء الولايات المتحدة، ولكن بعد شهرين من سقوط بغداد، وبعد ما أدلي الرئيس بوش بتصريح كاذب عندما قال: لقد وجدنا أسلحة الدمار الشامل قد أثرذلك سلبا في مصداقية الولايات المتحدة المستقبلية فيما يخص البرامج النووية الإيرانية أو الخاصة بكوريا الشمالية. كما أن سمعة الولايات المتحدة الأخلاقي في العالم قد تأثرسلبا أيضا بسبب الممارسات في سجن أبو غريب وسجن غوانتنامو، مما ادي الي عدم تمكن الولايات المتحدة بالحصول علي دعم العالم لمواقفها كما ادي إلي تقسيم حلفائها وتوحيد أعدائها وخلق فرص جديدة لكل منافسيها، وأهم من كل ذلك فقد اثر علي هيبة أمريكا كقائد كوني لأنها لم تتمكن من إستخدام وضعها الإستراتيجي المتفوق. ثانيا: إن الحرب الأمريكية في العراق عبارة عن كارثة جيوسياسية في رأي بريجنسكي، حيث لفتت الأنظار عن الخطر الإرهابي الحقيقي وكانت نتيجة ذلك اعطاء امكانيات جديدة للقاعدة وكذلك في الصومال. أما الخسائر البشرية في هذه الحرب فقد إزدادت بشكل دائم، وتخطت الخسائر المادية 300 مليار دولار. وعلي عكس ما يدعيه نائب الرئيس بوش فإن الشعور المناهض لأمريكا قد ساد في العالم العربي بعد تحطيم العراق كقوة إقليمية وكالدولة العربية الوحيدة القادرة علي مواجهة إيران، التي تعتبر من أشرس الأعداء لأمريكا في المنطقة. ولذلك يمكن اعتبار الحرب من وجهة نظر جيوسياسية هزيمة لأمريكا وربح لإيران.ثالثا: إن الهجوم علي العراق قد ضاعف من الخطر الإرهابي علي أمريكا لان الحرب علي الإرهاب دون تعريف واضح لطبيعة العدو، ولكن بتوجه عام ضد الإسلام، قد وحد الرأي العام الإسلامي في معاداة أمريكا مما جعل الأرض خصبة لتجنيد عناصر جديدة للعمل ضد أمريكا وإسرائيل. ويري بريجنسكي ان ما حدث في العراق والمشاكل المتزايدة التي تواجه إسرائيل كنتيجة لإعتمادها علي نفس المفهوم في التعامل مع جيرانها تشكل مثالا حيا للمصاعب التي تهدد بشكل درامي وضع الولايات المتحدة علي الصعيد العالمي. كما إن الحرب العراقية في رأيه قد تحولت إلي كارثة من حيث الطريقة التي تم أخذ القرار بشأنها، ثم بالطريقة التي تمت إدارتها، وبالتالي فإنها قد دمغت رئاسة بوش بالفشل التاريخي