https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

لا شك أن يوم الثلاثاء، وكان للمفارقة يوم عيد المسلمين، هو يوم أسود فيرئاسة دونالد ترامب، حيث تمت إدانة محاميه الشخصي مايكل كوهين بتهمة دفعأموال لإسكات امرأتين مارس معهما ترامب الجنس حتى لا تتأثر حملتهالانتخابية للرئاسة التي خاضها عام 2016. وأدين بول مانفورت مدير حملتهالانتخابية بتهم تتعلق بالغش المصرفي والضريبي. والغريب كما ناقش محلل فيمجلة «بولتيكو» ان ترامب أخذ وقتا طويلا، وعلى غير عادته للرد على إدانةمقرب منه وثق به ولعقود. وخرج يوم الخميس في لقاء مع قناة «فوكس نيوز أندفريندز» بالتهديد أنه لو حوكم فستظهر الفوضى في البلاد بعد كل الإنجازاتالتي حققها. واعترف بعد إنكار طويل أنه دفع المال للمرأتين ولكنه فرق بينماله الشخصي ومال الحملة الانتخابية. ويجد الرئيس الذي ظلت رئاسته مرتبطة بالفضائح والشائعات والكتب التي لاتنتهي عن كذبه وسياساته المتخبطة التي تهدف دائما لإرضاء أصدقائه فيإسرائيل واللوبي المالي والأهم من ذلك القاعدة الانجيلية، نفسه أمام عاصفةلا يعرف كيف يسيطر عليها. فالفضيحة الأخيرة ليست ككل الفضائح التي لاحقتالرؤساء من قبله وانتهت في اليوم التالي. وغاب في كل هذا النقاش جوهرالقضية الحقيقية وهو التحقيق الذي يجريه روبرت موللر في الشأن الروسي وجرىالحديث عن السكاكين التي شحذها مقربو ترامب له وكيف أنه صمت طويلا علىإدانة كوهين لأن الأخير ضربه ضربة موجعة فتحت الحديث عن معنى الولاء كمايفهمه الرئيس الذي يرى أن الصداقة هي فعل ما يريد وقت ما يريده من مقربيهمثل كوهين، الذي قال المحللون أنه يعرف الكثير من أسرار الرئيس وأين دفنت،بعد سنوات طويلة من الخدمة لعب فيها دور الكلب الوفي لصاحبه ولكنه انتفضوعضه بقوة عندما شعر ان مستقبله في خطر وأنه سيقبع سنوات طويلة في السجن. والمهم أن هزة الثلاثاء جعلت النواب الجمهوريين الذين صمتوا، ومضوا معترامب في لعبته، يتحدثون عن الكلمة السحرية وهي محاكمة الرئيس في محاولةللتخلص منه، ولا يعرف إلى أين تمضي الجهود، فقد حوكم من قبله بيل كلينتونفي فضيحة وايت ووتر ونجا، ولكن نيكسون في فضيحة غيت لم ينج وعزل. ورغم محاولة ردويو جولياني، محامي الرئيس التقليل من شأن ما حدث عندما قال «الحقيقة ليست هي الحقيقة» في توقيع على التشكيك بالإعلام، فقد منح «سوبرتويزدي» الإعلام الفرصة لتقديم ما جرى بعيدا عن البيت الأبيض في قاعةالمحاكمة وكأن ما حدث هو عرض برنامج تلفزيون الواقع الذي عمل فيه ترامب قبلأن يصبح رئيسا. وكما كتب دان بالز في «واشنطن بوست»، «لم يمر يوم خلال 19شهرا من رئاسة ترامب أخطر وأكثر تعبا مثل الثلاثاء» و «كل ما حصل فيالمحكمتين على بعد أميال طويلة يقوي من يد المحقق الخاص روبرت موللر ويضعفيد رئيس الولايات المتحدة». وقد تصبح شهادة كوهين الدليل الواضح وضوح الشمس لو فاز الديمقراطيون فيانتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) النصفية وسيطروا على الكونغرس وبالتاليبدأوا إجراءات محاكمة الرئيس بتهمة الكذب تحت القسم. ويظل يوم الثلاثاءقرين ووتر غيت حسب بوب شرم، استاذ العلوم السياسية بجامعة شاوث كارولينا. وذهب البروفيسور بعيدا عندما قرن الثلاثاء الأسود بهجمات 9/11 الإرهابيةعلى نيويورك وواشنطن. مضيفا «ولكننا الآن نخرج من قصة مدهشة إلى أخرى وبدلامن ألفا إلى اوميغا فهي كوهين إلى اوماروزا، نجمة تلفزيون الواقع التيأصبحت مساعدة في البيت الأبيض ثم كتبت مذكرات عن فترتها مع ترامب». ورغم محاولة ترامب الحديث عن عملية تصيد ونفيه إعطاء محاميه كوهين الأوامرإلا أن «واشنطن بوست» حاولت التحقق من كلامه لفوكس نيوز اند فريندز ووجدتأن الرئيس لا يقوم بالتضليل أو يقدم معلومات غير صحيحة بل يكذب ومعهالأشخاص الذين يتحدثون باسمه. وبدا ترامب غير قادر على مواجهة العاصفةو«خانعا» على حد وصف «نيويورك تايمز» وهو أمر غير معهود عنه. وبدلا من أنيلتفت إلى نفسه تبنى نظرية مؤامرة عن اضطهاد البيض في جنوب افريقيا وأنهميعانون من السيطرة على أراضيهم تماما كما حصل في زيمبابوي. وردت حكومة جنوبافريقيا من خلال سفيرها في واشنطن سريعا واصفة الاتهامات بالمدهشةوالمثيرة للقلق. لم يكن يوم الثلاثاء مثل غيره من الأزمات التي افتعلهاترامب من تشارلوتسفيل إلى رده على الإعصار المدمر في بورتوريكو وأدائهالضعيف في هلسنكي إلى جانب رئيس روسيا فلاديمير بوتين. كل هذا يجري علىخلفية التطورات السياسية التي لخصها ريتشارد هاس من مجلس العلاقات الخارجيةالأمريكي بأن كوريا الشمالية لم تتخلص من سلاحها النووي وفنزويلا تقف علىحافة الهاوية والأزمة مع إيران تتفاعل والتغيرات المناخية خطيرة والعلاقاتالأمريكية مع الصين وروسيا الأسوأ في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وما يقدمه «الثلاثاء الكبير» حسب صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها انالرئيس ومن معه والذين حاولوا قتل وتدمير تحقيق موللر باعتباره «مزيفا» و «مهزلة» و «عملية تصيد» أسقط في أيديهم. وتحت عنوان «كل لصوص الرئيس» تحدثتعن تاريخ كوهين وعلاقته بروسيا خاصة المحاولة الفاشلة لبناء «برج ترامب» في موسكو وكذا علاقة مانفورت بالمال الذي قدم تاريخه الارتزاقي من انتفاعهمن ديكتاتور الكونغو موبوتو سي سيسكو إلى التعامل مع انغولا وحاكم أوكرانياالسابق فيكتور يانوكوفيتش. واعتمد ترامب على مانفورت وأمثاله في الوقتالذي جاء بوعد لتطهير «مستنقع» واشنطن. ورغم ذلك وصف الرئيس مانفورت بـ «الرجل الشجاع» حتى بعد إدانته أما كوهينفطلب من أتباعه عدم استخدامه كمحامي. كل هذا يعطي صورة عن رئيس كما تقولالصحيفة يحتقر الصدق والأخلاق لأنه أحاط نفسه بشخصيات ضعيفة إن لم تكن ذاتطبيعة مجرمة. فبالإضافة لمانفورت وكوهين أدانت المحكمة كلا من مايكل فلين،مستشاره للأمن القومي الذي لم يعمر في منصبه وجورج بابادولوس، مستشارهللشؤون الخارجية أثناء الحملة الانتخابية حيث كذبا حول اتصالاتهما معمسؤولين روس. وكما ناقشت «نيويورك تايمز» فالإدانات الأخيرة وإن لم تكنمتعلقة بالتحقيق الروسي إلا أنها لم تكن لتحصل لولا تحقيق موللر الذي أدانعددا من المسؤولين والعسكريين الروس بمحاولة تشويه حملة هيلاري كلينتون. وفعل كل هذا على مدار 15 شهرا مشيرة إلى أن تحقيق ووترغيت أخذ أكثر منعامين قبل عزل الرئيس ورمي المتورطين في السجن وكذا وايت ووتر التي أدتلمحاكمة كلينتون. وتعلق مجلة «إيكونوميست» أيضا أن الإدانات الأخيرة تعنيأن موللر يقف على أرض ثابتة. وسيكون من الصعب على الرئيس التعامل مع تحقيقهبطريقة غير جدية بدون أن يتهم بمحاولة عرقلة القضاء. وكما في كل الحالاتفإن الإدانة تقود لإدانات جديدة حيث يحاول المتهمون إنقاذ أنفسهم. ويظلالسؤال عن المدى الذي سيذهب فيه كل من مانفورت وكوهين في التعاون من أجلالحصول على أحكام مخففة. وما يهم «إيكونوميست» هو السؤال هل ترامب فوقالقانون؟ وهو سؤال يجب على الأمريكيين مواجهته مع المعلومات عن كذب رئيسهمومحاولته تعويق مسار العدالة. وفي قراءتها لما ستؤول إليه الأمور ترى أنهلا القانون أو تفسيرات الدستور كفيلة بإزاحة الرئيس من منصبه وحتى الكونغرسالذي وقف فيه الجمهوريون إلى جانب الرئيس. ويظل الخروج من هذه القضيةسياسيا في طبيعته وليس قانونيا ومهما يكن من أمر فالأحداث الأخيرة هي فصلحزين لأمريكا ومخجل للجمهوريين الذين لا يزالون متمسكين بالرئيس والتقليلمن مخالفاته لا التزامه بالقيم التي تقول ان لا أحد حتى الرئيس هو فوقالقانون. والمشكلة ليست في الجمهوريين ولكن في الأمريكيين الذين انتخبواترامب. ففي مقال لروجر كوهين بصحيفة «نيويورك تايمز» قال فيه إن الأمريكيينالبيض، الذين شعروا انهم همشوا قاموا بعقد صفقة مع الشيطان وانتخبوا ترامبالذي يعرفون أنه كذاب وزير نساء ونرجسي.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − ستة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube